مصر تمر بمرحلة إنتقالية أهم ما يميز هذه المرحلة العبثية في كل شيئ بما في ذلك المجال الإعلامي ونحن في حاجه إلى وضع ضوابط لتنظيم هذا المجال. هناك تجارب عالمية علينا الإستفادة منها ومن بين هذه التجارب التجربة الفرنسية التى تعكس الدور الذي يجب أن تقوم به الأجهزة الإعلامية في دولة ديمقراطية متقدمة. تفاصيل التجربة الفرنسية في مجال الإعلام هي محور لقاء موقع "أخبار مصر" www.egynews.net مع الخبير والمحاضر الإعلامي شريف نصار. وإلى نص الحوار. *** في البداية ما الذي يفرق الإعلام الفرنسي عن نظيره المصري؟ أهم ما يميز الإعلام الفرنسي هي الحرفيه والمهنيه العالية للعاملين في هذا المجال. هناك ضوابط تحكم عمل الإعلاميين الفرنسيين وخاصة عندما يتعلق الأمر بأداه إعلامية جماهيرية مثل التليفزيون. بينما تغيب هذه الضوابط عن الإعلاميين في مصر ولكي نكون أكثر دقه في حديثنا حول الإعلام الفرنسي علينا أن نعمل أن الإعلاميين في فرنسا يعملون في ظل ميثاق شرف إعلامي متعارف عليه ومعتمد من قبل أغلبية وإن لم تكن كل النقابات الإعلامية العاملة في فرنسا. *** حدثنا عن هذا الميثاق الذي ينظم العمل الإعلامي في فرنسا؟ هو الميثاق الأوربي لواجبات وحقوق الإعلاميين والمعروف إختصاراً بميثاق (ميونخ). تم اعتماد هذا الميثاق في السبعينيات من القرن الماضي من قبل نقابات الإعلاميين في 6 دول أوربية من بينها فرنسا. ثم بدأت نقابات الإعلاميين في مختلف الدول الأوربية باعتماد ذات الميثاق إلى أن أصبح اليوم من أهم مواثيق الشرف الإعلامية التى يمكن لنا في مصر أن نستلهم منه الكثير من القواعد لتنظيم العمل الإعلامي لدينا. يتضمن هذا الميثاق 15 قاعدة موزعة كالتالي 10 قواعد تحدد واجبات الإعلاميين و5 تحدد حقوق أساسية لهم. *** ما هي أهم الواجبات وأهم الحقوق التى ينص عليها هذا الميثاق؟ هناك الكثير من الأمور التى يمكن تناولها في إطار هذا الميثاق ولكننا سنكتفي بعرض أحد أهم الواجبات وأحد أهم الحقوق التى ينص عليها ميثاق (ميونخ). من أهم الواجبات التى يجب على الإعلامي الإلتزام بها ضرورة التأكد من المعلومه قبل بثها. فهذا أمر أساسي يميز الإعلامي عن ما يطلق عليه الآن بالمواطن الصحفي الذي ينشط على مواقع "التواصل الإجتماعي". أما بالنسبة للحقوق فمن أهمها حق الإعلامي في حماية مصادر معلوماته خاصة تلك التى حصل عليها بشكل سري. *** كيف ترى المشهد المصري الإعلامي الحالي خاصةً برامج التوك شو المسائية؟ أهم مايميز المشهد المصري الإعلامي الحالي العبثية. يكفي أن نتابع البرامج الحواريه لندرك مدى غياب التخطيط الإعلامي الصحيح لهذه البرامج. ما بين الموضوعات المكررة وزوايا المعالجة الضيقة وإنحصار الضيوف في أسماء معينة (سئم) منها الجمهور. أما على مستوى الأسئلة المطروحة داخل هذه البرامج فيظهر منها ضعف بل وغياب الإعداد الجيد لهذه الحوارات. كما يظهر أيضاً نقص الحرفيه الإعلامية لدى المحاورين أي المذيعين القائمين على إدارة هذه الحوارات. *** برأيك ما هي الضوابط الأساسية للممارسة العمل الإعلامي على شاشات التليفزيون من خلال تجاربك في فرنسا؟ هذا سيعود بنا مرة أخرى للحديث عن التجربه الفرنسية. تحدثنا سابقاً عن وجود ميثاق شرف إعلامي ينظم العملية الإعلامية في مجملها. لكن يجب أيضاً أن نعلم أن كل مؤسسة إعلامية في فرنسا تضع مسودة للسلوكيات الصحيحة التى يجب أن يلتزم بها كل إعلامي داخل هذه المؤسسة. ونذكر هنا ميثاق القناة التليفزيونية الفرنسية الأولى TF1 الذي وضعه الإعلاميون العاملون داخل القناة. من بين أهم القواعد التى يتضمنها هذا الميثاق على سبيل المثال أن يمتنع الإعلاميون عن تصوير كل جريمة معلنة مسبقاً من قبل شخص أو جهة ما. مثل هذه القواعد التى تحكم تفاصيل عمل الإعلامي تضيف قدراً من المسئولية الإجتماعية على عمل الإعلامي ونحن في حاجة شديدة إلى مثل هذه المسئولية في مصر. *** ماذا عن أهمية التدريب العملي بالنسبة لكل إعلامي وأنت محاضر وخبير في هذا المجال؟ التدريب الإعلامي غاية في الأهمية ويعتبر من أهم ما ينقص الإعلاميين في مصر. أولاً علينا أن نعترف بأن كليات وأقسام الإعلام لا تقدم تدريباً عملياً كافياً لخريجيها. ثانياً فإن الكثير من المؤسسات الإعلامية العاملة حالياً في مصر لا تقوم بتدريب العاملين بها إما لنقص الإمكانيات المادية أو لنقص الخبراء القادرين على توفير مثل هذا التدريب العملي. *** كيف ترى أداء القنوات الخاصة في مصر بعد تزايد عددها في الفترة الأخيرة؟ القناة التليفزيونية الفرنسية الأولى TF1 التى تحدثنا عليها منذ قليل هي قناة خاصة تم خصخصتها عام 1987 وقد نجحت هذه القناة الخاصة بأن تكون القناة الأولى في أوروبا من حيث عدد المشاهدين وذلك بأتباعها سياسة إعلامية منظمة ومحكمة بقواعد ومعايير ذكرنا بعضها منذ قليل عندما تحدثنا عن مسودة السلوكيات الصحيحة للإعلام. وعلى القنوات الخاصة في مصر أن تقتدي بتجربة القناة الفرنسية الأولى. *** ما هي معايير صناعة المذيع النجم أو الإعلامي اللامع روشتة نجاح وتميز في هذا المجال؟ هذا السؤال يقودونا إلى سؤال أكبر وأهم وهو من يصنع الآخر هل المذيع هو من يصنع البرنامج أم أن البرنامج هو من يصنع المذيع؟؟ وفي رأينا وقد يختلف معنا الكثيرون أننا في حاجة إلى برامج تصنع مذيعيين لا العكس. وهذا يعني أن علينا فيلا منظومة الإعلام المصري الإهتمام بكيفية صناعة البرامج التليفزيونية. فهي عملية كبيرة ومعقدة أحياناً تحتاج إلى محترفين في كافة المجالات الخاصة والمرتبطة بالبرنامج التليفزيوني. نحن في حاجة إلى تأهيل معدين جيدين على دراية بقواعد العمل التليفزيوني أي بكيفية التعامل مع الصورة التليفزيونية لأننا نلاحظ وجود خلل كبير في إعداد البرامج التليفزيونية المقدمة إلى الجمهور المصري.