عن الباحثين عن حلم الهجرة والعمل بالخارج كتب الاستاذ " احمد حرك " بجريدة الجمهورية لو أن كل شاب سافر إلي الخارج بهدف الحصول علي عمل.. ولم يتيسر له الحصول عليه عاد ثانياً إلي بلده وحكي لأقرانه من الشباب ما عاناه وما واجهه من صعاب ومشاكل وكيف ان ما سعي إليه يشبه السراب في الصحراء الذي يظنه الظمآن ماء.. ولكنه هباء يؤدي إلي الموت أو الضياع.. لو أن كل شاب مر بهذه التجربة المريرة قدم خلاصة تجربته لزملائه الشباب لانتهت إلي غير رجعة الهجرة غير الشرعية وسد الطريق أمام بائعي الوهم لشبابنا من المحتالين والنصابين.. الذين لا يغتالون أحلام الشباب فقط ولكنهم يستولون علي أموالهم التي يوفرونها بشق الأنفس برهن المنزل أو الاقتراض بفوائد باهظة والسلف من الأصدقاء. لو أن كل شاب تعرض لهذه المحنة.. ونجا منها قدم بصدق ما تعرض له لتم إغلاق صفحة المآسي والأحزان المفتوحة التي تنعي إلينا بشكل شبه يومي غرق عمال مصريين علي بعد أمتار من شواطئ اليونان.. بل إن بعض هؤلاء المحتالين يستولي علي أموال الشباب الراغب في السفر ويأخذهم لشواطئ الاسكندرية مدعياً ان هذه شواطئ أوروبا ويتركهم لمصير الحسرة والندم! ومن المآسي المخجلة لمن كتب له من الشباب دخول بعض البلدان الأوروبية بما يقدمه لهم سماسرة السفر من فيزات دخول لتلك البلاد علي انها فيزا حرة ولكن بعد فترة قليلة يكتشفون الفخ الذي سقطوا فيه فيمزق البعض منهم جواز سفره ليضلل أجهزة الأمن في تلك البلاد ويطلبون اللجوء السياسي ويسيئون إلي سمعة وطنهم.. والبعض الآخر يذهب إلي دول الخليج ولا يجد عملاً أيضاً ويعود بعد عدة شهور بعد معاناة مريرة يتجرع فيها كأس الفشل والحرمان بعد أن يكون قد دفع لمن منحه الفيزا عشرين ألف جنيه من لحم الحي كما يقولون ليصبح مطارداً من جديد.. لمطالبته بما اقترضه بشيكات بدون رصيد أو إيصالات أمانة. ولقد كتبت أكثر من مرة بهدف توعية شبابنا وتحذيرهم من الوقوع في أسر بائعي الأوهام والنصابين والسماسرة الذين لا هم لهم سوي الكسب الحرام وبيع شبابنا بثمن بخس. والسؤال المنطقي والتي تمثل اجابته طوق النجاة لشبابنا الراغب في السفر للعمل في الخارج هو كيف يعرف أن العقد المقدم له سليم ويمثل فرصة عمل حقيقية أم مجرد وهم..؟ والاجابة عن ذلك سهلة ويسيرة ولا تحتاج أكثر من أن يعرض العقد المقدم إليه إلي وزارة القوي العاملة والهجرة.. وهي توفر عليه كل المشقة والمجازفة.. ذلك ان الوزارة سوف تقول الحقيقة إذا كان عقداً حقيقياً فعلي بركة الله.. وان كان العقد مزيفاً.. لنجا من مصيدة النصابين وأحابيل النصابين وكسب ماله وعمره. خاصة وأن هناك جهوداً حقيقية تبذلها وزيرة القوي العاملة والهجرة عائشة عبدالهادي من أجل توفير فرص عمل حقيقية لشبابنا حيث بدأت الوزيرة زيارات لدول الخليج والسعودية لجلب مزيد من فرص العمل وهي تراعي العدالة الكاملة وتكافؤ الفرص فلا واسطة أو محسوبية كما ان الوزارة لا تتقاضي أي رسوم بل تحرص أن تعطي للشاب المسافر تذكرة السفر وتؤمن له عقداً صحيحاً وفرصة عمل حقيقية. كما اني أتعجب ان كثيراً من شبابنا لا يجد عملاً ويقف في طابور البطالة بينما صناعة مثل صناعة الملابس تطلب 150 ألف فرصة عمل.. ولا تجد من يشغلها بينما الشاب الراغب في العمل حقاً يستطيع أن يلتحق بالتدريب المهني المتوفر في كافة أرجاء مصر.. ولكن الشباب للأسف يرفض سلوك هذا الطريق المؤدي لوظيفة لأنه يطلب وظيفة ومكتباً.. وأصبحت الوظيفة بهذه الشروط نادرة فالجهاز الإداري للدولة يعاني تخمة من العاملين.. ولم يعد في الإمكان قبول أي أعداد زيادة.. بل أصبح المطلوب هو عكس ذلك تماماً. .. ولو ظل تفكير شبابنا في الوظيفة منحصراً في مكتب وعمل إداري سوف نجد أنفسنا في مأزق حقيقي.. إذ أن أصحاب الأعمال سوف يكونون مضطرين إلي استجلاب عمالة أجنبية.. وهذا أمر مرفوض لأن هذا التوجه يزيد من أعداد البطالة وقد يقول قائل ان العيب في نظام التعليم.. ولكن معالجة هذا الأمر أصبح سهلاً ويسرته الدولة من خلال معاهد التدريب في كافة المجالات والملاحظ اننا في مصر لا نواجه مشكلة حقيقية بالنسبة للعمالة الفنية حيث ان سوق العمل يستوعبها ويطلب المزيد. وعلي شبابنا أن يؤمنوا ان العمل شرف والعمل حق والعمل واجب كما ان العمل حياة والأسرة تفخر بابنها الذي يعمل عملاً فنياً ولا يصبح عبئاً عليها. وإذا كان الشاب المصري يعمل في الخارج أي عمل يعرض عليه حتي الأعمال المتدنية نظير أجر بسيط ويتحمل الغربة ومرارتها. فإنه أكرم له أن يعد نفسه الإعداد المناسب وأن يتسلح بمهارات العمل المناسبة من خلال التدريب.. فهذا هو الطريق القويم لعمل بلا مخاطر وانني أدعو شبابنا إلي اليقظة وعدم الوقوع في براثن النصابين والمحتالين والسماسرة فلقد ضاعت أرواح عدد كبير من شبابنا في البحر.. وضاعت تحويشة العمر من البعض وذهب بعضهم إلي السجن نتيجة كتابة شيكات بدون رصيد بهدف السفر إلي الخارج علي أمل تعويض هذه الأموال عندما يعمل وتستقر أموره.. ولكن هذا في الغالب وهم وسراب إن بلدنا والحمد لله بها فرص عمل بأجر مناسب.. ولكن للعمالة الفنية ونطالب بأن يعمل كل شاب من شبابنا جاهداً أن يعد نفسه الإعداد المناسب فإن العمل الفني هو الطريق الأسرع للعمل وللقضاء علي البطالة أو النسبة الغالبة منها وان العمل الفني سوف يوفرلشبابنا دخلاً مناسباً بدلاً من وهم البحث عن فرصة عمل في الخارج.. لا تتوفر أبداً في الغالب. بل ان الكثير من الذين سافروا للعمل بالخارج رغم حصولهم علي المؤهلات العالية يعملون في أعمال متدنية كعمال عاديين في أعمال البناء في حمل الطوب والمونة وهي أعمال تتوفر في مصر وبأجر أكثر كثيراً من الأجر في بعض دول الخليج. .. فالشاب المصري يخجل من أن يقول انه فشل في الحصول علي عمل ويفخر كذباً بأنه نجح.. ولو قال الحقيقة لعرف شبابنا الحقيقة وعزفوا عن اللجوء إلي وهم السفر إلي الخارج لتحقيق أحلام لا تتحقق بل قد تكون الطريق إلي هلاكهم. علي شبابنا أن يعوا الحقيقة وان نجاحهم الحقيقي متوفر في بلدهم مع حسن الإعداد وان حلم السفر للعمل يتحقق من خلال فرصة عمل حقيقية ومؤكدة.