نشر معهد التنمية وراء البحار Overseas Development Institute (ODI) – ومقره لندن – تقريرا جديدا حول الجهود العالمية لاحتواء ازمة التغير المناخى ، ويركز على الدول الاكثر احتياجا للتمويل مشيرا الى انه رغم التعهدات العالمية لمساعدة البلدان الأكثر تأثرا ، الا ان بعض أفقر دول العالم مازالت فى حاجة الى تمويل بنود التكيف المناخي و قد اضطرت هذه الدول الى تمويل هذه البنود من ميزانياتها الوطنية – التى تعانى اصلا من نقص الموارد – والتي كان من الممكن إنفاقها على معالجة الفقر . التقرير الذى عرض على قمة المناخ للامم المتحدة فى نيويورك ، جاء بعنوان " حصة عادلة: تمويل التكيف المناخى للبلدان الفقيرة" .. و فيه يعقد مقارنة بين انفاق الدول الغنية كبريطانيا على التكيف المناخى و انفاق الدول الافريقية جنوب الصحراء ، و مدى المساهمة الدولية فى تمويل هذه الجهود . ويقول " نيل بيرد Neil Bird" معد التقرير " انه منذ عام 2008 انحرف تمويل الجهات الدولية نحو مساعدة البلدان متوسطة الدخل على خفض انبعاثات الكربون، بدلا من مساعدة أفقر البلدان على التكيف مع آثار تغير المناخ. وفي دول أفريقيا جنوب الصحراء، بلغ الدعم الدولي لمساعدة هذه البلدان على التكيف مع تغير المناخ نحو 130 مليون دولار فقط سنويا، وهو أقل بكثير من 1.1 مليار دولار انفقتها المملكة المتحدة وحدها على دفاعاتها لمواجهه الفيضانات منذ ثلاث سنوات". وخلص التقرير الى فشل المجتمع الدولي فى وضع نطاق كاف لمكافحة التغير المناخى سواء من حيث التمويل أو آليات التنفيذ اللازمة لتعزيز الصمود وتعزيز قدرات التكيف . ونتيجة لذلك، اصبحت ميزانيات حكومات البلدان الاشد فقرا هى من تدفع فاتورة التهديد الذي ينشأ أساسا في البلدان الغنية التي تقود النشاطات الصناعية التى كانت وراء ظاهرة احترار المناخ . ويقول "كيفن واتكينز" المدير التنفيذي للمعهد " في حين أن البلدان الغنية تستثمر بكثافة في نظم الحماية من الفيضانات وحماية السواحل وغيرها من المشاريع، فإن البلدان الفقيرة ليس لديها خيار سوى تحويل الموارد الشحيحة لبنود المناخ ، وهو ما يحمل معه خطر اخر قد يعكس التقدم المحرز في معالجة الفقر فى هذه البلدان ". ووفقا للأبحاث التي يقودها "معهد التنمية وراء البحار" وُجد ان هناك ثلاثة بلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا – وهى دول تعتمد إلى حد كبير على الأمطار للزراعة وتكون عرضة لتغير المناخ – قد تحملت موازنتها الكثير من اجل التكيف مع التغير المناخى .. فعلى مدى الاربع سنوات من عام 2008-الى 2011 التزمت إثيوبيا بنحو 14 % من ميزانيتها الوطنية، أي ما يعادل نصف الإنفاق على التعليم الابتدائي، للتصدي لتغير المناخ. في حين أن الإنفاق الخاص بالمناخ فى تنزانيا بلغ 5% من الموازنة العامة بما يعادل تقريبا ثلثي جميع الإنفاق على الصحة . وخلال هذه الفترة انفقت اثيوبيا نحو 440 مليون دولار فى التكيف المناخى ولم تتلقى سوى 88 مليون دولار فقط كتمويل من خارج ميزانيتها ، فيما انفقت اوغندا 23 مليون دولار تلقت نحو 2 مليون دولار فقط كتمويل من الخارج .. بينما تنزانياالوحيدة التى تلقت تمويلا خارجيا كبيرا ، حيث انفقت من موازنتها الوطنية نحو 146 مليون دولار و تلقت تمويلا خارجيا وصل الى 237 مليون دولار . ويقول التقرير انه قد تم جمع مبالغ كبيرة من التمويل الدولي لمكافحة تغير المناخ ، لكن معظم هذه الاموال ذهبت لمساعدة الدول المتوسطة و الغنية بينما كانت نسبة كبيرة من الإنفاق على تغير المناخ قادم مباشرة من الميزانيات الحكومية الأفريقية بدلا من الصناديق الدولية. . لذا يوصى التقرير بما اطلق عليه ضرورة " تقاسم حصة الاعباء " بين الدول الغنية و الدول الفقيرة ، ويوصي بمعالجة احتياجات البلدان الأكثر عرضة للتاثيرات المناخ من خلال ‘نهج' جديد للمانحين الدوليين من شأنه أن يعادل تمويلا مساويا على الاقل لما تنفقه هذه البلدان من الميزانية الوطنية على جهود التكيف المناخى . ويقول خبراء معهد ODI أن قادة العالم يجب أن يعالجوا بشكل عاجل الحاجة إلى توفير موارد جديدة للبلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ. و انه على الرغم من وجود التزام دولي قائم لتوفير 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من عام 2020، الا ان التقديرات الحالية للتكيف العالمي تشير الى كونه جزء ضئيل من التمويل المفروض توفيره للتغلب على مظاهر المناخ السنوية ، كما يشير التقرير إلى أن المزيد من الشفافية من شأنه أن يزيد الثقة في فعالية التمويل المناخى .