كنا نتكلم فى السابق عن عناد الرئيس السابق حسنى مبارك للشعب.. وإصراره على قراراته الفاسدة.. ووصل به الأمر إلى التزوير عيانا بيانا فى انتخابات مجلس الشعب 2010 التى قاطعتها القوى الوطنية -فى ما عدا الإخوان والوفد- فكانت الثورة عليه وخرجت الجماهير للإطاحه به.. وسقطت شرعية مبارك ونظامه وحزبه الوطنى الفاسد ومشروع توريثه.. وتنحَّى مبارك وترك الحكم وعناده.. وكان مصيره السجن. ألم يتعلم مرسى من ذلك الدرس؟ ألم تتعلم قيادات جماعة الإخوان ومكتب إرشادها وبديعها وشاطرها من مصير النظام السابق؟ ألم تتعلم قيادات حزب الحرية والعدالة الدرس؟ ألم يتعلموا جميعا من حرق مقراتهم فى المحافظات ومحاصرتها، وهو نفس الأمر الذى حدث مع مقرات الحزب الوطنى الفاسد فى أيام الثورة؟
لقد جعل مرسى وجماعتُه التى يدين لها بالسمع والطاعة ووضعته على كرسى قصر الرئاسة كلَّ القوى السياسية وأطياف المجتمع ضدهم بعد أن ظهروا على صورتهم الحقيقية فى الكذب والضلال من أجل السيطرة والتمكين وفرض شخصيات عديمة الكفاءة تؤدى فى النهاية إلى عجز وقصور فى الوطن الذين لا يسعون إلى بنائه بل إلى هدمه.. من أجل فاشية دينية تصادر الحريات والكرامة والعدالة وتغتال دولة القانون.. ويعملون ذلك باستخدام المكفّرين وعملاء أجهزة أمن الدولة فى ظل نظام مبارك الذين كانوا يحرِّمون الخروج على الحاكم، وهو مبارك الذى يسبُّونه الآن.. ويكررون نفس الأمر مع محمد مرسى.. فكل فئات المجتمع ضد مرسى واستبداده الذى يفرضه الآن على المجتمع بعد ثورة الحرية والكرامة وبمساعدة مجموعة من المستشارين الموالين الذين كانوا يدّعون فى السابق أنهم قضاة استقلال.. فإذا بهم يُنهِكون القضاء نفسه.. ويساعدون مرسى فى انتهاك الحريات والتعدى على أهداف الثورة.. فى نفس الوقت الذى يدعون فيه أنهم ثوريون.. فأين هم من الثورة، وقد كان منهم من كان بالخارج يبحث عن الرزق، وفى وظائف غير قضائية.. ومنهم من كان على رأس القضاء.. ولم يفعل شيئًا فى فترة الثورة.. فإذا به يكون أكبر الموالين ويشرف على إنتاج دستور مشبوه على مقاس جماعة الإخوان وحلفائهم ثم يبكى أمام الرئيس؟!
ألم ينظر محمد مرسى إلى ما يحدث فى الشارع؟ هل أعماه الله؟! ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف الصحفيين؟ ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف المحامين؟ ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف نادى القضاة؟ ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف شباب النيابة الذين يرفضون الإشراف الاستفتاء على دستور «الإخوان الغريانى» رغم المغريات المادية التى يلوّح بها مستشاروه الموالون؟ ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف الهيئات القضائية بما فيها النيابة الإدارية لرفضها إعلان مرسى المستبد؟ ألم ينظر محمد مرسى إلى موقف الجميعات العمومية لمحاكمة الاستئناف والنقض الرافضة لطغيان مرسى وجماعته وزبانيته الذين يتهمون الناس بالكفر.. والذين يسعون لبناء دولة فاشية؟
لقد وقف الجميع ضد الطغيان الذى تفرضه جماعة الإخوان المسلمين عبر مندوبها فى القصر.. ألم يتعلموا من الحصار الذى فرضه الثوار والمواطنون عليه.. فخرج هاربا من القصر كالفأر المذعور فى حراسة مَن ورثهم عن مبارك بعد أن كان يدّعى أنه سيلتقى الناس دون حراسة؟
إن مرسى ومن معه أصبحوا فاقدى البصيرة لا يرون إلا أنفسهم.. فبئس المصير مصيرهم.