ما بين ميدان التحرير وميدان النهضة، بعض الكيلومترات من حيث المسافة، وآلاف الأميال من حيث الأيديولوجية والفكر، فالأول استقر به الثوار الذى دشنوا ثورة 25 يناير، وسقط منهم الشهداء والمصابون ضد الاستبداد والديكتاتورية والقمع بكل أشكاله، بينما وجد فى الميدان الثانى -الذى دخل إلى حلبة التظاهرات مؤخرا- من يؤيدون ويرحبون ويوافقون ويفرحون بقرارات استبدادية أطلقها رئيس الجمهورية عبر إعلان دستورى انفرد بإصداره لتحصين نفسه وقراراته وجماعته ضد أى جهة قضائية.
«التظاهرات المؤيدة لا تحدث إلا فى النظم الاستبدادية كالفاشية والنازية»، هذا هو ما أكده مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور وحيد عبد المجيد، موضحا أن الأصل فى التظاهر أنه جزء من منظومة الاحتجاجات السلمية ضد نظام قائم أو سياسة يتبعها هذا النظام أو قرار أصدره أو المطالبة بحق من الحقوق، مضيفا «ولكن التظاهر لتأييد النظام هو وسيلة لا توجد إلا فى النظم الاستبدادية التى بدلا من أن تحل المشكلات التى قامت من أجلها التظاهرات تسعى لحشد أنصارها فى تظاهرات مؤيدة لها والتأثير على الرأى العام بوسيلتها الإعلامية».
عبد المجيد تابع بأن النظم التى لا تستطيع أن تقنع شعوبها بنجاحها أو تفشل فى حل مشكلاتها، تلجأ إلى مثل هذه المظاهرات المؤيدة للتغطية على فشلها، ودائما ما يكون لديها أحزابها التى صنعتها لهذا الغرض وتعتمد عليها فى التعبئة، حسب قوله.
عضو الجمعية التأسيسية المنسحب، أضاف أنه لا يمكن الاعتداد بمثل هذه التظاهرات واعتبارها مقياسا للحكم على شعبية النظام، «فأى نظام له أدواته فى الحشد والتعبئة، سواء بتهديد أو إغراء أتباعه والعاملين لديه فى أجهزة الدولة واستخدام آلته الإعلامية فى التأثير على المواطنين البسطاء». لافتا إلى أن مثل هذه التظاهرات لا تقع فى الدول الديمقراطية، لأن الحاكم فى مثل هذه الدول يتم اختياره بنزاهة ويعمل على تنفيذ خطة المجتمع فى التنمية والنهوض به للأمام ويستمع لأصوات معارضيه.
نفس وجهة النظر تبناها الخبير بمكز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع، الذى قال إن التظاهرات المؤيدة «لا تعرف إلا فى النظم الشمولية والفاشية والاستبدادية فاستخدمها هتلر والقذافى وغيرهما من قادة النظم الاستبدادية»، مشيرا إلى أن حق التظاهر مكفول للمعارضة لا لأصحاب النظام. ربيع تابع بقوله: «فى رأيى أن هذا استعراض سياسى وفرد عضلات.. وإلا فعلى أى شىء يتظاهرون؟ وضد من يتظاهرون وهم مؤيدو القرار وهم من فى السلطة أصلا؟».