مئات الآلاف خرجوا من «مصطفى محمود» و«دوران شبرا» و«الفتح» بقيادة البرادعى وصباحى
كانت مسيرات مساء أول من أمس الثلاثاء، غير عادية، ومعبرةً بشكل تامّ عن حالة الاحتقان السائدة فى المجتمع المصرى، وعن القوة التى اكتسبتها التيارات المدنية فى مواجهة «ديكتاتورية» تلوح فى الأفق رسخها الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، فقد خرجت ثلاث مسيرات فى مواجهتهما، «مرسى والإعلان معا».
هذه المسيرات بأعدادها الكبيرة انعكست على ميدان التحرير الذى استقرت فيه ليبدو ممتلئا عن آخره فى مشهد أقرب إلى أجواء ثورة 25 يناير.
بدايةً كانت مظاهرة دوران شبرا لافتة للنظر بشكل كبير للغاية ومعبرة بما لا يدع مجالا للشك عن انضمام قطاعات جديدة من المواطنين إلى المظاهرات الرافضة للاستبداد الجديد، فقد احتشد عشرات الآلاف من المواطنين فى مسيرة انطلقت من دوران شبرا يقودها الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور، وكان الشباب هم غالبية المشاركين فى المسيرة الحاشدة، ووزع بعض المتظاهرين لافتات مكتوبا عليها «مصر مقبرة الإخوان»، و«امسك إخوانى»، و«يسقط الشاويش والدرويش». وعند تحركت المسيرة صرخ أحد الشباب المتظاهرين فى وجه رجال الشرطة المتمركزين بدوران شبرا متهما إياهم بقتل الثوار فى شارع محمد محمود، وقام عدد من المتظاهرين باحتوائه حتى لا يحدث أى اشتباكات أو مشادات مع رجال الداخلية، وهى مظاهر كلها تعبِّر عن مساحة الغضب والرفض والاحتقان السائدة فى المجتمع، والتى عبرت عنها مسيرة دوران شبرا أروع تعبير، لا سيما وقد ضمت المسيرة عددا من رموز العمل الوطنين وكبار المثقفين مثل الدكتور علاء الأسوانى الأديب المعروف والدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق والنائب السابق سامح مكرم عبيد والبرلمانى السابق الدكتور عمرو حمزاوى والفنان محمود قابيل وغيرهم.
مسيرة مسجد مصطفى محمود هى الأخرى لم تكن أقل عددا وحماسا «وغضبا» من مسيرة دوران شبرا، وضمت آلاف الشباب، وكان على رأسها حمدين صباحى زعيم التيار الشعبى والمرشح الرئاسى السابق، وقد تقاربت الشعارات المرفوعة خلال المسيرة إلى حد التطابق مع سابقتها، إذ رفع المتظاهرون عديدا من الأعلام واللافتات مكتوبا عليها «لن نسمح بإقامة دولة إخوانستان»، و«يسقط حكم المرشد»، وضمت المسيرة القيادى العمالى كمال أبو عيطة بالإضافة إلى وجود ومشاركة عدد من الأحزاب والقوى السياسية والنقابات المستقلة للعمال، التى طالبت بالإبقاء على نسبة ال50% عمالا وفلاحين فى الدستور الجديد، وضمان الحريات النقابية.
مسيرة مسجد الفتح هى الأخرى كانت حاشدة ورائعة وحماسية، وكان لافتا أن يقود المسيرة جورج إسحق القيادى بحزب الدستور والتيار الشعبى المصرى، ورفع المشاركون فيها لافتات تدعو إلى إسقاط الإعلان الدستورى «الديكتاتورى» وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بما يجعلها ممثلة بشكل حقيقى لكل المصريين، وهتف المشاركون فيها ضد «حكم المرشد» وضد محاولات صنع ديكتاتور جديد، وتوجهت المسيرة مباشرة إلى ميدان التحرير وسط هتافات غاضبة وحماسية، وكان اللافت أن يخرج جورج إسحق المسيحى من مسجد الفتح ولا يخرج من دوران شبرا، وهو ما يبدو أنه كان مقصودا حتى ينفى منظِّمو المسيرة شبهة وجود أى بُعد طائفى فى هذه المسيرات، بل كان تأكيدا لوحدة جميع المصريين فى مواجهة محاولات فرض ديكتاتورية جديدة على المجتمع الذى ثار ضدها.