لا أود أن أبدأها من قاتل قامع, فكان قد أبلغ السفاح السوري بشار الأسد وفدا من أعضاء الكونغرس الأميركي، عندما قام بزيارته في دمشق أنه يدرك أن علاقات سوريا وثيقة وقوية مع أميركا ولكن هذه العلاقة ستكلفه بعض العلاقات المتينة، خصوصا تلك التي مع «حزب الله» و«حماس»، لكنه كان واضحا تماما بأن لا ترفع الإدارة الأميركية أو إسرائيل، سقف التوقعات بالنسبة إلى علاقة سوريا بإيران, وكان قد وجه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر ميونيخ، ملاحظة إلى إيران كان مفادها: « أن الإستمرار في هذه السياسة يعني المزيد من الضغوط والعزلة، وأما التخلي عن بعض السياسات وترك البرنامج النووي والتوقف عن دعم الإرهاب يعني المزيد من الحوافز» أى (تنشيط العلاقة بين أمريكا وإيران). وكان رد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي هذه الملاحظة: «إن إيران مستعدة للتفاوض مع الولاياتالمتحدة، إنما هذا يعتمد عما إذا كانت واشنطن مستعدة لتغيير إستراتيجيتها، وعلينا أن نعرف أهدافها». هذا يعني أن كلا الطرفين يطلب من الآخر تغيير إستراتيجياتهما. الرئيس الأميركي باراك أوباما عبّر عن مرونة في الإنفتاح على إيران، لكن ما لم يقدم واحد من الطرفين على خطوة ما، فإن الأجواء ستتلبد, ولكن من وجهة نظري أن الرئيس الأمريكي أوباما أمامه الكثير من التوترات السياسية, والمشاكل الدبلوماسية صاحبة الأولوية في الحل، قبل أن يُقدم على دفع ثمن سياسي للمفاوضات مع إيران، خصوصا أن قضية المحادثات الأمريكيةالإيرانية المقترحة ليست ضرورية الآن، وأرى برؤيتي الدبلوماسية أنه من الأفضل ترك الأمر للإيرانيين, وتبقى العلاقات الأميركية - الإيرانية مجمدة الآن، وليس من الضروري إخراجها من الديب فريزر لتسخينها, حيث لا يرى أي من طرفي العلاقة ضرورة الإسراع في إذابة الجليد. وأما عن العلاقة بين إيران وسوريا فهل هى تنشيط أم تمشيط؟ إن الجزار السوري بشار الأسد حريص على تنشيط العلاقة مع إيران، ولكنه أيضا حريص على تمشيط الثوار الأشراف والشعب السوري الحر, فهو يريد أفعالا ملموسة وواقعا قائما للإبقاء على الكرسي في مقابل تمشيط شعبه, وقتل وذبح ودمار شبابه وتدمير منشئاته, ويظل هو رئيسا لسوريا ولكن على وعد أكيد بأنه حتما سيخسر الرهان مع نفسه ومع من راهنهم, وآخرته حتما معروفه, وتاريخه حتما مدروس, ونهايته حتما محفوفة بالمكاره والشرور, وهذا البشار حتما الى مزبلة التاريخ. ولا بد أن نعلم جميعا أن العدو الصهيوني يعلم تمام العلم أن قوته تكمن في ضعف العرب, وليس هناك ما يضعف العرب أكثر من الأنظمة التي تحكمهم, ولا يشكل النظام السوري إستثناء بين هذه الأنظمة, لأنه من أكثر الأنظمة الحالية إضعافا وإسائة وإهانة لرمز العرب والعروبة. وإبادته الجماعية لشعبه ضعف له وقوة لإسرائيل, وإن الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي لا ترى خطرا عليها سوى شعوبها, لهذا فإن عدد من تقتلهم وتسجنهم من شعوبها يفوق عدد الشهداء العرب الذين سقطوا في المواجهة مع إسرائيل منذ قيامها، بمرات عديدة. لم تعد العلاقات الدبلوماسية الإيرانية - السورية من الأولويات عند أمريكا, فإن الرئيس أوباما صار يقرأ يوميا تقارير الإستخبارات الأميركية (CIA)، التي كانت تصل الى البيت الأبيض عن الصراع العربي الإسرائيلي, والمشاكل الداخلية للدول العربية, وخوف أمريكا من توجيه ضربة عسكرية لإسرائيل من قبل إيران, وهذا يثير الشكوك فيما إذا كانت قدرات إيران النووية وصلت إلى درجة إنتاج السلاح، رغم إطلاقها القمر الصناعي, وهل سيؤدي ذلك الى لغة الإسراع في التفاوض؟ ولكن يبدو واضحا أن معادلات كثيرة ستتغير، وأوراقا كثيرة ستسقط، ومنها العلاقة السورية – الإيرانية, وقد تضطر الدولتان إلى التمسك بهذه العلاقة و«تنشيطها» أكثر، كرد فعل على البرود الأميركي الجديد! وهل تنشيط العلاقة بينهما سيزيد من تمشيط الجزار بشار لشعبه؟ فلم تبتعد سوريا أو إيران يوما عن أمريكا إلا لكي تقترب أكثر وأكثر, إن بشار الأسد هذا الغبي, ربما لا يريد للجولان أن تتحرر الآن, لأنه بهذه الكيفية المستفيد من دعم إيران له ماديا وعسكريا، وورقة رابحه يتفاوض عليها لتحسين وضعه، وسيكون هذا المستبد واهما إذا ظن أن وضعه سيتحسن وسيعود لحكم سوريا فى هدوء وإستقرار من جديد. أما عن كيفية تخلي سوريا عن حلفاءها حزب الله وحماس وتوابعهم, فالكل يعلم إختلاف الأيدولوجيه بين سوريا والأحزاب المذكوره ووجه الشبه الوحيد هو إستعمال بشار لهم كأدوات ضغط على شعوبهم لزعزعة بعض الأنظمه العربية التي لم تخفي يوماً إستياءها منهم، أما بخصوص تحالفها مع إيران فالوضع مختلف إختلافا كليا, لأن إيران بحاجة موضع قدم لها في موطننا العربي, ولقد قدمت لها سوريا هذا الموطئ على طبق من ذهب, وذلك بالطبع مقابل الأموال, والسلاح, والتعاون الإقتصادي, والتبادل التجاري, بالإضافة الى الإعلام الممنهج والموجه لمشاعر الشعوب العربية, جاعلاً سوريا مهداً للصمود والممانعه والتصدي، بالإضافة الى أنه لابد أن نعلم يقينا أن المخابرات المصرية هي أكثر من يحفظ نظام بشار وأساليبه الباليه في شرذمة الصف العربي. لذا أعتقد أن العلاقات الدبلوماسية السورية - الإيرانية ليست في تراجع ولا تنشيط, بل تمشيط الشعب السوري البطل, وذلك لسبب وحيد بأن السياسة لا تعرف تحالفات ولا صداقات, فصديق اليوم عدو الغد, وعدو اليوم صديق الغد, ولا ننسى أن التعاون الإستراتيجي بين البلدين يعود فقط لأن العدو بينهما مشترك, أما بالنسبه للأهداف فهى مختلفة, فإيران ليست محتلة كما أن ليس لها أراض محتلة تصارع لإعادتها, بل العكس تماما فهي تحتل بعض الجزر, ولكنها تحارب من أجل إمتلاك الطاقة النووية بأي شكل من الأشكال ليكون لها دور مؤثر بالشرق الأوسط, أما سوريا فهي لا تصارع من أجل إمتلاك الطاقة النووية, بل لها أراضي محتلة تفاوض لإستعادتها فقط بأي شكل من الأشكال حتى ولو تحالفت مع الشيطان, لذلك أعتقد لمجرد أن ينال أحد الطرفين مبتغاه فسوف يكون هناك برودة تجاه الطرف الآخر. كما أن سوريا لن تجد بلدا أكثر إستعدادا من إيران للوقوف إلى جانبها في حال تعرضها لهجوم إسرائيلي أو أميركي، مع الأخذ بعين الإعتبار التصريحات الإيرانية التي صدرت في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول حتى أن الرئيس الإيراني قال في أحدها, إن أمن سوريا هو من أمن إيران, مع الوضع بعين الإعتبار نقطتين فارقتين وهما: الأولى أن أصواتا كثيرة غربية وعربية إرتفعت داعية إلى دفع سوريا إلى قطع علاقاتها بإيران, والثانية أن بعض المسؤولين في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية يرون أن إنهيار النظام السوري القائم يضر بإسرائيل، وهم يفضلون التوصل إلى سلام معها، لسببين الأول: هو خوفها من إيران، والثاني: كي لا يصل أصوليون إلى الحكم في دمشق. ولكننى أريد ان أسأل قرائي سؤالا هاما وهو: كيف لدولتين تشهد عليهما عراقة العلاقات الدبلوماسية والإستراتيجية والعسكرية والإقتصادية وأن يكون فقط مليار ونصف تقريبا هو حجم العلاقات التجارية بينهما على الرغم من وجود خريطة إستثمارية للمشاريع بين سوريا وإيران, خاصة أن إيران تعتبر الشريك الأول لسوريا بالنسبة للإستثمارات الأجنبية المباشرة, وفي المقابل سوريا تشكل نافذة لإيران على دول الجوار والعالم خصوصا بعد توقيع إتفاقية التجارة التفضيلية بين البلدين؟؟ هل من جواب على هذا السؤال بعد أن أضيف لك بأن العلاقات الإقتصادية بينهما تتنامى إلى مزيد من التعاون كذلك مع دخول إتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الجانبان؟؟ هل من جواب على سؤالى بعد العلم بأن وتيرة الأعمال بين الطرفين إزدادت بعد توقيع هذه الإتفاقية؟؟ علما بأن حجم التبادل التجاري فقط بعيد عن المشاريع الأخرى الذي سجل عام 2010 نحو 400 مليون دولار, فأنا مندهش لأنه رقم متواضع بالمقارنة لحجم التقارب بينهما, وقوة العلاقات الدبلوماسية, إضافة الى أن مستوى العلاقات السياسية المتميزة والفرص المتاحة بين البلدين إضافة التفاوت لصالح إيران في الميزان التجاري. علما بأن إيرن ورجال أعمالها المتميزون اللذين يمثلون قطاعات متنوعة من الخدمات التقنية والهندسية والأجهزة الطبية والغذائية والمجوهرات والسيارات والسياحة دائما مايبدون إهتماماً ملحوظا بالصناعات السورية وتنوعها وتطورها والمستوى الذي شهدته المنتجات السورية ويشيدون بالخبرة والتطور الملحوظ في مختلف الصناعات التي تتميز بتنوعها وجودتها سوريا, فضلا على الجهود التي بذلتها سوريا من إصدار قوانين وتسهيل الإجراءات لدعم الصادرات.. الجحيم والعار والدمار لهذا المدمر بشار الذي يدمر بلاده المنتجة بيديه! ويذبح شعبه, ويفني صناعاته ومصانعه وجودته العالية بصنع يديه! فهل علاقته بإيران تنشيط لهما أم تمشيط لشعبه؟ تبا لك يابشار فلم يحدث في التاريخ لرئيس يقتل شعبه إلا منك ومن أبيك, لعنة الله عليك وعلى أبيك. والى لقائنا في الحلقة الرابعة من سلسلة العلاقات الدبلوماسية الإيرانية السورية.