حوار: شيماء مطر أيام معدودة مرت على إضراب الأطباء الجزئى الذى بدأ فى أول أكتوبر، والذى شمل قرابة 500 مستشفى تابعة إلى وزارة الصحة، واجه خلاله الأطباء تهديدات من قبل الوزارة لإجبارهم على العمل وفرض رسوم على الخدمات الصحية بأقسام الطوارئ والاستقبال، كما واجهوا تضاربا كبيرا فى النتائج المعلَنة عن نجاح الإضراب، فى ظل الخلافات بين اللجنة العليا للإضراب التى يسيطر عليها أنصار جماعة الإخوان المسلمين واللجنة المقابلة لها التى يقودها أنصار التيار المدنى، حيث أعلنت اللجنة الأولى نجاح الإضراب بنسبة 50% بينما أعلنت الثانية النجاح بنسبة 100%، وهو ما أسفر عن توجيه اتهامات إلى أعضاء بمجلس نقابة الأطباء بتهمة محاولة إجهاض الإضراب، ووسط كل هذه المشكلات التى أحاطات بالأطباء ونقابتهم وإضرابهم، انشغل نقيب الأطباء الدكتور خيرى عبد الدايم بإرسال خطابات شكر إلى الرئاسة والداخلية والصحة امتنانا منه على وعود لم ينفَّذ منها شىء بشأن حل مشكلات الأطباء، مكتفيا بالوقوف صامتا ومتابعة أحداث الإضراب، إلا أن «التحرير» كسرت صمت النقيب ودفعته إلى الإفصاح عن موقفه من كل هذه النقاط. ■ بداية.. ما تقييمك لإضراب الأطباء خلال أيامه الأولى؟ - أعتقد أن الإضراب ناجح جدا.. فهناك ثلاثة مظاهر لنجاحه، أولها أنه لا يوجد مريض أُصيب بضرر من الإضراب، وثانيها أنه لا يوجد اعتداء على الأطباء، فى ظل وعى أهالى المرضى بمطالب الأطباء المشروعة، وثالث مظهر من مظاهر النجاح هو اهتمام الرأى العام بالإضراب، وهو ما نهدف إليه لتوجيه رسالة للحكومة مفادها: إن لم تستجيبوا لمطالب الأطباء وتقدموا لها حلولا سيكون الرأى العام بأكمله ضدكم، فالإضراب ليس بالنسب والإحصائيات، بوعزيزى كان شخصا واحدا ورغم ذلك قلب الحكم فى تونس. ■ وهل تعتقد أن إضراب الأطباء سيدفع الحكومة إلى رفع ميزانية «الصحة» وإقرار الكادر رغم حجج وزارة المالية؟ - بالنسبة إلى مطلب الكادر، فقد وافق الأطباء تقديرا منهم لظروف الدولة على إصدار الكادر الإدارى فقط فى الوقت الحالى وتأجيل التبعات المالية الخاصة به إلى العام القادم، وبالنسبة إلى مطلب تأمين المستشفيات، فلا يمكن الانتظار بشأنه يوما واحدا وتجب الاستجابة له فورا مهما كانت التكاليف، أما فى ما يتعلق بإصدار قانون رادع بشأن الاعتداء على المستشفيات، فيمكن التغاضى عنه الآن لأنه يحتاج إلى مجلس شعب لتشريع مواده وصياغتها، ويمكن الاكتفاء بقانون العقوبات واعتبار الاعتداء على المستشفيات فى ظله اعتداءً على منشأة حكومية أو على موظف حكومى فى أثناء تأدية عمله.. لكن أن يتم توصيف الاعتداءات على أنها مشاجرة بين اثنين فهذا لا يُعقَل. ■ ما سبب تأخير تنفيذ اتفاقية تأمين 100 مستشفى التى أُبرمت بين نقابة الأطباء ورئاسة الجمهورية؟ - هناك بالفعل اتفاقية بين وزارات الصحة والتعليم العالى والداخلية، لتأمين المستشفيات الجامعية، وقد انخفضت الاعتداءات بالفعل نتيجة إشاعة جو من الانضباط بين الضباط، وننتظر من الداخلية تنفيذ الاتفاقية بأكملها، بعدما قامت بدورها فى حماية المواطنين وتفاعلت مع المشكلات الإجرامية، بعكس ما كان يحدث من قبل، وهو ما انعكس على المستشفيات، ولكن هذا ليس كافيا، نحتاج فقط إلى الشعور بمضىّ الدولة فى الاتجاه الصحيح باتخاذ خطوات لكل المشكلات حتى نصبر عليها.. ولكن عندما نرى الدولة «مبلطة» فى الخط أو نعرض عليها الحلول و«تعند» وتتعنت فى التنفيذ، فإن ذلك يقابله عناد من قبل الأطباء. ■ وماذا تقصد بالعند؟ - مثلا مطلب كادر الأطباء، هناك تسويف من قبل وزارة الصحة التى تتحجج بدراسته، و«المالية» تقول «هَدّيكو من فين؟»، رغم أن الأطباء لا يحتاجون إلى أجور فى هذه المرحلة قدر احتياجهم إلى إقرار الكادر الإدارى، فما مشكلتهم فى إقرار الكادر؟ وأتعجب من وزير الصحة، فعندما سألته عن الكادر كان رده: «اسألوا اللجنة التى تدرسه»! ■ ما تقييمك للقاء الرئيس محمد مرسى بالنقابات المهنية الطبية لمناقشة مشكلات الكادر؟ - وعدنا رئيس الجمهورية خلال المقابلة الوحيدة التى جمعتنا به، بإصدار قانون الكادر، كما وعد بزيادة ميزانية الصحة ووعد باتفاقية تأمين المستشفيات، وننتظر تفعيلها على أرض الواقع، ولكن المطلبين الآخَرين لم نرَ بشأنهما أى تحرك، فكل ما قاله الرئيس إنه سيتبنى الكادر ويرفع ميزانية «الصحة» على مدار خمس سنوات قادمة لتصل إلى 12% وتبلغ 80 مليار جنيه تقريبا. ■ وهل تكفى وعود رئيس الجمهورية لحل مشكلات الأطباء؟ - لا تكفى.. ولكننا بحاجة إلى قرار ما واضح المعالم لنقنع الأطباء بفض الإضراب. ■ رفضتَ توجيه اللوم إلى الرئاسة رغم إصرارها على عدم إصدار تشريع خاص بكادر الأطباء وقلتَ إن ذلك حقها 100%، بدعوى أن الرئيس عاهَد الشعب بعدم استخدام حقه فى إصدار القوانين إلا فى أضيق الحدود.. فلماذا لجأت إلى الإضراب؟ - استخدام الرئيس سلطته التشريعية فى أضيق الحدود مطلب قومى حتى لا تتغوّل سلطة ما فى شؤون البلاد.. وأتفهم تردد مؤسسة الرئاسة كطبيب وكمواطن مصرى فى ظل تقييد صلاحيات الرئيس التشريعية، ولكننا نحتاج على الأقل من وزارة الصحة إلى الموافقة على مشروع قانون كادر المهن الطبية، تمهيدا لتقديمه إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه، ثم رفعه لرئاسة الجمهورية كى تعلن موافقتها أيضا. ■ وهل ترفض كذلك لوم وزارة المالية على حججها بعدم وجود اعتمادات للكادر ولرفع ميزانية «الصحة»؟ - وزارة المالية عندها فلوس ولكن تخصصها لوزارات وأشخاص آخرين، فنصيب وزارة الصحة 28 مليار جنيه من 600 مليار، فكيف يتم تقسيم باقى المبلغ؟! وسبق واعترضت أمام رئيس الجمهورية مطالبا بإعادة هيكلة موازنة الدولة بأى شكل فى ظل ضعف ميزانية «الصحة».. وهذا هو اختصاص وزارة المالية. ■ ما موقفك كنقيب من الأطباء الذين كسروا الإضراب بالمخالفة لقرار الجمعية العمومية؟ - من حق أى طبيب أن يعمل.. كما من حق أى طبيب أن يُضرِب.. فلكل منهما حقوق دستورية. ■ ولكن لائحة نقابة الأطباء تنص على إحالة الطبيب المخالف لقرارات الجمعية العمومية إلى لجنة تأديبية؟ - اللائحة لا تخالف الدستور، ولا يمكن فرض أو منع الإضراب على الأطباء، فإذا أصدرت الجمعية العمومية قرارا بعودة العمل وأضرب بعض الأطباء.. فلا يعقل تحويلهم إلى التحقيق، لأن الدستور كفلَ لهم حق الإضراب، فضلا عن أن معظم إضرابات العاملين بالدولة تأتى خارج نطاق النقابات، لذلك لا يمكن أن أعطى للأطباء حق الإضراب وأسلب منهم فى نفس الوقت حق العمل. ■ وما رأيك فى قرار نقابة أطباء القاهرة بتحويل مساعد وزير الصحة للتأمين الصحى والطب الوقائى إلى التحقيق بسبب تهديده الأطباء المضربين؟ - أى تهديد بالفصل أو بالنقل أو بإلغاء انتداب الأطباء أو خصم من حوافزهم أمر غير مقبول ومخالف للقانون، وسيتم التحقيق مع كل من يقوم بذلك.. وإذا ثبتت صحة الشكاوى المقدمة ضدهم ستتم إحالتهم إلى لجنة تأديب. ■ قبل فوزك بمنصب نقيب الأطباء أكدت فى برنامجك الانتخابى على عزمك تحويل وزير الصحة إلى لجنة تأديب إذا أصدر تعليمات بتهديد الأطباء المضربين.. فهل ما زلت على موقفك؟ - نقابة الأطباء تتعامل مع وزير الصحة بصفته طبيبا، وإصدار تعليمات بتهديدات الأطباء المضربين جريمة سيحال بموجبها إلى التحقيق أولا ثم إلى لجنة تأديب، فكل مسؤولى وزارة الصحة إذا تقدم ضدهم أحد بشكوى سيتم التحقيق معهم بشكل سرى، فمن حق وزير الصحة إصدار تعليمات بتشغيل المستشفيات ولكن ليس من حقه إصدار أى تعليمات بإجبار الأطباء على العمل. ■ وهل هذا ينطبق على الدكتور عبد الفتاح رزق أمين عام نقابة الأطباء الذى أخبر أمين عام هيئة المستشفيات والهيئات التعليمية أن المستشفيات التابعة له لا تدخل ضمن الإضراب.. وفقا للفاكس الذى وصل إلى النقابة نسخة منه؟ - هذا مجرد كلام.. ولن يتم التحقيق فيه إلا إذا جاءتنا شكوى رسمية، وفى حالة إنكار أمين عام النقابة اتصاله تليفونيا بأمين عام المستشفيات والهيئات التعليمية، أو قوله إن كلامه تم فهمه بشكل خاطئ، فلن يكون هناك ما يدينه بالفعل. ■ ما قولك فى اتهام بعض أعضاء مجلس نقابة الأطباء للدكتورة منى مينا بإضعاف الإضراب برئاستها للجنة غير شرعية لمتابعة الإضراب؟ - إذا تم تقديم شكوى ضد الدكتور منى مينا سيتم إحالتها إلى التحقيق.. ولكن رأيى الشخصى أن لا نهتم بتضارب الأرقام.. فاللجنة العليا تعلن أرقامها وفقا لما تحصره النقابات الفرعية بالمحافظات، ولكنها مثل باقى أرقام الدولة «مش مضمونة»، فالأرقام ليس لها وجه سياسى، فمن ينتمون إلى التيار الإسلامى يصدرون أرقاما تتضمن قناعاتهم الشخصية، ومن لا ينتمى إلى هذا التيار يصدر أرقاما أخرى، وهذا مقياس لنجاح الإضراب من عدمه. ■ ما تعليقك على قيام وزارة الصحة بالإعلان عن مشاركة 40 مستشفى فقط فى الإضراب.. فى الوقت الذى شمل فيه الإضراب 500 مستشفى؟ - الوزارة تقول زى ما هى عاوزة.. الإضراب ناجح. ■ هل هناك حلول لسد عجز الإمكانيات بالمستشفيات فى ظل عدم توافر أى موارد لرفع ميزانية «الصحة» قبل العام القادم؟ - الحلول موجودة وقد اقترحتها على الرئيس محمد مرسى، ومنها خفض الحد الأقصى للأجور بوزارة الصحة وتحويل مرتبات المستشارين العاملين بالوزارة وبدل حضور اللجان الفنية لتمويل العجز، بالإضافة إلى تخصيص 10% من أموال الصناديق الخاصة بالمستشفيات المخصصة لتوفير مستلزمات أقسام الطوارئ، وأخيرا زيادة نسبة الضرائب على السجائر وتخصيص نسبة من رسوم الطرق السريعة وجزء من مخالفات المرور الخاصة بالبيئة. ■ وما رد رئيس الجمهورية على هذه الاقتراحات؟ - أثنى على الكلام، فالأفكار موجودة.. ولكنهم يطلبون منا قبول الميزانية الحالية التى وضعها الجنزورى كأنها قضاء وقدر.. وكأن الجنزورى من الأولياء الصالحين. ■ وما رأيك فى اقتراح الدكتور عبد الفتاح رزق الأمين العام بالنقابة برفع قيمة تذاكر الزيارة فى المستشفيات الحكومية؟ - أرفض فرض أى رسوم إضافية على المرضى. ■ ما موقف النقابة فى حال استمرار الإضراب لمدة 30 يوما دون استجابة الحكومة لمطالبكم؟ - سنستمر فى الإضراب شهرين وثلاثة «ماوراناش حاجة».. ولكنى لا أتمنى وصول الأمور إلى هذا الحد.