كان اعتصام عمال شركة طنطا للكتان أمام مبني مجلس الوزراء قبل أيام ثم قبولهم بالمعاش المبكر بعد مفاوضات شاقة مع عائشة عبدالهادي - وزيرة القوي العاملة - بدلا من إعادة تشغيل الشركة مشهداً أعاد ذكريات الاحتجاج علي برنامج الخصخصة الذي مارسه الشعب قبل أن يتعود علي الأمر مع توالي أخبار طرح الشركات للبيع. «الدستور» أعدت ملفا يرصد أبرز محطات الخصخصة عبر سنواتها الطويلة ويعيد التذكرة بها عبر مراحلها المختلفة التي أعدها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مع مركز البحوث الاقتصادية والمالية في كلية الاقتصاد في جامعة القاهرة: الأولي التي امتدت من العام 1991 إلي العام 1994 والتي ركزت فيها الحكومة علي طرح الشركات الرابحة للبيع لكن ببطء حتي إن العام 1991 شهد عملية واحدة وانتهت تلك المرحلة بعدما كانت الحكومة قد طرحت 14 شركة بإجمالي 418 مليون جنيه بمتوسط 38 مليون جنيه للعملية الواحدة. وأكدت خلالها المحكمة الدستورية «أحقية» الحكومة في تبني الخصخصة ومن ثم شهدت إصدار قانون قطاع الأعمال العام الذي ضم 314 شركة. والثانية امتدت من 1994 إلي 2004 وشهدت 201 صفقة بيع بإجمالي بلغ 14.7 مليار جنيه بمتوسط 86.5 جنيه للعملية الواحدة. كما شهدت إنشاء وزارة مسئولة في هذا الصدد وهي وزارة قطاع الأعمال العام. والثالثة هي التي امتدت من 2004 إلي 2006 وبدأت بإنشاء وزارة الاستثمار التي تولي حقيبتها محمود محيي الدين الذي تعهد بدوره وقتها ب«تنشيط» برنامج الخصخصة، التي اتخذت من وقتها مسمي جديدًا هو برنامج إدارة أصول الدولة. وشهدت تلك المرحلة 77 صفقة بإجمالي 19.95 مليار جنيه بمتوسط 259.7 مليون جنيه للصفقة الواحدة. ولعل استرجاع ما مضي يناسب المرحلة الحالية التي تشهد إعداد الوزارة لمشروع قانون إدارة أصول الدولة الجديد الذي يفترض طرح حصة تبلغ 49% من عدد من شركات قطاع الأعمال العام في البورصة. وبصورة عامة مرت الصفقات عبر عدة آليات: البيع لمستثمر رئيسي عن طريق العطاءات وتلقي العروض المالية والفنية ثم المفاضلة بينها وهو أسلوب اتبعته الحكومة في 16% من الصفقات، طرح حصص من الأسهم في البورصة وهو النمط الذي اتبع في 19% من الصفقات، التجزئة ببيع مصانع أو خطوط إنتاج، كما حدث في 17% من الحالات، بيع الشركة في شكل أصول في 16% من البيوعات، البيع لاتحاد العاملين المساهمين في 14% من صفقات البيع. وبعدها تراجع وزير الاستثمار علي ما يبدو عن خصخصة الشركات بالكامل، فباستثناء شركتي غزل شبين (أندوراما) والإسكندرية لكربونات الصوديوم لم تشهد الفترة الممتدة من 2006 إلي الآن أي عمليات بيع من هذا النوع. واتجه من ناحية لطرح بنك الإسكندرية لبنك ساو باولو الإيطالي، وبنك القاهرة في صفقه فشلت لاحقاً. غير أنه توسع في بيع أصول شركات قطاع الأعمال كقطع الأراضي وخطوط الإنتاج باعتبارها «أصولاً غير مستغلة»، ولتسديد ديون البنوك علي تلك الشركات في برنامج لتسوية مديونيات قطاع الأعمال العام.