لم يختلف الأمر كثيرا لدى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان وبأمانة المستشار حاتم بجاتو فى الجولة الثانية للرئاسة عن الجولة الأولى من الارتباك وعدم الحسم.. فقد ظل الناس تضرب أخماسا فى أسداس بعد الاختلافات حول أرقام الثلاثة الأوائل محمد مرسى وأحمد شفيق وحمدين صباحى، حيث كان يمكن لأى أحد فيهم أن يكون الأول.. ورفضت اللجنة جميع الطعون التى قدمها المرشحون.. وجزء كبير منها أنها قُدمت بعد وقت إغلاق فترة الطعون. لكن هذه المرة فى جولة الإعادة الارتباك أكثر.. وتصريحات اللجنة أكثر فى يومَى الانتخابات 16 و17 يونيو.. لدرجة أن يعلن رئيس اللجنة بنفسه عن مخطَّطات إرهابية أو ضبط من يخططون لعمليات إرهابية بعد إعلان النتيجة.. فضلا عن ضبط دفاتر استمارات انتخابية قادمة من المطبعة مسودة لصالح أحد المرشحين أو المرشحين الاثنين، ولم تحسم اللجنة هذا الموقف بشكل مباشر ووقتى وواضح بإعلان تحقيق سريع.. أو باستبعاد تلك اللجان التى شابها التسويد أو التزوير فورا.
أيضا وقفت اللجنة موقف المتفرج من إعلان حملة مرسى فوزه بالرئاسة قبل انتهاء فرز الأصوات بالكامل.. ولم تحذرها أو تفعل أى شىء.. مما دعا حملة أحمد شفيق إلى أن تخرج هى الأخرى لتدّعى أرقاما أخرى.. وفوز مرشحهم للرئاسة أيضا لفرض مزيد من البلبلة والشكوك.. وإذا كانت حملة مرسى وجماعته منظمتين ومتدربتين على جميع الأعمال فإن حملة شفيق ليس لديهم أى شىء.. ومهلهلون.. ويستهبلون!
فقد كان على اللجنة أن يكون لها موقف واضح وصريح من هذا العبث فى إعلان النتائج.. وقبل الطعون.
أضف إلى ذلك حالة البلبلة التى وضعتنا فيها إدارة البلاد بشكل عام والقرارات التى اتُّخذت فى الأيام التى سبقت وتلت جولة الإعادة.. وهى ما أثار قلقا حقيقيا وفقا للمراقبين، وعلى رأسهم مركز كارتر لمراقبة الانتخابات، الذى اشتكى من تصرفات اللجنة العامة للرئاسة وإدارتها للعملية الانتخابية، وذلك فى ما يتعلق بمسار المرحلة الانتقالية.. فالتوقعات الخاصة بقرارات المحكمة الدستورية العليا بشأن قانون العزل السياسى ودستورية البرلمان المنتخب جعلت الناخبين على غير يقين مما إذا كان المرشحان محمد مرسى وأحمد شفيق سيتنافسان فى جولة الإعادة.. ليس هذا فقط، بل والإصرار على تصرف اللجنة العليا للانتخابات الإدارية كأنها قضائية!
إن امتداد فترة إعلان النتجية يثير الشكوك بالفعل.. وليس لدى الناس اطمئنان تجاه اللجنة بصمتها ووضوحها وشفافيتها.
ويبدو أن مرض عدم الشفافية انتشر بشكل أكبر مما كان عليه النظام المخلوع.. حتى إن الناس تفاجأ بشكل يومى بصدور قرارات سرية عن إدارة البلاد العسكرية الفاشلة فى أمور تهمهم وتؤثر فى شأن حياتهم.. وينطبق هذا على لجنة سلطان وبجاتو للانتخابات!
ورغم أن أداءها فى البداية كان يتّسم بالشفافية والحرص على أن تبدو لجنة محايدة.. وكشفت عن كل ما يتعلق بها فى أثناء تقديم طلبات الترشيح.. واستطاعت أن تأخذ مواقف جريئة مثل استبعاد حازم صلاح أبو إسماعيل بسبب جنسية والدته الأمريكية.. وكذلك استبعاد عمر سليمان بسبب التلاعب فى التوكيلات، وكان يمكن للأمر أن يمر دون أن يعرف أحد شيئا.. فإن اللجنة بالفعل كانت شفافة. ولعل ما جاء فى تقرير مركز كارتر عن اللجنة من إدانتها يكشف عما آلت إليه اللجنة فى الفترة الأخيرة مع الوصول إلى الحسم، فأدان مركز كارتر تلكُّؤ اللجنة المشرفة على الانتخابات فى منحه التراخيص اللازمة، خصوصا رفض اللجنة منح المتابعين المحليين والدوليين والإعلاميين ومندوبى المرشحين حق الوصول إلى عملية التجميع خلال جولة الانتخابات.. وبسبب هذه القيود، فإن بعثة مركز كارتر فى مصر هى بعثة محدودة النطاق وغير قادرة على استخلاص النتائج فى ما يخص العملية الانتخابية الكاملة. وقال المركز إن «قيود لجنة الانتخابات الرئاسية إنما تخالف المبادئ الأساسية المطلوبة لمصداقية وفاعلية متابعة الانتخابات.. ولن يتابع مركز كارتر أى انتخابات فى المستقبل فى مثل هذه الظروف». لقد أصبحت اللجنة مرتبكة إلى درجة الفشل فى أعمالها مما دعا مركز مراقبة مهمًّا مثل مركز كارتر إلى المقاطعة فى ما بعد.
فلا بد من بديل آخر غير تلك اللجنة.. خصوصا أن المرحلة القادمة ستشهد انتخابات كثيرة على جميع المستويات.