الثوار.. هم الرقم الصعب فى العملية السياسية، شاء من شاء وأبى من أبى.. تثبت الأيام ذلك.. وإن فعل الشارع والثوار فى الميادين له أكبر تأثير على اتخاذ القرار.
فالثورة خرجت من الشارع.. لم يكن لجنرالات معاشات المجلس العسكرى أى دور فيها.. وإن حاول بعد ذلك أن يدّعى أنه حمى الثورة.. إلا أنه حاول إجهاضها والقضاء عليها تماما خلال إدارته الفاشلة للمرحلة الانتقالية..
ولم يكن للقوى الحزبية والسياسية التى يجلس معها «العسكرى» الآن أى دور فيها.. بل هناك قيادات وعناصر من هذه الأحزاب بما فيها التى تدّعى أنها قوى كبيرة كانت ضد الثورة والثوار حتى قبل لحظات من خلع مبارك.. وكانت على علاقة تبعية بالنظام المخلوع وأجهزته الأمنية وصفوت الشريف، الذى كان يحركها.. وكانت ترضى بالفتات الذى يرميه لها النظام السابق كعضوية الشورى بالتعيين مثلا.. أو مصالح تجارية أو خاصة.
فلم يكن أحد من قيادات هذه الأحزاب يستطيع أن يقترب من ميدان التحرير أيام الثورة.. بل هناك من كان يطالب الثوار بالعودة إلى بيوتهم.. وفضّ الاعتصامات بعد خطاب مبارك العاطفى.. ومنهم من ادّعى أن إسرائيل على الحدود وستدخل إلى البلاد.. والجيش منشغل بمظاهرات ميدان التحرير.. (بالطبع هناك استثناءات لبعض الأحزاب التى وُلدت من رحم الثورة).
ومع هذا عادت هذه الأحزاب الفاشلة لتتصدر المشهد السياسى، فى ظل الإدارة الفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى.. لتكون المحصلة فى النهاية فشلا فى فشل.
فى الوقت الذى حاول فيه المجلس العسكرى بمساعدة تلك القوى السياسية المنافقة والشخصيات الموالسة تشويه الثوار والثورة.. باستخدام أساليب عفنة من تشكيل ائتلافات شبابية مختلفة ومتخلفة حتى يتم إهمال ائتلاف شباب الثورة الأصلى، الذى كان له دور عظيم فى الثورة، فى الوقت الذى كانت فيه تلك القيادات تجلس فى بيوتها وتنافق النظام المخلوع.
فلم تكن لتتم إقالة أحمد شفيق من رئاسة الوزراء إلا بعد أن خرج الناس إلى الشارع.. وطالبوا بإقالة الحكومة.
ولم تكن لتتم محاكمة مبارك إلا بعد مليونية المحاكمات.
وكذلك الأمر مع رموز النظام السابق زكريا عزمى، وفتحى سرور، وصفوت الشريف.. والمتهمين فى موقعة الجمل من قيادات الحزب الوطنى الساقط الفاسد ومن تحالفوا معه للتخلص من الثوار.
ولم تكن لتتم انتخابات الرئاسة إلا بعد مظاهرات محمد محمود، التى وعد بسببها المجلس العسكرى القوى السياسية والحزبية التى ليس لها أى دور بأن يسلم السلطة فى 30 يوليو 2012.. وهو الذى كان يخطط لأن يستمر إلى آخر العام، أو بعد ذلك. لكن موقف الثوار وسقوط شهداء من الثورة فى أحداث محمد محمود.. هو الذى عجّل بذلك.
فلم يكن هناك قرار إلا وراءه موقف الشارع الذى يستعيد ثورته التى حاول خطفها وسرقتها المجلس العسكرى وبعض القوى السياسية التى حاولت تقسيم تورتة الثورة.
وفى إطار الأداء الفاشل للمجلس العسكرى.. انتقلت عدوى فشله إلى المؤسسات التى كنا نعتقد أنها ستعبّر عن الثورة، مثل البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى.. فقد حافظ على نفس آليات النظام المخلوع بأمينيها العامَّين من رجالات النظام السابق والمشاركين فى فساده وإفساده.. وكذلك الأمر فى اللجنة العليا للانتخابات.. وقد رأينا ما فعله عبد المعز فى لجنة الانتخابات البرلمانية.. وكذلك ما يجرى الآن فى لجنة الانتخابات الرئاسية.
لقد أربك جنرالات المجلس العسكرى كل شىء فى البلاد.. وأصبحت الأمور «ملخبطة».. وذلك بأدائه الفاشل والمسار الذى سار عليه دون قواعد أساسية معتمدا على صفقات مؤقتة أدت بنا إلى عدم حسم انتخابات الرئاسة قبلها ب48 ساعة، وكذلك موقف مجلس الشعب انتظارا لحكم المحكمة الدستورية فى عزل أحمد شفيق من الرئاسة أو حل مجلس الشعب.
هل هذا كلام يتوافق مع ثورة عظيمة خرجت ضد نظام مستبد فاسد؟!
فهل نعود إلى المربع صفر بالتخلص من العبث الذى فرضه علينا «العسكرى» ومستشاروه السوء؟
وهل يسلم «العسكرى» السلطة لأصحابها؟
فهل فهم جنرالات المجلس العسكرى أن الثوار هم الرقم الصعب؟
وإلى مليونية المصير اليوم الجمعة فى كل مصر.. من أجل استعادة الثورة لأصحابها.