البنزين صار معاناة عابرة للمواسم شتوية وصيفية أيضا، وسط تصريحات المسؤولين الذين يؤكدون أن كل شىء تمام، وأن الكميات المطلوبة يتم ضخها بمعدلات طبيعية، بينما تتراصّ السيارات وتتكدس أمام محطات البنزين فى مدن مصر المختلفة. السائقون استغلوا الوضع ورفعوا تعريفة الركوب، والمواطنون مضطرون إلى مجاراتهم لإنهاء أعمالهم وأداء امتحاناتهم. الفلاحون عاجزون عن إتمام موسم حصاد القمح، وآخرون لا يستطيعون الإعداد لموسم الأرز، والصيد يكاد يكون متوقفا فى بعض سواحل الوطن. الأزمة باتت لغزا يبحث عن حل مثل آلاف الألغاز التى يعيشها وطن حائر، أنهكه البحث عن معنى آخر للحياة أكثر احتراما وتلبية لأبسط الحقوق، بعيدا عن ترف البهجة والراحة. فى الغربية، يبدو أن المسؤولين تركوا حلها للزمن أو للقدر، إذ استمر تكدس السيارات أمام المحطات، واستمر تحويل خط السير على طريق طنطا زفتى إلى طريق بديل بسبب إغلاق الطريق من جانب السيارات المتكدسة فى محطات الوقود بالسنطة، التى تقع منتصف طريق طنطا زفتى بينما استمرت تلك المحطات فى تسجيل أرقام قياسية فى أسعار السولار لتسجل فى بعض الأحيان أكثر من 35 جنيها لصفيحة البنزين.
وفى كفر الشيخ، تسببت الأزمة الطاحنة فى رفع السائقين تعريفة أجرة الركوب إلى الضعف استغلالا للموقف، الأمر الذى أثار عدة مشاحنات بين الركاب والسائقين، وسط امتداد الطوابير أمام المحطات، بينما توقفت معظم ماكينات الرى عن عملها فى تجهيز الأرض الزراعية لاستقبال محصول الأرز، الذى تشتهر به المحافظة. بعض الفلاحين استطاعوا تغيير تصميم بعض الماكينات لتعمل بالغاز بدلا من السولار بعد استقرار الغاز بعض الشىء.
وفى الدقهلية، تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة الدقهلية بالتنسيق مع مباحث التموين من ضبط إحدى السيارات يقودها شخص وبحوزته 70 أسطوانة غاز أعلى الكوبرى الجديد بالطريق الدولى قام بتجميعها لبيعها فى السوق السوداء، أما المنوفية، فما زال مشهد الطوابير أمام المحطات المشهد الأبرز فى كل مراكز المحافظة، بينما رفع سائقو خط عبود-الشهداء تعريفة الركوب، مبررين ذلك باضطرارهم إلى شراء الصفيحة بزيادة قدرها عشرة جنيهات، بينما شهدت عدة محطات للوقود بمراكز المحافظة ازدحاما شديدا، خصوصا بين سيارات النقل والفلاحين الذين اصطفوا بالجراكن من أجل تشغيل ماكيناتهم بسبب ندرة السولار.
فى السويس، التكدس والطوابير عرض مستمر أمام محطات البنزين لعدم توافر السولار وبنزين «80»، حيث تعددت الاحتكاكات والمشاحنات بين السائقين وأصحاب السيارات على أسبقية الحصول على السولار. أزمة السولار بالسويس تظل غامضة، ففى الوقت الذى تعمل فيه معامل شركتى النصر والمعمل بكامل طاقتها بجانب السولار الذى يتم استيراده من الخارج فإن الأزمة تتفاقم يوميا، فضلا عن التأثير السلبى الواسع على موسم حصاد القمح، بعد توقف أجهزة الحصاد، التى تعمل بالسولار ومعها ماكينات الرى، مما دفع المزارعين إلى تقديم شكاوى عدة للمسؤولين لإنقاذ محصولهم من الدمار.
وفى دمياط دخلت الأزمة منحنى خطيرا حيث تتسبب يوميا فى الارتباك المرورى وشلل فى حركة السيارات بسبب تكدس الطوابير، وازدياد المشاجرات وتوقف الحركة بطريق دمياطالجديدة على الجانب الأيمن بسبب تكدس الشاحنات، وكذلك فى محطات دمياط ودمياط الجديدة وكفر سعد ومركز الزرقا، حيث يقوم معظم أصحاب المحطات بالتجارة العلنية فى البنزين والسولار المدعمين وبيعهما فى السوق السوداء بلا وازع من ضمير.
وفى قنا، ألقت قوات الأمن القبض على تاجر فى قرية أبو مناع شرق فى مركز دشنا بتهمة حيازة وتجميع السولار للبيع بالسوق السوداء داخل فنطاس أمام منزله، إذ يقوم بالتعبئة بالطريقة اليدوية وبمعايرة الكمية تبين أنها تزن نحو 16 طن سولار وبمواجهته اعترف بتجميعه المواد البترولية «سولار» وبيعه بالسوق السوداء.
..ووزير البترول ل«الدستور الأصلي»: البنزين متوافر بكميات كبيرة «لا توجد مشكلة مع الكهرباء وضخ الغاز لمحطات التوليد أولوية». نافيا أى مبرر للأزمات المفتعلة، يؤكد المهندس عبد الله غراب وزير البترول والثروة المعدنية أنه لا توجد أزمة فى البنزين والسولار، وأن الكميات متوافرة بشكل طبيعى وكافٍ!
غراب أوضح أن هناك تعاونا شديدا من وزارة المالية لتوفير الاعتمادات اللازمة وبسرعة لعمليات الاستيراد حتى لا تحدث أزمة فى نقص الكميات. وهو أشار إلى أن أول من أمس شهد وصول مراكب شحن محملة ب105 آلاف طن سولار لمواجهة متطلبات السوق المحلية، الذى يستهلك 37 ألف طن يوميا منها 22 ألف طن تنتج محليا.
وشدد وزير البترول على أن «وزارته ستعلن للرأى العام عند وجود مشكلة فى نقص كميات البنزين والسولار»، مضيفا أن «وجود تكدس أمام المحطات لا يعنى وجود أزمة أو نقص فى الكميات، فعدد المحطات وصل إلى قرابة 3 آلاف محطة، كل منها يبيع 3 منتجات أى 9 آلاف منتج فى المحطات وهى إحدى أسباب التكدس».
وتطرق غراب إلى نظام الكوبونات على البنزين، وقال إن هذا النظام سيعرض على مجلس الشعب لمناقشته، ولو تم الاتفاق عليه سيطبق مع الموازنة الجديدة، «الغرض من نظام الكوبونات سواء على البنزين أو أسطوانات البوتاجاز هو وصول الدعم إلى مستحقيه وتأمين احتياجات المواطن وتحقيق عدالة فى التوزيع، حتى لا يصطدم المواطن مع المنتفعين»، مضيفا أن هذا النظام سيوفر قرابة 10 مليارات جنيه من الدعم يمكن الاستفادة بها فى قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم.
وحول ضخ الغاز لمحطات توليد الكهرباء قال الوزير إن لها الأولوية «لا توجد أزمة مع قطاع الكهرباء بسبب نقص الإمدادات، وإن العطل الأخير بحقل البرلس عادى وطبيعى ناتج عن الاستهلاك الشديد للكهرباء فى وقت الذروة مع ارتفاع درجات الحرارة، وهو عطل مرتبط بظروف التشغيل، ومن الأفضل أن يظهر مبكرا حتى لا يؤثر مستقبلا على عمل محطات التوليد وخفض الأحمال».
غراب شدد على أن هناك اتصالات يومية مع وزير الكهرباء بين رئيس الشركة «القابضة للغازات» ورئيس «القابضة للكهرباء» للاتفاق على كميات الغاز والسحب الإضافى حتى لا يحدث تأثير على عمل محطات التوليد، موضحا أن «فلوس البترول والكهرباء فلوس دولة»، داعيا المواطنين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء للحفاظ على الاحتياطى من البترول والكهرباء.