أكتب إليك اليوم وقد اتسعت الهوة وتقطعت حبال الثقة والمودة بيننا لهذا اخترت أن أبعث برسالة إليك فذلك أيسر من أن نتقابل وجها لوجه لأننا تعودنا دائما على عدم المصارحة . أنا جيل نشأت فاقدا للهوية إلى حد كبير، فأنا مسلم أؤدى الفرائض وعربى سمعت عن أمجاد العرب وسيطرتهم على العالم فى القرون المنقضية ولكنى أرى الإسلام والعروبة و قد أصبحا مادة للسخرية والتهكم من قبل الغرب المتقدم المبهر. أنا مصرى حتى النخاع حينما رفع منتخب كرة القدم كأس الأمم ثلاث مرات متتالية ولكنى بغضت مصر الفساد والبطالة والكوسة . انفجرت غدتى النخامية فجأة لتتدفق هرمونات النمو فكبرت أسرع منك وصرت أكثر نضجا وأصبحت أعانى من أمراض الحكمة والشيخوخة المبكرة ، قالوا لى فى دروس القراءة العقيمة أنه على الصغير احترام الكبير لأن الأخير هو الذى ينصح ويوجه ويرشد. لكن أن يصبح الأصغر سنا هو الأكثر حكمة ، ذلك لم يكن بالحسبان. صدقنى لم أفكر فى ذلك يوما ولم أكن أريده، كل ما أردته هو النصيحة ولكنى لم أجد من ينصحنى، لذلك كان على خوض التجارب بنفسى فى وطن ضاعت فيه الفطرة والطبيعة الإنسانية وأصبح فيه الحديث عن الحرية والعدالة والكرامة كأساطير الأولين . قمت بثورة ليس من أجلى ولا من أجلك فكما قلت لك سابقا "احنا الأتنين فى الهوا سوى" ولكن كل ما أردته أن يولد طفلا مصريا باكيا ولكن لا يعيش فى هذا البلد شاكيا. حينما اقتربت الساعة وانشق قمر الحرية حلقت بعيدا بدون طائرة ولكن "صندوقك الأسود" الذى أصر على انتخاب الطيارشفيق أفسد كل شىء مصمما أن يستمر أهل ذلك البلد قابعين تحت "السحابة السودا". إذا كنت متوهما أن الإتيان ب"مباركين" جدد ملعونين أينما ثقفوا سوف يوفر لك الأمن و تروق وتحلى فى 24 ساعة ، فإنى أهنئك أنك سوف تنعم بالأمن على حسابى ثانية ، أنا الذى سوف أعود إلى السجون والمعتقلات والتعذيب والتنكيل لأننى أرفض أن يحكمنى طاغية مرة أخرى مهما كلفنى الأمر. إذا كنت صعيديا معدما وانتخبت ذلك الرجل ظنا منك أنه سيكافئك بإيصال الكهرباء إلى بيوت النجع ، فإنى أهنئك أن شفيق سيوصل الكهرباء أيضا إلى جسد ابنك ذى العشرين ربيعا. إذا كنت قاهريا من أصحاب الملايين وتخشى أن يقوم مرسى الزناتى بإغلاق منتجع مارينا فلا تستطيع العروسة بنتك أن "تقلع" هدومها و تلبس البكينى فإنى أؤكد لك أن شفيق سوف يسحلها و"يقلعها" هدومها فى التحرير قبل ما تتطلع الساحل. من فضلك فكر فى الإعادة تانى عشان الثورة متتطلعش "أوت" وتفضل بقبول فائق الإحترام مواليد جيل التمانينات