خريطة السباق الرئاسى تتغير وتتبدل، واستبعاد عشرة مرشحين دفعة واحدة معناه ببساطة أن خريطة جديدة للانتخابات تتشكل، خروج عشرة مرشحين أنعش آمال المرشحين الآخرين، وأضحى واضحا تماما -إن لم يكن هناك تجاوز فى التحليل- أن السباق الرئاسى انحصرت المنافسة الرئيسية فيه بين أربعة مرشحين أساسيين، ما لم يكن هناك مفاجآت، هؤلاء الأربعة لن تتحدد فرصهم فى الفوز خلال الأسبوعين الأخيرين للانتخابات، وهى الفترة التى ستكون الكتلة المترددة قد حسمت لدرجة كبيرة موقفها من السباق الرئاسى، وهذه الكتلة هى التى تحسم أى انتخابات رئاسية فى العالم. خروج المرشحين العشرة معناه أن السباق الرئاسى انحصر فى المرشحين الأربعة، موسى وصباحى وأبو الفتوح ومرسى، فقد كان غياب الأسماء العشرة المستبعدة زادا إضافيا إلى كل من هؤلاء الذين يتمتعون بجمهور فى الشارع أصلا، بما يجعل المنافسة بالنسبة إليهم أمرا واضحا وحقيقيا.
موسى هو أحد المستفيدين من خروج عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع، فنظريا يميل مزاج الذين كانوا يتعاطفون مع سليمان لمرشح «ذى خبرة» ورجل دولة شارك فى العمل مع النظام القديم، بما يعنى أن فرص موسى قد زادت بخروج سليمان، إلا أن الواقع يؤكد أن أحمد شفيق سيشارك موسى فى أصوات أنصار عمر سليمان، فما ينطبق على سليمان -فى أعين أنصاره- ينطبق أيضا على شفيق كونه أحد المنتمين إلى النظام القديم، وأحد الذين عملوا مع مبارك، وهو رجل دولة، فى رأى هؤلاء سيعيد «الاستقرار إلى الشارع»، هذا الاستقرار الذى برع فيه النظام القديم لدرجة حوَّلته إلى جمود وتيبس فى شرايين مصر كلها.
حمدين صباحى بلا شك استفاد من عملية الخروج الكبير، فالواقع يؤكد أن أنصار أبو إسماعيل سيتوزعون على عدد من المرشحين منهم بلا شك حمدين صباحى، لا سيما هؤلاء الذين كانوا يدعمون حازم، باعتباره ثوريا، لا باعتباره سلفيا، هؤلاء سيستفيد من أصواتهم صباحى، فضلا بالطبع عن أنصار أيمن نور الذين سيقتسم اثنان من المرشحين أصواتهم فى غالب الأمر، وهما حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح، وستكون استفادتهما من هؤلاء بمقدار الجهد الذى سيبذلانه فى الوصول إليهم وإقناعهم ببرنامجيهما، لا سيما أن أنصار نور سيكون المعيار الأساسى للاختيار لديهم هو «ثورية المرشح» وانتماؤه إلى مبادئ الثورة وابتعاده بالطبع عن الإخوان المسلمين، بما يعنى -نظريا- أن صباحى قد يستفيد من أصوات هؤلاء بشكل أكبر من أبو الفتوح إذا نجح فى الوصول إليهم بشكل حقيقى.
أبو الفتوح استفاد هو الآخر من خروج خيرت الشاطر، فحضور وقوة الشاطر كانا من ضمن العوامل التى جعلت كثيرين يميلون إليه، وهى العوامل التى لن يستطيع مرشح الإخوان محمد مرسى غالبا أن يملأها نظرا إلى الفروق الفردية بين الرجلين، هذا الأمر سيجعل عددا من مؤيدى الشاطر ينحاز إلى عبد المنعم أبو الفتوح فضلا عن عدد من أنصار أيمن نور الذين يرون فيه «شخصية متفتحة» رغم كون الرجل ينتمى -فكريا- إلى الإخوان المسلمين.
مرسى هو الآخر ربما يستفيد من خروج حازم أبو إسماعيل، فبعض هؤلاء ربما يلجؤون إليه باعتباره ممثلا لتيار الإسلام السياسى، فضلا عن استفادته من خروج عمر سليمان الذى كان البعض سيلجأ إلى التصويت له بشكل «عقابى» فى مواجهة الإخوان المسلمين. هذه هى الخريطة -بشكل نظرى- بعد خروج المرشحين العشرة من السباق الرئاسى وإن كانت هناك عوامل أخرى قد تضاف وتغير الخريطة من جديد.