دخل الربيع يضحك لقانى حزين. نده الربيع على اسمى لم قلت مين. حط الربيع أزهاره جنبى وراح. وإيش تعمل الأزهار للميتين. عجبى!! مش وقتك خالص يا عم صلاح.. نعم هو بالفعل ليس وقت صلاح جاهين، وليست هذه أيامه، وليس هذا هو ربيعه، وليست الأزمة التى نعيشها أزمته حتى هذه الثورة ليست ثورته.. فهذه الأيام بعيدة كل البعد عن ربيع صلاح جاهين الذى علمنا البهجة.. هذه هى أيام الخماسين فقط، لكنها فى فصل جديد من فصول السنة، فقد ولى ربيع جاهين نهائيا، ونعيش الآن ربيع الراكبين، وليس ربيع العاشقين. منذ بداية الثورة، كنا جميعا نردد قصيدتة الخالدة «على اسم مصر»، وكأنه كتبها لهؤلاء الشباب عندما قرروا خلع حاكمهم بعد 30 عاما من الديكتاتورية، كتبها حتى لا ننسى فى وسط كل هؤلاء الشهداء الذين يتساقطون يوميا بكل ميادين مصر، خاف أن ننسى جمال مصر هذا الوطن الذى قد تحبه فقط من شعر جاهين كل ما عليك أن تقرأ أشعاره وتضحك برسومه فتعشق تراب هذا الوطن حتى خفة الظل التى أثارت انتباه العالم كله فى أيام الثورة تجد جاهين كان حاضرا بعشقه وسخريته أذهان كل شاب وكل منا يردد «وأكرهها وألعن أبوها بعشق زى الداء». صلاح جاهين الذى علَّم أجيالا البهجة والسعادة، وظل يصعد بنا لقمة التفاؤل ولأى قمم إيجابية قد تترامى عليك فى أى وقت من حياتك حتى حزنك ودموعك شاركنا فيها، وكل فصل من فصول السنة رمى علينا برأيه فيه، لكن الربيع وقف أمامه بأشعاره سواء قصائد أو رباعيات أو كلمات أغانى سعاد حسنى (هى الوجه الآخر لعملة البهجة رغم أيضا مرضها بالاكتئاب)، كل هذا جعلنا نشعر أن البهجة هى المخلص النهائى لأى محنة قد نواجهها، وإن لن تنتهى هذه المحنة سوف يأتى الربيع ليقضى عليها، ويرجع لكل منا ابتسامته، جاهين كان على يقين تام أن الخير لا بد أن ينتصر، لكن هذا الربيع المزدحم الذى نعيشه هو عكس تماما ما علمنا صلاح جاهين وسعاد حسنى، فهو ربيع أكل آخر قطع التورتة (قصدى السلطة) سواء بلجنة دستور لا نعرفه وسنحاكم عليه وبعدها نحاكم به أو انتخابات رئاسية شعارها الفوز لكل من لا يمثلنا أو ميدان شهد دماء طاهرة حرة أصبح ميدان الركوب، كل هذا جعلنا على يقين أنها بالفعل ليست أيام صلاح جاهين. صلاح جاهين هو أهم من وقف بجانب ثورة 23 يوليو، وهو أيضا أهم من وقف بجانب الشعب بعد هزيمة 5 يونيو برباعيته، لكن الآن ليس وقت المساعدة فى الثورات لأنها قد قامت بالفعل لكنها لا تمثلنا، وأصبحت تمثل علينا خطرا فى الاختيار بين مساعدى الديكتاتور أو تيار يتعامل بقوة الحرب، وإذا بنا أمام 5 يونيو أخرى، لكن أصبحنا نحن العدو وهم الفئة الصالحة التى سوف تقضى علينا لأننا جرأنا واختلفنا فقط. هذه الأيام التى نحاول أن نسرق فيها الضحكة والقفشة والإفيه نجد كلا منا يضحك على خيبتنا، يقفش على هدوئنا، يأفى على حالنا.. وإذا بنا نستدعى صلاح جاهين بداخلنا تنتفض كل الكرات الحمراء بداخلنا للرفض نصرخ ونقول: اقلع غماك يا تور وارفض تلف/ إكسر تروس الساقية واشتم وتف / قال: بس خطوة كمان.. وخطوة كمان / يا اوصل نهاية السكة يا البير تجف / عجبى!! لكن بعد الصراخ نجد أننا لا نستطيع فعل أى شىء ولا حتى قلع الغمى!