النيابة قالت عن أسطوانة الغاز إنه تم استخدامها في عملية إخفاء أو تهريب أو كمفرقعات! واستعمال حرف «أو» في الاتهام وفي أدلة ثبوته ينافي الثبوت تماماً حزب الله ليس جماعةً إرهابيةً إلا في نظر الإسرائيليين والأمريكيين ومعترف به دولياً بنص القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة واتفاقيات جنيف والاتفاقيات الإقليمية العربية والأفريقية والإسلامية.. ومصر طرف في هذا كله ! المتهمون فى طريقهم لحضور جلسة المحكمة " كان يتابع الجرائد اليومية . يقرأ كل ما نقلته عن النيابة في تحقيقاتها، والعناوين الصحفية المدوية التي كانت توضع لهذه التحقيقات، والاتهامات الشنيعة التي كانت تكال للمتهمين، والمتهم الثاني تحديداً، صاحب الحظ الأوفر من هذه الاتهامات الصحفية . لقد ظن الدفاع وقتها أن المتهم الثاني هالك لا محالة، وكذا شأن باقي المتهمين، ولكن ظن الدفاع في هلاك المتهم الثاني، تَحول إلي يقينٍ في نجاته هو ورفاقه ".. هكذا كتب وتحدث عن نفسه الدكتور محمد سليم العوا المحامي الكبير بالنقض، مزيلا مذكرة دفاعه الرائعة عن المتهم الثاني في قضية خلية حزب الله " محمد يوسف أحمد منصور " وشهرته " سامي شهاب "، السبت الماضي أمام محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ . الدكتور محمد سليم العوا في مذكرة دفاعه ومرافعته القنبلة استند لرؤي فقهاء القانون المحلي والدولي ليثبت زيف الاتهامات التي قدمتها مباحث أمن الدولة والنيابة ضد المتهمين، بل أثبت بما لا يدع مجالا للشك شرعية المقاومة المسلحة للاحتلال، بما فيها طبعا الاحتلال الصهيوني . قدم أدلة متماسكة علي براءة المتهم الثاني في خلية حزب الله، وخاطب ضمير المحكمة أن تصدر حكمها ببراءة رفاقه ممن سماها بالاتهامات الوهمية . قال الدكتور العوا: " إن الثابت يقيناً، بل المفترض أصلاً، هو براءة المتهم ، نحن أمام قضية سياسية قبل أن تكون قضية جنائية . لقد استمعنا إلي ذكر دولة قيل إنها تحاول الهيمنة علي المنطقة بأسرها. لكن اسمها لم يذكر، وبقي لنا بهذا الإغفال المتعمد أن نجتهد في إقامة الدليل علي الذي يقصده الاتهام بتلك الدولة ! وتابع: إن نشاط المتهم الثاني كله، وما يرتبط به من نشاط غيره، لم يكن له هدف علي ما تنطق الأوراق به إلا مواجهة العدو الصهيوني بتزويد المقاومين الفلسطينيين في غزة بالسلاح والعتاد، وتدريب من يمكن تدريبه منهم ليعود مرة أخري إلي أرض فلسطينالمحتلة فيقاوم منها العدو الصهيوني. وشدد العوا: " هذا سلوك الثوار. دولةً كانوا يمثلون أم جماعة أم حزبًا أم مجموعة فدائية. هذا هو سلوك الذين يرون أنفسهم من أصحاب الرسالات لا يختلفون فيه سنةً كانوا أم شيعة. مدللا بأن: " قيام المتهم الثاني بذلك كان جزءًا من واجبات حزب الله الذي لا يصح له وصف قدر صحة وصفه بأنه جزء أساسي أصيل من حركة التحرر العربية الإسلامية، لأن المعلومات والتقارير التي تلقاها المتهم الثاني في هذا الشأن من بعض المتهمين، والمشار إليها بالتحقيقات، لا تمثل سعياً أو تخابراً علي الإطلاق طبقا لما هو منسوب للمتهم الثاني.. وحزب الله ليس جماعةً إرهابيةً، إلا في نظر الإسرائيليين والأمريكيين ومُعترفٌ به دولياً بنص القانون الدولي، وميثاق الأممالمتحدة، واتفاقيات جنيف الأربع، وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الإقليمية العربية والأفريقية والإسلامية التي مصر طرف فيها. واستند العوا في أدلة براءة المتهم الثاني علي الدراسة الميدانية للقري والمدن والطرق الرئيسية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء، الواقعة بالمناطق الحدودية، دون غيرها من القري أو المدن الواقعة في العمق المصري ذات الكثافة السكانية العالية مثل القاهرة والإسكندرية، أو المشهورة بالآثار السياحية مثل الأقصر وأسوان، مؤكدا بها أن ما قام به المتهمون إنما كان بهدف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وليس تمهيدًا لعمل إرهابي كما ذهب إليه أمر الإحالة! ، " ولو صَحَّ الزعمُ لكان من الأولي أن يستهدف المتهمون قريً ومدنا أكثر كثافة سكانية، كالقاهرة والإسكندرية، وكثافةً سياحيةً، كالأقصر وأسوان " . واتهمت مذكرة العوا النيابة العامة بإخفائها التام والمقصود، لأقوال المتهمين، الرابع والعشرين والخامس والعشرين من حركة فتح واكتفت في إشارتها لأقوالهما بأنهما تسللا للبلاد عبر النفق المشار إليه . النيابة لم تبين لنا من أين أتت بكل هذه الأفعال والأقوال والعبارات السياسية الرنانة التي لا ظل لكلمةٍ واحدة منها في أوراق القضية التي زادت علي ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة ؟!. فحديثُ النيابة عن العدو وعن زعماء الدول الأجنبية، زعماء الأحقاد والفتن وعن تحريض الشعوب ضد الشرعية وعن تخلي أو عدم تخ ودفع العوا ببطلان وعدم جدية أو معقولية التحريات التي قام بها ضباط جهاز مباحث أمن الدولة، " هذه الشهادة وهذه التحريات السرية ليس فيها أي قدر من الجدية، وغير مقبولة عقلا أو منطقاً، لأنه وحسب العقيد أحمد عاطف، الذي قال: " منذ نحو ستة أشهر سابقة علي نوفمبر عام 2008 وَرَدَتْ إليه معلومات من مصادره السرية تفيد بأن حزب الله يخطط للقيام بعمليات إرهابية داخل البلاد " . إذن: هل كان جهاز أمن الدولة ينتظر كل هذه المدة حتي يقوم المتهمون بعملية أو عمليات إرهابية وتفجيرية بالبلاد، وأن تُفَجِّرَ السفن والبوارج بقناة السويس، وأن يُقتَلَ السائحون الأجانب بجنوب سيناء، وأن يُخرب اقتصاد البلاد، وأن يتم تحريضُ الجماهير ضد الشرعية القائمة، وأن يَعيثَ المتهمون في الأرض فسادا وتقتيلا وتفجيرا حتي يتم القبض عليهم واعتقالهم ؟!! هل كان ضابط أمن الدولة ينتظر ذلك كله ؟!! بالطبع لا. و«الدستور» تنشر الجزء الختامي من مرافعة الدكتور العوا كاملة سيدي الرئيس.. حضرات المستشارين الأجلاء.. بقي للدفاع كلمات قصار يحاول بها أن يوضح بعض ما أُبْهِمَ في مرافعة الزملاء المحترمين الذين تحدثوا أمام الهيئة الموقرة ممثلين لجانب الاتهام. الدولة التي تحاول الهيمنة علي المنطقة، والعدو ذو العبث والغرور لم يخبرنا الادعاء باسم الدولة التي عناها، ولا باسم العدو العابث المغرور، فكان من الواجب الذي يدعو إليه مبدأ التعاون علي إظهار الحق أن ينطق الدفاع بما سكت عن النطق به الادعاء. إن الدولة الوحيدة سيدي الرئيس التي تحاول الهيمنة علي المنطقة كلها، وفرض إرادتها علي شعوبها قَبْلَ دولها هي: إسرائيل. إسرائيل التي تحتل حتي اليوم مرتفعات الجولان السورية، ومزارع شبعا وبلدة الغجر، وتلال كفر شوبا اللبنانية، وأرض فلسطين كاملة بما فيها القدس، وما أدراك ما القدس وما الذي يجري فيها؟ إسرائيل التي شنت الحرب تلو الحرب (12 حربًا في ستين سنة كما كتب المستشار الجليل طارق البشري في دراسته المرفقة) ولم تزل تهدد حتي اليوم بحرب جديدة علي لبنان بسبب سلاح حزب الله وقدرته علي البقاء في موقع التأثير في السياسة اللبنانية والإقليمية، وعونه المستمر، بل المتدفق، للمقاومة الفلسطينية بفصائلها كافة، بما فيها الفصائل التابعة لمنظمة فتح، كما تشهد بذلك أوراق هذه القضية وما فيها من ذكر أفرادٍ وقادةٍ من منظمة شهداء الأقصي، الذراع العسكرية التابعة لفتح. هذه الدولة (إسرائيل) سيدي الرئيس لم يردعها عن العدوان علي الدول العربية كلها شيء. بل لم يردها عن العدوان علي مصر ومحاولة اختراق أمنها شيء. لقد بلغ عدد الجواسيس الصهاينة وعملائهم الذين ضبطوا في مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد سنة 1979 إلي سنة 2009 «مائة وخمسة وسبعين جاسوسًا» في خمسة وأربعين قضية جاسوسية لصالح إسرائيل. وفي المدة الواقعة بين سنة 1991 وسنة 2007 وحدها كان المضبوطون من جواسيس إسرائيل تسعة أشخاص، ومن المصريين الذين نجح الموساد في تجنيدهم ضد وطنهم ثمانية أشخاص، ومن الأجانب عن مصر وإسرائيل معًا ثلاثة أشخاص (روسي، وياباني، وأيرلندي). وكانت الأعمال الموكولة لهؤلاء اختراقًا للأمن القومي المصري تتراوح بين أن تكون جمع معلومات عسكرية عن الشخصيات المهمة في مصر من خلال إقامة علاقات جنسية وانحرافية معهم، وجمع معلومات صناعية واقتصادية وعسكرية، ومعلومات سياسية واقتصادية، ومعلومات عن البرنامج النووي المصري الذي لم ير النور بعد ، ومعلومات عن العناصر العربية في خارج مصر للعمل علي تجنيدهم لصالح إسرائيل، وجمع معلومات عن الاستثمار الأجنبي بوجه خاص في مصر، وجمع معلومات عن الموانئ والمطارات ووسائل المواصلات الداخلية في مصر. إن بين مصر، الدولة، وبين إسرائيل اتفاقية (هدنة)، هذه هي حقيقتها، تسمي باتفاقية السلام. وإسرائيل تنتهكها يوميًا بغير شك، ومصر تسكت رعاية لهذه الاتفاقية نفسها. وهذا كله لا يعنيني هنا. لكن الذي يعنيني هو أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تربطها بمصر مثل هذه الاتفاقية: لأنها الدولة الوحيدة العدو!!! هل رأي الناس، علي مر التاريخ، صديقًا يعيد صداقته بآخر بمعاهدة؟! اللهم لا. لكن الدول تقيد عداوتها وتضبط وقع خطاها بمعاهدات تسميها بما شاءت من الأسماء. وليس لاختصاص إسرائيل بتلك المعاهدة من سبب إلا أنها العدو الوحيد لمصر في منطقتنا كلها!! هذا، سيدي الرئيس، حضرات المستشارين، هو العدو الذي يحاول الهيمنة علينا نحن في مصر أولا، وعلي المنطقة كلها ثانيا. يشهد لذلك ما جري من إهانة للسفير التركي في تل أبيب دعت استانبول للتهديد بسحبه في اليوم نفسه ما لم تعتذر إسرائيل قبل الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم. وقد كان. اعتذر وزير الخارجية، واعتذر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. فقال الأتراك: إن علي إسرائيل أن تعرف مع من تتعامل عندما تكون تركيا طرفًا في الأمر!! والدفاع يقدر كل التقدير الأوضاع السياسية التي تحول دون ذكر إسرائيل باسمها في مرافعة الادعاء، وليس مرماه من هذا البيان إلا خدمة الهيئة الموقرة بالإفصاح عن المضمر وبرد المظنون، أو الذي يمكن أن يكون مظنونًا، عن المقصود بالعدو العابث المغرور. وأي ظن عن أي طرف آخر، سوي إسرائيل، أنه المقصود بالعدو، في نعت النيابة العامة، أو أنه يحاول الهيمنة علي المنطقة في وصفها، هو ظن لا يقوم عليه من الواقع دليل. تخصيص وحدة في حزب الله لدول الطوق (الوحدة 1800) لم يذكر الزملاء المحترمون المترافعون عن الادعاء سرَّ وجود هذه الوحدة ضمن هيكل تنظيمات حزب الله. وتركوا السامعين يهيمون في أودية شتي ليس من بينها الوادي المؤدي إلي واحة المعرفة أو نهر الحقيقة في هذا الشأن. والحقيقة، سيدي الرئيس، أن هذه الوحدة هي نظير قسم الدول العربية، وقسم الدول الأفريقية، في المخابرات العامة المصرية. هذان القسمان تحدث عنهما السيدان/ فتحي الديب ومحمد فائق في كتبهما عن دور الثورة المصرية في مناصرة حركات التحرر العربية والأفريقية. وهو دور لابد للقائم به من دراسة مجالات حركته والمعرفة بمن يستعين بهم أو يستعينون به. وهذا هو الدور الذي تقوم به (وحدة دول الطوق) في حزب الله. دورها كله يعبر الدول المحيطة بإسرائيل. وعملها كله يتعلق بمقاومة العدو. والدليل أنه منذ قام الحزب سنة 1979 حتي يوم الناس هذا في سنة 2010 لم يزعم أحد أنه اعتدي علي سيادة أي دولة عربية، أو قام بأي عملية علي أرضها، أو جند ضدها أحدًا من أبنائها أو من غيرهم. في الوقت نفسه، الذي تجنب فيه الحزب أي عمل ضد أي قوة أو دولة عربية أو إسلامية، نجده أوقع بإسرائيل خسائر لا تحصي أمكنني بإمكاناتي المحدودة أن أجمع منها: - 666 قتيلا سوي قتلي حرب يوليو 2006 - و276 جريحًا سوي جرحي حرب يوليو 2006 - 13 ضابطًا وجنديًا اختطفوا وتبودلوا، أو تبودلت جثث من مات منهم، بأكثر من ألفين من الأسري العرب (لبنانيين وغيرهم) وبجثث بعض شهداء المقاومة لدي العدو الصهيوني(!!) هذا هو حزب الله وصنيعه بعدوه إسرائيل. فلا تذهبن بأحد أوهام عبارة (وحدة دول الطوق) إلي أن الحزب يعمل ضد البلاد العربية وأهليها، فإن دون إثبات هذا الوهم خرط القتاد. حزب الله ليس أداة لأحد لقد حَرَص الدفاع علي تقديم الوثيقة السياسية الأخيرة لحزب الله (نوفمبر 2009) ليثبت للهيئة الموقرة، من خلال الإطلاع عليها، بطلان الدعوي القائلة إن حزب الله أداة للدولة الأجنبية التي أشار إليها الزملاء المحترمون ممثلو النيابة العامة في مرافعتهم الشفهية. وإذا انتفي القول بهذه التبعية انتفت من ثم النتيجة التي رتبها الادعاء عليها من تحقق وصف (الدولة الأجنبية) الوارد في المادة 86 مكررا ج من قانون العقوبات في شأن تهمة السعي والتخابر. وليس من شك في أن النيابة العامة الموقرة لم تقصد بالدولة، التي ظنت حزب الله أداة في يدها، الدولة نفسها التي استظهر الدفاع أنها العدو الحقيقي للأمة العربية كلها وعلي رأسها مصر. لأنه من غير المعقول أن يقول أحد إن حزب الله عميل لإسرائيل. فبقي ذكر هذه الدول (الأخري) أمرًا مجهلا والحديث عنها كلامًا مرسلا لا تنبني عليه نتيجة ولا يترتب عليه حكم. أسطوانة غاز السيارات قرأنا في التحقيقات، واسمتعنا في مرافعة النيابة إلي حديث متكرر عن شراءأسطوانة غاز مما يستعمل في السيارات وعمل فتحة مستطيلة الشكل في جسمها ثم إعادة تثبيت الجزء المنزوع بعد ملء الأسطوانة بأشياء. وذكرت النيابة في ملاحظاتها، المرفقة بقائمة أدلة الثبوت (ص49) عن هذه الأسطوانة أنها: «جري إعدادها لاستخدامها في عمليات إخفاء، أو تهريب، أو لتجهيزها كعبوة مفرقعة...». وهذه الجملة في ملاحظات النيابة العامة علي قائمة أدلة الثبوت تدع الحليم حيران (!) كما تقول العرب. فإن استعمال حرف (أو) في الاتهام، بل في أدلة ثبوته، ينافي الثبوت من حيث أصل وضع اللغة، وينافي الثبوت في أي تركيب عربي صحيح، فاللغويون يقررون أن معاني (أو) انتهت إلي اثني عشر معنيً تدور حول الشك والإبهام والتخيير، ومعان أخري مقاربة. (ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، بيروت 1996، ص 74). وأهل اللغة مجمعون علي أن (أو) لا تفيد تحديدًا ولا تعيينًا ولا الإشارة إلي شيء يستقر في الأذهان أنه المراد دون سواه. فاستعمال النيابة لحرف (أو) ينفي التهمة ولا يثبتها!! والواجب في مثل هذا المقام أن تعين سلطة الاتهام فعلاً من الأفعال التي أبهمت المقصود من بينها، وتثبت وقوعه، وتقطع كل شك بما تقدمه من أدلة علي ثبوت نسبته إلي المتهمين بارتكابه. وهذا كله في هذه الدعوي محال. إذ هو معدوم لم يوجد. والمعدوم يستحيل إثبات وجوده. ويستحيل في العقل المجرد إثبات نسبته إلي شخص معين وعقابه عليه. فلتكن الهيئة الموقرة في سعة من أمرها، ولتضرب الذكر صفحًا عن الاسطوانة وقصتها، فما شأنها إلا كشأن ما وصفه النبي بأنه «حديث خرافة»!! لقاء بعض المصادر بشخص إسرائيلي وردت الإشارة إلي هذا الموضوع في صفحة (50) من ملاحظات النيابة العامة علي قائمة أدلة الثبوت. وإذا كان عيب الملاحظة السابقة متعلقًا باللغة ومباني الكلام التي لا يصح معناه إذا اختلت أو ساء استعمالها، ولذلك رجحنا أن تُعرض المحكمة عنها جملة وتفصيلا، فإن عيب ملحوظة اللقاء بإسرائيليين أنها مجهلة تجهيلا تامًا. فهي تبدأ بعبارة: «أشير في (بعض) تلك الرسائل إلي لقاء (بعض) المصادر بإسرائيلي الجنسية...» (لم أفهم ما إذا كان المقصود بلفظ إسرائيلي في العبارة السابقة شخصًا إسرائيليًا واحدًا أم جمعًا ويكون اللفظ في هذه الحالة ناقص البناء!). وهذا التبعيض يجهل المعني تجهيلا تامًا. ولا يترتب علي الجهالة حكم. ولا تبني علي المجهول نتيجة إلا أن تكون الشك في الأمر كله، كالشك الذي ترتب في الأذهان علي استعمال (أو). وكلاهما يوجب تبرئة المتهم، بل المتهمين كافة مما نسب إليهم. إقرار المتهم الثاني بعدم الشروع فضلا عن تنفيذ أية جريمة علي الفرض الجدلي أن المنسوب إلي المتهمين، والمتهم الثاني تحديدا، يشكل جريمة، فإن ملاحظات النيابة السالفة الإشارة عليها (ص51) تنقل عن المتهم الثاني صادقة أنه قرر في رسائله إلي قيادته في حزب الله: «أن الوضع الميداني في شمال سيناء لا يسمح بسهولة الحركة». وليس أصرح من هذا إقرارًا بأن شيئا مما هو منسوب إلي المتهم الثاني من إدخال المتفجرات والأسلحة والأشخاص إلي داخل مصر أو إخراجها منها لم يتم أصلا. ولذلك قلنا إن جميع الأعمال المنسوبة إلي المتهمين لم تجاوز مرحلة الأعمال التحضيرية غير المجرمة قانونًا. دخول المتهم الثاني إلي البلاد باسم سامي هاني شهاب أشارت التحقيقات وملاحظات النيابة العامة علي قائمة أدلة الثبوت سالفة الذكر، إلي هذه الواقعة، وإلي أن الجواز الذي يحمل هذا الاسم استخدم طبقا لما هو ثابت بسجلات الجوازات بتواريخ 2008/7/24 و 2008/9/2 و7/11/2008، وأنه كان جوازًا لبنانيا برقم 1341342. وليس في هذا الصنيع شيء جديد، بل هو محاكاة مباشرة لما تعلمه حزب الله الذي ينتمي إليه المتهم الثاني، ومنظمات مقاومة الاستعمار بالكفاح المسلح كافة، من رجال المخابرات المصرية في سعيهم عبر عقود إلي محاربة الاستعمار في كل أرض عربية وأفريقية. وفي كتاب فتحي الديب واقعة تزوير مركبة: لجوازي سفر مرتين، ولعقد شركة، ولعقد إيجار مقر لها، ولتسجيلها في سجل الشركات، ولاستخراج سجل تجاري باسمها ثم لمعاملات لا تحصي دولية ومحلية في تهريب الأسلحة إلي الجزائر وغيرها من البلدان (فتحي الديب، السابق، صفحات 169 و202 و203). سيدي الرئيس، حضرات السادة المستشارين الأجلاء: لعَلَّ قضيةً لم تشغل الرأي العام في مصر وفي الوطن العربي مؤخرا فيما عدا قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم كما فعلت هذه القضية. والدفاع عن المتهم الثاني قبل أن يتولي الدفاع عنه، وقبل أن يُحيط علماً بتحقيقات وأوراق هذه القضية، وتفاصيلها، كان يتابعُ الجرائد اليومية، ويقرأ كل ما نقلته الأخيرة عن النيابة في تحقيقاتها، والعناوين الصحفية المدوية التي كانت تُوضع لهذه التحقيقات، والاتهامات الشنيعة التي كانت تُكَالُ بوفرةٍ للمتهمين، والمتهم الثاني تحديداً، صاحب الحظ الأوفر من هذه الاتهامات الصحفية!! لقد ظن الدفاع وقتها أن المتهم الثاني هالكٌ لا محالة، وكذا شأنُ باقي المتهمين. ول ال والحكم ببراءتهم. تأسيساً علي أن أصل البراءة، وحسبما وصفته المحكمة الدستورية العليا، في عديد من أحكامها. يعتبر جزءًا لا يتجزأُ من محاكمة تتم إنصافًا، باعتباره متسانداً مع عناصر أخري تشكل مقوماتها، وتمثلُ في مجموعها حدا أدني من الحقوق اللازمة لإدارتها، ويندرجُ تحتها أن يكون لكلٍ من المتهم وسلطة الاتهام الوسائل عينها التي يتكافأُ بها مركزاهما، سواء في مجال دحض التهمة أو إثباتها. وهي بعدُ حقوقٌ لا يجوز الحرمانُ منها أو تهميشها، سواءٌ تعلق الأمرُ بشخص يعتبر متهماً أو مشتبهاً فيه، وقد أقرتها ا يدعي ارتكابها لا يجوز إثباتها دون دليلٍ جازمٍ ينبسط علي عناصرها جميعا، ولا يجوز كذلك افتراض ثبوتها ولو في أحد عناصرها من خلال قرينةٍ قانونية يُنشئها المشرِّع اعتسافا، ودون ذلك لا يكون أصلُ البراءة إلا وهما». «المحكمة الدستورية العليا، مجموعة مبادئها في أربعين عامًا، مارس 2009 ص 497 وما بعدها». بناء عليه يلتمس الدفاع الحكم ببراءة المتهم الثاني مما هو منسوب إليه. اقرأ نص مرافعة د.محمد سليم العوا في قضية حزب الله كاملة