وجوه أخرى للسادات في كتاب «استراتيجيات الإقناع والتأثير في الخطاب السياسي» كتاب -استراتيجيات الإقناع والتأثير في الخطاب السياسي مُبَتَدأ: فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، فى غرفة من غرف قسم اللغة العربية، كنا نجلس نحن المشاركون في ورشة البلاغة وتحليل الخطاب ساعات طويلة، مع الدكتور عماد عبد اللطيف لنتحدث فى اللغة، والسياسة، الدين، والثقافة، وفى كل شئ. وذات مرة، وبعد فترة صمت قصيرة، قال لنا: هناك عبارة مدهشة هي: إنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحرًا. والسحر: هو سلب الوعى والإرادة، وإفقاد العقل قدرته على العمل. ومهمة الباحث أن (يفكّ) (تعزيمة) هذا السحر، ويُبطِل مفعوله؛ حتى يتحرر وعى الناس الخاضعين لقوة السحر، المقموعين بسلطة البيان". خَبَر: صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب (استراتيجيات الإقناع والتأثير فى الخطاب السياسى، خطب الرئيس السادات نموذجا) للدكتور عماد عبد اللطيف أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة. إِيضَاح: يتناول كتاب (استراتيجيات الإقناع والتأثير فى الخطاب السياسى، خطب الرئيس السادات نموذجا) الطرق والأساليب التى يستعملها رجال الحكم والسياسة فى السيطرة على عقول ونفوس شعوبهم ومحكوميهم من خلال أداة تواصل بالغة الأهمية بين أى حاكم ومحكوميه، وهى.. (الخطبة السياسية). وعنوان الكتاب هو (استراتيجات الإقناع والتأثير) وبإمكاننا أن نضع قبل كلمة (استراتيجيات) عدة كلمات تساعدنا على فهم طبيعة الكتاب ومهمته. يمكن وضع كلمة (كشف، فضح، تعرية) استراتيجيات الاقناع والتأثير. وذلك لأن أى خطيب خاصة إذا كان حاكمًا أو سياسيًا يسعى من خلال خطبته إلى السيطرة على عقول (= إقناع) ونفوس (= تأثير) مستمعيه بهدف توجيه وعيهم و لا وعيهم ثم السيطرة على أفعالهم واختياراتهم وقراراتهم، وتوجيهها حيث يريد. مستعملا فى سبيل تحقيق ذلك عددًا لا نهائيًا من الطرق والأساليب والحيل والألاعيب (= الاستراتيجيات). ويأتى الكتاب، ليكشف لمستمع الخطاب هذه الحيل والألاعيب التى تمارس عليه؛ بهدف تحريره من سيطرتها، والتى تكون جميعها باللغة والصورة وغيرها من العلامات. من أجل ذلك؛ جاءت مقدمة الكتاب لتوضح وتؤكد العلاقة الوثيقة بين السياسة واللغة، بل إن الكتاب يقوم أساسا على افتراض وجود تلك العلاقة التى ستندهش حين تعرف إلى أى مدى هى وثيقة ونحن لا نعلم! ويذكر الكتاب مقولة لمورى إيدلمان يقول فيها: "إن السياسة مسألة كلمات إلى حد كبير". والهدف من محاولة كشف هذه الحيل الخطابية (اللغوية والبلاغية) هو إيمان كاتب الكتاب بالآتى: 1 أن منشئو الخطابات الجماهيرية (خاصة السياسية) يستخدمون اللغة بكيفيات معينة، قد تتضمن التضليل؛ لتمكنهم من تحقيق السيطرة والهيمنة على الجمهور. 2 أن وعى الجمهور بطرق استخدام الخطابات الجماهيرية للغة يمثل خطوة أولى وضرورية لمقاومة هذه الخطابات وهيمنتها. 3 أن البشر يستطيعون مقاومة السلطة التى تؤسسها اللغة إذا استطاعوا معرفة العلاقة بين هذه السلطة واللغة. يتخذ الكتاب من خطب الرئيس السادات نموذجا، ليُعمل فيها أدوات التحليل اللغوي والبلاغي، بهدف الكشف عن استراتيجيات الإقناع والتأثير فيها. ويبحر الكتاب فى عالم ذلك (الرئيس/ الخطيب) محللا وناقدا ومفسرا كل تفاصيله (مفرداته، جمله، استعاراته، رموزه، إشاراته، أداؤه، فترات الصمت، اللعثمة، الحكى......إلخ) ليخرج لنا فى النهاية بما أسماه "سمات البلاغة السياسية للسادات). ويشرح أى الطرق استخدمها السادات فى خطبه لإقناع جمهوره والتأثير فيه (أو ربما تضليله)! يعرفك الكتاب على سادات جديد، قد نُزعت عنه الأقنعة، خاصة فى الجزء الذى يتناول فيه ما فعله السادات فى خطبه من مزج بين السياسى والدينى. ولعل ذلك هو الجزء الأخطر فى الكتاب، وفى الخطب، بل فى عهد السادات ككل. وأعود وأذكرك أن الهدف من الكتاب (بل إن الهدف من كل أعمال الكاتب) أن يعى الإنسان ويدرك طبيعة ما يمارس عليه من قِبل حاكميه أو من يسعون إلى حكمه. وأن يكتسب قدرة على مقاومته وعدم الخضوع له. ولن يكون ذلك إلا إذا عرفه أولا. حَقَائِق: 1 كثيرة هى الكتب التى توصف بأنها (مهمة)، ولكن قليلة هى الكتب التى توصف بأنها (خطيرة). 2 كثيرة هى الكتب التى يكتبها الأكاديميون، ولكن قليلة هى الكتب التى يكتبها الأكاديميون ولا تجد فيها ذلك الجفاف والثقل الأكاديمي، بل تجدها سهلة وبسيطة وممتعة. 3 ليس الكتاب فى الحقيقة، إلا أسئلة (جادة). ومحاولة (جادة) للإجابة عنها. وبين السؤال والجواب، يتكون الوعى. رُؤيَة: أرى أن الكتاب تغريدة بحق فريدة، ولكن يبدو أنها هنا وحيدة! حُلم: ويظل الحلم الأكبر، أن تنتشر مثل هذه المعارف بين الناس، وأن يكتسب الجميع أدوات للنقد والتحليل، تُعينهم على الفهم الصحيح، وتحميهم من الخضوع والانخداع. وأن يكون لكل واحد فينا، القدرة على إبطال مفعول ذلك السحر. هل.... ممكن؟