جهاز تعمير مطروح: الانتهاء من تصميمات المنطقة السكنية بشرق مدينة مرسى مطروح    وزيرا الكهرباء وقطاع الأعمال يبحثان التعاون في مجالات تحسين كفاءة الطاقة    خبراء طرق: الطريق الدائري الإقليمي العمود الفقري لنقل البضائع في مصر    ترامب يعتزم فرض رسوم بنسبة 50% على واردات النحاس    تغييرات كبيرة فى بطولات أوروبا الثلاث الموسم المقبل    وائل القبانى يعتذر لأيمن الرمادى على الهواء عن تصريحاته بأحد البرامج    إصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم أعلى كوبرى دمنهور بالبحيرة    بعد أزمة اللوحات.. حذف برومو "كلام كبير" ل الإعلامية مها الصغير    غادة عبد الرازق ترد على اتهامها بالنصب وتتخذ الإجراءت القانونية    أحمد بلال: الأهلي وبيراميدز سيتنافسان على لقب الدوري.. والزمالك في المركز الثالث    الزمالك يكرم أيمن الرمادي ويمنحه درع النادي    وزير الخارجية الأسبق: العلاقة الأمريكية الإسرائيلية «منحازة» لا متطابقة    شهيد لقمة العيش.. مصرع شاب في انفجار أسطوانة غاز تكييف بمحافظة دمياط    وزير البترول يبحث أسباب كارثة انقلاب البارج البحري أدمارين 12.. ويوجه بسرعة الانتهاء من التحقيقات ودعم أسر الضحايا    السفير الفرنسي بالقاهرة: ندعم مصر في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد    إسرائيل تقصف جنوب لبنان    «كلام في السيما» يحتفي بالموسيقار علي إسماعيل بدار الأوبرا    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    مرشحان في اليوم الرابع.. 7مرشحين يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بالأقصر    المشدد 10 سنوات لعامل بتهمة حيازة حشيش وقيادته تحت تأثير مخدر بالقليوبية    استشهاد لبناني في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في صيدا    مصر تفوز على تونس وتتوج بالبطولة العربية للسيدات لكرة السلة    السفير التركي: زيارة "بويوكادا" للإسكندرية تجسد تعزيز التعاون العسكري مع مصر    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين بعدد من الأحياء    التعليم العالي: فتح باب التسجيل بالنسخة الثانية من مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب    مملكة الحرير.. الأشقاء يجتمعون مرة أخرى بعد انتشار الطاعون    معتز وعمر وائل يتوجان ببرونزية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى الجراحة: تطوير ب350 مليون جنيه لخدمة مليون مواطن سنويا    تطورات الحالة الصحية للإعلامية بسمة وهبة بعد إجراء عملية جراحية    العثور على طبيب مصاب بجرح فى الرقبة داخل مستشفى بنى سويف الجامعى    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    زحلقنا الأمريكان، مبارك يكشف في فيديو نادر سر رفضه ربط شبكات القاهرة بسنترال رمسيس    إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    تعليم الإسماعيلية تؤهل طلاب الثانوية لاختبارات قدرات التربية الموسيقية    كشف حساب مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس.. 186 قانونا أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس.. إقرار 63 اتفاقية دولية.. 2230 طلب إحاطة باللجان النوعية    شباب عُمان.. تتوج بجائزة مهرجان لوهافر للإبحار بفرنسا    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة بأقل التكاليف والنتيجة مبهرة    يحيى الفخراني يعود ب"الملك لير" على خشبة المسرح القومي.. عودة تليق بالأسطورة    بعد غياب 8 سنوات.. إليسا ووائل جسار يلتقيان في ليلة الأحاسيس بجدة    الشرطة الإسبانية تكشف نتائج التحقيقات الأولية حول وفاة جوتا    فودافون مصر تعزي "وي" في ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: "قلوبنا معكم"    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    مدير أوقاف مطروح: آفة العصر إدمان السوشيال ميديا وسوء استخدامها    «الوطنية للانتخابات»: 311 مرشحا لانتخابات الشيوخ على الفردي.. .ولا قوائم حتى اليوم    البحر الأحمر تشدد على تطبيق قرار منع استخدام أكياس البلاستيك وإطلاق حملات لحماية البيئة البحرية    ننشر أسماء أوائل الصف الثالث للتمريض بمحافظة مطروح للعام الدراسي 2024 - 2025    سمير عدلي يطير إلى تونس لترتيب معسكر الأهلي    وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أشرف الصباغ يكتب: الثورة المصرية والمشروع الأوروأطلسي الكبير للمنطقة
نشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 02 - 2012

د. أشرف الصباغ يكتب: الثورة المصرية والمشروع الأوروأطلسي الكبير للمنطقة
د.اشرف الصباغ
لا يمكن فهم ما يجري الآن في مصر، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلا بوضع مصر داخل إطار المشروع الأورو – أطلسي الكبير للمنطقة ككل. فكما تحدثنا في السابق عن "أفغنة ليبيا" واحتياج المشروع إلى نموذج أقرب لنموذج الحكم الباكستاني، تتضح بعض مقدمات هذا المشروع مع تعجل الولايات المتحدة للتدخل العسكري المباشر في ليبيا تحت مسميات عديدة شبيهة تماما بما حدث في أفغانستان هذا بعد نجحت القوى الغربية في تجهيز وإعداد ليبيا وتحويلها إلى ما يشبه المستنقع الأفغاني. وكذلك الصراع بين فرنسا وألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي على النفط الليبي وسوق السلاح، والصراع أيضا بينها وبين الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يسفر عن تفاهمات مشتركة بين هذه القوى لتقسيم تلك الكعكة.
لكن المشروع الأمريكي الجديد أوسع من المشروع الأفغاني. فهو يسير على عدة محاور أساسية.
الأول هو تشكيل محور سني ضد إيران بمباركة وتمويل ودعم خليجية واستعداد من الأنظمة الجديدة (تيار الإسلام السياسي المتحالف إما مع العسكر أو بقايا الأنظمة أو كلاهما) التي تتعاون في الأصل مع الولايات المتحدة أو على استعداد للقيام بالأعمال القذرة على غرار ما كانت امتداداتها السابقة تقوم به. والمحور الثاني، هو تقليص مساحة الوجود الصيني الاقتصادي والأمني والعسكري في تلك المنطقة. وإزاحة روسيا تماما عن سوق السلاح وأي أسواق أخرى محتملة. والمحور الثالث، التمكن الكامل والتام من ثروات المنطقة بعد ظهور أهمية "الغاز" واستخدام روسيا له كسلاح اقتصادي ضد أوروبا. إضافة إلى تزايد أهمية المنطقة جيوسياسيا واقتصاديا في ظل التمدد الصيني والمخاطر الإيرانية والأزمة الاقتصادية العالمية وإحساس روسيا بالخطر من جراء تقلص وجودها على كل المستويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالتالي، فالتدخل الغربي المباشر أمر واقع لا مفر منه، لأنه إذا كانت أهداف الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية تتلاقى الآن مع أهداف الأنظمة (العسكرية – الإسلامية) التي تتشكل الآن في المنطقة، فواشنطن، والغرب عموما، يعرفان جيدا أن هذه الأنظمة توافق على أي شئ للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها مقابل الاستخدام وتنفيذ الأعمال القذرة كخطوة أولى، من وجهة نظر هذه الأنظمة، للاستقلال وإقامة دولة الخلافة ومن ثم الدخول في مواجهة مع الغرب والولايات المتحدة عندما ترى في نفسها القدرة على ذلك. وهو ما حدث في أفغانستان منذ نهاية السبعينات وحتى الشقاق بين طالبان وواشنطن ثم ظهور القاعدة.
في ضوء هذه المعادلة يمكن أن نرى مقدمات وملامح النظام المقبل في مصر. فلن يتم وضع دستور واضح لمصر. وسيتم تلفيق انتخابات رئاسية تحافظ على الوضع القائم وتكرس للنظام المقبل الذي لن يختلف كثيرا عن نظام مبارك أو النظام الحالي غير المستقر. أي ببساطة سيتم وضع دستور شكلي تماما ومفرغ من كل المضامين وإجراء انتخابات رئاسية، ثم أخرى نيابية من أجل استقرار النظام الحالي الذي تشكل خلال عام 2011 والنصف الأول من عام 2012. والمعركة الحقيقية الآن على "رئيس توافقي" شبهه بعض الأدباء والنقاد بشخصية "محجوب عبد الدايم" في رواية "القاهرة الجديدة" لنجيب محفوظ، والتي جسدها الفنان حمدي أحمد في فيلم "القاهرة 30".
غير أن ما يمكنه أن يفسد كل هذه المعادلة هو التغيرات الحقيقية التي جرت خلال عام 2011 في المجتمع المصري. ففي الوقت الذي رأى فيه المجلس العسكري أن الثورة نجحت بتنحي مبارك وأسرته عن السلطة، ورأى الإخوان المسلمون والسلفيون أن الثورة وصلت إلى قمة نجاحها بدخولهم على حصان أبيض إلى مجلس الشعب، يرى الشعب نفسه أن الثورة لم تحقق له ولو حتى الحصول على عمل وكسرة خبز وحياة آمنة. وبالتالي يتم وضع الشعب أمام خيار ساذج وكلاسيكي: "الأمن والاستقرار أم الحرية والديمقراطية؟".
لكن الخيار الأخطر هو: "إما نحن أو الحرب الأهلية!"، وهو قريب من الخيار الذي طرحه حسني مبارك قبيل تنحيه: "أنا أو الفوضى". كل ذلك أثر على حياة المصريين ووعيهم وغيرهما بشكل تاريخي غير مسبوق. هنا تحديدا يمكن أن يتطرق الحديث إلى التيارات الليبرالية واليسارية والوطنية رغم خلافاتها مع بعضها البعض، وخلافاتها الداخلية سياسيا وتنظيميا. ولكن جبهة الشباب – إذا جاز التعبير – لها موقفها الواضح الذي يمكنه أن يغير الكثير من المعادلات. فهناك مبدأ واحد لا يتجزأ من قسمين: "ثورة سلمية ولا تدخل أجنبي"، وهو ما يضع الجميع، وبالذات النظام العسكري – الديني في مأزق شديد داخليا وخارجيا.
لا شك أن القوى الوطنية والليبرالية واليسارية تكاد تكون غائبة عن الشارع. ولكنها في العام الأخير بدأت تظهر بوضوح رغم كم الانتهازية الواضح والأدوات الكلاسيكية والشبهات التي تدور حولها في علاقاتها بنظام مبارك أو انتظار نصيبها من الكعكة.
ولكن "رمانة الميزان" التي يمثلها الشباب تفسد للجميع طبخاتهم.
ويبدو أن الشرط الضمني لهذه الجبهة هو أنها ستكون مع من يلتزم بمطالب الثورة، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية والمجتمع المدني والدولة اللادينية واللاعسكرية. وهذا تحديدا ما يجعل الغرب يتعامل بحذر مع كل القوى عدا العسكر وتيار الإسلام السياسي. لأن مطالب الثورة تعمل بالفعل على إعاقة المشروع الأمريكي أو الأورو – أطلسي، وتقلص مستقبل وجود العسكر والإخوان في السلطة.
من هنا أيضا يجري التعتيم الكامل على وجود القوى الوطنية والليبرالية واليسارية إلى جانب التعتيم الكامل على حجم تأثير ونفوذ جبهة الشباب وتصوير الأمور على أنها مجرد "فورة شباب" أو "بلطجة" أو "مطالب فئوية" أو "احتجاجات عفوية" أو "عمالة لدول أجنبية". ولكن الأشهر القليلة المقبلة ستكشف الكثير من أهمية الثورة المصرية ليس فقط داخليا وإقليميا، بل ودوليا أيضا.
والأمر بالفعل يتوقف على شباب الثورة تحديدا، واستمرارها في مواجهة النظام العسكري – الديني من جهة، والتكتل الإقليمي الرجعي الذي يرعى تنفيذ المشروع الأورو – أطلسي من جهة ثانية، بل والمشروع الأورو – أطلسي نفسه من جهة ثالثة. فمطالب مثل العدالة الاجتماعية والمجتمع المدني ودولة المواطنة، تمثل مشروع تحديث تاريخي لمصر، الأمر الذي يهدد بشكل مباشر المصالح الاقتصادية والمالية والمشاريع الطائفية والعنصرية لا في الداخل المصري فقط، بل وفي المحيط الإقليمي الذي أصبح ناضجا للعمل ضمن المشروع الأورو – أطلسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.