عدت سنة ..والليله هطفي شمعة الجرح الأليم..ولكنه ليس جرحي أنا وفقط ..بل جراح عشرات ومئات والاف المصريين في ربوع مصر شمالها وشرقها وغربها وجنوبها ..عدت سنة علي يوم 25 يناير 2011 ..سنة كاملة مرت علي ثورة الحق والعدل والكرامة والانسانية ..ثورة هي الأولي في حياة المصريين بلا قائد واضح ولا زعيم خالد مفوه ينتظره الملايين ليتحدث ..الشعب هو القائد وهو المعلم .. الثورة التي حولت المصريين من شعب مش طايق نفسه يلهث خلف ماتشات المنتخب ويقضي الليل في الفرجة علي شلبوكا واخواته منفعلا – والمصحف اوفسايد - إلي شعب يحترم نفسه ويسعي بقوة خلف هدف ونهضة وحرية وعدالة- الاوبشن التاني- وكرامة ...الشعب يريد إسقاط النظام ...الجملة السحرية الأروع في هذا العام ..قالها أحمد بسيوني ورفاقه في ميدان التحرير قبل ان يسقطوا شهداء علي أرض الميدان ..قالها مصطفي الصاوي وكريم بنونة ..قالتها سالي زهران ...قالها عشرات ومئات من الشهداء الذين سقطوا بل أقول ارتفعوا الي جنة الخلد في هذا العام ..قالها مينا دانيال ..وقالها الشيخ عماد عفت وقالها علاء عبد الهادي ..قالها احمد حرارة ورضا عبد العزيز ...والاف غيرهم ..فقدوا أعينهم واطرافهم وأرواحهم ..مين قالهم ؟؟ محدش قالهم ..يموتوا ...عشان احنا نعيش ...ولا عشان البلد دي تبقي بلد للبني ادمين المصريين ...فهل سقط النظام ..وارتاحت أرواح الشهداء..؟؟؟ الإجابة القاطعه الحاسمه الصارمه هي لا ..والله لم يسقط النظام الذي هتفوا من أجل سقوطه واستشهدوا لذلك ..سقط الرأس وبقي الجسد بكامل اطرافه واعضاؤه وسلطاته وبابا غنوجه ..مترهلا يملأ الدنيا ضجيجا بابتسامته الصفراء الخبيثة خليهم يتسلوا ...مفيش فايدة ..لو عملتوا ايه البلد دي مش هتنضف ...!! هلت ريح يناير تحمل ارواح الشهداء تسأل أين ثأري ؟؟ أين يبات قاتلينا ؟؟ أين ما ثرنا لأجله ؟؟ فلا تجد اجابة بل تجد دماءا تسيل ودموعا تجري علي من سالت دماؤه ..فهل نقابلها باحتفالات وكوبونات وبلالين ؟؟؟ بلالين الاحتفال بالعيد ؟؟ عيد ايه بالزبط ؟ في 25 يناير 2012 يمر ما يقارب الاربعين يوما علي استشهاد شيخ الثوار عماد عفت ود.علاء عبد الهادي طالب الطب الذين استشهدا برفقة غيرهم من أنبل شباب مصر في احداث مجلس الوزراء الذين – يافرحتي – سينالون ميداليات التكريم من المجلس العسكري وسينال أهلهم التعويضات والوظائف ..ان من قتل منذ اربعين يوما لم يكن يومها سوي مخربون بلطجية يحرقون المجمع العلمي ووصف مصر ...كانت الاعراض تنتهك والحديث عن العباية أم كباسين يملأ الدنيا ..واليوم يعترف بأنهم شهداء ويستحقون الميداليات ..والتكريم ...ويستحق الاخرين الاحتفال والكوبونات ... السؤال هنا لمذا انقسم المصريون – كالعادة – علي يوم 25 يناير هنحتفل ونعيد ولا هنكمل الثورة ومش هنعيد بس هنعيد الثورة ؟؟؟ الاجابة ببساطة ..اللي كان عاوز حاجه وبيدور عليها وأخدها يحتفل بيها ... الناس الاولانيين كانوا عاوزين كراسي في البرلمان ..خدوها ...عاوزين اعتراف صريح رسمي بوجودهم ...خدوه ...عاوزين احساس المنتصر ...خدوه ..خلاص يبقي قشطه ..يلا نعيد يا رجاله ..انفخوا البلالين يا ولاد ... الناس التانيين كانوا عاوزين حرية ..اتسجنوا واتحاكموا محاكمات عسكرية ..عاوزين عدل ...خدوا علي دماغهم ...عاوزين قصاص من القتله الباشوات والبهوات ...خدوا براءه – الباشوات طبعا - ..عاوزين بلد يحترمهم ...مالقوش ...عاوزين حكومة ماتكدبش عليهم ..مالقوش ...عاوزين يبردوا نار الامهات والزوجات والاطفال اللي مات ابوهم ..مالقوش ...هيحتفلوا بايه بقي ؟؟ لحقت بإحدي المسيرات من مدينة نصر باتجاه التحرير تحوي الاف الشباب والشابات والاطفال والكبار يحملون علم مصر رافعين صوتهم بالهتافات التي تدوي في الفضاء فتخترق القلوب قبل الاذان ..الشعب يريد اسقاط النظام..يسقط يسقط حكم العسكر .. المشير..لم اخف الا ان يسقط علينا الكوبري من قوة الهتافات التي تنطلق من حناجر قوية صامدة نحو هدف واحد للجميع ..عيش حرية كرامة انسانية ...لم نحصل علي – بشلن – من أيا منها حتي الان ...المسيرة تخترق الشوارع نحو الميدان ..ما أحلي الرجوع إليه ..ما انبل ذكري من استشهدوا علي أرضه ..كان صديقي يحدثني عن حزنه الشديد انه – لم يضرب ولم يصب- في هذا اليوم ..عاوز يضحي بأي شيء مقابل هدفه ..الشباب يسيرون في سيمفونيه متناغمة ..الروح عادت من جديد ..روح يناير ..روح الثورة التي لم تمت ..روح الثورة التي شاهدتها علي وجوه أصدقائي في الميدان وعلي اطرافه ومحيطه ..تملأ أصواتهم انفعالا في الهتافات والمناقشات .. داخل الميدان ظهر بعض الاختلاف بين من يحتفلون ومن يثورون بين من – يعيد – ومن – يعيد – من أول وجديد ..عادت الروح الثورية الينايرية الي الناس ..فعندما أخبرني صديقي ان – طنط عفاف- عازمانا علي بيتزا ..تذكرت من افتقد البيتزا والريش في يناير الماضي ومن طالب باحراق شويه العيال الي خربوا البلد ..فإذا بي أمام سيده فاضلة – طنط عفاف بجد – أم الثوار بجد – سيدة تفتح بيتها لتؤي عشرات الطبيبات اللائي كن يخدمن في المستشفي الميداني في يناير الماضي ..وهاهي تتذكرهم وترحب بهم في بيتها في يناير التالي ..فتصبح أما للعشرات من الثوار ..استكمالا لا احتفالا ..يملأ وجهها الدفء والحب عندما تقول انتوا شباب وانتوا المستقبل احنا عجزنا خلاص ..بس عاوزين نشوف املنا فيكم ...قبل ما نمشي عاوزين نشوف فرحتكم بالبلد دي ونفرح بيكم ... اثبت يناير ان الشارع لم يمت وان البرلمان ليس بديلا عن الميدان وان الصفقات ليست الطريق المفروش بالورود لتحقيق الاحلام ...واثبت انه لن يضيع حق وراءه مطالب اثبت ان مصر باتت امنه مطمئنة في حضن ثوارها دون حراسة ولم تحرق فيها ورقه في الشارع ولم تقتل نفس – غالبا الطرف التالت واخد اجازة العيد !! يقول جواهر لال نهرو : النجاح يكون من نصيب من تحلوا بالشجاعه ليفعلوا شيئا لكنه نادرا ما يكون من نصيب الخائفين من العواقب .. من اراد ان يحتفل بيناير لتحقيق احلامه فليحتفل ومن اراد ان يسترد من يناير روحه ليسترد حقوقه وليقتص لشهداؤه ...فلينتظر ..من يفرح اخيرا ...يفرح كثيرا... الثورة ستنتصر