قبل ان تقرأ فين منى الشاذلي بتاعت زمان ؟ .. " إتسيّست " وبقت تسمع الكلام ولبست الكاب وحطت على أكتافها النجوم .. هاتي الجنزوري .. حاضر يا افندم .. عيدي الحلقة مرتين .. تمام سعادتك .. خسارة والف خسارة ع الناس الحلوين لمّا يبقوا " وحشين "!
هل أضحك حتى أستلقي على قفايا من الضحك ،أم أبكي حتى تُغرق دموعي الأمة بأسرها؟ هل يعقل ما سمعته بأذني في مداخلة اللواء الفنجري مع لبنى عسل في برنامج " الحياة اليوم " ؟ .. وهو الذي أدى التحية العسكرية لشهداء الثورة ، فسكن قلوب كل المصريين ، ثم أشار بأصبعه مهدداً الثوار أنفسهم ، فتم طرده من هذه القلوب النظيفة ، ولن يسكنها ثانية ولو دفع فيها مئات الملايين من الجنيهات. كان اللواء الفنجري يتحدث عن مصابي الثورة ويستعرض بالأرقام كيفية تعويضهم عما أصابهم ، غير أني وقفت عند رقم بعينه ولم أصدق ما سمعته .. المصاب الذي فقد عيناً واحدة يأخذ معاشا 500 جنيه ، والذي فقد عينيه الاثنتين يأخذ تقريبا ألف جنيه .. يا دي الهنا ويا دي النور .. لأ بلاش النور .. مش مكانها خالص دلوقتي .. اللي فقد نور عينيه يساوي عند اللواء الفنجري وعند الدولة وعند المجلس العسكري ألف جنيه في الشهر .. يعني الدكتور أحمد حرارة الذي فقد عينه اليمنى في موجة الثورة الأولى وعينه اليسرى في الثانية حياخد ألف جنيه في الشهر ، وهو طبيب الأسنان الشاطر النبيه المتمكن الذي كان يعمل معتمداً على نور عينيه ، ويكسب أضعاف أضعاف ما سوف يتفضّل به عليه المجلس العسكري .. متزوج وعنده أولاد وفاتح بيت وكان يقوم بمسئولياته كرجل محترم على أكمل وجه نتيجة مهنته المحترمة ودخله منها .. راحت عينيه الاتنين ومش ممكن يشتغل تاني ، لا دكتور ولا حتى مكوجي ، فراح المجلس العسكري فكر ثم فكر ثم فكر ، فتفتق ذهنه العبقري الإنساني أن يعوضه عن عينيه الاتنين ب الف جنيه .. يعني يحمد ربنا الدكتور حرارة ان عينه التانية طارت في شارع محمد محمود ، والا كان نصيبه من الوليمة العسكرية فقط 500 جنيه .. ويحق - مادامت المسألة تهريج في تهريج - أن يحسد من فقد عيناً واحدة أحمد حرارة لفقده الاتنين .. ومش بعيد يقولها : ياتنا نيلة في حظنا الهباب!! أرزاق يا عم احمد يا حرارة .. الألف جنيه مكتوبة لك .. وقلبي مع اللي اتحرم من نور عين واحدة وحياخد 500 جنيه بس .. كنت يا أخي روح شارع محمد محمود أو حتى اتفق مع قناص العيون الشناوي بيه يطير لك التانية ، وابقى شوفه بأى حاجة من تحت التربيزة .. عشان تفوز بمعاش المجلس الأعلى وتلهف " الالفاية " مرة واحدة ، ولا تنظر بعين الحسد لواحد زي حرارة اللي اختار المكان الصح في الثورتين ، فسهّل للقناص هدفه وفاز بجائزة القوات المسلحة. قد يكون كلامي بهذه السخرية في غير موضعه ، لكنها ليست أبداً كتابة ساخرة ، لكنها موجعة ومؤلمة لمن عنده ذرة واحدة من الإحساس .. " ولاتحسبوا رقصي بينكم طربا ، فالطير يرقص مذبوحا من الالم" ! يا خسارة الثورة ويا خسارة الثوار .. يا خسارة يا مصر .. ماتوا ولادك عشان خاطر عيونك واللي حكم .. العسكري .. طارت عيونهم عشان تبقي شابة وعروسة فجوّزوكي الجنزوري .. عريس فوق السبعين .. وانت اللي كنت بتحلمي بعريس في سنك .. ياخدك في حضنه ويدفّيكي ويقدر يدافع عنك ويجيب منك عيال رجالة يحموكي العمر كله .. طلقوكي من شرف بعد ولادك ما صرخوا " الجدع ده مش نافع .. مع انه مش عسكري انما اتعلم في شهور قليلة تمام يا افندم .. فراح المجلس ونزولا على رغبة ولادك اطاح بشرف ، وجاب لك الجنزوري .. افقدوكي يا غالية الحلم .. مكتوب عليك الشقا ... و " العواجيز "!