يشكل الصراع الجديد القديم بين قبائل العرب والهوارة والأشراف أحدى العقبات الحقيقية التي من الممكن أن تفجر الانتخابات البرلمانية القادمة ، خاصة أن تلك الانتخابات تتم في ظروف أمنية بالغة التردي لم يعشها صعيد مصر المتخم بالمشاكل الأمنية من قبل وربما من عشرات السنين ، فالمنطقة التي عاشت هدوء أمنيا نسبيا منذ قيام ثورة 23يوليو قبل أكثر من نصف قرن مع القبضة الأمنية الحديدية التي كانت تقوم بضربات استباقية كتوسيع دائرة الاشتباه في مراكز سوهاجوقنا المشتعلة وعمل قضايا أحراز سلاح ومخدرات وهي قضايا كانت تشوبها على الأقل في معظمها شبهة التلفيق والتعنت ، لكنها كانت بالأساس بوابة أمنية لجمع السلاح المتراكم في منطقة صعيد مصر بعد حرب1967 ، لكن بعد ثورة 25يناير جرت مياها كثيرة تحت الجسر وتدفقت كميات أسلحة بشكل غير مسبوق وهي أسلحة لم تكن أحلام المواطنين هنا تتطلع إلى أن تكون بحوزتها في يوم من الأيام. ونظرة تاريخية على الصراع بين العرب والهوارة والذي يرجع لمئات السنين بعد أن هاجر الهوارة من المغرب العربي منذ مئات السنوات واستوطنوا منطقة قنا خاصة نجع حمادي وقفط ودشنا وغيرها كما استوطنوا سوهاج واعتبروا أنفسهم عرب مستعربين. وينقسم الهوارة إلى ثلاثة أفرع ، الهمامية وأولاد يحيى والبلابيش ، أعلاهم مكانة بالطبع الهمامية الذي ينتسب إليهم شيخ العرب "همام" الذي حكم الصعيد لأربع سنوات، أيام علي بك الكبيرلكن حكمة لم يدوم بعد أن أرسلت إليه تجريدة عسكرية قضت على نفوذه في المنطقة تماما. أما أولاد يحيى والبلابيش فهم أقل مكانة من الهمامية ، لكنهم أيضا يرفضون مصاهرة العرب أو أي عرق أخر لا ينتمي للهوارة. وقد كان هناك صراع مسلح بين العرب والهوارة قبيل ثورة يوليو مباشرة ، مما جعل الملك فاروق وقتها يرسل وزير داخليته المرعب "مصطفى المراغي" باعتباره ابنا من ابنا المراغة بسوهاج وقادر على فهم الناس هناك وهو ما نجح بالفعل فيه. المراقبون يتهكمون على توتر الأوضاع غير المبرر بين العرب والهوارة بالقول أن الثورة لم تصل الصعيد بعد ، فما زالت العصبية العائلية والقبلية تحكم تلك المنطقة خاصة أن معركة 2011 الانتخابية يرفع فيها هنا شعار صوت العرب للعرب والهوارة للهواري ، وقد شهدت كل الانتخابات السابقة صراعا من نوع ما بين العرب والهوارة والأشراف بداية من التنافس المحموم على الفوز بترشيحات الوطني المنحل نهاية بتقفيل الصناديق وتزوير الانتخابات عن طريق السويد ، وصولا إلى الدم ، ولعلنا نذكر هنا مصرع ثلاثة من الشباب على يد عرب قنا في انتخابات 1995 ، كان من بينهم اثنين من ابناء الهوارة هما ابن الإذاعي الشهير "فهمي عمر"وابن شقيقه وصديق لهما ، وعلى الرغم من التقديرات السكانية تشير إلى أن الهوارة يمثلون ثلث سكان جنوبقنا وهم متركزون بشكل أساسي في نجع حمادي وفرشوط وأبو تشت. ويشير المراقبون إلى نجاح جهاز أمن الدولة المنحل والحزب الوطني في زيادة مساحة الشقاق والخلاف ليس بين العرب والهوارة والإشراف فقط ، بل بين العرب والعرب والهوارة والهوارة وهكذا وقد ساهمت انتخابات 2011سيئة السمعة في زيادة بذور الشقاق.