مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الإنتوساي»    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    اختفاء ظاهرة السحابة السوداء بمدن وقري الغربية.. تعرف علي السبب    البنك الأهلي المصري يوقع اتفاقية تمويل مع شركة أبو ظبي الإسلامي    وزيرة التنمية المحلية تشهد توقيع عقد تقديم جمع ونظافة شوارع بورسعيد    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    وزير الخارجية يستقبل نظيره السوداني لبحث أحداث العنف الفاشر    الأحزاب السياسية في ميانمار تطلق حملتها الانتخابية قبل الانتخابات العامة في ديسمبر    وزير الخارجية يستقبل نظيره السودانى    كوريا الجنوبية تستقبل ترامب بتاج ذهبى وحلوى صانع السلام وكركديه.. صور    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    عشرات شاحنات المساعدات تغادر معبر رفح البري متجهة إلى قطاع غزة    تشكيل الزمالك المتوقع ضد البنك الأهلي في الدوري    تقرير- إمام عاشور يعود مجددا.. رحلة البحث عن بريق الأهلي المفقود    رقمان تاريخيان ينتظران صلاح أمام كريستال بالاس    كريستيانو رونالدو يتحدث بعد توديع كأس الملك    أقوال والد الأطفال الثلاثة ضحية جريمة فيصل في التحقيقات: زوجتي هجرتني أكثر من مرة    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    سيدة تحاول إشعال النيران في نفسها بالمحلة الكبرى    دعوة فى تابوت فرعونى ذهبى.. عالم يابانى شهير يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير.. البروفيسور يوشيمورا: الدعوة رمز للتقدير المتبادل بين مصر واليابان.. والمتحف الكبير أعظم الصروح التى رأيتها حول العالم    شاشات عرض بساحة أبو الحجاج بالأقصر لبث افتتاح المتحف المصري الكبير    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وكيل «صحة الإسكندرية» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى الجمهورية العام (صور)    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    تحصين 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية و الوادى المتصدع فى 3 أيام    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مرتجي: ضحيت بمنصب نائب الرئيس من أجل الأهلي    لغز وجود فنانة غامضة في افتتاح المتحف المصري الكبير يثير حالة من الجدل    وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر Going Global بلندن ويجتمع مع الطلاب المصريين الدارسين بالمملكة المتحدة    عودة الساعة القديمة بدءًا من غد.. التوقيت الشتوي رسميًا وتأخير العقارب 60 دقيقة    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    بلد السلام    قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: العقلية المتفرجة!
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 10 - 2011

أجرت مؤسسة أمريكية دراسة عن الخبراء الذين ظهروا فى برامج شبكات الأخبار الأمريكية الرئيسية قبل أسبوع من ضرب أمريكا للعراق فوجدت الدراسة -والعهدة على العالم المفكر نعوم تشومسكى (أحد أهم ناقدى السياسة الأمريكية فى العالم ومعارض صلب لإسرائيل رغم يهوديته)- أن ثلاثة فقط كانوا ضد الحرب على العراق من بين ثلاثمئة وثلاثة وتسعين خبيرا استضافتهم المحطات، ثلاثة يرفضون من نحو أربعمئة يوافقون، إذن كان الاختيار منذ اللحظة الأولى متحيزا لمن يوافق، وكان الاختيار ساعيا كى يظهر الجميع فى درجة الإجماع على الحرب، ومن ثم استبعد من يقول كلاما مغايرا ومخالفا، وفى أى موضوع تافه أو جاد، محلى أو عالمى. ضع على التليفزيون وفى الصحف خبراء يكتبون ويقولون ويكررون نفس الكلام ودع الناس تشاهد وتقرأ وستصدق أى كلام فارغ ما دام يتكرر وما دام وحده على الساحة!!
لذلك عندما أجد الجميع تقريبا يتكلمون فى موضوع واحد بطريقة واحدة وبرأى واحد أشعر أن ثمة خطرا.
بمجرد ما ألاحظ أن ثمة «كورس» يغنى لحنا واحدا فى برامج التليفزيون المسائية أدرك أن ثمة مصيبة.
أسوأ ما يجرى فى حياتنا عندما نقول كلاما متشابها فى موضوع واحد وتكرره ست سبع برامج مع تمن تسع ضيوف أو ست سبع أعمدة رأى على عشرة مقالات فى يومين قل فيها أى أكاذيب فقط بإلحاح وبتكرار وبنفس الأفكار سوف يعتقد الناس أنها الحقيقة!!
هذا ما يجب أن يفهم القارئ أو المشاهد أن وراءه ربما خطة مرسومة (أو عشوائية) وأوامر موجهة ينفذها البعض بالتزام مدفوع، والبعض الآخر يتورط بحسن نية، والإعلام عموما ينتحر حين يمشى مع الرائجة وحين لا يشغل دماغه وحين ينفذ التعليمات، والجمهور يتم تشويش عقله وتشويه رأيه حين يستسلم لما يتردد ويصدقه، لأن معظم من يراهم فى التليفزيون يقولونه. القاعدة فى الإعلام أن الإلحاح هو طريق التأثير على الناس والكذبة عندما تكبر وتتكرر فإنها تتحول عند الأغلب الأعم من جمهور التليفزيون والصحف إلى حقيقة.
نفهم من كتاب الأكاديمى وعالم الاجتماع الأمريكى هربرت شيللر (المتلاعبون بالعقول) أنه عند وقوع أزمة فعلية أو كاذبة أو مفتعلة ينشأ جو هستيرى محموم بعيد تماما عن المعقولية، يؤدى إلى الإحساس الزائف بالطابع الملح للأزمة المترتب على الإصرار على فورية المتابعة، كما يؤدى إلى النفخ فى أهمية الموضوع، ومن ثم تكون الخطوة التالية هى إفراغه من أهميته ونتيجة لذلك تضعف قدرة الجمهور على التمييز بين درجات الأهمية، فالإعلان متلاحق السرعة عن تحطم طائرة، وعن هجوم إرهابى وعن جريمة ما واختلاس وعن إضراب وعن موجة الحر أو البرد يتحول العقل إلى غربال تصب فيه التصريحات والإعلانات، أقلها مهم وأكثرها لا أهمية له، وهكذا يبقى الجمهور فى دوامة من الأحداث والتدفق والإغداق، ولا يجد فسحة للتأمل والتفكير والتحليل، ويقدم إليه الوعى جاهزا، ولكنه وعى مبرمج ومعد مسبقا باتجاه واحد مرسوم، وعندما يجد البعض فرصة للتساؤل والشك فإنهم يتحولون إلى أقلية تفكر عكس التيار وتخالف المجموع العام، ويبدون مغفلين ومجانين ولا يفهمون، وقد يضطرون (وهذا ما يحدث غالبا) إلى إخفاء تساؤلاتهم وقناعاتهم وهاتف ضميرهم، ويتظاهرون بأنهم مثل كل الناس، ويقتلون بالتدريج ملكة التساؤل والضمير المزعج).
المشكلة عندما يصدق الناس كذب الإعلام وعندما ينساق الإعلام إلى غوغائية وغرائز الناس، هذا التضليل لا يختلف فى الدول الكبرى أو الصغرى ولا فى الصحافة المملوكة للدولة أو الصحف الخاصة، فيمكن للدول الكبرى أن تستخدم الإعلام فى لحظات الاحتياج الكبرى له وملّاك هذه المحطات بشكل أو بآخر وبدرجة أو بأخرى يخدمون نفوذهم ومصالحهم قبل أن يخدموا وطنهم، ثم هناك من يتصور أنه وطنى وصاحب رسالة، لكنه يحول بلده إلى جحيم لمجرد حماقة جاهلة يؤمن بها.
الأمر أنيل فى مصر، فوسائل الإعلام مملوكة مباشرة للدولة ومن يعمل بها موظف فى خدمتها وتحت أمرها ولا تُبرَّأ الصحف الخاصة والفضائيات ومواقع الإنترنت من اختلاط أهواء وأغراض (وأمراض) أصحابها أو القائمين عليها مع المادة التى يقدمونها للقراء أو المشاهدين، فينتهى الأمر بتزييف وعى وإضعاف مناعة النقد والتفنيد والتحليل للعقلية المتفرجة!
وقد تعتقد أن هذا كله انتهى بنهاية عصر مبارك ويقظة المصريين، لكن تصدمك نظرية المفكر البرازيلى «باولو فريرى» الذى يقول «إن الحكام لا يلجؤون إلى التضليل الإعلامى إلا عندما يبدأ الشعب فى الظهور -ولو بصورة فجة- كأصحاب إرادة، أما قبل ذلك فلا وجود للتضليل -بالمعنى الدقيق للكلمة- بل نجد قمعا شاملا، إذ لا ضرورة لتضليل المضطهدين عندما يكونون غارقين لآذانهم فى بؤس الواقع».
ما كان فى عصر إعلام مبارك كان قمعا إذن وما بعده يكون تضليلا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.