دفاعا عن فيسبوك وتويتر والمنتديات.. نحن قوما عندنا من المواهب اكثر من غيرنا ودخلنا مرتفع اكثر من غيرنا ونملك من الوقت والمال والجهد ما يكفي لنا ولأسرنا اكثر من غيرنا و لم نكن نشتكى من شظف العيش ولا قلة الكرامة ولا انعدام المستقبل قبل او بعد الثورة واسهل ما علينا ان نركب عبائة اى نظام سابق كان او لاحق لنصل الى حياة كريمة ومريحة (نحياها بالفعل) ذلك اننا اقل الناس حاجة الى ثورة واكثر الناس انتفاعا بالحياة بما وهبنا الله به من نعم. ومع هذا ثرنا على الظلم الذى لا يمسنا مباشرة بل يمس من حولنا، وضد المهانة التى لا تصيبنا من قريب او بعيد بل تصيب بنى وطننا، وضد الفقر الذى لا نحياه ولكن يعيشه اهل بلدنا وضد القمع الذى تخلصنا منه بالفعل على الفيسبوك والتويتر ولكنه يمحوا شرائح من جيلنا، وضد التوريث الذى كان ممكن ان ينفعنا لكن يعود بالبلد الى حظيرة السلطان والمفعول به. ثرنا ضد الأنبطاح امام اسرائيل مع اننا لا نقتل على الحدود ولكننا نصيف فى الساحل ونشتى فى شرم والغردقة. ثرنا ضد هيمنة امريكا على مقدراتنا وقرارنا مع ان بوسعنا ان نهاجر اليها ونعيش هناك حياة رغدة ورحبه ولكننا أثرنا ان نبقى ونغير. لقد جاء الوقت الذى تحول فيه الفيسبوك والتويتر من اداة حركة الى اداة اتهام، واصبحنا نتهم باننا منفصلون عن الشارع وعن مشاعر الناس. وانا لا اعرف ماذا اسمى هذا الا بأن هذا هو "الجهل" بعينه الذى ثرنا ضده... لاحظ، ان الناس عندما رأتنا فى الشارع ليلة 25 يناير، ادركوا ان نوعية المتظاهر المصرى اختلفت وان هذه المظاهرات أتت بنوعية جديدة من المصريين ذات دخل مرتفع وتعليم رفيع واسر ميسورة الحال وهي جماعات غير مسيسة. كل من نظر اليهم آدرك ان شمعة الأمل والمستقبل قد أضأت ليل القاهرة.... مكناش اول ناس تهتف بسقوط النظام لكن كان صوتنا اعلى صوت. لنا حلم واحد اننا نعيش كلنا "عيشه فل" وان نبنى وطنا يليق "بمصر" و يتسع لنا جميعا... الحرب النفسية الآن مشتعلة ضدنا فى كل مكان. الأتهامات تحولت من تفهات كانت تقال قبل الثورة من عينة "الله اعلم بيعملوا ايه على النت! وبيضيعوا وقتهم فى ايه! وبيجروا وراء العلاقات!" الى اتهامات بمصطلحات اكثر فتكا وان لم تقل تفاهه من عينة "منفصلين عن الواقع" و "مدربين بره" و "مين بيمولهم" و عملاء "لأمريكا واسرائيل". كيف نكون عملاء لأمريكا وأسرائيل ويكون دورنا هو حرمان امريكا واسرائيل من كنزها الأستراتيجيى الماسك بمقاليد الحكم بمصر؟ هل يا ترى كنا نمول من الخارج من الشرق ام من الغرب ام من الخليج ام من ايران؟ الشاهد ان المتضررين من ثورة مصر هم كل الممولين المحتملين، فيا ترى هل كان الناس تمولنا من اجل الأضرار بهم؟ ام ان المنطقة أرادت ان تدخل فى دوامة عدم الأستقرار بأحداث زلزال فى مصر. أما عن الواقع! نعم كنا نعيش فى عالم الخيال وبنينا فيه رؤية مختلفه وناضجة وحالمه لصورة مصر التى نتمنها. وعندما لمس عالمنا الخيالى الحياة الفعلية المصرية تغير الواقع نفسه ولم يسقط خيالنا... الآن الأتهامات تتجه الينا بلغة الواقع و تقول اننا السبب فى التدهور الحادث فى البلد فى شتى المجالات. نسي الذى يتهمنا بأنه لا يوجد عندنا انفلات امنى ولكن يوجد شرطه لا تعمل، فهل امرنا نحن الشرطة بالهروب مرة والتكاسل مرات؟ لا يوجد عندنا خراب اقتصادى او حتى مالى ولكن يوجد مناخ مثير و محفز للأحباط والسلبية، فهل كان أملنا فى التغير هو سبب الأحباط؟ ام ان جهة ما مسؤلة عن الدولة لا تعرف كيف تدير الأقتصاد؟ لا يوجد عندنا مظاهرات تعطل الأنتاج وانما الظلم هو الذى يعطل الأنتاج ويجلب الفوضى. لقد كان دائما العدل هو الكفيل باستقرار المجتمع (وفى التاريخ العبرة، راجع ما قاله عمر ابن عبدالعزيز للوالى الذى طلب مالا ليبني سور حول المدينة لصد هجمات الأعداء، فقال له عمر: حصنها بالعدل). كيف تتهم مظاهرات الجمعة بأنها تعطل البلد وتجلب الفوضى؟ هل عشت فى مصر قبل الثورة؟ هل كانت شوارع مصر يوم الجمعة قبل الثورة منفجره بالحركة ام مائلة الى السكون التام الى وقت العصر بأستثناء صلاة الجمعة؟ وهل نعتبر حركة المتظاهرين يوم الجمعة بمثابة سياحة داخلية تنشط الأقتصاد؟ ام ان المتظاهرون يذهبون ويعدون بدون صرف مليم طول اليوم؟ ثم كيف نتهم بأننا وراء التراجع الأقتصادي فى نفس الوقت الذى تستهدف فيه الدولة وبكل امكانيتها "الأجانب" خاصة الصحفيين؟ لقد اعلنت عدد من الدول والهيئات الدولية مرارا عن تقديم مساعدات لمصر لتعود الى وضعها الطبيعي، فلماذا يا ترى لما تأتى هذه المساعدات؟ هل لأن الثوار لم يصلوا للحكم بعد! ام لأن القائم على الحكم ليس طرف مقبول لدى الممولين؟ ام ان الممولين انفقوا بعض من اموالهم بالفعل على اختراق الثورة والثوار واستغلالها لصالحهم وبالتالى لم يعد هناك حاجة الى مساعدات كبير؟ لا أسئل لماذا تنطلق المدافع من كل صوب بأتجاهنا حتى من داخل الفيسبوك والتويتر نفسه! ولا أسئل من له مصلحه فى أعادة تهميش أكثر من 8 مليون مصرى على الفيسبوك و التويتر (اكثر من 10% من الشعب). فقط انوه الى اننا نمتلك مضادات طبيعية وحيوية لنواجه بها هذه الهجمات! سلاحنا الأول هو سلاح النكتة التى كانت دائما الملجاء الأقوى للمصريين لمواجهة اى حرب نفسية تطلق عليهم. خذ عندك مثال.. جماعة حشاشين (حكومه) قاعدين فى الخيمة بيحششوا.. خلص الكبريت اللى معاهم "فبعتوا" واحد يشترى كبيرت. الراجل خرج من باب الخيمة ومن كثر سطلته دخل من الباب التانى وسأل الناس اللى فى الخيمة "عندكم كبريت".. قالوله "أقعد هنا.. احنا بعتنا نجيب كبريت" وهكذا تدور الحكومة على محاور الأستقرار و لقمة العيش (يا خسارة).... شوف دي بقى! ذهب جمع من الحمير فى مظاهره كبري واحدثوا ضجيج هائل امام مقر الحكم فخرج اليهم الحرس وقالوا "ايه الحكاية"... فتكلم الحمير جميعا ولم يفهم الحرس اي شيئ من الضوضاء. طلب الحرس من الحمير تشكيل وفد مكون من ثلاثة ليتحدثوا مع الحاكم عشان يعرضوا شكواهم. بالفعل اختار الحمير ثلاثة وذهبوا للحديث نيابة عن الحمير.. ثم مكثوا وقت طويلا جدا حتى "زهقت" الحمير بالخارج وثاروا مرة اخرى واحدثوا ضجيج بشع.. فخرج اليهم وفد الحمير من الداخل وقالوا "يا جماعة بالرحة.. احنا بنفهمهم"... لا يمكن ان تحدث تغير فى عالم الواقع الا لو سبقه تغير فى عالم الآفكار....