في ذكرى انتصارات أكتوبر، البحوث الإسلامية يطلق حملة "أمَّة لا تُقهَر" لغرس الانتماء الوطني    انطلاق أولى اجتماعات مناقشة اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    قبل إعلان الجدول الزمني، الخريطة المتوقعة لمرشحي الأحزاب بانتخابات النواب    ارتفاع الصادرات الزراعية المصرية إلى 7.5 مليون طن منذ بداية 2025    بداية العمل بالتوقيت الشتوي في مصر 2025.. الموعد والفرق بين مواعيد المحال التجارية    عيار 21 يقفز.. تعرف على أسعار الذهب اليوم في محلات الصاغة    استقرار نسبي في أسعار الفراخ بمحافظة المنيا يوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    الإسكندرية تتوج بجائزة "Seoul" للمدن الذكية عن مشروع "إحياء منطقة طلمبات المكس"    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون المشترك مع فرنسا    وزير الخارجية يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الهولندي    رئيس الوزراء الكندي يلتقي مع ترامب في البيت الأبيض الثلاثاء المقبل    منتخب مصر يفوز على تشيلي ويحيي آماله في مونديال الشباب    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    الزمالك في اختبار صعب أمام غزل المحلة لاستعادة صدارة الدوري    انخفاض الحرارة وسقوط أمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس أكتوبر وتحذر من الشبورة    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    بسم فئران.. التحقيق مع متهمين بتسميم كلاب في حدائق الأهرام    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 662 بلاغا واستغاثة خلال سبتمبر    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    «الصحة» تطلق برنامجًا تدريبيًا لرفع كفاءة فرق الجودة بالمنشآت الصحية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يعلن نجاح أولى عمليات زراعة القوقعة بمستشفيات الهيئة في أسوان والسويس    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الأفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    رئيس الاتحاد يتكفل بإيواء وتعويض المتضررين من سقوط عقار غيط العنب بالإسكندرية    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الدائري بالفيوم    8 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي على مدينة غزة وخان يونس    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    الجيش المصري.. درع الأمة في معركة الأمن والتنمية    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    سعر الجنيه الذهب في السوق المصري اليوم يسجل 41720 جنيها    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمل فوزي تكتب : هو إحنا نستاهل الحرق؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 12 - 02 - 2010

في بعض الأوقات يحرضني تفكيري وخيالي الشرير علي ممارسة الSelf Defence أو الدفاع الذاتي، والشر ليس موقعه في محاولة حماية نفسي، ولكن الشر الحقيقي هو كيفية حماية نفسي من الألم، أو بمعني أدق من التورط في مشاعر تصيبني بالعجز وقلة الحيلة.
ولا يوجد أكثر من محن وكوارث هذا البلد الذي يفترس الفساد فيه ناسه ومواطنيه، خاصة البسطاء منهم لكي تتورط وجدانياً لدرجة الاكتئاب، أضف إلي ذلك أننا كشعب لا يتمكن من التقاط أنفاسه إلا وتأتينا كارثة جديدة من حيث لا نعلم، حريق قطار، غرق عبارة أو حتي معدية وفقدان من عليها، انهيار منطقة عشوائية علي سكانها، وفاة مواطنين بسبب « شوية مطر وسيول»....إلخ.
ومثلي كمثل ملايين المصريين، ما أن تقع الكارثة إلا ونشعر جميعا بالوجع وبالغضب وبالعجز وبفقدان الأمل في هذا الوطن، ونردد « عليه العوض ومنه العوض فيك يا مصر». ولكن تبقي ميزة الكوارث في بلادنا أنها لا تستمر طويلاً أو بمعني أصح، فقد أنعم الله علينا بنعمة النسيان السريع الذي لا يجعلنا «نلت ونعجن» في مصيبتنا، لأن مصائبنا متنوعة، وتبقي كلها كالملفات المفتوحة التي لم تغلق بعد. فالأغذية المسرطنة مازالت موجودة ونأكلها...ومازال الملف مفتوحاً، والمحاصيل الزراعية مازالت تروي بماء الصرف الصحي، وهدأت الهوجة ولم نسمع عن وقف هذه المهزلة الإنسانية وكأننا تقبلنا الأمر الواقع ورضينا به، وكثيرة هي الأمور والمصائب التي رضينا بها وتعاملنا معها بمنتهي طيب الخاطر، ذلك الأمر الذي سمح لأصحاب الخيال الشرير مثلي أن ألقي باللوم أحياناً علي الناس، لا لأنني منتظرة منهم ثورة شعبية ولكنني أستاء وأغضب من شعب ومجتمع ذاق طعم الظلم والقهر و الفقر والمرض والفساد والاستغلال، ومع هذا يمارس نفس السلوك البغيض تجاه نفسه وتجاه زميله وجاره وابنه وزوجته وتجاه كبار السن والمعاقين والأطفال، أمارس الدفاع الذاتي عن نفسي باتهام أو بوصف هذا الشعب بجملة «كما كنتم يولي عليكم»، وقد تتصور أن اعترافي هذا منتهي القسوة واللارحمة، وهذا صحيح، لأن المجتمع ذاته أصبح قاسياً غير رحيم..
ماذا حد ث لمجتمعنا أو كما بحث وحلل مفكرنا الكبير د/ جلال أمين في كتابه «ماذا حدث للمصريين؟»، إلا أن الألغاز مازالت معقدة وغير مفهومة، وأنا كمواطنة تنتمي لهذا المجتمع أشعر أنني لا أفهمه، لا أدري إذا كان مجتمعنا غير رحيماً أم عاطفياً، طيباً أم شريراً، قوياً أم ضعيفاً، غبياً أم ذكياً، مؤدباً أم منحلاً ومنفلتاً، مجتمعاً فاسداً أم شريفاً..... «كل ما سبق تساؤلات عن الناس في مصر، لا الحكومة والمسئولين لأنني أظن أن الكثيرين منا لديه إجابة واضحة وحاسمة عن توصيف الحكومة»... أتحدث عنا كمجتمع إنساني... من نحن؟ سؤال لا أجد له إجابة مؤكدة.
لماذا كل هذه التساؤلات تطرأ فجأة إلي ذهني؟
لماذا أحاول أن أقحمك معي في تدريبSelf Defence الذي أمارسه مع نفسي فيما يتعلق بعلاقتي مع المجتمع؟
لأنني يوم السبت الماضي قرأت خبراً أو بمعني أوضح حادثة منشورة في جريدة الدستور «الصفحة الثانية» (حريق داخل حضانات الأطفال بمستشفي شبين الكوم يتسبب في حرق طفلة حديثة الولادة).
يا الله... أي دفاع ذاتي هذا يصلح ويناسب هذه الحادثة البشعة المؤلمة، والأكثر فجيعة هي تفاصيل الواقعة، حيث اضطرت طبيبة الأطفال أن تضع الطفلة علي جهاز التدفئة الخاص المسمي «السيرفو»، لأنها لم تجد حضانة خالية ولإنقاذ الموقف وضعتها مؤقتاً علي جهاز التدفئة وتم توصيل الأكسجين للرضيعة، ويذكر الخبر أن الخرطوم البلاستيك الخاص بأنبوبة الأكسجين كان موضوعاً علي جهاز التدفئة مما أدي إلي اشتعاله واحترق جسد الطفلة الرضيعة كله، لدرجة أن الممرضة خرجت من الغرفة وهي تحمل الرضيعة مشتعلة خارج الغرفة.... إلي نهاية تفاصيل الخبر والذي انتهي بجملة «وتم تحرير محضر إداري وتولت النيابة التحقيقات».
لن أحكي لكم عن مشاعري حتي لحظة كتابة هذه السطور، لأنها قد تكون بديهية واعتقد أنكم تشعرون بها أيضاً، ولكن المهم هو أنني شعرت بالغضب وبشكل لا إرادي «اتهمت الطبيبة والممرضة والنظام الطبي والعلاجي ووزارة الصحة والحكومة والعيشة وإللي عايشينها، ولا أنكر أنني حتي انتقدت موقع الخبر وقلت في نفسي: إزاي ما يكونش صفحة أولي ومانشيت رئيسي، فهذا الخبر وتلك الكارثة لا تقل أهمية صحفية.
«من وجهة نظري المتواضعة» عن أي خبر يتصدر الصفحة الأولي... محدثة نفسي أن هذا الحادث لو كان وقع في أي بلد أوروبي أو في أمريكا لقامت الدنيا ولم تقعد. والفرق أنه في مجتمعنا... أن الدنيا كلها تقوم ويبقي مجتمعنا «قاعد ونايم وبيشخِّر» (بتشديد الخاء).
قررت أن أتحدث مع صديقتي طبيبة الأطفال لأسألها عن الموقف العلمي والطبي السليم لهذا الحادث ولأعرف منها «من المسئول في مثل هذه الحالة؟».
أدهشني أنني كنت أحكي لها بمنتهي الفزع عن الحادث وكأنني كنت أنتظر منها أن تصدم وتنهار، لكنها سمعت القصة وبدأت تفسر لي الموقف العلمي بمنتهي الهدوء قائلة: الدكتورة حطت البنت علي جهاز السيرفو «التدفئة» كحل مؤقت لأن فيه أوقات كتير بيجي لنا أطفال محتاجين حضانة ولو مفيش واحدة متاحة بنحط الطفل علي جهاز التدفئة، بس ده مش بديل للحضانة، دي دفاية عادية بس مخصوصة للأطفال وزيها زي أي دفاية بتسخن، لما خرطوم الأوكسجين إتحط عليها ساح واشتعل، وعمل المشكلة دي، بس ده إهمال من الممرضة، كان لازم تاخد بالها!!!
وأكملت صديقتي حديثها عن المشاكل الكثيرة المتعلقة بالحضانات وعدم توافرها وضرورة إيجاد حلول سريعة بديلة و ليست مؤقتة....
انتبهت قليلاً لحالتي التي جعلتني لا أريد سماع ما تقوله صديقتي والذي ربما يكون هو الأهم، لأنه المفسر لهذا الواقع البشع بكوارثه وحوادثه التي يدفع ثمنها أحياناً أطفال أبرياء لم يعرفوا شيئاً عن الحياة سوي أنهم صرخوا صرخة استقبالهم لحياة منذ أيام وربما ساعات!!.
ويبقي السؤال... هل سنسمع شيئاً عن هذا الحادث.. أغلب الظن لا.. حتي وإن تعرضت له أي وسيلة إعلامية سيكون مجرد متابعة سريعة، ويبقي ملف احتراق الرضيعة التي - لا نعرف حتي اسمها أو التي لم يسمها أهلها بعد - ملفاً مفتوحاً أيضاً بجوار ملفات هذا المجتمع «الخربان المسكين».
أي دفاع ذاتي هذا الذي أحاول تحصين نفسي به للإفلات من الشعور بالوجع من كثرة مصائب مجتمعنا؟
تذكرني حالتي تلك - والتي أظن أنها ليست شعوراً فردياً - بكلمات الشاعر الجميل مجدي نجيب عندما كتب عن وجعه بعد أحداث قانا وقد كتب قصيدة تقول بعض أبياتها:
«ما تتحرق بيروت وناس بيروت والذكريات، ما يحرقوا الأطفال وشجر التوت والأمسيات ما يحرقوها، يولعوها، يدفنوها ويدفنونا...، ما إحنا نستاهل نتعجن بالمعجنة ونموت».
هناك شعوب يحترق ناسها وأطفالها بنيران العدو.. وهناك شعوب يحترق أطفالها وناسها وأهلها بنيران الفساد والإهمال والخراب و.......
هو إحنا نستاهل الحرق؟!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.