تتعرض ثورة 25 يناير المصرية اليوم لإحدى حالات الاستهداف وذلك باللعب على وتر الفتنة الطائفية المأمول من خلالها وضع المجتمع المصري بأسرة في مواجهات قد تعصف بثمار هذه الثورة العظيمة، فما حدث في ماسبيرو ما هو إلا محاولة فاشلة لضرب نسيج المجتمع المصري المترابط وضرب هذه الثورة في باكورة ثمارها، وغيرها من النجاحات التي تحققت خلال فترة وجيزة من قيام الثورة، وبلا شك أن الاستهداف لثورة 25 يناير يأتي ضمن مخطط خارجي مرسوم لقلقلة الأوضاع الداخلية وإحداث حالة من الاضطراب ودفع البلاد نحو حمى الفتن الطائفية التي لا يمكن التنبؤ بمداها وخطورتها على المدى المنظور نظرا لما تمثله مصر من إرث تاريخي وموقع جغرافي ومكانة سياسية وثقافية وأيديولوجية للأمة العربية وخاصة بعد نجاح الثورة في إحداث انقلاب على واقع الذل والخنوع والاستسلام الذي فرضه نظام الرئيس السابق على الأمة العربية قاطبة، ولكن لن يجد أعداء الثورة طريقهم لشق تلك الصفوف المليونية التي تجمعت قبل أيام في ميدان التحرير على قلب رجل واحد، فالمسلم والمسيحي يتعاضدون ويحمي كل منهما الآخر فقد دافع المسلم عن كنائس أخوته الأقباط ودافع القبطي عن مساجد المسلمين في مشهد سام عظيم، ولكن مصر اليوم وبعون الله ستظل رأس الحربة العربية ضد أعداءها والمحور الذي يقود العرب ويتطلع العرب بجميع أطيافهم إليها طالما ضمت بين أحضانها ذلك الشعب الكبير المترابط الذي علمنا التاريخ دائما أنه قائد التغيير في المنطقة وذلك على مر التاريخ ولن تتسلل إليه حمى الطائفية التي تدمر المجتمعات والشعوب وتعصف بالاستقرار وتقود نحو مستنقعات المجهول . الاستهداف المصوب على مصر ليس جديدا على مصر فخلال فترة ما بعد الاستعمار أخذ أشكالا متنوعة مثل الحروب ومحاولة ضرب الاقتصاد المصري ثم المحاولة الأخطر عندما فصلت مصر عن عمقها الاستراتيجي العربي وصولا إلى المرحلة الأشد خطورة عندما ساد التعاون والتنسيق مع العدو الصهيوني والتي استثمرها العدو الصهيوني من خلال تسرب عناصر استخباراته (الموساد) في عمق الساحة المصرية واخترق أغلب المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، وهو ما عبر عنه رئيس الموساد السابق عاموس يادلين في تقريره الأخير عندما أفتخر بما تحقق خلال فترة رئاسته لجهاز الموساد حيث ذكر في التقرير " أن الموساد تمكن خلال الفترة الأخيرة منذ عام 1979م وحتى اليوم من اختراق جميع الدول العربية المجاورة بصرف النظر عن مدى علاقاتها بإسرائيل، وأكد على أن مصر هي الهدف الأول في المنطقة وأن الموساد تمكن من اختراق مصر في مختلف المجالات، وأنهم مازالوا يعملون على إحداث فتنه طائفية بين المسلمين والأقباط بشكل يجعل أي نظام يخلف نظام مبارك لا يقوى على الحفاظ على استقرار البلاد، وأنهم ماضون في زعزعة الأوضاع في مصر" إذن طالما كان الاستهداف هكذا في الأجندة الصهيونية وطالما كان العدو الصهيوني يرمي إلى إحداث مثل تلك الفتن الطائفية التي جربها في العراق ولم ينجح وما زال يحاول بثها في جميع الدول العربية دون استثناء، فذلك يعد مؤشر على أن المستفيد الأكبر في محاولات تفجير الأوضاع الطائفية في مصر هو الكيان الصهيوني ولكن ثقتنا بالأشقاء من أبناء الشعب المصري هي أكبر من أن تزعزع بهذه المحاولات الدنيئة. أن التاريخ العربي والإسلامي شهد على روح العلاقة الأخوية الوطيدة والتضحية التي قدمها المسلمين والمسيحيين بالدفاع عن حياض الوطن العربي خلال جميع المراحل التاريخية، ولن ينسى العالم ذلك التلاحم الذي قدمه الأخوة الأقباط والمسلمين إبان ثورة 25 يناير وما زالت تلك الروح تسود المجتمع المصري رغم انف الحاقدين، والآن وبعدما حدث في الماسبيرو على جميع أبناء الشعب المصري اليقظة والحذر لما يحاك ضدهم من محاولات لضرب وحدة التراب الوطني المصري من أجل إشعال فتيل أزمة طاحنة وفتنة طائفية خطيرة ستأكل الشعب معها إن لم يتدارك الجميع أبعادها، وبالتالي فلابد من تغليب لغة العقل والتزام الهدوء وضبط النفس والتصدي بقوة لمنع إحداث ذلك الانفلات والتوتر الذي يهدف العدو من خلاله التفرقة وضرب نسيج الوحدة الوطنية، وقد أثبت أبناء الشعب المصري العظيم مسلمين وأقباط تلك الروح السامية متيقظين لخطورة تلك المحاولات، وتاريخ الحضور القبطي في المشهد الوطني المصري أعظم من أي محاولة يرمي إليها الأعداء، وهو ما يجعل أبناء العرب جميعا مطمئنين على ارض الكنانة وهبة النيل حيث تهفو إليها قلوب العرب، لذا فلا تحققوا للعدو مراده بل اثبتوا أن التاريخ المصري كان وما زال يتحدث عن الأسرار الفريدة التي تحكم العلاقات بينكم ولا بد أن يسجل لكم من جديد سمو العلاقات التي تجمع الأقباط والمسلمين للابتعاد عن شبح الفتنه ويظل الاستقرار سائدا بين مختلف شرائح المجتمع المصري، وتغليب لغة الوطن على أي لغة أخرى.