مصر ليست في خِيرة من أمرها بشأن إيجاد حلول عاجلة وخطط آجلة لتحسين وتأمين قطاع غزة ,والمساهمة في توفير حياة كريمة آمنة لكل غزاوي.ومصر ليست في خِيرة من أمرها بشأن متابعة وملاحقة والقضاء على بعض العناصر المرتبطة تنظيميا وإثميا وشرورا برجل إسرائيل محمد دحلان سواء في قطاع غزة أو داخل الأراضي المصرية, وإلا فالقلق سيطال الجميع ولات ساعة مندمِ ولا عتاب أو كما قال نزار: يا من يعاتبُ مذبوحاً على دمهِ ونزفِ شريانهِ، ما أسهلَ العتبا حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ على عنقي من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟ ومن ذا الذي يعاتب مُحَاصرا لو زحزح قيوده قليلا لعل بعض هواء يمس جلد لا يكاد يرى شمس الإنسانية. هذه غزة وهذه قنبلة الغاز والبشر والحجر الموقوتة و آية الصبر وحديث الرباط ليوم القيامة,وأن تعيش في غزة فأنت إنسان فوق العادة,وغزة شريط ساحلي رفيع فقير لا سمين فتطمع فيه إسرائيل,ولا هو وعر فتجتنب استهدافه,هي صفيح ساخن و آلام بشر وهي الجوار الجغرافي والامتداد التاريخي والمستقبلي. صداع في راس إسرائيل,وبعضنا يذكر حديث إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل وقتها للرئيس الفرنسي جاك شيراك :"إنها صداع في رأسي وكابوس متكرر ينغص منامي فكم مرة أقوم فزعا من النوم بسبب غزة إنها تكلفة وفاتورة إضافية ..كم أتمنى لو استيقظت وقيل لي ذات صباح إن غزة قد ابتلعها البحر". هذه غزة وجع في جسد الكيان السرطاني ,لا تمثل له غير الأعباء وتوقع الخطر والهجمات الصاروخية ومشاريع الشهداء الفدائيين. كما أنها كدولة احتلال مسؤولة بشكل أو بآخر عن الحياة في قطاع يتكاثر سكانه كل يوم فيما يمثل تهديدا ديموجرافيا و وقنابل بشر عنقودية. أثناء الحرب على غزة ,قُدر لي الاقتراب حتى معبر رفح وشاهدت فوق رأسي الطيران الإسرائيلي داخل الفضاء أو المجال الجوي المصري يلف للمناورة ثم أسمع صوتا لا وصف له –والله حتى لو شبهته بالرعد- من شدته وبعدها بلحظات أرى القنابل الفسفورية تتجه نحو أجساد صابرة راضية منصورة على الرغم من تلقيها الهزيمة,كتبت يومها في مفكرتي الصغيرة:"قنابل الفسفور على مرمى مئات الأمتار..ياألله كم هي صعبة عيشة السعداء". كانت غزة قبل عام سبعة وستين قطاعا إداريا تابعا لمصر ويحكمه حاكم عسكري مصري,ثم ابتلعتها إسرائيل فيما ابتلعت ولولا أنها في الطريق إلى سيناء ما أخذتها,ولولا أنها مسافة فاصلة مع مصر ما أبقت على احتلالها.وإسرائيل لديها خطط معلبة لتصدير عبء غزة باتجاه مصر إداريا أو حتى بالعمل على تدفق مئات الآلاف من اللاجئين على سيناء. والحل هو أن يكون العمل على تخفيف وإنهاء معاناة الغزاويين في صدارة كل مخطط أو حاكم لمصر .... فالرجل الذي لا يجد الحليب الصناعي لرضيعه وقد أقعدته الإصابة والحصار والفقر,لا لوم عليه لو حفر نفقا أو صب غضبه باتجاه أخيه الذي ينام وجاره جائع خائف مظلوم.