مونتينيغرو: يصف ضابط مدفعية سابق من البوسنة ضمن تقرير نشرته مجلة "تايم" الأميركية في عددها الأخير ظروف واسباب بدء انهيار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي ومن بينها خلافات بين اثنين من ابنائه والتسيب الاخلاقي في اوساط اقاربه واقامتهم حفلات فيها نساء وكحول ومخدرات رغم اشتداد الحرب الاهلية في البلاد، اضافة الى تدني مستوى تدريب المرتزقة الذين جندهم النظام من بلدان مجاورة. وفي ما يأتي نص التقرير الذي كتبه جوفو مارتينوفيتش:"منذ البداية احس ماريو، وهواختصاصي مدفعية كرواتي الاصل من البوسنة بأن القضية خاسرة. قال ماريو الذي تحدث مشترطاً عدم نشر اسم عائلته: "كان معظم رجالي من جنوبي ليبيا، وكان هناك قلائل آخرون من بلدان الى الجنوب من ليبيا". كان نظام القذافي قد جند هذا المقاتل المخضرم الذي شارك في حروب يوغوسلافيا السابقة للمساعدة في محاربة الثوار ثم، لاحقاً، حلف شمال الاطلسي (ناتو). وقال: "الانضباط كان سيئاً، وكانوا اغبى من ان يتعلموا اي شيء. لكن الامور كانت على ما يرام الى ان بدأت الضربات الجوية. كان الجانب الآخر سيئاً بدرجة مساوية، ان لم يكن اسوأ. القذافي كان سيسحق المتمردين لو لم يتدخل الغرب". قال ماريو انه بحلول 30 تموز (يوليو) كان اكثر من 30 في المائة من الرجال تحت امرته قد فروا او انضموا الى جانب الثوار. وسجلت صواريخ "ناتو" ضربات عديدة مباشرة ضد قواته مسببةً "خسائر كبيرة" في الارواح. وتبع قائلاً انه عند تلك النقطة في الحرب "لم يعد للمعدات العسكرية ذلك الدور (الذي كان لها في السابق). وكان علينا ان نستخدم التمويه ونتجنب الاماكن المفتوحة". قال ماريو، 41 عاماً، انه بعيداً عن الجبهة، وفي قلب نظام الحكم، زاد انعدام الثقة والتجاوزات من ضعف قبضة القذافي على زمام السلطة. وروى ان: "الحياة في مجمع (القذافي) وملاجئه كانت سوريالية، بوجود حفلات، ونساء، وكحول ومخدرات". واضاف: "اخذني احد اقارب القذافي الى احدى فيللاته وعرض علي اي شيء اريده. سمعت قصصاً عن اطلاق الرصاص على اشخاص للتسلية وعن اجبارهم على لعب الروليت الروسي بينما كان متفرجون يجرون مراهنات، كما يحصل في الافلام". ساهم التوتر بين اثنين من ابناء القذافي في تأجيج الشعور بان قضية القذافي اصبحت محتومة. وقال ماريو، وهو في طريقه من مدينة سبها الجنوبية الى حدود ليبيا مع النايجر: "لاحظت المنافسة الشديدة بين ابني القذافي. وفي ذات مرة كاد الامر ان يصل الى حد الصدام المسلح بين رجال محمد ورجال سيف (الاسلام). شاهدت مجموعة تحقق مع فريق اخر تحت التهديد بالسلاح، وبعد ذلك وصل المزيد من افراد الفريق الاخر مدججا بالسلاح، واستمرت المواجهة لبضع دقائق وشتم الجانبان بعضهما البعض". واعرب ماريو عن تقديره واحترامه لسيف الاسلام، ابرز ابناء القذافي، الذي اقام لنفسه العام 2009 حفلة بديعة في ذكرى عيد ميلاده ال37 على شاطىء جمهورية الجبل الاسود التي كانت احدى الجمهوريات اليوغوسلافية، وهي احد المواقع البهيجة الجديدة في اوروبا لكبار الاثرياء. وتعود الروابط بين عائلة القذافي ويوغوسلافيا سابقا الى ايام جوزيف بروز تيتو، الزعيم الشيوعي اليوغوسلافي الشهير الذي كان صديقا وحليفا للقذافي. وقال ماريو ان القذافي استخدم عددا من المقاتلين اليوغوسلاف السابقين، ومعظمهم من الصرب، لمساعدته في قتاله ضد ائتلاف "ناتو" والثوار. واضاف ماريو ان المستشارين والقادة الاجانب غادروا طرابلس الواحد اثر الاخر، وانضم اليهم عدد من كبار الشخصيات الليبية. وقال ماريو: "لاحظت ان العديد من الليبيين كانوا يتظاهرون بالولاء بدافع الخشية، لكنهم كانوا يسعون لايجاد وسيلة للانقلاب ضد القذافي. وقال لي كثير من الضباط انهم يدركون ان لا قبل لهم بمواجهة "ناتو"، وقال لي احدهم انه "يتصل بالشخصيات في بنغازي" التي تعتبر معقل الثوار شرق البلاد. غادر ماريو طرابلس قبل 12 يوما بعد ان تسلم تحذيرا من احد الرفاق، وقال "ان الصديق الذي احضره الى هنا قال له قبل اسبوعين ان عليه ان يغادر طرابلس، لان الامور تتغير بسرعة وان صفقات قد أبرمت". ولاحظ ان المرتزقة الجنوب افريقيين الذين كانوا يعملون لدى القذافي بدأوا في الفرار من طرابلس. "حاولت ان اتصل بسيف قبل ذلك، الا ان الاتصال به كان صعبا. لكنه بعد ذلك اتصل برفيق لي وسأل عما اذا كنا بحاجة الى أي شيء، وليقول انهم سيستردون ليبيا باكملها". واتخذ جنرال متقاعد من جنود يوغوسلافيا سابقا وكان مستشارا عسكريا لفترة طويلة للقذافي، قرارا بالسفر وغادر طرابلس في 21 آب (اغسطس). وقال بشرط عدم الكشف عن اسمه، لمجلة "تايم" وهو في رحلته عبر ليبيا متوجهاً الى تونس "هناك فوضى عارمة". وكان يشير الى طرابلس التي كانت قوات الثوار قد استولت عليها في ذلك الوقت، "والنظام كله منهار. وكنت ادرك ان الامور ستصل الى هذه المرحلة، اذ أنني لم اتحدث الى القذافي منذ اربعة اسابيع، فهو لا يستمع الى ما يقوله اي شخص". ومثل ماريو، احس الجنرال السابق ان النظام سيسقط قريبا، وقال: "كل شيء يبدو طبيعيا حتى وقت قريب، وكان بامكاننا ان نشعر ان صفقة يتم الاعداد لها خلف ستار". وقد وصف الجنرال السابق الذي كان يقيم في طرابلس وأسس عملا تجاريا منذ عدة سنوات، القذافي بانه "غبي" وقارن بينه وبين سلوبودان ميلوسيفيتش، الزعيم الصربي الذي وقف في وجه ائتلاف "ناتو" خلال حرب كوسوفو العام 1999، وفي النهاية مات في زنزانة احد سجون محكمة الجنايات الدولية في لاهاي التي نظرت في قضايا يوغوسلافيا سابقا. وقال الجنرال اليوغوسلافي السابق "لا يمكنك مقارعة "ناتو" وأن تقوم بدورالمخبول العنيد مثلما فعل ذلك الرجل".