ما أشبه الليلة بالبارحة! طيارات هليكوبتر، ومطاردات شرطة - عسكرية هذه المرة - فى الشوارع، وقبض على الثوار الجرحى فى المستشفيات، وحديث الإفك وبيانات التخوين عن الأجندات والتمويل وخلافه، و"خروج عن الإجماع الوطنى" الذى هو الترجمة الحكومية لعدم التصفيق للحاكم الواحد الأحد، وتفريق للمتظاهرين بالأمن المركزى - بمساعدة العسكر - وأمطار القنابل المسيلة للدموع المدعمة بالمولوتوف، والإعتداء على الصحفيين والإعلاميين (راجع ماحدث مع مراسلى الدستور الأصلى وطاقم الجزيرة وأون تى فى) وخطف للمدونين من الطرقات، وبيانات من نوعية "كنت أنتوى أن أتنحى ولكن البلد فى مزنق تاريخى مهم ولن أترك واجبى" الذى يبدوا وكأن "مبارك" كتبه ليقرأه "شرف". وأصبح الثوار فى التليفزيون الوطنى خونة وعملاء والبلطجية والقتلة إسمهم "لجان شعبية"!!!. أكثر ما أرعبنى فى "موقعة السيوف" بالعباسية هو مشهد السيدة المحجبة السمينة الغبية التى تشبه البقرة (مع الإعتذار للبقرة) والتى كانت ترمى قوالب الطوب بشكل عشوائى من فوق سطح إحدى العمارات!. تلك سيدة "مسلمة" والمفترض إنها "متدينة" إختارت أن تتطوع بمحض إرادتها الحرة بأن تقتل (هل تعرفون تاثير قالب طوب يزن ثلاثة كيلوجرامات عندما يسقط على النافوخ من إرتفاع ستة ادوار بسرعة السقوط الحر؟) شخصاً ما (أى شخص فقالب الطوب لا يميز) لاتعرفه. هذه المحجبة التى تصرفت بمبدأ القطيع، هى كالأنعام (بل أضل) لأنها لم تعمل عقلها ولو لثانية فى محاولة فهم لماذا يفعل هؤلاء الشباب ما يفعلون! وما القوة التى تحركهم؟ ولماذا هذا الإصرار على مطالبهم؟ لم تحاول أن تفهم لثانية إنهم يهتفون من أجلها! وإن قوتهم فى حبهم لبلدهم وإيثارهم للناس الذين يضربونهم على أنفسهم! وأنهم يريدون الرخاء والحرية للجميع حتى للبقرة التى ترمى عليهم قوالب الطوب من أعلى! "البينة على من أدعى". على "الروينى" الآن أن يقوم بتقديم مايثبت كلامه وإتهاماته، أو على المجلس أن يحاسبه لإدعائه زوراً وبهتاناً رامياً الناس بالباطل (وإن كنت أشك فى ذلك لوجود شبه إجماع على هذا الكلام مذكور ضمناً فى البيان المسئ للمجلس) ومسبباً لفتنة كادت أن تودى بالبلد لحرب أهلية مازالت تدق طبولها، بالإضافة إلى أن أكثر ما أخشاه (وسيحدث فى الاغلب) أن تمر الجريمة البشعة التى حدثت أمس بدون عقاب خاصة بعد أن تطوع إعلام "مبارك" - الذى ورثه المجلس العسكرى - بنشر تصريح وزير الصحة العجيب - التصريح وليس الوزير - أنه لا يوجد مصاب واحد فى الاحداث!!! مايفعله المجلس الآن هو الوقيعة بين الشعب وبعضه البعض وفلترة للجماعة الوطنية من أى وطنية، والإبقاء فقط على "السقيفة" و"الهتيفة" الذين يتم إستدعاؤهم فى حوار الطرشان الوطنى بتوع "بالروح بالدم نفديك يا مجلس" من "السلفيين" و"الإخوان" و"المغيبون" وراكبى الثورة من الإئتلافات المستحدثة والمستأنسة حتى يتخلصوا - المجلس - من وجع الدماغ التى تقوم به القوى السياسية الوحيدة المخلصة لمطالب الثورة على الأرض وهى "جماعة 6 إبريل" خصوصاً بعد التفكك التى تعانى منه "كفاية" وتراجع "الوطنية للتغيير" اللهم إلا من بيانات التأييد التى يطلقها "البرادعى" لكل ما تفعله "6 إبريل"وهو على حق فى ذلك. وبذلك لا يكون هناك على الساحة من تبقى من ثوار يناير غيرهم. خاصةً إن صاحب الفكرة وأول من دعى للثورة أساساً كانت جماعة "6 إبريل" وأيدتها "كفاية" وأشتركت فيها "الوطنية للتغيير" بكل ثقلها وخرجت وراؤهم جموع الشعب غير المسيّس، وهؤلاء فقط من نعرفهم. أما "زربيحة" الإئتلافات التى هى اكثر من الهم على القلب فلا يمثلون أحد ولا يفعلون شيئاً اللهم إلا تأييد المجلس فى كل ما يفعلة وفى الأغلب كان هذا سبب تكوين الإئتلافات فى الأساس، حتى تكون ثورة مضادة بإسم الثورة مع تقديم أنفسهم على إنهم الثوار الحقيقيون أمام الأغلبية المغيبة بمزاجها من حزب الكنبة. لم نعرفهم إلا رجالاً (بناتهم قبل شبابهم) ولن تجدوا أحد منا لا يتذكر منهم على الأقل "أسماء محفوظ" أو "إسراء عبد الفتاح". "6 إبريل" هم أول من دعى للإعتصامات والإضرابات من أول المحلة وحتى ثورة يناير وما بعدها من تداعيات، وأكثر من واجه الطاغوت وآلته الجهنمية من أمن دولة ومباحث وإعلام (أسوأ من الأمن) وأخطر من واجه مشروع التوريث وأكثرهم تحمساً غير ناسيين - مما يزيد من شعبية وقوة "6 إبريل" - إن الجماعات الأخرى مثل "كفاية" كان المسئولون عنها إناس فى حجم "عبد الحليم قنديل" و"جورج إسحاق" و"مجدى أحمد حسين" مما كان يعطيها بعض الزخم السياسى وشبه حصانة من المضايقات الأمنية، والجمعية الوطنية للتغيير كان يقف وراؤها "البرادعى" بكل ثقله الدولى والمحلى - قبل التشويه المتعمد من إعلام المخلوع - وأساتذة فى حجم "حسن نافعة" و"حمدى قنديل" وتأييد من عمالقة بحجم "الأسوانى" و"عبد الرحمن يوسف" والمستشار "الخضيرى" وغيرهم. لكن الوحيد الذى كان يعمل عارياً من أى حماية هو جماعة الأبطال الثوريين الذين دخلوا التاريخ من أوسع وأشرف أبوابة وهم جماعة "6 إبريل" وهو نفس الباب الذى سيخرج منه المجلس العسكرى الذى يبدوا أنه يكرر مقولة مبارك الأثيرة التى تثبت أنهم تلاميذ أوفياء للمخلوع وهى: "أنا لا يهمنى لا تاريخ ولا جغرافيا". عاشت "6 إبريل"