أجرى الزميل خالد داوود مقابلة صحفية مع سفير بريطانيا لدى مصر "جيمس وات" بقناة التحرير تحدث خلالها عن مصر بعد 25 يناير و الرؤية الجديدة لها بعد أحداث ثورتها، والدستور الأصلي من جانبه ينشر نص هذا الحوار الهام..... جيمس وات سفير بريطانيا لدى مصر، والذي ما زال يستحق لقب "الجديد" حيث مضى على تعيينه أقل من شهرين، خبير في منطقة الشرق الأوسط منذ أن بدأ حياته الدبلوماسية قبل 34 عاما. وقبل أن يتولى منصبه في مصر، عمل أربع سنوات كسفير لبلاده في الأردن، وقبلها ثلاث سنوات في لبنان. وفي أوساط الخارجية البريطانية يتم تصنيفه في فئة "المستعربين" Arabists وهو التوصيف الذي يطلقه مؤيدو اسرائيل في الدول الغربية على الدبلوماسيين في بلادهم والذين يشكون أن لديهم الحد الأدنى من التعاطف مع المطالب العربية وتحديدا في ما يتعلق بضرورة إنهاء احتلال فلسطين. وثارت ضده من قبل عواصف من الانتقادات في الإعلام البريطاني قبل عام بعد أن حمل اسرائيل مسئولية تدهور عملية السلام وقال أنه "لم يعد من الممكن بعد الآن لأي أحد خارج اسرائيل – في ما عدا أقلية- أن يتقبل المواقف الصهيونية كحقائق مسلم بها." ولكنه الآن يعمل في مصر في وقت صعب وفي مرحلة لم تشهد مثيل لها من قبل. السفير وات، والذي يحمل نفس اسم العالم الشهير جيمس وات مخترع محرك البخار والذي أطلق الثورة الصناعية في أوربا، أبدى في لقاءه مع "التحرير" إعجابه الشديد بالثورة المصرية، وتوقع انتشار المد الديمقراطي في المنطقة العربية. ولكن إجاباته كانت شديدة الدبلوماسية والاحتراف عندما تعلق الأمر بالإجابة عن مصير أموال مصر في البنوك الإنجليزية والتي تمكن الرئيس المخلوع حسني مبارك وأبناءه كبار المسئولين في نظامه من تهريبها على مدى ثلاث عقود، مكتفيا بالتأكيد على أن لديهم في بريطانيا نظام جيد لمنع غسيل الأموال، وأن المطلوب هو المزيد من الأدلة من الجانب المصري، وتحديدا مكتب النائب العام. كما ألمح إلى صعوبة وطول تسليم إجراءات أي مطلوبين للعدالة في مصر من قبيل وزير الاقتصاد السابق يوسف بطرس غالي، وأن المحاكم البريطانية من الضروري ان تطلع أولا على إجراءات التقاضي في مصر التي أدت لصدور حكم الإدانة للنظر في إمكانية التسليم وفقا لترتيبات خاصة مع الوضع في الاعتبار عدم وجود اتفاقية لتبادل المجرمين بين البلدين. ورغم أن وات أكد احترام بلاده لقرار المجلس العسكري عدم الاستفادة من أي قروض أو منح عرضتها الدول الغربية بعد نجاح الثورة المصري، فلقد كان واضحا من إجاباته الدبلوماسية أنه لا يتفق كثيرا مع هذه الخطوة، ويرى أن مصر تحتاج في هذه المرحلة لتحفيز اقتصادها. وكرر مرارا أن الأموال التي تم التعهد بها "جاهزة في أي وقت تقررون هنا في مصر أنكم بحاجة لها." في ما يلي نص الحوار: التحرير: نرحب بكم في مصر ما بعد الثورة، مصر الجديدة. كيف تجد الأوضاع في مصر بعد شهرين من تسلمك منصبك؟ إنه أمر رائع أن أكون هنا في هذا الوقت المثير. إن مصر والشرق الأوسط كانوا دائما لهم أهمية خاصة بالنسبة لبريطانيا، وفي كل الأعوام التي قضيتها كدبلوماسي، لم أشهد مثل هذا الحجم من الاهتمام والمتابعة لما يجري في العالم العربي، وخاصة مصر، ومعها تونس، بعد الثورات الناجحة التي قاموا بها. أعرف أن الطريق ما زال طويلا، وأنكم ما زلتم تعملون بجهد من أجل تحقيق وتحديد أهداف الثورة. ولكن ما يجب التنبه له أولا، هو أن هذه الثورة كانت ناجحة بدرجة كبيرة. كانت ثورة سلمية وتحققت بوسائل سلمية، وهذا كان نجاح كبير. ولن تعود الأوضاع لما كانت عليه من قبل.
التحرير: كتبت في موقع تويتر تعليقا على أحداث مسرح البالون في نهاية يونيو أنه رغم الحجارة التي كان يتم إلقاءها وسحب الغاز المسيل للدموع، فإن ما كان يدعو للتفاؤل هو أن المتواجدين في الميدان يطالبون بالحرية والعدالة، وأن هذا هو الجانب الذي سيبقى في الذاكرة. ما سبب هذا التفاؤل؟ اعتقد أن السبب هو أن الثورة برمتها جاءت تلبية لرغبة الناس في تحقيق العدالة والحرية والتطلع لنظام جديد. ولا يوجد شئ يمكنه هزيمة هذه القوة، ورغبة البشر في كل أرجاء العالم في تحقيق ما هو صائب، وما هو عادل. اؤمن أن مصر لديها حضارة قديمة، وتاريخ طويل من التعايش كمجتمع مركب. وأعتقد أن الباب مفتوح أمامكم الآن لتحقيق مستقبل ديمقراطي رائع، وبناء المؤسسات الحديثة التي تحتاجونها من أجل ذلك المستقبل. وأنا معجب للغاية بروح وشجاعة الثوار الشباب، والنشطاء، وكل فئات المواطنين الذين يسعون للمساهمة في جعل ذلك التغيير حقيقة. التحرير: ما وجهة نظرك في ما يتردد في بعض الدوائر الغربية من تحذيرات من أن المد الديمقراطي في العالم العربي قد يؤدي لوصول قوى غير ديمقراطية للسلطة؟ بالتأكيد، من غير الضروري، أو المتوقع حدوثه بشكل أوتوماتيكي أن تقود الثورات إلى تحقيق الديمقراطية، حتى لو كانت تتطالب بذلك. واعتقد أن ذلك هو السبب لمواصلة النضال. يجب أن يتواصل النضال السياسي السلمي لتحقيق تغيير حقيقي. لقد رأينا في دول أخرى في المنطقة المقاومة بأشكال مختلفة لمثل هذا النوع من التغيير المطلوب. وأعتقد أن مصر لها دور قيادي. وإذا قدر لمصر النجاح، فأعتقد أن بقية العالم العربي سيعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا للغاية. ولكنك سألتني لماذا أشعر بالتفاؤل نحو إمكانية تجاوز أسباب القلق. أعتقد أننا محقين إذا شعرنا بالقلق. نحن محقون للقلق بشأن الصعوبة الكبيرة التي ستواجه بناء مؤسسات اقتصادية في فترة قصيرة. هذا سيتطلب الكثير من الشجاعة والقرارات الجيدة، والكثير من الإجماع بين المصريين. وأعتقد أن هناك تحدي اقتصادي كبير. فمصر تحتاج إلى استعادة نموها الاقتصادي. وهناك الكثير من الأصدقاء، بما في ذلك بريطانيا، مستعدين للتقدم باستثمارات ومساعدات من كافة الأنواع للمساعدة على تحقيق ذلك. ولكن ذلك سيتحقق فقط لو تمكنت مصر من استئناف السياسات المالية الصائبة واتخاذ القرارات الصحيحة. وأنا أشعر بالثقة أن ذلك سيتحقق. وأعتقد أنه فور الإجابة على بعض القضايا السياسية المطروحة الآن، فستحصلون على هذه المساعدات. ولكن اصدقائكم بما في ذلك بريطانيا واعون تماما أن الاقتصاد المصري يحتاج الاهتمام. هو أداءه جيد من ناحية عدم وجود أزمة، ولكن هناك الكثير المطلوب عمله. وأعتقد أنه قريبا جدا ستكون هناك حاجة لاتخاذ اجراءات من أجل تحفيز الاقتصاد.
التحرير: يدور لدينا جدل حاد في مصر بشأن صياغة الدستور. بريطانيا دولة لا يوجد لديها دستور دائم، ولكن مجموعة من المبادئ العامة الملزمة للمحاكم البريطانية. ما تعليقك على الجدل الدائر في مصر؟ أعتقد أنه في ما يتعلق بالنواحي السياسية، وعلى المدى المتوسط، وتحديدا الشهور القليلة المقبلة، فإن أهم قضية ستكون الطريقة التي ستتم بها صياغة الدستور, وهذا أمر يعود بشكل كامل للمصريين. ولكن هذا الدستور سيبقى قائما كأساس لسنوات عدة قادمة، وربما عقود أو حتى القرن المقبل. ويجب التعامل مع هذه القضية بحرص كبير لصياغة دستور يكون أساس لبناء ديمقراطية قوية تحفظ الوحدة الوطنية، والإجماع بين القوى والآراء السياسية في البلد. أعتقد أن هذا هو أهم شئ. لا يجب التعجل، ولكنها ليست مهمة مستحيلة. لديكم نماذج، ومصر لديها نماذجها الخاصة في الدساتير، ولديها العديد من الخبراء المتخصصين في الدستور الذين من الممكن أن يساهموا في الأمر. وأنا آمل، أنه على الرغم من أهمية هذه المهمة ، فأنني آمل أنها لن تكون صعبة للغاية، ولكن المهم أن تسير في الاتجاه الصحيح. التحرير: من المؤكد أنك على دراية بالمطالب المصرية بضرورة إعادة الأموال التي نهبها النظام السابق وهربها إلى بريطانيا ودول أوربية أخرى، مع الوضع في الاعتبار أن جمال مبارك تحديدا كان يعمل في بريطانيا وكان يدير شركة للخدمات المالية مما يرى البعض أن ذلك سهل له مهمة تهريب الأموال. وأنت شخصيا أشرت إلى العثور على نحو 40 مليون جنيه استرليني (400 مليون جنيه مصري) كأصول مالية في بريطانيا لمبارك وأسرته وكبار المسئولين حتى الآن. هل هناك أمل أن نستعيد هذه الأموال؟ نحن نأخذ على محمل الجد بشكل كبير التزاماتنا نحو مصر. وإذا كان هناك قضية تتعلق بأموال مسروقة، فإننا سنقوم بما في وسعنا لضمان أن هذه الأموال ستعود للجهات الصحيحة. المسار معقد كما أشرت، وهو مسار قضائي لدرجة كبيرة، ويتطلب تقديم أدلة. تجميع هذه الأدلة يستغرق وقت. ولقد تلقينا بعض الأدلة من السلطات المصرية، ولكن أعتقد أننا ما زلنا نحتاج للمزيد لأن هذه قضايا قانونية معقدة للغاية. لم نعثر على الكميات الكبيرة من الأموال التي تحدث عنها البعض. ربما تكون موجودة، وسنواصل البحث عنها بمساعدة من أصدقاءنا المصريين.
التحرير: إذن أنتم تقوم بالفعل بالبحث الآن عن أصول مالية لمبارك وأسرته وكبار المسئولين في النظام السابق؟ نعم. نعم. ولقد قمنا باتخاذ اجراءات، وقمنا بتجميد حسابات عدد من الأشخاص الذين وردت أسماءهم في قائمة أولية تم توزيعها على الاتحاد الأوربي بأكمله في مارس الماضي، ونواصل البحث. لدينا الآليات المناسبة، والآليات القانونية قائمة منذ عدة سنوات وذلك لتجميد الأرصدة. وهذا يعني عدم حاجتنا لاعتماد قوانين جديدة للقيام بذلك. لدينا نظام قائم بالفعل يعمل بشكل جيد. المشكلة هي معرفة أماكن الأصول المالية. في اللحظة التي نعثر عليها، يتم تجميدها، ويصبح من غير الممكن لأي طرف أن ينقلها خارج بريطانيا من دون الإعلان عنها. وإذا تم الإعلان عن هذه الأموال، نقوم بتجميدها. ولذلك فأنا أشعر بالثقة لدرجة كبيرة. نحن لسنا في سباق مع الوقت في هذا الصدد. الأصول ما تزال موجودة، وتلك التي عثرنا عليها يتم تجميدها. وعندما يتم العثور على أصول جديدة، ويتم التأكد من أصحاب الملكية، يمكن البدء في مسار استعادتها. أنا متأكد من ذلك. التحرير: أثناء قيامي بالإعداد لهذه المقابلة، عثرت على تقرير أصدرته هيئة الخدمات المالية البريطانية في يونيو الماضي وانتقدت فيه بقوة طريقة تعامل البنوك البريطانية مع قضية غسيل الأموال، وذلك بعد عشر سنوات من اكتشاف قيام بعض أكبر البنوك البريطانية بغسيل أموال الديكتاتور النيجيري السابق ساني أباتشي بقيمة مليار و300 مليون دولار. التقرير الذي أشير له قال أن ثلث البنوك البريطانية لا تهتم بالسؤال عن مصدر الأموال ونصفها تقوم ببدء تحقيقات ولا تواصل متابعتها. إذن كيف يمكن الثقة بأن أموال المصريين المسروقة ستعود لنا؟ السبب هو أننا نتعامل مع الأمر بجدية، وإيماني بأنه لدينا نظام فاعل في هذا الشأن. ولقد تم اخطار البنوك بأسماء الأفراد المعنيين والذين تم تجميد أرصدتهم. وأنا واثق أنهم سيقومون بتطبيق ذلك التجميد، وستكون العواقب صعبة لو لم يقوموا بذلك. وأنا أعرف أن البنوك تبذل جهد كبير لضمان تنفيذ هذا النوع من الالتزامات. بالطبع لا يوجد شئ كامل. ولكننا واثقون أن النظام المتبع الآن أفضل مما كان عليه في السابق، وأنه يلبي احتياجات الموقف الحالي. ولكنني متفق معك أنه يجب أن نكون دائما متنبهين لأي وسائل يتم اللجوء لها من أجل التهرب من هذه الالتزامات.
التحرير: التقرير الذي أشرت له تحدث عن الكثير من الحيل لغسيل وتهريب الأموال، وليس من المتوقع طبعا أن نجد حساب لمبارك شخصيا بقيمة مليار دولار أو لجمال مبارك بقيمة 2 مليار. هل تضعون هذه الحيل المعقدة وكذلك ما أشار له التقرير من نشاط البنوك في الجزر الصغيرة في الكاريبي وغيرها الخاضعة لسيطرة بريطانيا والتي تلعب دوار هاما وفقا للتقرير في غسيل وإخفاء الأموال المهربة؟ من المؤكد أن نسعى للكشف عن أي حيل يتم اللجوء لها، ولكن المطلوب منا البحث في غابة كبيرة. ونحتاج مساعدة أصدقاءنا المصريين في هذا الصدد، ونحن نحصل بالفعل على معلومات من المحققين المصريين. التحرير: بعض التقارير كانت قد أشارت إلى أن المعلومات التي تصلكم من الجانب المصري منقوصة وليست كاملة للمساعدة في ملاحقة الأصول. هل تصلكم معلومات كافية من الجانب المصري؟ أعتقد ذلك. أنا لا يوجد لدي دور مباشر في تقييم المعلومات، ولكنني على ثقة بأن المعلومات التي نحصل عليها من السلطات المصرية يتم تقديمها بنية صادقة، وأنهم يؤمنون بأنها صحيحة. ولا يوجد لدينا شك في هذا الصدد. وكما هو الحال في أي تحقيق، فإنه يجب مواصلة البحث عن المزيد من الحقائق والتفاصيل، والعثور على أدلة. هذه مسألة نتعامل معها بجدية كبيرة، وهناك تبادل منتظم للمعلومات بين النيابة هنا في مصر ونظرائهم في بريطانيا. ولكن المهمة كبيرة، وستستغرق بعض الوقت.
التحرير: هل من الضروري صدور أحكام ضد الأشخاص المعنيين من محاكم مصرية أولا قبل النظر في إعادة أموالهم أو تسليمهم إلى مصر؟ نعم هذا هو المسار. الجزء السهل هو تجميد الأصول. وبعد ذلك يجب أن نتأكد، ويجب أن تتأكد محكمة قضائية وليس فقط الحكومة، أن هذه الأصول تم سرقتها، ويجب التيقن من هوية المالك الحقيقي لهذه الأصول، وبعد ذلك يمكن إعادة الأموال. التجميد هو مجرد خطوة أولى. وعندما يتعلق الأمر بتهم جنائية ضد أفراد، فلقد حدث بالفعل أن مصر طلبت تسليم شخص ما. وسيتم النظر في الأمر بالتأكيد من قبل محكمة بريطانية. وهذه المحكمة ستطلب معلومات حول المحاكمة التي جرت، والتي أدت لصدور حكم الإدانة في مصر. ولا أستطيع التعليق أكثر من ذلك، لأنني مجرد مسئول حكومي، ولست عضوا في القضاء. القضاة سينظرون في الأمر بطريقتهم الخاصة، وسيطلبون الأدلة التي يحتاجونها، وسيصلون لقرارهم في هذا الشأن. ولكن يجب أن تكون على ثقة أن النظام االبريطاني، من النواحي السياسية والقضائية، يتعامل مع هذه الأمور بجدية كبيرة، وسنقوم بالتعاون في هذا الشأن لأقصى درجة ممكنة لنا.
التحرير: قرأت في الصحف البريطانية أنه يمكن لوزيرة الداخلية البريطانية أن تأمر بتسليم مطلوبين من النظام السابق إلى مصر رغم عدم وجود اتفاقية للتبادل بين البلدين في ضوء ما تسمونه "بإجراءات خاصة." هل هذا ممكن؟ هذا الأمر يتعلق بسلطة وزيرة الداخلية، السيدة تيريزا ماي. هي يحق لها كوزيرة داخلية أن تتخذ القرارات بشأن ترتيبات التسليم في الحالات الخاصة، وهي ستقوم بذلك بناء على المشورة التي ستتلقاها من العديد من الخبراء، بما في ذلك قضاة. وأنا شخصيا لا أستطيع التنبؤ ماذا سيكون قرارها. ولكنها محقة تماما في الإشارة إلى أن هذا الاحتمال الخاص بترتيبات خاصة للتسليم قائم. التحرير: هل يمكن تسلم يوسف بطرس غالي المقيم في بريطانيا وفقا لهذه الإجراءات الخاصة، مع الوضع في الاعتبار أن أعضاء في البرلمان من حزب العمال هم الذين طالبوا بضرورة تسليمه إذا كانت بريطانيا تدعم بالفعل الديمقراطية الناشئة في مصر؟ أرجو منك أن تعذرني. من غير المسموح لي أن أعلق على حالات فردية، لأن هذه الحالات يتم النظر فيها في المحاكم، وأنا لا أريد التدخل في أي اجراءات قانونية. التحرير: ولكن المسألة لا تتعلق بيوسف بطرس غالي فقط. فالصحف البريطانية تحدثت عن "عشرات" المسئولين من أفراد النظام السابق ورجال أعمال مطلوبين في مصر يقيمون في بريطانيا ويحتمون بقوانينها. أنا هنا لا أتحدث عن حالة فردية. أولا، أي شخص برئ حتى تثبت إدانته من قبل محكمة قضائية. فالأمر لا يتعلق بي كمسئول حكومي، أو أي مسئول حكومي أن يعلن أن شخص ما مذنب في جرم ما. ولكن نتعامل بجدية مع حقيقة أنه تم توقيع عقوبات في مصر، وأن مصر قامت في بعض الحالات بتقديم طلبات للتسليم، وقد يكون هناك المزيد في المستقبل. نحن نتعامل مع هذه القضية بجدية، ولكن في النهاية الأمر في يد القضاء البريطاني ليقرر في مدى إمكان قبول هذا الطلب. وأتوقع أن هذه المحكمة ستضع في الاعتبار المسار القضائي والمحاكمة التي جرت في مصر. هذا سيكون أمر طبيعي. ولكن إذا سمحت لي، لن أجيب بأكثر من ذلك، سوى القول أننا كمسئولين يجب أن نكون حذرين في ألا نصدر أحكام. ولكن من المؤكد أن نأخذ على محمل الجد تعهداتنا، وكذلك القلق الذي يعبر عنه أصدقاءنا المصريين.
التحرير: أنت هنا تتحدث بشكل دائم عن إجراءات قضائية ورسمية. ماذا عن مطالب الرأي العام في مصر؟ هل تضعون ذلك في عين الاعتبار؟ نعم. بالطبع. نتعامل مع الرأي العام بجدية، وكذلك المواقف التي يعبر عنها المسئولين الحكوميين النائب العام. أنا فقط آمل أنه مع تطور المؤسسات الديمقراطية لمصر، فإن كل هذه الأمور ستصبح أكثر سهولة. وأعتقد أن العدالة تستغرق وقت، ويجب أن يكون هذا هو هدفنا. يجب أن تكون هناك محاكمات عادلة على التهم التي أشرت لها. وهذه هي قضايا واتهامات معقدة للغاية وكبيرة. وفي الحالات العادية، فإن هذه القضايا تتطلب شهور، إن لم يكن أطول، لاعداد ملف القضية بما يتضمنه من أدلة. وأعتقد أننا نحتاج لمنح أصدقاءنا المصريين المزيد من الوقت لاعداد هذه الملفات. التحرير: اسمح لي بالانتقال للملف الاقتصادي. سمعنا عن أموال كثيرة عرضت الدول الغربية، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، تقديمها إلى مصر لمساعدتها في تجاوز مرحلة ما بعد الثورة. أين هذه هي الأموال؟ هل هي عروض حقيقية أم مجرد وعود؟ بداية هذه العروض عروض حقيقية، ونحن بالفعل عرضنا تقديم مبالغ كبيرة. معظم هذه الأموال تأتي من خلال قروض طويلة المدى موجهة للتنمية، عبر بنك الاستثمار الأوربي والبنك الأوربي لاعادة التنمية والبناء. هذه العروض ما زالت قائمة. ونحتاج لأن نناقش مع نظرائنا المصريين توقيت احتياجهم لهذه الأموال، وذلك لأنهم في الوقت الحالي أوضحوا أن مصر تريد مواصلة طريقها الاقتصادي الخاص اعتمادا على مواردها المحلية قدر الإمكان. وعندما يحين الوقت، إذا حان الوقت، وأرادت مصر الحصول على هذه التسهيلات القائمة، فهي موجودة بالفعل. كما أننا نود كثيرا أن تستفيد مصر من العروض الأوسع للمساعدة من صندوق النقد والبنك الدوليين وغيرهم. في الوقت الحالي قررت مصر أنها لا تحتاج لهذه الأموال. نحن نحترم هذا القرار، ولكن هذه العروض تبقى جاهزة وحقيقية.
التحرير: إذن المسئولين في مصر هم الذين يرفضون استخدام هذه العروض بالمساعدات الآن؟ نعم. في الميزانية الأخيرة، تم توضيح أن الميزانية ستحافظ على مستوى العجز الداخلي، ولكن من دون الحصول على المساعدات المقدمة من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد. وهذا قرار مصر ونحترمه بشكل كامل. هذا القرار هو القائم الآن، ولكن قد يكون هناك قرار آخر في هذا العام، أو العام المقبل، أو في المستقبل عندما تقرر الحكومة المصرية أنها بحاجة للتسهيلات المقدمة. هذا هو الموقف. ولكننا لا نفرض اي شروط، ولا نقول لن تحصلوا على أموال حتى تقوموا بهذا أو بذاك. نود أن تحقق مصر تقدم، ونعلم أن الموقف الاقتصادي يتطلب مساعدة خاصة، ونحن سنكون سعداء للمساعدة. يمكنكم الاعتماد علينا، ونحن سنستجيب عندما تكونوا على استعداد للطلب.