تباينت آراء الخبراء الاستراتيجيين فى الأوساط السياسية،حول جدوى إمكانية إسناد حقيبة وزارة الداخلية إلى قيادة عسكرية أم مدنية بحيث تستطيع إدارة شئون البلاد فى تلك الآونة الحرجة، فقد شدد البعض منهم على حتمية أن تتولى الوزارة قيادة عسكرية مؤهلة على ضبط الأمورالأمنية في تلك الآونة ، اعتمادا على التجارب السابقة أمثال "شعراوي جمعة " عام 1952، فيما رأى البعض الآخر أن القيادة المدنية تعد الأصلح فى المرحلة الراهنة، نظرا لخبراتها العالية فى الأنظمة الأمنية الداخلية. حيث أكد اللواء محمود خلف -الأستاذ بأكاديمية ناصرالعسكرية العليا والخبير الإستراتيجي وعضوالمجلس المصري للشئون الخارجية- في تصريحات خاصة "للدستور الأصلي" أن ما يتردد فى الأوساط السياسية في الوقت الراهن حول إمكانية اسناد وزارة الداخلية لقيادةعسكرية بدلا من مدنيين، أمرغير مقبول ومستبعد، وينطوي على العديد من الأساليب والممارسات غيرالمنطقية،مشيرا إلى أن تلك التجربة حدثت فى فترات ماضية،لاسيما مع تولي كل من "زكريا محيي الدين وشعراوي جمعة" وزارة الداخلية رغم كونهم من ضباط الجيش، موضحا أن تلك الفترة، كانت لها ظروفها واعتباراتها، ولكن الظروف الراهنة،تختلف كليةعن تلك الفترةالماضية. وأضاف أن قيادة وزارة الداخلية فى تلك الآونة، يستوجب التعامل معها قيادات مدنية من داخل القطاع الأمني، لقدرتهم على تدارك الأمور والتعامل بحنكة مع الملفات الأمنية، ومعرفتهم العميقة بالأحوال الداخلية، بالإضافة إلى خبراتهم الدراسية والتعليمية فى الأنظمة الأمنية،مشيرا إلى أن القوات المسلحة لديها أنظمة مختلفة وتدريبات منهجية وووظائف أخرى تختلف عن النواحي الداخلية وتتركز سلطاتها فى الخارج والتعامل مع الدول الأعداء. وذكرخلف أن وزارة الداخلية، لديها العديد من العناصر المؤهلة، لإدراة تلك المرحلةالحرجة، وضبط منظومة الأمن، مؤكدا أن الكيان الأمني بأكمله وبعناصره قد تطور وأصبح يجيد التعامل مع الجريمة، في ظل تطوراتها وتقنياتها واختلاف نوعياتها، وانه على العكس يعد أمرا يصعب على القيادة العسكرية ملاحقتها ،لعدم معرفتها ببواطن الأمور،لافتا النظر إلى أن ذلك يتطلب التخصص خاصة فى المنظومات سواء السياسية أو الاقتصادية او الأمنية الداخلية أو الأمنية الخارجية. وأشاراللواء سامح سيف اليزل -الخبير الأمني ورئيس مركز الجمهورية للدراسات الأمنية - أن تولي وزارة الداخلية قيادات عسكرية أمر منطقي ومقبول وليس بالغريب،موضحا أن هناك العديد من التجارب الناجحة التي اثبتت نجاحاتها في ذلك السياق،امثال تولي شعراوي جمعة وزارة الداخلية رغم كونة عسكريا. وأوضح اليزل "للدستور الأصلي" أن تلك التجربة تعد من أفضل الفترات التي شهدتها مصر،حيث أن تولي عسكريا قيادة وزارة الداخلية بدلا من خبرات أمنية مدنية ،أحدث نوع من التنسيق المستمر بين الجهات الأمنية وبين الشرطة والقوات العسكرية فى الوقت الراهن، مما يعبرعن قدرة القيادات العسكرية على تكرار التجربة مرة أخرى، وتولي زمام الأمور وظبط المنظومةالأمنية، كحل أخير يمكن اللجوء إليه لاستيعاب التوازن الأمني بين المواطنين والوزارة، والتأكد من إبعاد العناصر المغضوب عليها، قائلا "أنه لا مانع من اسناد المهمة لقيادة عسكرية مؤهلة وناجحة لضبط زمام الأموربقوة". وقال الناشط الحقوقي جمال عيد - مديرالشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان- ل "الدستور الأصلي" أن المجتمع المدني، لدية قناعة حقيقة بأن يتولي وزارة الداخلية قيادة مدنية، وليس عسكرية، على أن يتم اختيار تلك القيادة وفق اعتبارات محددة ومؤهلة لتقلد زمام الأمور فى تلك المرحلة الحرجة، مؤكدا أن المجتمع المدني بأكمله، لديه تحفظات واضحة على تقلد وزارة الداخلية قيادة عسكرية، مضيفا "المجتمع المدني يرفض سيطرة العسكرعلى الكيانات والموسسات بالدولة"، مؤكدا على ضرورة أن يتم إحداث تغيير جذري على وزارة الداخلية وليس مجرد "ترقيع" للقيادات، مشيرا إلى أن تلك المرحلة تتطلب قدرات مدنية وليست عسكرية، لديها خبرات هائلة لادارة الدولة فى تلك الآونة واستعادة منظومة الأمن مرة أخرى.