"بثينة كامل الإعلامية الكبيرة ذات الصوت المميز، الذي مثل جزءا كبيرا من وجدان الشعب المصري، ومعتز الدمرداش صاحب كاريزما إعلامية نفاذة وصارخة، وتجربة إعلامية عريضة وممتدة، وأنا أعتبره أعاد الأمل للإعلام المصري، وسيظل يمنحه المزيد من الأمل، وسينافس به إقليميا ودوليا.. بالتأكيد هما نجمان إعلاميان كبيران".. بتلك الكلمات ذات الحفاوة والترحاب، استهل الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز ندوة «الفضائيات الخاصة.. والتغيير» التي عقدت بالهيئة العامة للكتاب، ضمن سلسلة الندوات الأسبوعية التي تنظمها الهيئة برئاسة د.أحمد مجاهد، تحت عنوان «الجماعات المستقلة والتغيير»، مساء أمس –الأربعاء-، وشارك فيها الإعلامي الشهير معتز الدمرداش، والإعلامية المعروفة بثينة كامل، المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة ، وقام بإدارتها الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، وكان من المقرر مشاركة المذيعة الشابة دينا عبد الرحمن، لكنها اعتذرت عن الحضور. استهلت الإعلامية بثينة كامل حديثها بطرح تساؤل مهم عن الدور الذي لعبه الإعلام الخاص أو المستقل قبل ثورة 25 يناير وعما إذا كان يمثل نقاط ارتكاز محورية للمعارضة أم كان غير ذلك؟ وإنطلاقا من التعريف الذي صاغه ياسر عبد العزيز في تقديمه لها، عن دور الإعلام الخاص أو المستقل في لعب أدوار مهمة على صعيد التغيير وتهيئة الأجواء له، صاغت بثينة كامل إشكالية العلاقة بين عمل الصحفي والتزامه بأداء واجبه وحقه في التعبير عن موقفه أو رأيه أو مشاعره إزاء ما يغطيه أو يكتب عنه في مجموعة من الأسئلة المترابطة، وهل في استطاعة الصحفي الفصل الكامل بين هذين الموقفين؟ وهل من حق الصحفي أو الإعلامي أن يبكي وهو يشاهد حادثة ما من باب التعاطف؟ طارحة أمثلة أخرى تدخل في نفس الباب، مؤكدة أن هذا المدخل يصلح لطرح السؤال التالي: ما الخط الفاصل بين كوني ناشطة سياسية وكوني إعلامية؟ وأوضحت بثينة أن الصحفي في هذا العصر هو بمعنى من المعاني ناشط سياسي أيضا، سواء قصد أو عمد إلى ذلك بالفعل أم لا، مدللة على ذلك بكم الكاميرات التي حطمت والأفلام التي تم إتلافها من قبل رجال الأمن، ومشيرة إلى أن المراسلين الصحفيين (سواء قبل الثورة أو أثناءها أو بعدها) هم الأبطال الحقيقيون على الأرض، وهم من يتعرضون للمخاطر وأن حياتهم كانت مهددة في كل لحظة وهو يقومون بأداء رسالتهم وتأدية مهامهم الإعلامية بنزاهة وشرف، ومنهم من مات بالفعل وهو يؤدي رسالته ويقوم بعمله بإخلاص وتفان. وأكدت كامل أنه لا بد من إعلام شعبي حر، كان من ضمن الشعارات المرفوعة في الثورة "حرية"، ولا بد من إطلاق حرية التعبير وإطلاق القنوات والإذاعات الحرة؛ لأن الإعلام البديل لا بد أن يكون موجوداً لأنه الأكثر قدرة وتعبيرا عن روح الشباب. ومؤكدا على ما قالته بثينة كامل، أوضح ياسر عبد العزيز أن الإعلاميين المصريين نجحوا في صد هجمة مرتدة سريعة على حرية الإعلام ويبقى أمامهم تحديان، الأول هو تقنين ما حصلوا عليه من حريات، والثاني هو أن الارتفاع الكبير في سقف الحرية لا بد أن يواكبه ارتفاع أكبر في سقف الأداء المهني. وفي بداية حديثه، أبدى معتز الدمرداش سعادته بالمشاركة في هذه الندوة لأهمية الموضوع الذي تطرحه، كما عبر عن سعادته البالغة عن قرب عودته للعمل وظهوره على الشاشة مرة أخرى بعد توقف لمدة ثلاثة أشهر، حيث أوضح قائلا: "3 أشهر وأنا متوقف عن العمل ولا أقدم أي برامج.. الآن أعود إلى العمل الذي أعشقه (على شاشة الحياة 2) ببرنامج جديد (مصر الجديدة مع معتز) الذي سأبدأ تقديم أولى حلقاته الأسبوع القادم.. آمل أن أكمل مشواري الإعلامي الذي بدأته في برنامج (90 دقيقة) وأن أكون عند حسن ظن الجمهور، وأن أظل حريصا على تقديم إعلام متوازن يراعي الضمير.." وأشار معتز إلى أن إعلام التوك شو بعد 25 يناير يجب أن يكون كما كان قبل 25 يناير، لأن الإعلام هو الإعلام، في أي زمن أو أي مكان، ما دام يتمتع بالمصداقية والحضور القوي والتجاوب الصحيح مع الأحداث ومع ما يحيط بالناس والمجتمع من مشكلات وأزمات، أما المتغيرات مثل سقف الحرية أو مداها، يجب التعامل معها بحرص وذكاء، حتى لا يتحول الإعلام إلى فوضى، وأن الضغط الذي مارسه الإعلام الخاص على الحكومة والجهات التنفيذية ساهم في حل ولو قدر بسيط من المشكلات والأزمات التي كانت محيطة بنا من كل جانب. وفي سياق الحديث عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الإعلامي نتيجة موقفه أو خطه الإعلامي المستقل في مواجهة عناصر الفساد أو ذوي النفوذ، روى الدمرداش ما وصفه بمأساة حقيقية تعرض لها قبل ثلاث سنوات بسبب أدائه الإعلامي وخطه الإعلامي الذي التزمه من خلال برنامجه (90 دقيقة)، الذي كان يقدمه من خلال شاشة محطة فضائية معروفة بأنها كانت موالية للنظام -حسب تعبيره-، ومع هذا لم يمنعه ذلك من انتقاد الحكومة بشدة، و"سلخ" الوزراء والمسئولين التنفيذيين، و"كان ذلك مدعاة بالتأكيد لما تعرضت له من مشكلات وكان سببا في تجربة مروعة". حكى الدمرداش "أنا كنت أقطن بالمعادي، في حي راق معظمه من الأجانب والبعثات الديبلوماسية، وبعد عودتي من تصوير البرنامج ذات ليلة، استيقظت في الرابعة صباحا على وقع أصوات انفجارات مروعة، هرعت لأنظر ما يجري، فوجدت 4 بلطجية مسلحين ومعهم آلات تحطيم وكسر، وقاموا بتحطيم سيارتي الجديدة (كنت لسه شاريها) ذات عجلات الدفع الرباعي، "دغدغوها خالص".. وعندما سألني وكيل النيابة تتهم من؟ أجبته بأنني لا أتهم أحدا لأنني لا أعرف حقيقية من من الممكن أن يكون وراء هذا الحادث، ولا توجد عداوة شخصية بيني وبين أحد". وأضاف معلقا على ما رواه: "أنا في الحقيقة لم أكن أتوقع أو أتخيل أن تصل درجة العنف والانتقام والترويع إلى هذه الدرجة من الهمجية والوحشية، ووصلتني رسالة بعدها مفادها "أن هذه المرة كانت في السيارة، المرة القادمة ستكون فيك أنت".. وعند مراجعتي لحلقات البرنامج خلال تلك الفترة وجدت أنها كانت عن التعذيب في أقسام الشرطة وتجارة أعضاء من مجلس الشعب في كروت المحمول". واختتم الدمرداش كلامه بأن هذا كان رد فعل بعض الجهات ضد ما قام به من كشف لنشاطهم وتسليط الأضواء على ما كانوا يقومون به من فساد وإفساد، وأن الهدف المباشر من الاعتداء على سيارته هو الترويع المقصود به كسر همته الإعلامية وزرع الخوف حتى لا يواصل عمله الذي يقوم به. ولخص ياسر عبد العزيز كلام معتز الدمرداش وبثينة كامل في أن الأثمان التي دفعت من أجل الحرية قبل 25 يناير أثمرت وأينعت وكانت أحد عناصر الدفع بالثورة، وكان للإعلام دور كبير في تهيئة الأوضاع في مصر لقيام الثورة. وردا على سؤال حول إحالة الصحفيين للمحاكم العسكرية، أجابت بثينة كامل، وبوضوح وحسم، أنها ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين نهائيا، وقالت لا للمحاكمات العسكرية لأي مدني، مضيف أنه ومنذ يومين فقط تم توجيه تهم تكدير الأمن العام والوقيعة بين الجيش والشعب للصحفية رشا عزب بجريدة الفجر، أمام النيابة العسكرية، وذلك بسبب نشرها تحقيقا عن موضوع كشف العذرية على عدد من الناشطات الذي تم أمام الجنود، وكان الغرض منه "تجريسهن" لا شيء آخر. وقالت إن معنى تحويل رشا عزب للنيابة العسكرية هو تكميم الأفواه.. وهو ما لن يحدث، لن توجد أفواه ستكمم بعد الآن، نحن كسرنا الخوف قبل 25 يناير، وتأكد كسره وسقوطه مع الثورة، لن نرهب ولن نخاف ولن نخشى شيئا. وأنا في أثناء زيارة للمواطن المصري البسيط بعشوائية الشيخ حسن بالفيوم، أول شيء نادوا به وطالبوه هو وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، خصوصا وأنه لا توجد أسرة مصرية بالقرى والأرياف والأماكن البعيدة لم يتعرض فرد منها إن لم يكن عائلها إلى الإحالة للنيابة العسكرية وحوكم أمام المحاكم العسكرية هل من الممكن أن نتحدث عن العفو عن مبارك، والإفراج عن قتلة المتظاهرين بالأسكندرية في نفس الوقت الذي يحاكم فيه مواطنون بسطاء أمام المحاكم العسكرية؟! هل من المعقول أن يحاكم رموز النظام الفاسد أمام قاضيهم الطبيعي وأن يحاكم عمرو البحيري -شاب مصري من شباب التحرير- أمام محكمة عسكرية ويحكم عليه بخمسة أعوام سجناً؟! وفي سياق الرد على ذات السؤال، أجاب معتز بأنه يرفض تماما محاكمة الصحفيين أو الإعلاميين أو المدنيين عموما أمام المحاكم العسكرية، قائلا إننا ثرنا على النظام والفساد، ونسعى لتحويل مصر إلى دولة مدنية، لذا لا بد أن يحاكم المدنيون أمام قاض مدني وفقا للقانون المدني، مضيف أنه يرفض ترويع الصحفي أو ترهيبه أو تخويفه منعا لأدائه.
وعن "المتحولين" إعلاميا، أو "المنقلبون"، أبدى الدمرداش دهشته الشديدة من هؤلاء وعلق متهكما بأنه يحترم من لم يبدل موقفه وأصر عليه لأنه في النهاية صاحب موقف وثبت عليه حتى وإن كان ضد ما نراه جميعا الصواب، أما "المتحولون" فهم يفقدون المصداقية، وإذا فقد الإعلامي مصداقيته فقد أهميته، وأعلن شهادة وفاته الإعلامية. وكان السؤال الأخير، الذي اختتمت به الندوة، حول خريطة طريق لمذيع توك شو ناجح وليست لديه واسطة، وجهه أحد الحضور إلى معتز الدمرداش، الذي أبدى سعادته بالسؤال وتحمس للإجابة عنه قائلا إن المذيع كائن تراكمي، لم يستيقظ فجأة ليجد نفسه مذيعا محبوبا وله جمهور عاشق له ومنجذبا إليه ويتعامل مع على أنه نجم لامع.. مؤكداً أن هذا لا يأتي من فراغ، ولا بد من التأهيل العلمي والقدرات الخاصة، فالمذيع الناجح هو الذي يسعى للإحاطة بأصول وقواعد الإعلام السليم ويتبعها ويشتغل عليها، صحيح أنه لا يشترط للعمل بالإعلام أن تكون خريج إعلام، لكن وبنفس القدر من المنطق، يجب ألا يكون الإعلام مهنة من لا مهنة له. وبسخريته وأدائه الحركي المعروف به، قال الدمرداش إن مذيع التوك شو "لازم يكون واد فتك ومخلص كده من الآخر"، معلقا على فكرة "الواسطة" بأنها هي السبب الرئيسي في كوارث عديدة أصابت المجتمع المصري، ويكفي أن أقول إنها "أي الواسطة" هي التي أدت بالتليفزيون المصري الرسمي إلى التخلف والانحدار الذي وصل إليه، وتؤكد بثينة كامل هذا الكلام وتضيف أن الواسطة في الإعلام انتهت وانتهى دورها للأبد.