«لقد حسمنا الجدل ولا يصح إلا الصحيح» كان هذا هو رد المستشار مجدي العجاتي رئيس دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا علي تضارب أحكام القضاء حول قضية منع المنقبات من دخول امتحانات الترم الأول للجامعات؛ فرغم أن قناعته الشخصية أن النقاب يحجب المرأة عن الحياة فإن يقينه أن لكل إنسان الحق في ستر جسده بما يرتديه من ملابس وفق معتقده وبيئته الاجتماعية جعله لا يتردد في أن يصدر حكمًا قضائيًا نهائيًا واجب النفاذ ببطلان إجبار الجامعات للطالبات المنقبات علي خلع نقابهن كشرط لأداء الامتحان ليضرب العجاتي نموذجا للقاضي الذي لا يتعامل مع نصوص القانون كمادة جامدة وإنما مع التطبيق الأمثل لهذه النصوص ومراعاة الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع. عمل العجاتي علي مدار ما يزيد علي عشرين عاما داخل مجلس الدولة بجميع أقسام المجلس من محاكم بمختلف درجاتها (إدارية وتأديبية وقضاء إداري وإدارية عليا)، وهيئة مفوضي الدولة وإدارات الفتوي، حتي إنه ترأس إدارة الفتوي لوزارتي العدل والداخلية قبل توليه رئاسة دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ابتداءً من شهر أكتوبر الماضي وهو المنصب الذي أثار مزيدا من الجدل؛ ففي الوقت الذي اشتهرت فيه دائرة فحص الطعون بأنها دائرة تصدر أحكامًا لصالح النظام بعد أن أصدرت برئاسة المستشار إبراهيم الصغير عدة أحكام كان أبرزها حكمها الأشهر بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري الصادر بوقف تصدير الغاز الطبيعي إلي إسرائيل بأقل من خمس أسعاره عالميا وقضائها بضرورة الاستمرار في تصدير الغاز لإسرائيل، وكذلك حكمها بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري بطرد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية من الجامعات واستبدالهم بأفراد أمن تابعين لمكتب رئيس الجامعة وغيرها من الأحكام التي أوقفت فيها الدائرة أحكام القضاء الإداري لصالح الحكومة، جاء تعيين العجاتي رئيسا للدائرة لإعادة ثقة المواطنين في الدائرة وفي أحكامها التي لا تخشي في الحق لومة لائم، خاصة أن العجاتي معروف بين أوساط قضاة مجلس الدولة بأنه حجة قانونية لا غبار عليها وبعيدًا عن قيمته القانونية يعرف عن العجاتي أنه من أكثر الشخصيات التي تلقي قبولا واتفاقا عليها سواء من غالبية قضاة مجلس الدولة أو حتي من الموظفين الذين يعتبرونه نموذجا للتواضع وخلق القاضي حتي إن الكثيرين دائما ما يعربون عن رغبتهم في ترشح العجاتي لرئاسة نادي قضاة مجلس الدولة للتحدث بلسانهم ويتمنون أن تسمح أقدميته بالمجلس في أن يشغل منصب رئيس «مجلس الدولة».