هل تتذكرون "الليثى" وزير الزراعة السابق؟ كان قد صرح أنه "لا خطر على مصر من الجراد" وفى أثناء المؤتمر الصحفى الذى أعلن فيه "إن الجراد تحت السيطرة" دخل عليه الجراد مكتبه فى وزارة الزراعة وكانت فضيحة مدوية! بعدها بسنوات تلاه تصريح وزير الصحة - الجبلى وقتها - بأنه "لا توجد انفلونزا الطيور فى مصر وأنه لا يوجد ولن توجد فيها أى حالات"، وأستمرت هذه التصريحات العنترية حتى سقطت الطيور المريضة فى ميدان التحرير وظهرت صورها على صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون وكانت فضيحة بجلاجل تاهت مع جلاجل الفضائح الأخرى. ثم التصريحات المرعبة (للجبلى برضه) عن مقابر مصابى أنفلونزا الخنازير الجماعية والتى أنتهت بمقابر جماعية للخنازير نفسها ولأرزاق قطاع كبير جداً من المواطنين. هل راجع أحدكم نفى الحكومة منذ عام 2000 تصدير الغاز لإسرائيل أو وجود حتى نية لفعل هذا حتى أصبح تصدير الغاز لإسرائيل هو نشاط الحكومة الوحيد! هل قرأ أحدكم ما نشرته الجرائد منذ أيام بعد نفى واستنكار لشهور امتدت لسنين عن وجود تسرب نووى فى مفاعل إنشاص؟ ظهر الحق أخيراً وأعترفت هيئة الطاقة الذرية المصرية بوجود تسرب للماء المشع. هل تابعتم تصريحات الحكومة بأنه لا وجود لبكتيريا "إيكولاى" فى مصر؟ أعتقد إننا من المفترض ان نأخذ حذرنا بعد تجاربنا مع التصريحات التى من هذا النوع وأن نتأكد إن المرض الآن على باب الوزير وأنه على وشك طرق أبوابنا.. والأمثلة تفوق قدرة عقلى على حصرها لذلك أكتفى ب.. إلخ. الخلاصة إن التصريحات الحكومية التى من نوعية "الرخاء القادم" و"العشرميت مليون سايح"، و"الحد الأدنى والأقصى للأجور" و"دولة العِلم" و"الحكم المدنى" و"دولة المؤسسات" و"سيادة القانون" و"استعادة العافية الإقتصادية" و"عودة الأمن" و"الإكتفاء الذاتى" .. إلى أخره من كل هذا اللغو لن تظهر نتائجها للوجود، ولن نرى إلا عكسها تماماً كالعادة مادامت لا توجد أليات واضحة ومحددة لتنفيذها، وستصنف هذه الوعود ككلام مرسل من نوعية "روّح وأنا جاى وراك" أو "بس إنت إفتح ومايهمكش" وحديت "مايأكلش عيش" كما نقول، وأقرب لوعود الصنايعية منه إلى "خطط ورؤيا لدولة قوية قادرة على الإستمرار والنهوض بشعبها. المهم الذى لا مهم غيره هو أن نجد الشخص الذى سيجعل كل أحلام اليقظة - التى هى حقائق على الأرض فى دول أخرى أقل منا حظاً ومكانة - واقعاً ملموساً نلمسه بأيدينا قبل أن نفنى متمنين أن يدركه أحفادنا. وبالمناسبة لا يوجد شعب فى كوكبنا البائس يتحدث عن المستقبل والغد أكثر مننا، ولو قُدّر لسكان العالم الأول أن يقرأو خططنا عن القاهرة الخالية من العشوائيات فى 2050، والتلاتين مليون سايح فى 2020، ونهاية الأمية فى 2017، والكهرباء النووية فى 2027، ناهيكم عن أسماء الأحزاب والجمعيات والمدارس والجرائد التى لا تخرج عن توليفة (الحديث - النموذجى - الغد - المستقبل - الجيل .. إلخ) أقول لو قدر لهؤلاء الناس أن يروا كل هذا لأعتقدوا إننا نعيش فى يوتوبيا لا مثيل لها، وإننا بلغنا الكمال أو نسعى له بكل قوة وإصرار، رجالنا حكماء، نساؤنا مثقفات، وأطفالنا ملائكة، شوارعنا مرمر، وأشجارنا عرعر، ولكن نظرة واحدة إلى واقعنا البائس تصدم المراقب بقوة وتغرس لافتة "أرض الكلام" فوق خريطة حدودنا الصحراوية المترامية الاطراف. فاكرين عايزينها تبأه خضرا؟ هذه الأغنية عمرها ثلاثون عاماً، ومشروع "القراءة للجميع" فى دولة الخبز فيها ليس للجميع، و"حاسب لكل بيت" فى بلد ليس فيها أنبوبة لكل بيت!.. إلى أخره من مشاريع الهجاصين التى ألت إلى فشل تام. عودة إلى السؤال. ماذا سنفعل؟ فى ظنى إن كل مشاكلنا لها حل. ولا أبالغ إن قلت إن هذا الحل ممكناً تنفيذه بأقل مجهود، خاصة مع الاستفادة من خبرات الدول التى كانت تعانى من مشاكل شبيهة مثل الهند والبرازيل وتركيا، وبلاداً أخرى كنا نظن - حقاً - إننا أفضل وأعرق منها لنفاجأ بها وقد حققت طفرة صناعية وزراعية بأقل تمويل وإمكانات مثل أوغندا وأثيوبيا وبوركينا فاسو، فقط توفرت الإرادة السياسية والرغبة فى الإصلاح من القائمين على هذه البلاد فصنعوا ما كنا نظنه معجزات. وبوصولنا لمحطة الإرادة السياسية "لنا هنا وقفة". كل حكومة من حكوماتنا المتتابعة لها شخص ثقيل على قلبها بسبب أحياناً وبدون فى أغلب الأحيان، وعندما أعرب "زويل" عن نواياه ورؤيته لمستقبل "مصر الحرة والديمقراطية التى تاخذ بأسباب العلم والتقدم"، أصبح ثقيلاً على "أذين" المخلوع، وهو نفسه مصير "فاروق الباز" مع حكومتنا الإنتقامية بعد تصريحه بكل وضوح فى مقابلته مع "منى الشاذلى" إن "اللى عمل الثورة هو اللى يحكم"، ولما قالتله "لكن دول كلهم شباب فى العشرينات والتلاتينات" رد عليها قائلاً "وكذلك كان عبد الناصر والظباط الأحرار"، ومن وقتها ظهرت عيوب ممر التنمية، وبدأ يظهر المتشككين والقائلين إن المشروع غير مجدى لأن الأرض هضبة جيرية ولحاجته لتمويل فلكى - حوالى 40 مليار جنيه - وهو رقم لا يساوى نصف ثمن أرض "مدينتى" المهدرة من المخلوع وعصابته، وما جعل لتلك الأقاويل مصداقية هو تأكيد "ممدوح حمزة" لها بما يتمتع به من سمعة وطنية طيبة ومصداقية كبيرة لدى قطاع كبير من المصريين، ولكن من أخذوا كلام "حمزة" على أنه قول منزل لا خطأ به أغفلوا عامل الغيرة البشرية التى - ربما - جعلته يتحامل على مشروع الباز بعد أن وجد تحمساً من الناس له خاصة إنه تقدم بمشروع مشابه للزراعة فى الصحراء الغربية منذ سنوات (وكانت وقتها برضه هضبه وجيرية). المهم إن "كل تلك العوامل تجمعت لتطفيش الراجل المحترم" - والجملة السابقة للرائع عمر طاهر- الذى كان يريد الخير لهذا البلد بمشروعه التاريخى الذى كان سيغير خريطة مصر الجغرافية والديموغرافية للأبد. أؤكد مرة ثانية إن معظم مشاكلنا لها حلول وقد أجهض المخلوع وسدنته الكثير من الحلول لكثير من المشاكل التى كنا نعانى منها ومازلنا مثل مشكلة الطاقة، ولو كنا فقط سمحنا لمن كانوا يريدون - وهم كثر - بأن يقوموا بعمل مشاريع الطاقة المتجددة فى مصر للإستفادة من الشمس والرياح الموجودة بالمجان طوال العام، لبتنا دولة كبرى من عشرات السنين بدلاً من التهييس واللغو من المخلوع وولده حول إقامة محطات نووية، وقت أن فشلت حكومته فى عمل فواصل كوبرى أكتوبر طوال ثلاثين عاماً! وبمناسبة الطرق فقد قرأت منذ أيام أنه لا يوجد تمويل كافى لإكمال مشروع تحويل الطريق الصحراوى إلى طريق حر والذى لم ينجز منه حتى الآن سوى ربعه فقط! والمبرر أنه لا يوجد موارد كافية!!! كيف لا يوجد موارد وقد كانت موجودة أيام الحرامى وعصابته؟ وكيف كانت تمول هذه المشروعات فى وقت التجريف المجرم لكل مقدرات البلد ولا يوجد تمويل الآن بعد أن - أو المفترض - توقف مسلسل السرقة المنظم؟ هل كنا دولة أرزقية نحصل على مواردنا يوماً بيوم؟ لقد كان مبارك وعصابته يسرقوننا بشكل فاحش وكانوا يجدون التمويل لهذه المشروعات! فكيف لا نستطيع الآن؟ وكيف لا يدبر "شرف" - وهو الدكتور فى هندسة الطرق - التمويل اللازم لهذه المشروعات عن طريق بيع الأراضى والأماكن الخدمية على جانب الطريق؟ أرجو حل هذا اللغز السهل أو أتركوا من يقدر - وهو موجود - على حله ليتصدر صناعة القرار. لن نجد الحل على باب وزير بيروقراطى كل ما ينتجه هو أفكار للبقاء والحفاظ على الكرسى. هناك حلول مكدسة وأفكار جاهزة سجنها المخلوع فى الأدراج طوال عقود؟ أفكار "محمود عمارة" و"زويل" و"الباز" و"عمرو خالد" و"حسب الله الكفراوى" و"ممدوح حمزة" وغيرهم الكثير كفيلة بحل كل مشاكلنا الإجتماعية والسكانية والصناعية والزراعية والتعليمية والسياسية؟ فقط الإرادة السياسية والتى أراها متوفرة فى رجل واحد .. رجل واحد علينا جميعاً أن نلتف حوله .. وأن نستغله قبل أن يطفش أو يجيله نقطة .. الحل لكى نستغل كل مقدرات البلد وعقوله وموارده وأبناؤه موجود ولديه رؤية كاملة لتعويض كل ما فات.. البرادعى هو الحل.