عقدت لجنة تقصي الحقائق في أحداث منطقة إمبابة اليوم مؤتمرا صحفيا لبحث ما توصلت إلي من حقائق، والتي قد شكلها المجلس القومي لحقوق، حيث تتكون من مجموعة من اعضاء المجلس وهم جورج إسحاق، وحافظ أبو سعدة، وسهير لطفي، وسمير مرقص، وضياء رشوان، وعمرو حمزاوي، وناصر أمين، وبرفقتهم عدد من الباحثين القانونيين. وقد أعلنت اللجنة خلال المؤتمر أن الحادث بدأ طائفيا بتجمع مجموعة ترتدي جلاليب وملتحون يعتقد أنهم سلفيون بالإضافة إلى بعض من سكان المنطقة والمتواجدين بالطبيعة في المكان حول الكنيسة بحثا عن سيدة قيل إنها محتجزة فيها وهو ما لا يعطيه لهم أي قانون أو عرف، وأثناء هذا التجمع غير القانوني حول الكنيسة، حدث إطلاق لنار حول التجمهرين، ولم يتأكد مصدره للجنه، وهو ما سوف تظهره نتائج التحقيقات الجنائية، مما أدى لحدوث حالة من التدافع والهياج الجماهيري وصدام ترتب عليه إستخدام العنف والأسلحة النارية والبيضاء والحجارة وسقوط عدد من القتلي والجرحي، وقد وإمتدت الأحداث إلي كنيسة العذراء التي تبعد حوالي 2 كيلو متر مترافقة مع نداءات تحريضية بالتوجه إلي كنيسة العذراء وإحراقها، في هذه الأثناء تدافعت عناصر من الموصوفين بممارسة أعمال البلطجة نحو شارع الوحدة الكائن به كنيسة العذراء حاملين أسلحة نارية "فرد خرطوش – أسلحة بيضاء"، مطلقين أعيرة نارية في الهواء لإبعاد المواطنين وإثارة الذعر، أمام الكنيسة إنقسم المهاجمون إلي مجموعتين، فعملت الأولي علي الحيلولة دون تدخل المواطنين لحماية الكنيسة عبر إطلاق الأعيرة النارية، بينما قامت الثانية بإقتحام وإشعال النيران فيها وإحراقها بالكامل. وإستنتجت اللجنة أن التغيرات الهائلة التي تمر بها مصر حاليا في ظل ثورة 25 يناير، قد أفرزت عدد من الظواهر التي إرتبطت مباشرة بأحداث إمبابة من أهمها حالة الغياب الأمني الواسعة والتي أعطت أدوارا متصاعدة للخارجين عن القانون وإنتشار الأسلحة بشكل غير قانوني بين أيدي المواطنين، وبروز تفسيرات دينية متطرفة تطرح إعادة تشكيل المجتمع المصري بما يدع المواطنين المصريين المسيحيين خارجه باعتبارهم ذميين ليس لهم حقوق إلا حق الحماية الدينية وقد إستشرت هذة التفسيرات لدي بعض شرائح المجتمع في الفترة الأخيرة جراء الإستخدام المكثف لوسائل الإعلام المرئية، وتصاعد وتعدد محاولات قوي النظام السابق لإفشال الثورة عبر إثارة كل أشكال الصراعات والصدامات في المجتمع المصري وبين طوائفة وقواه، بإظهار أن الثورة هي التي تسببت في حالة الإنهيار الأمني. إضافة إلي الملف "الإسلامي – المسيحي" فبرغم من حالة الإندماج التي خلقتها الثورة بين المصريين من مسلمين ومسيحيين إلا أنه لا يمكن إنكار أن هناك مناخا طائفيا متراكما علي مدار الأربعة عقود، فمازالت أثارة وتفاعلاته مستمرة حتي اليوم، وقد تمت معالجة هذا الملف من جانب السلطات العامة خلال هذة العقود بإعتباره ملفا امنيا عرفيا ولم يتم إستخدام الوسائل السياسية ولا الإجتماعية ولا القانونية في نزع جذوره والتوصل لحلول حقيقية له، وعلي هذة الخلفية وهذا التراكم إندلعت أحداث إمبابة ومن قبلها أطفيح وقنا وأبو قرقاص، بما يؤكد الحاجه إلي معالجة الملف الإسلامي المسيحي بمنهج مختلف عما إتبعه النظام السابق والذي أدي إلي هذة الكوارث. أيضا خصوصية منطقة إمبابة والتي تتميز بغلبة الطابع العشوائي، وغياب الخدمات الأساسية والإكتظاظ السكاني الكثيف، وإنتشار البطالة وغياب السلطات العامة، وذلك بالنسبة لعموم سكان المنطقة من مسلمين ومسيحيين، والذي قد سهل من سرعة الإصطفاف الديني بمجرد سريان شائعة تتعلق بالشرف أو الدين أو كليهما، وهو ما توافر بوضوح أثناء الأحداث الاخيرة. ووصت اللجنة علي الإسراع بالقبض علي المتورطين في إرتكاب هذة الجرائم، وتقديمهم لمحاكمة عاجلة تتوافر فيها قواعد المحاكمات العادلة والمنصفة تأكيدا لقدرة المؤسسات القضائية الوطنية علي توفير الحماية لجميع المواطنين المصريين دون تمييز، والاسراع في تنفيذ خطط التواجد الامني في البلاد خاصة بالمناطق العشوائية والمهمشة من أجل عودة الإنضباط وتكثيف حماية دور العبادة، كما أكدت علي سيادة القانون وسيادة دولة المؤسسات وإن مؤسسة الدولة هي المعنية بتنفيذ القانون وإعماله دون الأفراد أو الجماعات، بالإضافة إلي أن حرية الرأي والتعبير لا تعني بأي حال من الاحوال الدعوه لأفكار أو قيم ضد القيم الإنسانية أو الديمقراطية أو الداعية للكراهية وضرورة محاسبة كل من تسبب أو ساعد بأي وسيلة من الوسائل علي الدعوة للكراهية أو الطائفية أو العنف بإسم الدين، وضرور إصدار تشريع لمكافحة الفتنة الطائفية أو التمييز علي أساس الدين ومعالجة الكثير من الجوانب المتعلقة بالملف الطائفي وفي مقدمتها دور العبادة الموحد وقانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز وغيرها من التوصيات التي تتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح وقبول الأخر، وقد قرر المجلس تعيين مفوض خاص من أعضاءه لمتابعة أحداث التوتر الديني، وسرعة التعامل معها.