بحد أدنى 260 درجة.. فتح المرحلة الثانية للقبول بمدارس التمريض بقنا (الشروط والتفاصيل)    حملات مكثفة لرفع تراكمات القمامة بحى ثالث الإسماعيلية    رئيس وزراء لبنان ل"لاريجاني": تصريحات المسؤولين الإيرانيين مرفوضة شكلا ومضمونا    رئيس الأركان الإسرائيلي: نواجه حربًا متعددة الساحات ونتبنى استراتيجية جديدة    الغندور يكشف حقيقة تقديم أحمد عبد القادر شكوى ضد الأهلي    الجونة يراقب غزل المحلة أمام سموحة قبل مواجهة الجولة الثالثة    نجم المصري البورسعيدي: نستحق التتويج بالبطولات مثل بيراميدز    تحريات لكشف ملابسات اتهام سيدة بالتسبب فى مصرع ابنها بالهرم    السكة الحديد تُعلن مواعيد تشغيل قطارات خط القاهرة - السد العالي    مدحت قريطم يدعو لاستئناف قوافل التوعوية بقواعد المرور بالمدارس والجامعات    بسبب تجاوز صارخ.. نقابة المهن التمثيلية تحيل بدرية طلبة للتحقيق    كريم محمود عبد العزيز ينتظر عرض فيلمه طلقنى خلال الفترة المقبلة.. صورة    استشاري نفسي يُحلل شخصية محمد رمضان: «يُعاني من البارانويا وجنون العظمة»    رمزى عودة: الانقسام الداخلى فى إسرائيل يضعف نتنياهو وقد يسرّع الدعوة لانتخابات    أنا زوجة ثانية وزوجى يرفض الإنجاب مني؟.. أمين الفتوى يرد بقناة الناس    أمين الفتوى: اللطم على الوجه حرام شرعًا والنبي أوصى بعدم الغضب    إجراءات صارمة وتوجيهات فورية فى جولة مفاجئة لمحافظ قنا على المنشآت الخدمية بنجع حمادي    محافظ المنيا ورئيس الجامعة يفتتحان وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى الأورام    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: حماس عليها أن تقدم أولوية إنقاذ شعبنا    ارتفاع مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في أمريكا وتراجع البنزين    جامعة الفيوم تنظم قافلة طبية بقرية اللاهون    إخلاء سبيل 6 متهمين بالتشاجر في المعادى    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    محافظ الجيزة يعتمد تخفيض تنسيق القبول بالثانوية العامة ل220 درجة    موراتا: سعيد بالانضمام إلى كومو ومستعد لتقديم كل ما لدي    الرئيس والإعلام ورهانه الرابح    رئيس اتحاد اليد بعد التأهل التاريخي: قادرين على تخطي إسبانيا    كرة سلة.. سبب غياب إسماعيل مسعود عن منتخب مصر بالأفروباسكت    بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%    محمود ناجي حكما لمباراة أنجولا والكونغو في أمم إفريقيا للمحليين    لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    قناديل البحر تعطل أحد أكبر المفاعلات النووية في فرنسا    التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    «شرم الشيخ للمسرح» يعلن تفاصيل مسابقة عصام السيد في دورته العاشرة    ثنائي العود يحيي أمسية في حب فيروز وزياد الرحباني بقصر الأمير طاز    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    وزير الصحة يشكر النائب العام على سرعة الاستجابة في واقعة "مستشفى دكرنس"    حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق "المسؤولية الطبية"    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بأقلام القراء.. إسلام أحمد يكتب: السلفيون والثورة
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 03 - 2011

لعل من اهم العقبات التى كانت تواجه اندلاع الثورة فى مصر هو الفكر السلفي العقيم اذ ما فتئ مشايخ السلفية يحرمون الخروج على الحكام بل ويحرمون التظاهرات أيضا! مستندين الى احاديث نبوية , الله اعلم بصحتها! , وبغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معها فانها كلمة حق اريد بها باطل! ذلك أن النظام الحاكم لكي يضمن البقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة فقد افسح المجال للفكر السلفي من خلال القنوات الفضائية , فى صفقة قذرة مع مشايخ الدعوة السلفية , لتغييب وعي الناس عن القضايا المصيرية بحيث يتحول المجتمع كله الى مشاهدين امام قناة الرحمة ومن ثم عباد لله تعالى فى البيوت والمساجد! , وهو أمر حسن لا شك , ولكن الاسلام كما أمرنا بالصلاة والعبادة فقد امرنا أيضا بالعمل والجهاد!
معلوم ان الفكر السلفي تم تصديره الينا من ناحية الشرق منذ الثورة النفطية فى سبعينيات القرن الماضي , وفي ظل ترهل الدولة المصرية فى عهد مبارك الى جانب تراجع دور الأزهر وتسييسه فقد كان من الطبيعي ان يجد هذا الفكر طريقه بسهولة الى الناس مستغلا العاطفة الدينية لدى الشعب المصري المتدين بطبعه! وهو ما يسوغ لنا وضعه ضمن سلبيات عهد مبارك
وحتى لا يتهمنى احد بأننى اتجنى على مشايخ السلف فقد سمعت بأذنى ذات مرة الشيخ محمد حسان يثنى بشدة على الرئيس مبارك من فوق المنبر! , كما سمعت ايضا فتوى من الشيخ ابى اسحق الحوينى بحرمة المظاهرات! , وقد بدت الصفقة القذرة واضحة خلال الاسابيع الأخيرة الماضية وتحديدا عقب اندلاع الثورة التونسية اثر انتحار الشاب محمد بوعزيزى مشعلا النار فى نفسه , اذ انهالت الفتاوي من كل صوب تحرم الانتحار وتحذر من يفعل ذلك بالويل والثبور فى الآخرة!
وبالمناسبة لم تقتصر الصفقة القذرة مع النظام الحاكم على السلفيين فحسب وانما شملت الكنيسة أيضا اذ من المعلوم تأييد الكنيسة المطلق للرئيس مبارك , ويحضرني هنا أن البابا شنودة قد ضبط يوما متلبسا بالترويج لجمال مبارك قبل حتى أن يعلن الاخير ترشيح نفسه للرئاسة! , بل لقد ظل البابا على تأييده للرئيس مبارك حتى اللحظة الاخيرة للثورة! , والغريب أنه استند الى الدين فى تحريم التظاهرات تماما مثل السلفيين حيث أكد أكثر من مرة ان الأقباط لا يتظاهرون!
هذا فضلا عن موقف شيخ الازهر المخزي ابان الثورة حيث ظل حتى اللحظات الاخيرة محرما للثورة والتظاهرات اذ اعلن يوم الجمعة 11 فبراير أن المظاهرات أصبحت «نوعا من الفوضى» واعتبرها «خروجا على الحاكم» مفتيا بكونها «حراماً شرعا ومن يدعو إليها ومن يستمع لها فى النار».!، ولكن لئن كان موقف شيخ الازهر مفهوما فان موقف مشايخ السلفيين غير مبرر ولا ومفهوم! , اذ ما الذى يجبرهم على الانبطاح امام النظام الحاكم؟! , اللهم الا الصفقة القذرة المشار إليها!
ومن مفارقات القدر أنه قبل اندلاع الثورة المصرية بعدة اسابيع دخلت فى مناظرة كلامية مع بعض الإخوة السلفيين , وبالمناسبة كان بينهم صديق عزيز لي! , بدأت المناظرة بشكل هادئ ثم سرعان ما تحولت الى مشادة عنيفة وذلك حيث اتهمتهم بأن الخطاب الدينى السلفي السائد حاليا لا يتدخل مطلقا فى السياسة وبعيد اشد البعد عن الشأن العام وهموم المواطنين وانما يدعو الى الاستكانة والخمول بل والسمع والطاعة العمياء للحاكم بغض النظر عن مدى ظلمه اذ لم اسمع يوما احد مشايخ السلف يتحدث عن حرمة الفساد فى الاسلام او عن ظلم الحاكم! , ولا استطيع ان افهم لماذا قامت الدنيا ولم تقعد جراء سب احمق من مشايخ الشيعة للسيدة عائشة؟! بينما لم يحرك احد ساكنا اثر الانتهاكات التى يتعرض لها المسجد الاقصى بشكل يومي!
فما كان من الاخوة السلفيين الا ان قاموا بسبي واتهامي بالجهل! , كعادة السلفيين حين يعجزون عن الرد فإنهم يلجأون الى التسفيه! , ولأن رد فعلي عنيف بطبعي فقد انفعلت على احدهم قائلا : "باختصار الفرق الذى بيني وبينك يا حبيبي أننى أريد ان اغير الحاكم الظالم هذا فى حين ان كل همك ان تجعل هذا الشاب الجالس على القهوة يقوم فيصلي! , الفرق الذى بيني وبينك أننى اجاهد بكل السبل من اجل القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الاقصى بينما كل شغلك الشاغل ان تجعل هذه الفتاة المتبرجة تلبس الحجاب! , هل لك ان تخبرني ماذا قدمت من اجل فلسطين والمسجد الأقصى؟! " , فوجئت عندئذ ببعض الشباب الذى تجمع اثر علو صوتنا ليستمعوا الى المناظرة! وهم ينظرون الى باعجاب واضح لا يخلو من تعجب وكأن لسان حالهم يقول : "من هذا المجنون الذى يسب الحاكم على الملأ؟!"
رد الأخ السلفي ساخرا : " وهل انت اذن الذى ستغير الحاكم وتحرر المسجد الأقصى؟!" , قلت بثقة لا اعلم مصدرها : "نعم وسنرى" وتركتهم وانصرفت بعد السلام , ولا اخفى عليكم أننى شعرت بسعادة غامرة لا لأننى انتصرت عليهم فى المناظرة وانما لإحساسي أننى نجحت ان احرك شيئا ما فى نفوس الشباب المستمعين
والحاصل ان التجربة اثبتت أننى كسبت الرهان ونجحت وزملائي من شباب 6 أبريل بفضل الله فى اسقاط الحاكم الظالم وضرب مشروع التوريث , لذا فقد بعثت برسالة الى صديقي السلفي قائلا : "كسبت الرهان انت تخسر"! , لا لأعلن انتصارى عليه وانما لأعلمه أن الحق دائما ينتصر فى النهاية وان الحاكم مهما بلغ به الجبروت والاستبداد فلابد ان يخضع لإرادة شعبه فى نهاية المطاف.
الغريب انه حتى بعد اندلاع الثورة المصرية فان السلفيين ما زالوا على موقفهم الرافض للثورة والتظاهرات اذ فوجئت بعد أسبوع من بدء الثورة بموكب سيارات من السلفيين يطوفون شوارع المدينة مصيحين :" لا للمظاهرات لا للمظاهرات"!!, الامر الذى اثار استفزاز بعض شباب اللجان الشعبية وكادوا يشتبكون مع السلفيين لولا تدخل بعض العقلاء من الجانبين , نفس الأمر تكرر اثر خطبة جمعة لأحد مشايخ السلفيين الكبار , وهى جمعة الرحيل , حيث قام بتسفيه الثورة المصرية وشبابها الثوار فقام احد الحاضرين بالاعتراض عليه وسبه!
وقد ساقني حظي العثر للاصطدام بأحد السلفيين مرة اخرى منذ عدة أيام عقب صلاة العشاء اذ قابلت احدهم واخذ يحدثنى عن الثورة المصرية قائلا أنه كان محتارا واختلط لديه الحابل بالنابل ولم يهتد للصواب الا بعد ان استمع للشيخ مصطفى العدوى , وهو من كبار مشايخ السلفيين فى مصر وقد أسمعنى ما قاله الشيخ من خلال تسجيله على الهاتف المحمول ففوجئت برأيه العبقري وهو "ان المطالب السياسية التى يرفعها المتظاهرون يجب عرضها على الكتاب والسنة فان وافقتها فهي حلال والا فهي محرمة وعليه فقد حرم الثورة على الحاكم! " , وأتساءل ما دخل الكتاب والسنة بمطالب سياسية من اجل الديمقراطية ونيل الحرية؟! , وعلى فرض انه يجب عرض الامر على الدين فظنى ان الله تعالى احكم من ان يحرم الثورة على الظلم والفساد والاستبداد!
أشعر بسخط هائل لما خسرناه نتيجة هذا الفكر العقيم اذ تخيلوا معي ماذا كان يمكن ان يحدث اذا خرج الشيخ محمد حسان بكل ما له من شعبية واسعة ودعا الناس الى الثورة على الحاكم الظالم؟! , بالتأكيد لكنا ربحنا كثيرا ولفاق عدد الثوار أضعاف ما هم عليه الآن!
المدهش ان الشيخ محمد حسان الذى ما برح يحرم الثورة على الحاكم وأثنى يوما على الرئيس السابق حسني مبارك من فوق المنبر , قد ذهب الى ميدان التحرير ليقف بجانب شباب الثورة! , وهو ما يسوغ لنا وصفه بالتلون واللعب على الحبال فضلا عن النفاق!
والمضحك أن السلفيين , بعد نجاح الثورة , قد اختزلوا الأمر برمته فى المادة الثانية من الدستور التى تنص على ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع حيث شنوا مظاهرات حاشدة للمطالبة بالابقاء على تلك المادة وعدم ادراجها على قائمة المواد الجاري تعديلها! , فى تصرف غبي من شأنه اشعال حرب طائفية بين المسلميين والمسيحيين فى وقت احوج ما نكون فيه للوحدة! , وقد ثبت وفق ما نشرته صحيفة الشروق أن وراء تلك التظاهرات السلفية عناصر من رجال اعمال بالحزب الوطني! بهدف اثارة النعرات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين ومن ثم افشال الثورة! , وهو ما يؤكد الصفقة القذرة التى أشرت اليها!
ولأن ذلك الفكر يمثل خطرا حقيقيا على المجتمع وللخروج من تلك المعضلة الفكرية فادعو الحكومة الجديدة الى وضع مهمة تغيير الخطاب الديني السائد ضمن اولوياتها بمحاربة الفكر السلفي واستبداله بالفكر الوسطي المعتدل الذى لطالما تميزت به مصر عبر تاريخها , ولن يتأتى ذلك الا بإفساح المجال للأزهر لممارسة دوره التاريخي الذى تراجع مؤخرا لأسباب يطول شرحها ذكرت بعضها اعلاه مع التأكيد على استقلالية الأزهر وفصله عن سياسة الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.