قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن مصر تشهد هذه الأيام أكبر مظاهرات على الإطلاق منذ سنوات وإنه من المحتمل أن تشكل قلقًا كبيرًا في عام الانتخابات الرئاسية. وأضافت نقلاً عن الضباط والمسئولين المصريين – الذين يتحدثون في سرية تامة دون ذكر أسمائهم لأنه غير مصرح لهم بالتحدث للإعلام - إنه تم اعتقال ما يصل إلى 200 متظاهر خلال هذه الاشتباكات التي بدأت الثلاثاء في ميدان التحرير الذي يبعد خطوات قليلة عن مجلس الشعب المصري والتي تطالب بإنهاء حكم حسني مبارك الاستبدادي. وأضافت إن اشتباكات الثلاثاء قد تسببت في قتل ضابط واثنين من المتظاهرين، بالإضافة إلى 250 مصاب بعدما أطلقت قوات الشرطة الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، بالإضافة إلى استخدام بعض الضباط للعنف مع بعضهم. ونقلت واشنطن بوست عن أحد المتظاهرين ويدعى إبراهيم إنهم كانوا يتعرضون للضرب على وجهوهم وإنه تم ضرب إحدى المتظاهرات على ظهرها بشئ أشبه بصخرة. وعن متظاهر آخر – إسماعيل سيد عامل بأحد الفنادق ويتقاضى 50 دولار شهريًا – إن هذه المرة الأولى التي يشارك فيها في مظاهرة وإنه يجب على المصريين أن يقولوا لا. وعن أحد المتظاهرات – لمياء رايان - إنه يريدوا التغيير فقط مثل ما فعلته تونس. كما نقلت الصحيفة ما كان يردده هؤلاء المتظاهرين مثل "اسقط يا مبارك "مش عايزينك!" وعبارات أخرى تنادي بسقوط النظام المصري وتعديل القائمين الحكومة وعلى رأسهم رئيس الوزراء أحمد نظيف. وقد حطم المتظاهرون بوابات مقر الحزب الوطني بالقرب من الميدان. وقالت واشنطن بوست إن المظاهرات المصرية بدأت في كافة المحافظات والمدن بطريقة سلمية جدًا احتجاجًا على التعذيب والفساد والفقر والبطالة، حيث كانت قوات الشرطة تتظاهر في بادئ الأمر متماسكة لتجنب اتهام الجهاز الأمني بالفساد والعنف. كما أشارت واشنطن بوست إنه مثل تونس، بدأت الدعوة للتظاهر والاحتجاج عبر الفيس بوك وتويتر، وبلغ عدد المؤيدين لذلك 90 ألف شخص. وطوال اليوم كان المتواجدون بالمظاهرات يرسلون عبر هذه الشبكات الاجتماعية التحديثات والتعليمات دقيقية بدقيقة حول أماكن التجمع في محاولة لتشتيت قوات الأمن. وأضافت إن موقع تويتر قد أعلن إنه تم حجبه في مصر منذ الساعة 11 صباحًا. واتفقت صحيفتا الواشنطن بوست الأمريكية والجارديان البريطانية في بعض الأسباب الجوهرية التي قادت ودفعت المصريين لهذا التظاهر الهائل، فأشارت إلى تقارير الأممالمتحدة بإن نصف سكان مصر البالغ عددهم 80 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو فوقه بالكاد، بما يعادل 2 دولار يوميًا. بالإضافة إلى الفقر المنتشر ونسبة البطالة المرتفعة وأسعار الأغذية المرتفعة الذين يشكلون تهديدًا كبيرًا على نظام مبارك في الوقت الذي تزيد التوترات بين المسلمين والمسيحيين إلى جروح البلد. وعدم التأكد من ما إذا كان الرئيس مبارك – 82 عامًا – سيرشح نفسه لدورة رئاسية جديدة أو إنه يمهد لتوريث ابنه جمال الحكم، إلى جانب إن مبارك لم يقم بتعيين نائب له منذ أصبح رئيسًا عام 1981. وأضافت إن التزوير في الانتخابات البرلمانية الماضية وفوز الحزب الوطني الديمقراطي بمعظم المقاعد كان له تأثيرًا أيضًا على المتظاهرين. ومثلما حدث في الثورة التونسية التي ساعد على اندلاعها انتحار بو عزيزي بسبب البطالة، كانت الثورة المصرية متأثرة بقتل خالد سعيد بسبب التعذيب. وأشارت واشنطن بوست أيضًا إلى الوعود والإصلاحات الاقتصادية في صالح الفقراء التي تعهد بتنفيذها الرئيس وابنه في الأسابيع الماضية والتي لم يتحقق منها أي شئ حتى الآن. ونقلت عن الكاتب علاء الأسواني إن المظاهرات بداية مهمة للمعارضين الحكومة. وإن المصريين كسروا حاجز الخوف بخروجهم في المظاهرات. وعلق على ما قالوه رجال النظام بإن المصريين ليسوا كالتونسيين وإنهم أقل تعليمًا منهم ولكن، أثبت شباب المصريين إنه يمكنهم أخذ حقوقهم بالقوة. ونقلت الجارديان عن روبرت جيبس – أمين الصحافة بالبيت الأبيض – إن الحكومة المصرية لديها فرصة مهمة للاستجابة لطموحات الشعب المصري ومتابعة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها تحسين طرق حياتهم والمساعدة على ازدهار مصر.