محافظ البحيرة: المرأة البحراوية تتصدر مشهد الانتخابات منذ الصباح الباكر    جامعة أسيوط تطلق الزي الموحد للعاملين بالمطعم المركزي    وزير الإسكان: العاصمة الإدارية أصبحت مركزًا متكاملًا للحكومة    برامج مساندة لشريحة متوسطى الدخل لمساعدتهم فى مواجهة الأعباء.. إنفوجراف    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة بداية الأسبوع    محافظ المنوفية يناقش إحلال ورفع كفاءة كوبري مبارك بشبين الكوم    ليبيا.. رئيس الأركان التركي يشارك في مراسم تشييع الوفد العسكري    الأحزاب السياسية في تايلاند تسجل مرشحيها لمنصب رئيس الوزراء المقبل    غضب عارم.. جماهير ليفربول تهاجم ذا أتلتيك دفاعًا عن محمد صلاح    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المغربي    محمود عاشور حكمًا لل VAR بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    رئيس الوزراء يُتابع ترتيبات عقد امتحانات الثانوية العامة لعام 2026    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    محمد أبو عوض: برلمان 2026 سيشهد نضجا سياسيا.. وتدخل الرئيس صحح المسار    بابا لعمرو دياب تضرب رقما قياسيا وتتخطى ال 200 مليون مشاهدة    مواعيد وجدول مباريات اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025    بتكلفة 17 مليون جنيه.. محافظ المنيا يفتتح أعمال تطوير مدرسة "النور للمكفوفين"    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    محمود حميدة: طارق النبراوي يفهم معنى العمل العربي المشترك وقادر على رسم المستقبل    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    مباشر أمم إفريقيا - الجابون (0)-(0) موزمبيق.. صاروخ مبكر    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    وصول جثمان المخرج داود عبد السيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    رحيل أسطورة الشاشة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر 91 عامًا    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر تجدد اتفاق تمويل مع بنك البركة بقيمة 90 مليون جنيه    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    52 % نمو في أرباح ديجيتايز خلال 9 أشهر    البنك الأهلي وبنك مصر يخفضان الفائدة على الشهادات متغيرة العائد المرتبطة بالمركزي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    انطلاق الانتخابات التشريعية في ميانمار    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    أمطار ورياح قوية... «الأرصاد» تدعو المواطنين للحذر في هذه المحافظات    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توماس جورجيسيان يكتب: وطبعا .. البركة فينا!!

بداية العام الجديد أكيد تصدم وتزلزل وتغم وتحزن وتعكنن.. وتفتح جروحنا كلها وتكشف روحنا (حلونا ومرنا)، والأهم انها بداية أزاحت القناع ليظهر جمالنا ويتفضح قبحنا .. وطبعا كانت كارثة تخلينا نغضب ونفكر ونقول ونسكت ونتشل ونفور.. "ايوه الحكاية كانت وكمان مازالت" و"اللي فينا أكيد مكفينا" و.."لسه.. حنقول ونزيد؟!" والمرة دي الحكاية كانت في الاسكندرية.
"كان جدي يرى الاصلاح في حكم المستحيل، ورآه أبي ممكنا، والمطلوب اصلاحه في نظره هو حال المسلمين" يكتب المفكر جلال أمين ويضيف: "ورأيته أنا أيضا ممكنا والمطلوب اصلاحه في نظري هو حال مصر وعلى الأكثر حال العرب. أما ابني فاني أراه يتصرف وأسمعه يتكلم وكأن الاصلاح الشامل في حكم المستحيل، سواء كان اصلاح المسلمين أو العرب أو مصر".
ويرى أمين أن ابنه قد عاد الي النقطة التي بدأ منها جده مع اختلاف الأسباب ذاكرا: " لقد وصل اليها جدي بتعمقه في قراءة كتب الدين، ووصل ابني اليها من قراءة كتب التاريخ والسياسة، وسماع أخبار العالم من التليفزيون."
لكن ترى ماذا نفعل نحن الآن لكي لا نصل الي تلك النقطة وذلك الاستسلام لليأس وعدم الامكان خصوصا أن أغلبنا يقرأ فقط كتب الدين ويسمع ويشاهد بل ويدمن أقاويل وفتاوي التليفزيون.. أو الانترنت؟ وكلنا في المركب وفي الهم سوا .. مسلمين ومسيحيين.
ما حدث مع بداية عام 2011 بكنيسة القديسين في شارع خليل حمادة بسيدي بشر بالاسكندرية كانت كارثة وصدمة ويجب التعامل معها على هذا الأساس بحزن وغضب وأيضا بحكمة. حكمة من يريد ألا يتكرر الحادث وحكمة من يريد أن يجد المناخ غير مهيئا ( فلنقل مسموما!) لتكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
نعم "المرة دي كانت الاسكندرية" وكانت في بداية عام جديد. ومع الأسف و"المرة دي مازالت هي القضية اياها والملف اياه والاحتقان اياه والتحدي اياه " كما ينبهني صديقي سامي ويضيف: "وقد نختلف في التسمية أوالتعريف أوالتصنيف أو التعليل الا أن الخطر واحد وواضح وضوح الشمس .. يحدق فينا ويتربص بنا ويهددنا .. انه خطر قائم وقادم"
وأكيد سمعنا الكثير وشاهدنا الكثير وقرأنا الكثير وقلنا الكثير. وأكيد التعبير عن حزننا وغضبنا وعن قلقنا وخوفنا على مصر له قيمته ومكانته وأهميته ومردوده. لكن يبقي السؤال الأهم: ثم ماذا؟ وهل لو واجهنا أنفسنا بعد شهرين أو ثلاثة بنفس القضايا التي طرحناها مع الحادث سنقول أخذنا خطوات وحققنا كذا وكذا أم أننا كالتلميذ الخائب سنتفادى الاجابة أو سنبحث عن حجج تبرر اخفاقنا وفشلنا في أداء الواجب وما هو مطلوب منا وعهد قطعناه من أجل تحسين أحوالنا حال دنيانا في وطننا.
ويجب أن أعترف هنا ( طالما تعودنا على الصدق والصراحة) بأنني أمام طوفان المشاعر والأحزان والتعليقات والتصريحات والمقالات والشعارات ترددت فيما يمكن قوله أو اضافته لكل ماقيل وكتب وتكرر قوله وكتابته على مدى الأيام الماضية. وأنا كلي ثقة بأن الكل قلبهم على بلدهم مصرنا الغالية. وأن الكل عايز يساهم ويشارك ويمد ايده ويغير سلوكه و"يحسن ملافظه" من أجل مصر الأفضل والأجمل والأحن. ولا ذرة شك لدي في نوايا كل هؤلاء المتكلمين منهم أوالصامتين أوالمؤمنين بأن الشعب واحد والوطن واحد. وفي لحظة صمت وتأمل تدخل حبيبي العم حسين كعادته ليقول ببساطته الفذة " هو انت مش عايز تقول ولا خايف تقول ان نفسك .. نفسك قوي ان كل ده ما يكونش في النهاية بس كلام ودخان في الهوا وبكره ننسى اللي قولناه ونعود لعادتنا القديمة .. ونشتكي من االي بيحصل حوالينا"
ويشارك تامر غاضبا "ما احنا قلنا وكررنا من قبل.. فاكر تقرير لجنة جمال العطيفي التي رصدت بوادر التوتر الطائفي عام 1972 وكانت أيامها في الخانكة. وعلى فكرة بعملية حسابية سهلة وبسيطة هى الطرح بين التاريخين بين وقتها ودلوقتي يعني 2011 .. حنجد 39 سنة عدت واحنا لسه بنتكلم عنه وبنجيب في سيرته ونكتشف اننا فعلا قصرنا في حقنا"
وطبعا بنقصر في حقنا وفي هويتنا وفي تاريخنا عندما نفقد ذاكرتنا أو تمتد ذاكرتنا فقط لسنوات قليلة مضت وننسى أو نتناسى ما كان في مصر وما يجب أن يظل في مصر. والأخطر بالطبع عندما ننسي ونتناسى التاريخ الذي أثرى وجودنا في وادي النيل والذي حكاه لنا من جديد جمال حمدان وجمال بدوي وآخرون. وعلينا أن نرجع لكتبهم لنقرأها من جديد وننشرها من جديد لأجيال تأخذ معرفتها وخيالها وخيبتها من غوغائية الفضائيات!!
ومن الطبيعي أن المرء منا عندما يجد نفسه أمام كارثة مثل تلك التي حدثت في الاسكندرية يبحث في ثنايا حياته عن ذكريات حلوة قد تكون تلاشت مع مرور الأيام ومشاغل الدنيا ويلجأ لكتب قيمة قد دفنت وسط أرفف المكتبة أو صور جميلة قد تناسيناها في ألبومات عديدة تراكم عليها التراب عبر السنين.
عفوا نحن نبحث بل علينا أن نبحث عن اللحظة الحلوة أو الموقف النبيل أو الكلمة الحنونة التي عشناها في حياتنا وخلدناها لتنقذنا مما نحن فيه أو مما قد تجرفنا اليه الأحداث المؤلمة. وهذا تحديدا هو ما أفعله هذه الأيام في مواجهة أو مقاومة الحزن الكئيب الذي خيم علينا جميعا.
ألجأ للروائي ابراهيم عبد المجيد صاحب "لا أحد ينام في الأسكندرية" لأجده يكتب بحسرة عن الاسكندرية المدينة التي كانت .. وصارت في صحيفة "اليوم السابع" :
".. صارت مدينة التسامح الحقيقى مدينة مزورة ترفع راية الدين شكلاً ومظهرا شأنها شأن سائر المدن المصرية. مدينة عاشت أكثر من ألفى سنة تستوعب الدنيا كلها، صارت تضيق بأهلها من الأقباط. يا إلهى. ولا تحدثنى من فضلك عن الاستعمار والصهيونية والايادى الاجنبية. الأرض هناك الآن مهيأة لهذا كله كما هى فى سائر الوطن، الأمر فقط فى الإسكندرية يدعو للحسرة والألم أكثر من غيرها من المدن، وماجرى فى كنيسة القديسين أكد لى أن المدينة التى كانت بيضاء صارت سوداء قاتمة بفعل الأفكار التى سادت ضد تاريخها من التسامح، ولعله الحزن الذى علينا الآن أن نلعنه فى ملابسنا السوداء."
ويذكر عبد المجيد أيضا "الاسكندرية التى كانت تولى وجهها شطر أوروبا صارت تولى وجهها شطر الصحراء. انظر الآن الإسكندرية القديمة التى عاش فيها أعظم متصوفة وعلماء الإسلام، وتركوا خلفهم أعظم المساجد، ورغم ذلك ظلت تحتفظ بروحها الإنسانى وانظر إليها الان ترتفع فيها المساجد كل يوم وفقدت فى نفس الوقت روحها الإنسان. لم يكن أبوالعباس المرسى ولا سيدى العدوى ولا سيدى ياقوت ولا سيدى جابر ولا سيدى القبارى ولا غيرهم وما أكثرهم فى الإسكندرية كفارا أيها الناس كانوا رموزا إسلامية عظيمة يعرفون أن الإسلام دين التسامح. أما الذين يباهون اليوم ببناء المساجد ويتوخون أن تكون امام الكنائس فقد أشعلوا فتنة لم تعرفها الإسكندرية، ووضعوا فى مساجدهم مشايخ لايعرفون من الإسلام أى معنى للتسامح والاخوة. لقد ضاع الحس المصرى وتشبهنا بالصحراء العربية ونحن لا نعيش فيها. بل تتطور الصحراء العربية ونتخلف نحن".
ثم ماذا حدث للإسكندرية؟ تتساءل الكاتبة اقبال بركة في مجلة روز اليوسف وهي تقول "أنا من سيدي بشر":
"لماذا انقلبت على المسيحية وأصبحت جرائم الاعتداء على الإخوة المسيحيين تتكرر فى محرم بك وميامى بالإسكندرية، وأخيرًا فى سيدى بشر وتندلع المظاهرات حول مسجد القائد إبراهيم كل أسبوع؟!
هل تغيرت طبيعة أهل الإسكندرية من الانطلاق والتحرر وسعة الأفق إلى التجمد والتعصب وضيق الأفق؟
هل صدقوا ما ردده بعض المغرضين نقلاً عن تنظيم القاعدة عن وجود أسلحة داخل الكنائس؟"
وتدعو الكاتبة الى ما يجب فعله: "أرجو أن يعى السكندريون خطورة سلبيتهم خاصة بعد ذلك الحدث الجلل، وأن يتكاتفوا ويعلنوا بكل الوسائل الواضحة رفضهم للإرهاب ولقتل الأبرياء وترويع المواطنين، كفانا شجبا وإدانة وبكاء على اللبن المسكوب، ولنتحرك إلى الفعل العاجل الحازم، ولا يكفى أن تدين الأحزاب المصرية الاعتداء الإرهابى على كنيسة القديسين بالإسكندرية بل عليهم التواجد فى المنطقة وتنظيم لقاءات شعبية مع أبنائها وشرح أبعاد القضية وعواقبها سياسيًا واجتماعيًا ومواساة أهالى الضحايا ومساعدتهم على تخطى محنتهم ماديًا ونفسيًا، وليتهم يتفقون على تنظيم مسيرة حاشدة ترفع لافتات الإدانة وتعلن الرفض لكل صور الإرهاب والتعصب، كذلك لا يكفى أن تعلن الحكومة إصرارها على تعقب الجناة وتصف الحادث بالعمل الإجرامى الذى يستهدف شعب مصر مسلميه وأقباطه فى إطار مخطط خارجى يستهدف وحدة مصر وأمنها، بل لابد من اتخاذ إجراءات وقرارات سريعة تلقن الجناة درسًا فى التضامن والتكاتف والاعتزاز بكل المواطنين ولتتكون لجنة لدراسة قانون بناء دور العبادة الموحد الذى ننتظره منذ سنوات يشارك فيها أعضاء مسيحيون من أكثر من طائفة، وتفعيل التوصيات بتعديل المناهج التعليمية وعلى تليفزيون الدولة أن ينشط لتقديم برامج تتصدى لأباطيل المتعصبين من الجانبين وتوعيتهم بحقائق الأديان."
اقبال بركة وهي تسترجع المشاهد المبهجة والصور الجميلة من اسكندرية الزمن الجميل تقول:" لقد كنا نفخر بتجاور الكنيسة والجامع فى شارع خليل حمادة ولكن جريمة رأس السنة استهدفت هذه الجيرة لتشعل نار الفتنة وتؤججها بتجاور المعبدين، "فاللوكيشن ممتاز" ويناسب تمامًا المسرحية التى يؤلفونها منذ عقود: مسرحية الحرب الأهلية بين مسلمى مصر ومسيحييها."
تتساءل: "وأخيرًا ماذا تم بحادثة الكشح وحادثة محرم بك وأحداث الشغب بمنطقة 45 بميامى بالإسكندرية، ومن قبلها أحداث الخانكة والزاوية الحمراء فى سبعينيات القرن العشرين وأحداث نجع حمادى الشهيرة التى وقعت ليلة عيد الميلاد 2010 ووقع فيها ستة قتلى أقباط وشرطى مسلم.. هل أخذت العدالة مجراها أم مازالت تبحث عن إبرة فى كوم قش؟"!
ولم يتردد الكاتب الكبير ادوارد الخراط ( وهو صاحب "ترابها الزعفران" و"يا بنات اسكندرية" في القول من قبل:
"أنا المصري العربي خلال سبعة آلاف عام غيرت ديانتي ثلاث مرات لكنها ظلت في صميمها واحدة أو متقاربة، وغيرت لغتي ثلاث مرات لكنها ظلت لغة واحدة في جوهرها قدسية وأرضية معا، العربية المصرية، موسيقية وصارمة الدقة ، حملت فلسفة اليونان وعلومهم الى لغات العالم المعاصرة، كما كانت قد حملت تصورات القدامى وعقائدهم الى التصورات والعقائد المحدثة، هي اللغة التي تمتاز لا بعراقتها فقط، بل بثرائها الفادح وتعدد مستوياتها ولهجاتها التي في استطاعتي أن أفيد منها جميعا، على اختلاف طبقاتها وتنوع مذاقاتها ونكهاتها، من لغة امرئ القيس الى لغة بيرم التونسي وفؤاد حداد، ومن لغة أبائي وأجدادي في أخميم الصعيد الجواني الى لغة اسكندرية القديس مرقص وأبي العباس المرسي."
ورجل الأعمال الشهير نجيب ساوريس عنده حق عندما لخص المطلوب ببساطة وشجاعة "العدل والمساواة" وعندما قال بأن ما يؤلم القبطي أو المصري المسيحي هو التشكيك في ولائه وانتمائه لمصر. ومع كل ما أثير أخيرا من قضايا الاقباط ومطالبهم فان المواطنة هي الحل. ويسأل في ذلك الصديق العزيز سمير مرقس زميل المرحلة الثانوية وابن حتتي شبرا. وقد كتب سمير وقال وناقش الكثير حول مفهوم المواطنة لسنوات طويلة. المواطنة هي حق وليس هبة أو منحة أو منه. المواطنة التي تقر وتعترف وتعني بحقوق وواجبات المواطن .. أبناء وبنات هذا الوطن المسمي مصر ومن ثم نجد عدل ومساواة في ممارسة هذه الحقوق وأداء هذه الواجبات على السواء. المواطنة هي الحل حتي لا نرى حقوق المصري المسيحي كمواطن يتم مناقشتها عبر الكنيسة ورجالها ثم توصف مطالبه بأنها مطالب أقباط وعندما يهاجر الى الخارج أو يعمل به يتم نعته أو وصمه أو تهميشه أو التشكيك في ولائه تحت مسمى "أقباط المهجر". بالمناسبة هناك ما بين 5 و7 مليون مصري ( مسلم ومسيحي) في بلاد المهجر وهل نعرف كيف نتعامل معهم ونستفيد منهم (ان أمكن) ؟؟. ولا شك أن القضية الحيوية التي نحن بصددها (كما اعتدنا القول) أكبر بكثير من بناء الكنائس والخط الهمايوني الشهير وقانون الأحوال الشخصية. وهي قضية وطن واحد وقضية شعب واحد يواجه مصير واحد.
وطالما أشرنا لمصير واحد فان الموقف الآخر الذي "يعكنن الواحد" وبصراحة "مالوش موقع من الاعراب" في أي لغة من اللغات هو تعبير "مش ده وقته". وكلنا نعرف أن حاجات أبسط من كده بكتير اتقالت معاها العبارة اللعنة اياها "مش ده وقته". ونحن سمعنا "مش ده وقته" واحنا في العشرين من عمرنا وسمعناها واحنا في التلاتين وكمان احنا في الأربعين ونسمعها الآن بعد ما عدينا الخمسين "بالذمة امال امتى وقته؟.. لما نكون في العالم الآخر؟" ويضحك العم حسين قائلا:"امال احنا نقول ايه واحنا اللي قربنا من التمانين"
وطبعا العزيزة سامية معاها حق أن تحزن وتقلق وتغضب وأن تتساءل كيف يمكننا الخروج من الجو العام الكئيب والخانق الذي تبلور وتكثف وتجسد مع حادث الاسكندرية .. "هو احنا خلاص مش طايقين بعض؟؟". وبالتأكيد معاني وقيم ومواقف وحكايات حلوة عديدة ظهرت مع الحادث الأخير أكدت مصريتنا وطبطبت علينا وخففت شوية من حزننا وغضبنا الا أن قراءة بعض ردود القراء وتعليقاتهم و"شتائمهم" على آراء الكتاب .. كما أن ما كشف عنه بعض أصحاب القلم والرأي من "المكنون في نفوسهم" بعد مرور أيام من اقامة سرادق العزاء تقول وتصرخ في وجوهنا بأن القضية قائمة ولا يمكن تجاهلها أو التهوين من شأنها تسميها فتنة طائفية تسميها احتقان طائفي أو تفرقة أو تعصب "سمي اللي أنت عايز تسميه" المهم أن نطرحها للنقاش والحوار المفتوح وتبادل الآراء وحلحلة الأمور المتشابكة.
.. ثم ماذا بعد "دقيقة الحداد" و"الوقفة التضامنية" و"الصليب والهلال معا" هل من خطة معالجة سياسية واعلامية وتشريعية وتعليمية توضح وترسخ وتؤكد وتقول بصريح العبارة مفهوم المواطنة المصرية المواطنة اللي مافيهاش لف ودوران ودرجة أولى ودرجة تانية أو سوبر وسبنسة أو مزايدة عالولاء.. مصر يا عالم يا هوه في خطر!!
وايوه أنا عارف كويس انك ممكن تبص في وشي
وتقول هو أنت سكت كل الوقت ده علشان في الآخر تقول الكلمتين دول
وأكيد اتقال الكتير واتكتب الكتير وبقالنا سنين بنقول ونكتب الكتير الكتير
وعاملين نفسنا ان احنا عارفين الكتير وعارفين اللي في بالي واللي في بالك واللي في بالنا كلنا ... يا سلام عالمفهومية!! بصراحة هو ده النفاق العلني .. وخداع النفس بعينه!
بصراحة الواحد مننا لما يحصل حاجة زي كده في حياته لازم يقول "ستوب"، أيوه "قف"
ولازم يحاسب نفسه ويعيد حساباته والأهم يشوف هو غلط في ايه
ياسيدي لا فيه مؤامرة ضدك أو ضدنا ولا فيه أيادي بتلعب في الخفاء
وحتى لو فيه حصل ايه لصلابتنا وقوتنا وعزيمتنا وارادتنا
بصراحة الواحد مننا زهق من الكلام اياه وان العالم كله قاعد بيتآمر ضدنا
وحتى لو فيه لو عرفت تصلح حالك وتوضب أمورك وتخرج من المأزق اللي أنت فيه
أكيد أنت المستفيد ومش حد غيرنا
وحنقول نسيج واحد أو حنكرر وحدة وطنية المهم احنا اللي نقول ونطبق ونعيش ونستمتع بكل ده
والبركة فينا وزي ما الحماس بياخدنا في ماتشات الكوره خللي الحماس ياخدنا في تحسين حالنا وأحوالنا وسماءنا ونيلنا وأرضنا وشارعنا ومدرستنا ومستشفانا ومسجدنا وكنيستنا
وبلاش تاخدنا الأيام والأحزان بعيدا عن تاريخنا وتراثنا وأصلنا وقيمنا
وتاخدنا بعيدا عن "الدين معاملة" وعن "الذوق" و"العيب" وعن "ايدك معايا" و"قلبي عليك"
هي دي مصر اللي عرفناها وعارفينها وعايزينها وشايلينها في عينينا وجوا قلبنا و .. "وحياتك بلاش نقول ونزيد ونزايد علي بعض في الوطنية والانتماء وبلاش نشكك في بعض"
فمصر اللي حاضناك حضناني واللي ولدتني ولدتك واللي رضعتك رضعتني واللي رفعت الهلال عالمسجد هي نفسها رفعت الصليب عالكنيسة ومن قبل نقشت رع عالمعبد الفرعوني. مصر اللي حضنت الجميع .. واللي حضنت الغالي والعزيز والقريب والبعيد والمريد لآلاف السنين أكيد حتحضن ولادها كلهم وأحفادها ولادنا وأحفادنا
مصر محتاجة ان احنا ماننساش انها الحضن والأمان والانتماء والتحضر والاحتواء والاستقرار لأبناءها ولكل من يأتي اليها عشقا وعلما وتوددا ولجوءا
والبركة فينا وفيك وفي همتك وقلبك وتفانيك وصدقك وحبك وشهامتك واخلاصك
قوم يا مصري ومصر مش بس بتناديك دي عايزاك تقوم وتكون معاها
مصرعايزة كده
وأحفادك وأجدادك عايزين كده
وطبعا اخواتك وولادك لازم يقوموا ويكونوا جنبك ومعاك ويكونوا وراك وحواليك
والخطوة دي مش محتاجة عزومة أو "اتفضل أنت الأول"
الخطوة دي محتاجة حسم وشجاعة وأكيد جدعنة
وبصراحة ما حدش يقوللي ان " ده مش وقته"
وطبعا البركة فينا واحنا قد المسئولية .. مش كده؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.