لماذا قُتل سيد بلال؟ هذا هو السؤال الذي فشلت وفشل غيري في الاجابة عليه مع متابعة تفاصيل حادث تعذيب المواطن السكندري سيد بلال حتي الموت بعد اتهامه في حادث تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية ، التفكير وحده في موضوع كهذا قادر علي ان يصيبك بالاكتئاب بل بالجنون ايضا ، اذ ان التفكير البسيط يشير الي ان قتل سيد بلال لا يمكن ان يكون حلا لما حدث في الاسكندرية ، ثم انه ليس بالطبع عقابا لشاب لم تثبت التحقيقات و لا الادلة تورطه في حادثة الاعتداء علي الكنيسة ، و لكن ببساطة شديدة تستطيع القول ان حادثة قتل سيد بلال تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان نظام الحكم الفاشي و الفاشل و الفاسد و المستبد و الديكتاتوري و القمعي الجاثم علي انفاس هذا الوطن منذ عشرات السنين يقاتل معاركه الاخيرة قبل ان ينهار و يرحل غير مأسوف عليه ! قراءة التاريخ تؤكد ان الانظمة الفاشية و الديكتاتورية قبل ان تنهار ترتكب من الجرائم ضد شعوبها ما يعزز من فرص سقوطها و ينزع عنها ورقة التوت الاخيرة التي تتستر بها تحت دعاوي الحرية و العدالة ، و ببساطة تستطيع القول ان النظام الذي يرتكب جريمة قتل ضد احد افراد شعبه من اجل التوصل لحل لجريمة اخري هو نظام لم يعد يملك غير البطش و القهر و لا يملك من الشرعية ما يؤهله لان يستمر في حكم وطن كامل . النظام الذي لا يفهم ان قاتل سيد بلال – و غيره – هو المتسبب الاول و الاخير في انفجار كنيسة الاسكندرية و في كل انفجار يحدث – و سيحدث – في هذا الوطن هو نظام لم يعد يملك من العقل شيئا و ليس عليه الا ان " يغور " من علي تراب هذا الوطن و ان ينتظر رموزه و قادته محاكمة " قضائية و تاريخية " علي اجرامهم في حق ابناء شعب مصر . النظام الذي لا يفهم ان قتل مواطن بريء من اجل حل لغز قتل مواطنين آخرين ابرياء هو نظام قاتل بالفطرة و هو نظام لا يملك ان يقدم لشعبه غير القتل و غير الفشل و القمع حلا لكل المشكلات المزمنة التي يعاني منها . نظام الحكم الذي لا يفهم ان قتل سيد بلال ثمنه الطبيعي في الاوطان المحترمة هو محاكمة و محاسبة قادة الاجهزة الامنية و كل من تورط في هذه الجريمة الفاشية و يواصل غباءه و غشمه عبر تعذيب اقارب بلال من اجل اخفاء معالم جريمته هو نظام آن له ان يرحل و ان يترك الاوطان لأهلها . ماذا ستقول غدا زوجة سيد بلال لأبنه الصغير عندما يسألها كيف مات والدي ؟ و من يضمن ان هذا الطفل يمكن بعد ذلك ان يحب هذا المجتمع او ان يتفاعل معه او ان يصدق نظام الحكم الفاشل عندما يتحدث عن الحرية و العدالة و سيادة القانون . كيف يمكن ان يقتنع اهل سيد بلال – عبر القمع و التعذيب في مقرات امن الدولة – انهم ليسوا اصحاب حق و ان الاجدي هو اغلاق الموضوع برمته و ان دم ابنهم ذهب سدي لمجرد ان اجهزة القمع و التعذيب ارادت هذا ؟ من يضمن ان اغلاق موضوع سيد بلال لن يكون معناه ببساطة تشجيع القتلة الذين عذبوه حتي الموت علي مواصلة جرائمهم في حق المصريين كل يوم مع ملاحظة ان جريمة القتل عبر التعذيب تكررت خلال العام الماضي عدة مرات في الاسكندرية وحدها . من يقنع هذا النظام الغبي ان الافضل له و للمجتمع ان يتم تحويل قاتل سيد بلال الي المحاكمة و ان يأخذ جزاءه العادل ، هذا بالطبع ان كان يؤمن ان المصريين هم شعب له حقوق و انهم ليسوا رعايا عند الرئيس و ابنه و حبيب العادلي و غيرهم من رموز النظام الفاشي . علي كل حال علي كل الشرفاء المخلصين الا يتركوا قضية سيد بلال تمر مرور الكرام و الا يتركوا قاتله يفلت من المحاكمة ، و الا يتركوا قادة الاجهزة الامنية بلا محاسبة و الا يتخلوا عن اسرته و يتركوها تعاني وحدها من قمع الاجهزة الفاشية التي تظن انها تملك الارض و من عليها . قضية سيد بلال ليست قضية شخصية بل هي قضية وطن بأكمله و هي قضية عادلة يسهل الانتصار فيها اذا امتلكنا جرأة ان نكتب و نفضح و نتظاهر دعما لحق هذا الشاب الذي تم انتهاكه حقه في الحياة ذاتها . الانظمة التي تستطيع ان تقتل مواطنيها تتحول مع الوقت الي انظمة قاتلة و لا يمكن ان يكسر شوكتها الا مجتمع حي بمؤسساته و احزابه و هيئاته و هنا ينتصر اصحاب الحق ، ليس هذا فقط ، بل تندحر و تسقط هذه الانظمة ، فأي نظام قاتل لا يمكن ان يستمر في حكم وطن لانه سيحوله من وطن يحكمه القانون الي غابة يحكمها قطاع الطرق .