فرضت أزمة جريدة الدستور المصرية وسيطرة رأس المال علي الصحف المستقلة نفسها علي أعمال المؤتمر الثالث لشبكة أريج للصحافة الاستقصائية حيث ناقش عدد كبير من الحضور أزمة الدستور وأكدوا أن سوق التجارة الذي طغي علي الصحافة حوّل الرسالة الإعلامية لرسالة موالية لصاحب المال وأهوائه. وردد الحضور خلال حفل الافتتاح الذي أقيم مساء أمس الجمعة بالعاصمة الأردنية عمان مصطلح "جريدة الدستور ما قبل الأزمة " وأكدوا أنها كانت أكثر الجرائد التي نجحت في الاستجابة ونقل حالة الحراك السياسية والاجتماعية التي شهدته مصر خلال السنوات الخمسة الماضية، وأنها كانت جريدة تمثل صوت الشعب ومن هنا كان لابد من وقفها بأي شكل من الأشكال. كما أشاد الحضور بدور صحفيي الدستور الأصلي الذين طرحوا علي الساحة الصحفية مفهوما جديدا لم يكن موجودا من قبل وهو "شرط الضمير " وناقشوا مع كل من الإعلامي يسري فودة والناشر هشام قاسم دلالة هذا المفهوم ودوره في حماية السياسية التحريرية للجريدة. علي جانب آخر طالب الناشر الصحفى هشام قاسم ، الصحف المصرية بضرورة نشر كل المعلومات الحقيقية المتعلقة بميزانيتها و مواردها، مطالبا بإصدار تشريع جديد يلزم الصحف بنشر تلك المعلومات بدون أى مغالطات، و معاقبتها جنائيا فى حالة مخالفة ذلك ، و اعتبر قاسم ان الصحف التى لا تقول الحقيقة عن ميزانيتها فهى ترتكب جريمة نصب مكتملة الأركان على المعلنين أنفسهم مؤكدا أن تجربته الجديدة والمتمثلة فى سعيه لإصدار أول صحيفة مصرية قائمة على أسلوب الاستقصاء الصحفى ، سيقوم فيها بنشر ملحق فى العدد الأول حول ميزانية الجريدة و مصادر تمويلها. وانتقد هاشم عدم حيادية المؤسسات الصحفية الخاصة ، قائلا " للأسف لم تعد تلك النماذج الصحفية صالحة بسبب سيطرة المجاملات و المصالح على مجالس إداراتها و هيئاتها التحريرية " ، مشيرا إلى أن الحل هو عدم زيادة نسبة ملكية الأسهم عن 10% من الشركة المساهمة التى تصدر الجريدة و هو ما سيتبعه فى إصداره الجديد حسب تأكيداته.
و ناقش قاسم مع المشاركين فى المؤتمر العديد من التحديات التى تواجه مهنة الصحافة ، سواء ما يتعلق منها بإشكالية العلاقة بين الصحافة المطبوعة و الالكترونية و صحافة الهاتف المحمول التى يرى أنها ستكون ذات أهمية قصوى فى عالم الصحافة فى المستقبل ، مشيرا إلى أهمية وحدة فريق العمل الصحفى و قدرته على التعامل مع كل الوسائل التكنولوجية الحديدة المتعلقة بمهنة الصحافة . ويشارك فى المؤتمر الذى عقد تحت إشراف رنا الصباغ المديرة التنفيذية لشبكة أريج ، ما يقرب من 310 صحفى و أكاديمى ، و من المقرر أن تستمر فعالياته لمدة ثلاثة أيام فى العاصمة الأردنية عمان ، ومن أهم المشاركين فى المؤتمر داود كتاب رئيس مجلس إدارة شبكة أريج ، الذى أكد على أهمية الصحافة الاستقصائية فى كشف الحقائق الغائبة عن المجتمع و مواجهة الفساد فيه ، و التحديات التى تواجه الصحافة العربية فيما يتعلق بإتاحة المعلومات أمام الصحفيين ، و يسرى فوده - نائب رئيس مجلس إدارة "أريج" ومعد ومقدم برنامج "آخر كلام" على فضائية "أون تى فى" فى القاهرة الذى كان يرأس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ،و الدكتور مارك لى هنتر أستاذ الاعلام فى معهد إنسياد و محرر دليل أريج للصحافة الاستقصائية ، و تيم سباستيان مدير حوارات الدوحة ، و سفيرة السويد شارلوتا سبار وهنريك غرونت مستشار التخطيط الاعلامى فى مؤسسة الدعم الاعلامى الدولى. ويناقش المشاركون سلسلة قضايا متصلة بثقافة الاستقصاء، من بينها إدخال منهجية أريج "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية"، إلى كليات الإعلام العربية وتبادل خبرات وتجارب الرواد الأجانب مع نظرائهم العرب ممن اختاروا رفع لواء هذا الضرب من الإعلام لخدمة المجتمع وتفعيل مبدأ المراقبة والمساءلة، فضلا عن آليات ترسيخ منهجية متطورة للصحافة الاستقصائية ونشر أدواتها لاستكمال انتشار الشبكة التى تضم كوكبة من الإعلاميين فى ثمانى دول عربية، الأردن، سورية، مصر، لبنان، فلسطين، العراق، البحرين واليمن، بحيث تتوسع مستقبلا لتضم إعلاميين من المغرب، تونس والجزائر. ومن المقرر ان تعلن أريج عن أسماء الفائزين بجائزة أريج- سيمور هيرش - التى تستحدث لأول مرّة بالتعاون مع المركز الدولى للصحفيين (ICFJ)، ومقره واشنطن.