لو تآمرت كل القوى المعادية لحزب الوفد على انتاج اعلانات انتخابية دعائية تسىء للحزب لم تكن تصل بخيالها الى هذه الاعلانات التى صنعتها قناة الحياة التى يمتلكها الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد نفسه، وهى الاعلانات التى انتشرت هذه الأيام على الانترنت.. تحمل الاعلانات التى لم تجد حظها من العرض التليفزيونى بصمات وملامح مهنة الدكتور السيد البدوى الاصلية الأولى وهى مهنة الصيدلى، فلا يمكن أن تكون مصادفة أن يستلهم مؤلف أفكار الاعلانات ومنتجها ومخرجها الحقنة والبامبرز للتعبير عن رؤية الحزب السياسية الجديدة للتغيير .. لا أقول هذا على سبيل السخرية فالاعلانات نفسها منفرة وتسخر من الحزب الذى تروج له وتؤدى الى عكس النتائج المرجوة منها، وكأن قدر الدكتور السيد البدوى كلما روج لشىء انفجر فى وجهه وانقلب ضده .. أراد الدكتور تخفيض سقف حرية جريدة الدستور الى أدنى حد ممكن فسقط السقف على رأسه، وتضرر حزب الوفد بالتبعية، وتحولت صحيفة الدستور على يده الى منشور ممل بصياغة صحفية فاترة لا تجد من يحترمها أو يهتم بقراءتها .. أراد اعلانات ترويجية لحزب الوفد فتحولت الاعلانات الى مادة سخرية الفيسبوك واليوتيوب والمدونات. من أكثر هذه الاعلانات اثارة للدهشة اعلان "حقنة التغيير" الذى يظهر فيه وجه فلاح غلبان نائم على بطنه فى عيادة بينما تتجه يد الدكتور بحقنة نحو مكان حساس من جسده لا نراه ولكن يمكننا تخيله بالطبع، أما التعليق على الاعلان فيقول "حقنة التغيير ممكن توجع .. بس حتريح .. جرب علاج الوفد النخلة والميزان"، عبر الممثل عن تألمه وراحته قبل وبعد حصوله على الحقنة بصورة هزلية تلائم فيلم كوميدى هابط، ولا يمكن لمن يشاهد الاعلان للمرة الأولى أن يتمالك نفسه من الشك فى أن الاعلان صادر عن حزب الوفد أو أى حزب سياسى .. الاعلان تفوق على نفسه فى الابتذال فلم يعرض على التليفزيون لأسباب رقابية تتعلق بفكرته، والغريب أن يخرج اعلان بهذا المحتوى النابى تحت رعاية الدكتور السيد البدوى الذى طالما اتهم جريدة الدستور الأصلية بانها جريدة نابية ومانشيتاتها نابية، وهى براء من هذه التهمة بينما لا يتورع هو ومنتجى ومخرجى قناة الحياة التى يمتلكها عن اخراج اعلان بهذا المحتوى الهابط الذى يستخدم أفكار مبتذلة للتعبير عن أفكار سياسية تتعلق بمستقبل الأمة.. لا يحمل الاعلان خفة ظل أو جاذبية من أى نوع ويغيب عنه أى حس سياسى حينما يستخدم مصطلح سياسى مثل مصطلح التغيير بهذا الابتذال الرخيص. هذا الاعلان وغيره من الاعلانات تكلفت ملايين الجنيهات، وتم الاهتمام باخراجها فنياً فى أفضل صورة، وتم تصويرها بتقنية السينما وتم عمل التليسين الخاص بها فى لبنان لتخرج بصورة جيدة بعد تحويلها لنسخة صالحة للعرض التليفزيونى، وهو ما يؤكد أن هذه الاعلانات مرت بمراحل طويلة ومن المؤكد انها مجازة كمحتوى سياسى على الأقل من خلال كوادر الحزب المسؤولة عن الدعاية الانتخابية، ولابد أن الدكتور الذى يتدخل فى كل شىء فى قناته التليفزيونية شاهد هذه الاعلانات أو اطلع على محتواها على الأقل قبل بداية انتاجها. الاعلان الثانى منتشر على الانترنت باسم اعلان "بامبرز التغيير" (على من لا يصدق أن هذه الاعلانات حقيقية وموجودة أن يبحث عنها فى الانترنت بنفس الأسماء المذكورة فى المقال) .. هذا الاعلان يصور الفكرة الخاطئة عند الناس عن التغيير من خلال صوت يقول "فيه ناس فاهمة التغيير كده" لنرى على الشاشة شخص يقوم بكل همة بخلع ملابسه أمام المشاهد، ثم تظهر أم تغير لطفلها البامبرز فى مشهد تالى، وللوهلة الأولى يختلط الأمر على المشاهد اذا كان الاعلان يروج للتغيير على انه عملية استربتيز سياسى، أم هو مجرد دعاية لبامبرز الأطفال، ويمكن مشاهدة ماركة البامبرز بشكلها المعروف واضحة فى لقطة مقربة غفل عنها مخرج الاعلان ولم يحذفها فى خطأ مهنى فادح، وتكتمل منظومة الاعلانات الحمقاء التى تهين ليس فقط حزب الوفد بل الحزب الوطنى والمعارضة وحتى الناخب نفسه الذى يظهر دائماً فى صورة بلهاء.. لم يكتف مؤلف الحملة بالناخب الغلبان اللى خد الحقنة فى الاعلان اياه فقدم تحفته الثالثة من خلال اعلان يصور فيه شخص يقف ببلاهة يرد على ممثل حزب الوفد الذى يقول له وكأنه المرحوم "يونس شلبى" فى مدرسة المشاغبين: "يا اسمك ايه؟ هو اللى اسمه ايه ده ما عملكش حاجة؟ ولا ساعدك فى حاجة؟ ولا غير حاجة فى حياتك؟" الى أخر هذه الأسئلة التى يرد عليها المواطن كل مرة بالنفى وهو يضحك بصورة تظهره كالعبيط، وينتهى الاعلان بدعوة ممثل الحزب وهو يقول الحل: "سيبك من اسمه ايه وخليك مع الوفد". جميع هذه الاعلانات تدعو بالفعل للرثاء والاشفاق على سطحية كل من شارك فى صنعها وكل من وافق على صنعها .. كيف تخيل أى من هؤلاء أن هناك ناخب يمكن أن يذهب لينتخب ناس يسخرون منه كناخب سيمنحه صوته بينما هم يصورونه كأنه هربان من مستشفى الأمراض العقلية؟ حزب الوفد يبدو من خلال مثل هذه الدعاية الانتخابية كما لو كان فقرة المهرج الذى تظهر فى السيرك للترفيه عن الجماهير قبل فقرة الأسود المخيفة، ولأن هذا ليس الدور المطلوب منه فى تمثيلية الانتخابات فان رقابة التليفزيون وجهات عليا تدخلت كى تمنع عرض هذه الاعلانات الفضيحة، فمن المؤكد أن الحزب الوطنى نفسه حريص ألا يبدو منافسه السياسى شكله مسخرة أمام الناس، حتى لو كان هذا المنافس يمثل دور المنافس .. يريد الحزب الوطنى أن يبدو منافسه جاداً قوياً وعلى مستوى الشخصية التى يؤديها فى دراما الانتخابات لكن المنافس مصر أن يلعبها على طريقة اللمبى! اضغط لمشاهدة الفيديو: اضغط لمشاهدة الفيديو: