نائبة محافظ القليوبية عن 30 يونيو: تجسيد لإرادة شعبية خالصة وقيادة سياسية حكيمة    «لأول مرة».. البابا تواضروس يزور كنيسة القديسين مكسيموس ودوماديوس بالإسكندرية ويلقي عظة روحية عن «الشجرة المغروسة»    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    عيار 21 لآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب (تحديث مباشر )    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: إسرائيل أقنعت ترامب بضرب إيران لكن الواقع خالف التوقعات    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    «مثل الكلبة».. ترامب يدعو لطرد صحافية من «CNN» بسبب تقاريرها حول حجم دمار المنشآت النووية الإيرانية    ترتيب مجموعة صن داونز في كأس العالم للأندية 2025 بعد التعادل مع فلومينينسي    مدرب العين: لا بديل عن الفوز على الوداد المغربي في مونديال الأندية    «قالي لو هاخد ملايين مش هلعب في الأهلي.. كفاية اللي اتعرضتله».. طاهر أبوزيد يكشف سرًا صادمًا عن أبوتريكة    تعرف على حالة الطقس في قنا اليوم الخميس 26 يونيو 2025    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    Askı Hatırla «تذكر الحب».. رومانسية على الشاشة تشعل حياة هاندا آرتشيل وباريش أردوتش    أجمل رسائل تهنئة العام الهجري الجديد 1447ه مكتوبة.. أرسلها الآن للأهل والأصدقاء    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع «إيفا فارما» لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    حرس الحدود يقيم معارض توعوية ضمن فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات 2025 في مختلف مناطق المملكة    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    الوادي الجديد تُطلق تطبيقًا رقميًا لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية    الحكومة عن قانون الإيجار القديم: الطرد ليس حتميا بعد انتهاء المدة الانتقالية    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد    عاجل.. عرض خليجي ل طاهر محمد طاهر بعد مونديال الأندية    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    قائد الحرس الثوري الإيراني يحذر من "رد قوي" حال خرق الهدنة مع إسرائيل    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    بيان عاجل بالنواب حول أزمة الرسوم القضائية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    قصور الثقافة تقدم "عرض حال" بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل تكتب: الذين يقفون بيننا وبين حب الوطن
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 11 - 2010

أحب مصر رغم كل ما يحدث لى ولغيرى فيها ممن يكرهونها ويكرهون الإنسانية . لكن حديثى اليوم عن البلطجة .
إن نفسية البلطجى هى التى تصر على فعل الشر ( بل تدفعه دفعاً ) وإذا حاول الضحية أو المعتدى عليه أن يرد دفاعاً عن النفس ( حق غريزى قبلما يفهم مايحدث حتى ) فإن البلطجى يستعر ويستشيط غضباً وإصراراً أكبر على تدميره كلياً وتنحيته من الوجود . والبلطجى لا يأبه لرد الفعل ما دام حدد هدفه لأن سيناريو الانتقام والبطش الماحق الذى يرسمه قبل البدء فى مشروع بلطجة ما لا يضع فى حسبانه أى معنى أو قيمة أخلاقية يمكنها إحراج ضميره وإلا ما صار بلطجياً بفطرته ونوازعه غير السوية وهو دائماً ما يبحث فى تحالفات الفساد عمن " يؤجر " فساده ورغبته فى ممارسة شره وبلطجته . هذا أوكسجينه ، والحق أن هذا المعدوم الضمير الإنسانى قادر على تخيل المدى الأخير لما يبدأه : مثلاً التخلص المادى أو المعنوى أو كليهما من غريم أو منافس ، ويكون هو الذى بدأ ( أى البلطجى الفاسد ) بكراهيته وعدوانيته لمجرد أن ذلك الغريم يمثل نقيض كل القيم التى يمثلها ويمارسها البلطجى فاستحق كراهيته بالتالى ، فضلاً عن أن المناقض للبلطجى يطالب بتجريده من " امتيازاته " التى تجعله فى مكانة لا يطالها القانون أو أى شكل من أشكال المحاسبة، وهو ما يحتم التخلص منه .
البلطجة السياسية ليست قدر المصريين إلا فى حالة واحدة : طالما ارتضوها هم لأنفسهم . وكلما قلنا عن النظام الفاسد الراهن أنه فقد قدرته على مفاجأتنا ، فإنه يخيب توقعاتنا ويأتى بجديد أفدح كثيراً من مجرد النشاز السياسى ويرقى فى كثير من القرارات الفوقية الرئاسية لمستوى إلغاء الإرادة الشعبية وفرض وتسييد المشيئة الأمريكية والإسرائيلية . الشواهد لا يمكن حصرها وأبرزها ارتضاء بيع الغاز المصرى لإسرائيل باستبعاد كامل لإرادة الشعب ، فأية حكومة تحكمنا؟ ... مصرية أم إسرائيلية ؟ . وهل من الأخلاقى أن نتعود هكذا أهوال ؟
توجسنا جميعاً منذ فوجئنا تليفزيونياً بقرار انتقال ملكية جريدة " الدستور" من ملياردير لآخر . لماذا؟ .. أى لماذا تنتقل ملكية جريدة مستقلة ناجحة بين يوم وليلة من شخص لآخر ، و يأتى هذا الآخر بحملة انتقامية تترية لإسقاطها فى فخ الخسارة التى طالت أكثر الجرائد التى على الساحة دون أن يبدو قلِقاً على ماله كأنما هناك من " سيعوضه " ؟. قراءة واقع الفساد المستشرى تجيب على أشياء عدة ، حتى قبل إقالة الزميل إبراهيم عيسى كنا قد بدأنا نرى فى جريدة "الدستور" آثار وعلامات تلك الحملة ، من قبيل صور فى المانشيت الرئيسى لرئيس الدولة وتصريحات للسيد صفوت الشريف ولاحظنا زيادة مساحة أعمدة بعض عناصرها الأصلية ممن يكتبون بعيداً عن السياسة إجمالاً مع تقليص وتحريك أماكن أعمدة وأبواب كُتّابها الهامين واحتملنا .. حتى خرجت بالشكل المزرى الأخير يوم إقالة عيسى ونزل عليها وعلينا شخصاً يبدو من كتبة الحزب الوطنى ، تشنج كثيراً وبعنف مفضوح فى برنامج " مانشيت " لجابر القرموطى بقناة" أون تى فى " على الزميلين عمرو بدر وجمال فهمى . كان عنوان مقال الوجه الجديد الذى استأثر بين يوم وليلة بمساحة مقال عيسى ثم مساحة جمال فهمى " التغيير سنة الحياة " . هذه كانت مقالة سليم عزوز الذى لم يفكر وهو يشمت هكذا بكراهية معلنة فجة ، وإلا لأدرك أنه وجه مقاله الوجهة الخطأ . " التغيير سنة الحياة " كانت ستكون بليغة لو وجهها لسيادة الرئيس الذى كَفَر إبراهيم عيسى فيما يبدو حين كتب متسائلاً حول صحته منذ أعوام قليلة ليصل الأمر إلى الحبس الذى لم تنقذه منه سوى العناية الرئاسية حين أصدر مبارك عفوه عنه فيما رآه الجميع – خاصة أنه حدث فى اللحظة الأخيرة – رشوة ينتظر النظام بعدها قياس رد فعل عيسى وتعبيره عن " الامتنان " نظير تغيير المصير المفاجئ .
يفرح كثيرون اليوم ممن كان ينتقدهم إبراهيم عيسى بحدة لاذعة .. يفرحون باختفائه إعلامياً ، لأن هؤلاء يملكون نفسية البلطجى الذى يعانى عادة من انفصام الشخصية إذ أن وجهها الآخر نفسية فئرانية أمام الكلىّ القدرة – وزير الداخلية أو رئيس الدولة – فى المجتمعات التوتاليتارية الشمولية مهما تجملت بإدعاء التعددية السياسية.
يتحدث الكثيرون فى أروقة الحياة الصحفية منذ الوقفة الاحتجاجية بنقابة الصحفيين يوم الخميس الموافق 7 أكتوبر الجارى عن صفقة حتمية بموجبها اشترت الحكومة ( المشترى غير المعلن )"الدستور" لتنتقم بها من أحد أبرز مضايقيها فى شخص عيسى وبعض من معه مثل إبراهيم منصور ووائل عبد الفتاح وطاقم التحقيقات المميز وكُتاب" الدستور" من الأطياف المعارضة شأن د. سكينة فؤاد ( صاحبة الدعوة الوطنية الشهيرة ومنذ سنوات للاكتتاب لزراعة القمح ) ود. أيمن نور ويوسف سيدهم ومختار نوح وبعض رموز حركة كفاية وحتى الناقد السينمائى طارق الشناوى أحببته أكثر وهو يكتب مساحته الجميلة كمعارض فى الجريدة التى اجتذبت للعمل والكتابة فيها العديد من الزملاء الصحفيين من ذوى الضمائر الحية فى الصحف القومية فكانت مركز تجمع مُعارض " شبابى " فى الأساس وغير فاسد .
بموجب الصفقة التى صرخ أبناء " الدستور" على سلم النقابة منددين برداءتها التى يُغلفها ما أُشيع عن دماثة د. السيد البدوى كملياردير فوق مستوى العامة ، يكون الأمر الحكومى/ الرئاسى قد صدر للمالك السابق للدستور د.عصام فهمى ليبيع وصدر أمر آخر للمالك الجديد والذى كان أول الأمر د. السيد البدوى ليشترى ، لإخراج رئيس التحرير المارق والمؤرق للسلطة بجماهيرية جريدته وشجاعتها التحريرية ، و" تنفيض " " الدستور" من الطاقم القديم إذ لم يقدم بيان مجلس النقابة يوم 7 أكتوبر ما يُلزم الجهة المالكة الجديدة ( مرة أخرى المالك المعلن وهو هنا رضا إدوارد ) بتنفيذ وتطبيق ما ورد فى البيان بشأن حقوق الصحفيين المطرودين بشكل غير مباشر .. طالمالم يمتثلوا للنتائج المترتبة على التغييرات الجديدة والتى اتضح إلى أى مدى قد طالت حريتهم السابقة فى الكتابة والتغطية الصحفية والمقصود شرط الضمير فى الكتابة بمهنية والالتزام بالكتابة عما هو حادث دون تزييف أو تجاهل أو حتى ترحيب لمجرد أن ما يحدث يصدر عن الجهات العليا . وهاهى نتيجة تسليمنا بقانون النقابات الذى جعلها كلها شبيهة بالجمعية العامة للأمم المتحدة . بل وفوجئنا بأن البيان يعلن تضامنه مع إبراهيم عيسى ومؤازرته إذا ما قرر أن يلجأ للقضاء مع إشارته إلى أن الزميل المُقال سوف يجد العديد من الأماكن التى ستدعوه وترحب به للكتابة وهو مالم يحدث حتى الآن، لأن من الواضح أن الصحف المستقلة تخاف أكثر الآن من عيسى فمجرد وجوده بين كُتابها يعنى احتمال إغلاقها هى أيضاً!
ودعونا نكون صرحاء .. ماذا فعلت النقابة من قبل حتى للمغضوب عليهم فى الصحف القومية ممن تعرضوا للرفت لأسباب سريالية ولا أقول شخصية وكل من يتم تبليغ رئيس التحرير به بأنه شارك فى وقفة احتجاجية ضد الخط الرسمى لسياسة الحزب الحاكم الداخلية والخارجية ، وبعض من كانوا قد عادوا لتوهم من أجازات بدون مرتب لغرض علمى مثل الحصول على منحة من المجلس البريطانى لاستكمال دراسته العليا فى بريطانيا وسمحت له صحيفته بترحاب وعاد ليجد نفسه قد رُفِت دون أن يتجاوز المدة الزمنية المسموحة وغيرها من أساطير تحدث فى بلادنا مازالت .. هل فعلت النقابة شيئاً فى السابق لأى من زملائى الذين لجأوا إليها ؟ ..أنا شخصياً لم ألجأ لنقابتى فى السابق رغم تعرضى مرتين لأزمات : للرفت أو للشروع فيه ولم أكتب أبداً عن ذلك فى السابق لأية جهة ولم أغير مواقفى التى أدت إلى رفتى . وأنا حالياً فى جريدتى أواجه ما أواجهه ويواجهه من هم مثلى من عدوان على حقوقى وانتقاص ظالم لها . لذا يجب أن نفكر كيف نعمل على تغيير الأوضاع التى تؤدى بالمصريين لاكتساب المزيد من حقوقهم المهدرة والملغاة حتى باتوا وكأنهم نسوها ، ولكى لا يصبح مجرد حصول المواطن على حقه كأنما هو " امتياز " يمن به أعضاء الحزب الوطنى فى مختلف المجالات على المصرى العادى فى أى موقع لدفعه للتذلل وتغيير ضميره أو للانضمام للحزب الحاكم وتأمين الحقوق الفردية والتى تشمل إدخال الأولاد المدارس الخاصة أو ضمان الترقى الوظيفى ..الخ مقابل السكوت الشيطانى عن كل ما يحدث فى مصر لمن يختار البقاء خارج الرحمة الحزبية للوطنى .
كيف ستتم حماية حقوق الصحفيين الأصليين فى " الدستور " مادياً ومعنوياً ؟ خاصة فى ضوء التغيير الجذرى فى سياسة التحرير حتى لتبدو كأنما تصدر عن الحزب الوطنى ومن ثم امتناع الصحفيين عن المشاركة فى التدليس والكذب على القارئ والتنكر لضمائرهم فى الكتابة ليتحولوا إلى مجرد كتبة يُنفذون إملاءات مزورة تنضم لجوقة الكذب الحكومى الزاعق ، ما داموا سيقبضون رواتبهم آخر كل شهر ، وإلا (عند كلمة "إلا"عادة تكون غدد البلطجية قد نشطت إفرازاتها ) لن يقبضوا رواتبهم والشارع ينتظرهم .
لم يتورع منفذو الانقلاب عن خطف وإنزال كل أجهزة الكمبيوتر من "الدستور" من المكاتب إلى ما وصف فى التليفزيون( القنوات غير الرسمية ) وقتها ب " مكان غير معلوم " . رأينا ذلك بأم أعيننا كأننا فى حملة يشنها الجيش الإسرائيلى على مكاتب منظمة الأونروا لإغاثة الشعب الفلسطينى أو مثلما يفعل ذلك الجيش حين يداهم منزلاً لمناضل فلسطينى ويصادر جهاز الكمبيوتر والأوراق .
" المكان غير المعلوم " يكاد يكون معلوماً لدى أى مواطن مصرى . هل أمن الدولة بعيد عن كل هذا ويتفرج ؟ إلى هذا الحد تتم الاستهانة بل والعدوان على حق القارئ والمواطن المصرى فى المعلومة الصحيحة من منبر محترم اختاره لأنه من أبرز المنابر المعادية للتوريث وتتم مصادرة الأخبار والموضوعات التى تُعرى البلطجية الغاشمين ليتم استبدالها بمواد صحفية عن أثر اللون الأحمر فى معالجة الضعف الجنسى أو استنساخ حوارات قُدمت لجرائد أخرى مثل الزميلة " نهضة مصر " ( ولو تمت الإشارة إلى ذلك ) لمجرد ملء صفحات الجريدة بقرصنة استفزازية أثناء "حكومتها المؤقتة " على غرارحكومة الفيشى وتقديم مادة صحفية ميتة ومهادنة يحررها من ارتضوا هذا التحالف مع البلطجية لقاء مكافآت معلومة ووعود وضمانات غير نزيهة ، فقط للإزاحة- إزاحة المعارضين الناصعين الذين يعملون وفق ضمائرهم المهنية والإنسانية والوطنية – والإراحة ، وأقصد إراحة سلطة سياسية تمارس البلطجة الخانقة المعلنة فى تحالف لا يقل بطشاَ وتشوهاً تطالعنا شواهده كل يوم ما بين السلطة( التى حولت البلد إلى ثكنة عسكرية ) ورأس المال والجهاز الأمنى ، فإذا أضفنا إلى هذا أن "دستور "عيسىكانت تؤرق أنظمة شقيقة وتتصدى لها بالنقد تتضح الصورة .
سيتفرق دم صحفيي" الدستور" بين الجرائد فى الأغلب وربما يبقون لسنوات ( خارج معادلة الحلول الفردية للبعض الذى قد يتمكن من الالتحاق بجريدة أخرى ) أقول سيبقون لسنوات لا يكتبون ، أو كما أسلفنا ، مدفوعين لعدم الكتابة كخيار شخصى أخلاقى ما دام لن يجدوا المكان الذى يتحمل جرعة الحرية التى تعودوها .
شدد النقيب على ضرورة عدم إغلاق" الدستور" بوصفها الهم الأول . الحقيقة أخالفه الرأى إذ كنا نتمنى ألا تصدر " الدستور " لو أنها ستستمر فى الصدور بمادة كالتى صدرت بها فى الأيام التالية على الانقلاب الغاشم الذى بلا ورقة توت واحدة !
لسنا بحاجة لمطالعة وجه السيد أحمد عز على صفحاتها . كفانا رؤية لوجهه هو وهشام طلعت مصطفى وجمال مبارك وصفوت الشريف والرئيس نفسه فى الجرائد الأخرى التى تزدحم بها مصر والتى طالها ولو من بعيد ،التلويح بالتهديد . حتى المكان الوحيد الذى كانت عيوننا ترتاح فيه جزئياً من هؤلاء المواطنبن أُغلِق .
حكى لى أحد الزملاء المصريين بقناة البى بى سى العربية كيف واجه هو وزملاؤه موقفاً تصادمت فيه إراداتهم مع رغبات الإدارة ولكن لأن فى بريطانيا يتم تنفيذ القوانين، والنقابات فاعلة لصالح أعضائها لكى لا يفترسهم رأس المال نجح العاملون والصحفيون فى فرض إراداتهم وشروطهم على أرباب العمل . حدث هذا لأن الدولة لا تتدخل بمؤامرات رخيصة لأهداف سياسية لصالح أوضاع تقمع الصحفيين وتجدع أنوفهم وتُفصّل القوانين لشل نقاباتهم أو تجميد أحكام القوانين التى يكسبها أعضاء النقابات والاستعداد لها ولهم بالأمن المركزى والقوات الخاصة كما نجد فى التعامل مع نقابة المهندسين على سبيل المثال .
البلطجية احتفلوا سراً بينما واجهنا أذنابهم بفرحهم العلنى . من ناحية كان إغلاق" الدستور " رسمياً سيكون مكسباً فهو سيوفر على دافعى الضرائب أى نحن معشر المصريين، ما ستأخذه الدولة منهم غصباً وبطريقة ملتوية– باستمرارها الشكلى – على جثث من شكلوا هويتها لأن الجميع يعرف أن الدولة تدفع لاستمرار بعض الصحف الحكومية الخاسرة منذ سنوات بوصفها أذرعاً لجريدة " مايو " الصادرة عن الحزب الوطنى .
طبيعى أن " الدستور " ستخسر لكن ذلك لا يهم المالك الجديد الذى تحدى حتى بيان مجلس النقابة الذى أكد على ضرورة استمرار رئيس التحرير التنفيذى الأصلى ( إبراهيم منصور ) ووضع المالك من يريد ومن قَبِلَ بذلك مكانه .. الخسارة لا تهم المالك لأن الدولة على الأرجح ستعوضه وتمول المسخ أو "الدستور " الجديد ما دام قد أسدى للنظام صنيعاً لن ينساه فى التخلص من أحد أعنف معارضى التوريث العلنيين . نحزن على خسارة " الدستور " لكن مصر كلها تخسر ، ومن زمن .
تشديد بيان النقابة على أهمية استمرار " الدستور " من نفس مكانها أراه تشاغلاً عن الأصل بالفرع . الأصل هو رفض مبدأ إقالة أحد لأسباب لم ولن يعلنها أحد ، ما يعنى أنها أسباب شخصية أو خصومة عميقة، السلطة هى الطرف الثانى فيها والمحرك الأول لكل ما نراه حولنا فى مصر . وإشارة الزميل جمال فهمى فى قناة " أون تى فى" إلى ما قاله البعض " لو اجتمع كل رؤساء العالم لن يعود إبراهيم عيسى" يدفعنا تماماً إلى تصديق التزام الوجوه الجديدة بتنفيذ بنود الصفقة الواضحة : تقديم رأس رئيس التحرير المعارض وتلاميذه على طبق إلى النظام الذىلم يعد يطيق الصبر عليهم مقابل أشياء لن يُعلن عنها لصالح حزب أو مجموعة أشخاص .
أما تداول أقاويل من نوع أن راتب عيسى الذى رفعه المالك الجديد دون طلب من رئيس تحرير" الدستور" كما أقر بذلك المالك نفسه ، ذلك الراتب يجب إلغاء وجود عيسى ليتسنى إنفاقه كمرتبات جديدة لعناصر أخرى( تعيينات على هوى المالك والسلطة معاً ) هذه أقاويل تدعو للضحك فأى مواطن مصرى يستغبون ؟
من ناحية طالما إبراهيم عيسى لم يطلب تلك الزيادة الفادحة فى راتبه فالافتراض المنطقى الوحيد لرفع الأجر على هذه الصورة التى تجاوزت الضعفين لا يمكن تفسيرها إلا كمحاولة رشوة . وإلا لو كان تقدير المالك لكفاءة العنصر الذى يرفع راتبه هكذا فكيف يعقبها إقالة فجائية محسومة بكل ذلك الإصرار والكراهية ؟ أم أن رفع الراتب حدث فقط ، وبالضبط لأن المالك كان يعلم ما ينوى فعله بحق رئيس التحرير ؟
نعود ونذكر بنفسية البلطجى الذى صار يتحرك فى مصرنا الحالية فى العلن . لا أذم أحداً.. فقط أحاول أن أفهم معكم هل الثلاثون عاماً الماضية فى حكم مصر كانت كافية لتطوير تلك النفسية التى طالت العديد من الضعاف ، فى الشرطة وفى الشارع وفى السياسة وفى الصحافة وحتى فى التعليم .. فى كل شئ؟
لا أنسى حادثتين ، مثلكم جميعاً : هشام طلعت مصطفى وخالد سعيد .
أكتُبهما فى جملة واحدة وأرى ذلك إثماً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.