لحظة إطلاق باكستان صواريخ على مواقع هندية ردا على العدوان الهندي (فيديو)    دوي انفجارات في مدينتي أمريتسار وجامو الهنديتين وسط تصاعد التوترات    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    بعد 12 ساعة، السيطرة على حريق شونة الكتان بشبراملس في الغربية، و20 صورة ترصد ما حدث    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    غدا انطلاق هاكاثون 17.. وحلول تكنولوجية لأهداف التنمية الاكثر الحاحا التعليم والصحة والطاقة والتنمية والمناخ    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية بالبنك المركزي المصري    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    أسخن 48 ساعة في مايو.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: هجمة صيفية مبكرة    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    عميد تجارة عين شمس: دمج المناهج الحالية مع التقنيات الحديثة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل تكتب: الذين يقفون بيننا وبين حب الوطن
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 11 - 2010

أحب مصر رغم كل ما يحدث لى ولغيرى فيها ممن يكرهونها ويكرهون الإنسانية . لكن حديثى اليوم عن البلطجة .
إن نفسية البلطجى هى التى تصر على فعل الشر ( بل تدفعه دفعاً ) وإذا حاول الضحية أو المعتدى عليه أن يرد دفاعاً عن النفس ( حق غريزى قبلما يفهم مايحدث حتى ) فإن البلطجى يستعر ويستشيط غضباً وإصراراً أكبر على تدميره كلياً وتنحيته من الوجود . والبلطجى لا يأبه لرد الفعل ما دام حدد هدفه لأن سيناريو الانتقام والبطش الماحق الذى يرسمه قبل البدء فى مشروع بلطجة ما لا يضع فى حسبانه أى معنى أو قيمة أخلاقية يمكنها إحراج ضميره وإلا ما صار بلطجياً بفطرته ونوازعه غير السوية وهو دائماً ما يبحث فى تحالفات الفساد عمن " يؤجر " فساده ورغبته فى ممارسة شره وبلطجته . هذا أوكسجينه ، والحق أن هذا المعدوم الضمير الإنسانى قادر على تخيل المدى الأخير لما يبدأه : مثلاً التخلص المادى أو المعنوى أو كليهما من غريم أو منافس ، ويكون هو الذى بدأ ( أى البلطجى الفاسد ) بكراهيته وعدوانيته لمجرد أن ذلك الغريم يمثل نقيض كل القيم التى يمثلها ويمارسها البلطجى فاستحق كراهيته بالتالى ، فضلاً عن أن المناقض للبلطجى يطالب بتجريده من " امتيازاته " التى تجعله فى مكانة لا يطالها القانون أو أى شكل من أشكال المحاسبة، وهو ما يحتم التخلص منه .
البلطجة السياسية ليست قدر المصريين إلا فى حالة واحدة : طالما ارتضوها هم لأنفسهم . وكلما قلنا عن النظام الفاسد الراهن أنه فقد قدرته على مفاجأتنا ، فإنه يخيب توقعاتنا ويأتى بجديد أفدح كثيراً من مجرد النشاز السياسى ويرقى فى كثير من القرارات الفوقية الرئاسية لمستوى إلغاء الإرادة الشعبية وفرض وتسييد المشيئة الأمريكية والإسرائيلية . الشواهد لا يمكن حصرها وأبرزها ارتضاء بيع الغاز المصرى لإسرائيل باستبعاد كامل لإرادة الشعب ، فأية حكومة تحكمنا؟ ... مصرية أم إسرائيلية ؟ . وهل من الأخلاقى أن نتعود هكذا أهوال ؟
توجسنا جميعاً منذ فوجئنا تليفزيونياً بقرار انتقال ملكية جريدة " الدستور" من ملياردير لآخر . لماذا؟ .. أى لماذا تنتقل ملكية جريدة مستقلة ناجحة بين يوم وليلة من شخص لآخر ، و يأتى هذا الآخر بحملة انتقامية تترية لإسقاطها فى فخ الخسارة التى طالت أكثر الجرائد التى على الساحة دون أن يبدو قلِقاً على ماله كأنما هناك من " سيعوضه " ؟. قراءة واقع الفساد المستشرى تجيب على أشياء عدة ، حتى قبل إقالة الزميل إبراهيم عيسى كنا قد بدأنا نرى فى جريدة "الدستور" آثار وعلامات تلك الحملة ، من قبيل صور فى المانشيت الرئيسى لرئيس الدولة وتصريحات للسيد صفوت الشريف ولاحظنا زيادة مساحة أعمدة بعض عناصرها الأصلية ممن يكتبون بعيداً عن السياسة إجمالاً مع تقليص وتحريك أماكن أعمدة وأبواب كُتّابها الهامين واحتملنا .. حتى خرجت بالشكل المزرى الأخير يوم إقالة عيسى ونزل عليها وعلينا شخصاً يبدو من كتبة الحزب الوطنى ، تشنج كثيراً وبعنف مفضوح فى برنامج " مانشيت " لجابر القرموطى بقناة" أون تى فى " على الزميلين عمرو بدر وجمال فهمى . كان عنوان مقال الوجه الجديد الذى استأثر بين يوم وليلة بمساحة مقال عيسى ثم مساحة جمال فهمى " التغيير سنة الحياة " . هذه كانت مقالة سليم عزوز الذى لم يفكر وهو يشمت هكذا بكراهية معلنة فجة ، وإلا لأدرك أنه وجه مقاله الوجهة الخطأ . " التغيير سنة الحياة " كانت ستكون بليغة لو وجهها لسيادة الرئيس الذى كَفَر إبراهيم عيسى فيما يبدو حين كتب متسائلاً حول صحته منذ أعوام قليلة ليصل الأمر إلى الحبس الذى لم تنقذه منه سوى العناية الرئاسية حين أصدر مبارك عفوه عنه فيما رآه الجميع – خاصة أنه حدث فى اللحظة الأخيرة – رشوة ينتظر النظام بعدها قياس رد فعل عيسى وتعبيره عن " الامتنان " نظير تغيير المصير المفاجئ .
يفرح كثيرون اليوم ممن كان ينتقدهم إبراهيم عيسى بحدة لاذعة .. يفرحون باختفائه إعلامياً ، لأن هؤلاء يملكون نفسية البلطجى الذى يعانى عادة من انفصام الشخصية إذ أن وجهها الآخر نفسية فئرانية أمام الكلىّ القدرة – وزير الداخلية أو رئيس الدولة – فى المجتمعات التوتاليتارية الشمولية مهما تجملت بإدعاء التعددية السياسية.
يتحدث الكثيرون فى أروقة الحياة الصحفية منذ الوقفة الاحتجاجية بنقابة الصحفيين يوم الخميس الموافق 7 أكتوبر الجارى عن صفقة حتمية بموجبها اشترت الحكومة ( المشترى غير المعلن )"الدستور" لتنتقم بها من أحد أبرز مضايقيها فى شخص عيسى وبعض من معه مثل إبراهيم منصور ووائل عبد الفتاح وطاقم التحقيقات المميز وكُتاب" الدستور" من الأطياف المعارضة شأن د. سكينة فؤاد ( صاحبة الدعوة الوطنية الشهيرة ومنذ سنوات للاكتتاب لزراعة القمح ) ود. أيمن نور ويوسف سيدهم ومختار نوح وبعض رموز حركة كفاية وحتى الناقد السينمائى طارق الشناوى أحببته أكثر وهو يكتب مساحته الجميلة كمعارض فى الجريدة التى اجتذبت للعمل والكتابة فيها العديد من الزملاء الصحفيين من ذوى الضمائر الحية فى الصحف القومية فكانت مركز تجمع مُعارض " شبابى " فى الأساس وغير فاسد .
بموجب الصفقة التى صرخ أبناء " الدستور" على سلم النقابة منددين برداءتها التى يُغلفها ما أُشيع عن دماثة د. السيد البدوى كملياردير فوق مستوى العامة ، يكون الأمر الحكومى/ الرئاسى قد صدر للمالك السابق للدستور د.عصام فهمى ليبيع وصدر أمر آخر للمالك الجديد والذى كان أول الأمر د. السيد البدوى ليشترى ، لإخراج رئيس التحرير المارق والمؤرق للسلطة بجماهيرية جريدته وشجاعتها التحريرية ، و" تنفيض " " الدستور" من الطاقم القديم إذ لم يقدم بيان مجلس النقابة يوم 7 أكتوبر ما يُلزم الجهة المالكة الجديدة ( مرة أخرى المالك المعلن وهو هنا رضا إدوارد ) بتنفيذ وتطبيق ما ورد فى البيان بشأن حقوق الصحفيين المطرودين بشكل غير مباشر .. طالمالم يمتثلوا للنتائج المترتبة على التغييرات الجديدة والتى اتضح إلى أى مدى قد طالت حريتهم السابقة فى الكتابة والتغطية الصحفية والمقصود شرط الضمير فى الكتابة بمهنية والالتزام بالكتابة عما هو حادث دون تزييف أو تجاهل أو حتى ترحيب لمجرد أن ما يحدث يصدر عن الجهات العليا . وهاهى نتيجة تسليمنا بقانون النقابات الذى جعلها كلها شبيهة بالجمعية العامة للأمم المتحدة . بل وفوجئنا بأن البيان يعلن تضامنه مع إبراهيم عيسى ومؤازرته إذا ما قرر أن يلجأ للقضاء مع إشارته إلى أن الزميل المُقال سوف يجد العديد من الأماكن التى ستدعوه وترحب به للكتابة وهو مالم يحدث حتى الآن، لأن من الواضح أن الصحف المستقلة تخاف أكثر الآن من عيسى فمجرد وجوده بين كُتابها يعنى احتمال إغلاقها هى أيضاً!
ودعونا نكون صرحاء .. ماذا فعلت النقابة من قبل حتى للمغضوب عليهم فى الصحف القومية ممن تعرضوا للرفت لأسباب سريالية ولا أقول شخصية وكل من يتم تبليغ رئيس التحرير به بأنه شارك فى وقفة احتجاجية ضد الخط الرسمى لسياسة الحزب الحاكم الداخلية والخارجية ، وبعض من كانوا قد عادوا لتوهم من أجازات بدون مرتب لغرض علمى مثل الحصول على منحة من المجلس البريطانى لاستكمال دراسته العليا فى بريطانيا وسمحت له صحيفته بترحاب وعاد ليجد نفسه قد رُفِت دون أن يتجاوز المدة الزمنية المسموحة وغيرها من أساطير تحدث فى بلادنا مازالت .. هل فعلت النقابة شيئاً فى السابق لأى من زملائى الذين لجأوا إليها ؟ ..أنا شخصياً لم ألجأ لنقابتى فى السابق رغم تعرضى مرتين لأزمات : للرفت أو للشروع فيه ولم أكتب أبداً عن ذلك فى السابق لأية جهة ولم أغير مواقفى التى أدت إلى رفتى . وأنا حالياً فى جريدتى أواجه ما أواجهه ويواجهه من هم مثلى من عدوان على حقوقى وانتقاص ظالم لها . لذا يجب أن نفكر كيف نعمل على تغيير الأوضاع التى تؤدى بالمصريين لاكتساب المزيد من حقوقهم المهدرة والملغاة حتى باتوا وكأنهم نسوها ، ولكى لا يصبح مجرد حصول المواطن على حقه كأنما هو " امتياز " يمن به أعضاء الحزب الوطنى فى مختلف المجالات على المصرى العادى فى أى موقع لدفعه للتذلل وتغيير ضميره أو للانضمام للحزب الحاكم وتأمين الحقوق الفردية والتى تشمل إدخال الأولاد المدارس الخاصة أو ضمان الترقى الوظيفى ..الخ مقابل السكوت الشيطانى عن كل ما يحدث فى مصر لمن يختار البقاء خارج الرحمة الحزبية للوطنى .
كيف ستتم حماية حقوق الصحفيين الأصليين فى " الدستور " مادياً ومعنوياً ؟ خاصة فى ضوء التغيير الجذرى فى سياسة التحرير حتى لتبدو كأنما تصدر عن الحزب الوطنى ومن ثم امتناع الصحفيين عن المشاركة فى التدليس والكذب على القارئ والتنكر لضمائرهم فى الكتابة ليتحولوا إلى مجرد كتبة يُنفذون إملاءات مزورة تنضم لجوقة الكذب الحكومى الزاعق ، ما داموا سيقبضون رواتبهم آخر كل شهر ، وإلا (عند كلمة "إلا"عادة تكون غدد البلطجية قد نشطت إفرازاتها ) لن يقبضوا رواتبهم والشارع ينتظرهم .
لم يتورع منفذو الانقلاب عن خطف وإنزال كل أجهزة الكمبيوتر من "الدستور" من المكاتب إلى ما وصف فى التليفزيون( القنوات غير الرسمية ) وقتها ب " مكان غير معلوم " . رأينا ذلك بأم أعيننا كأننا فى حملة يشنها الجيش الإسرائيلى على مكاتب منظمة الأونروا لإغاثة الشعب الفلسطينى أو مثلما يفعل ذلك الجيش حين يداهم منزلاً لمناضل فلسطينى ويصادر جهاز الكمبيوتر والأوراق .
" المكان غير المعلوم " يكاد يكون معلوماً لدى أى مواطن مصرى . هل أمن الدولة بعيد عن كل هذا ويتفرج ؟ إلى هذا الحد تتم الاستهانة بل والعدوان على حق القارئ والمواطن المصرى فى المعلومة الصحيحة من منبر محترم اختاره لأنه من أبرز المنابر المعادية للتوريث وتتم مصادرة الأخبار والموضوعات التى تُعرى البلطجية الغاشمين ليتم استبدالها بمواد صحفية عن أثر اللون الأحمر فى معالجة الضعف الجنسى أو استنساخ حوارات قُدمت لجرائد أخرى مثل الزميلة " نهضة مصر " ( ولو تمت الإشارة إلى ذلك ) لمجرد ملء صفحات الجريدة بقرصنة استفزازية أثناء "حكومتها المؤقتة " على غرارحكومة الفيشى وتقديم مادة صحفية ميتة ومهادنة يحررها من ارتضوا هذا التحالف مع البلطجية لقاء مكافآت معلومة ووعود وضمانات غير نزيهة ، فقط للإزاحة- إزاحة المعارضين الناصعين الذين يعملون وفق ضمائرهم المهنية والإنسانية والوطنية – والإراحة ، وأقصد إراحة سلطة سياسية تمارس البلطجة الخانقة المعلنة فى تحالف لا يقل بطشاَ وتشوهاً تطالعنا شواهده كل يوم ما بين السلطة( التى حولت البلد إلى ثكنة عسكرية ) ورأس المال والجهاز الأمنى ، فإذا أضفنا إلى هذا أن "دستور "عيسىكانت تؤرق أنظمة شقيقة وتتصدى لها بالنقد تتضح الصورة .
سيتفرق دم صحفيي" الدستور" بين الجرائد فى الأغلب وربما يبقون لسنوات ( خارج معادلة الحلول الفردية للبعض الذى قد يتمكن من الالتحاق بجريدة أخرى ) أقول سيبقون لسنوات لا يكتبون ، أو كما أسلفنا ، مدفوعين لعدم الكتابة كخيار شخصى أخلاقى ما دام لن يجدوا المكان الذى يتحمل جرعة الحرية التى تعودوها .
شدد النقيب على ضرورة عدم إغلاق" الدستور" بوصفها الهم الأول . الحقيقة أخالفه الرأى إذ كنا نتمنى ألا تصدر " الدستور " لو أنها ستستمر فى الصدور بمادة كالتى صدرت بها فى الأيام التالية على الانقلاب الغاشم الذى بلا ورقة توت واحدة !
لسنا بحاجة لمطالعة وجه السيد أحمد عز على صفحاتها . كفانا رؤية لوجهه هو وهشام طلعت مصطفى وجمال مبارك وصفوت الشريف والرئيس نفسه فى الجرائد الأخرى التى تزدحم بها مصر والتى طالها ولو من بعيد ،التلويح بالتهديد . حتى المكان الوحيد الذى كانت عيوننا ترتاح فيه جزئياً من هؤلاء المواطنبن أُغلِق .
حكى لى أحد الزملاء المصريين بقناة البى بى سى العربية كيف واجه هو وزملاؤه موقفاً تصادمت فيه إراداتهم مع رغبات الإدارة ولكن لأن فى بريطانيا يتم تنفيذ القوانين، والنقابات فاعلة لصالح أعضائها لكى لا يفترسهم رأس المال نجح العاملون والصحفيون فى فرض إراداتهم وشروطهم على أرباب العمل . حدث هذا لأن الدولة لا تتدخل بمؤامرات رخيصة لأهداف سياسية لصالح أوضاع تقمع الصحفيين وتجدع أنوفهم وتُفصّل القوانين لشل نقاباتهم أو تجميد أحكام القوانين التى يكسبها أعضاء النقابات والاستعداد لها ولهم بالأمن المركزى والقوات الخاصة كما نجد فى التعامل مع نقابة المهندسين على سبيل المثال .
البلطجية احتفلوا سراً بينما واجهنا أذنابهم بفرحهم العلنى . من ناحية كان إغلاق" الدستور " رسمياً سيكون مكسباً فهو سيوفر على دافعى الضرائب أى نحن معشر المصريين، ما ستأخذه الدولة منهم غصباً وبطريقة ملتوية– باستمرارها الشكلى – على جثث من شكلوا هويتها لأن الجميع يعرف أن الدولة تدفع لاستمرار بعض الصحف الحكومية الخاسرة منذ سنوات بوصفها أذرعاً لجريدة " مايو " الصادرة عن الحزب الوطنى .
طبيعى أن " الدستور " ستخسر لكن ذلك لا يهم المالك الجديد الذى تحدى حتى بيان مجلس النقابة الذى أكد على ضرورة استمرار رئيس التحرير التنفيذى الأصلى ( إبراهيم منصور ) ووضع المالك من يريد ومن قَبِلَ بذلك مكانه .. الخسارة لا تهم المالك لأن الدولة على الأرجح ستعوضه وتمول المسخ أو "الدستور " الجديد ما دام قد أسدى للنظام صنيعاً لن ينساه فى التخلص من أحد أعنف معارضى التوريث العلنيين . نحزن على خسارة " الدستور " لكن مصر كلها تخسر ، ومن زمن .
تشديد بيان النقابة على أهمية استمرار " الدستور " من نفس مكانها أراه تشاغلاً عن الأصل بالفرع . الأصل هو رفض مبدأ إقالة أحد لأسباب لم ولن يعلنها أحد ، ما يعنى أنها أسباب شخصية أو خصومة عميقة، السلطة هى الطرف الثانى فيها والمحرك الأول لكل ما نراه حولنا فى مصر . وإشارة الزميل جمال فهمى فى قناة " أون تى فى" إلى ما قاله البعض " لو اجتمع كل رؤساء العالم لن يعود إبراهيم عيسى" يدفعنا تماماً إلى تصديق التزام الوجوه الجديدة بتنفيذ بنود الصفقة الواضحة : تقديم رأس رئيس التحرير المعارض وتلاميذه على طبق إلى النظام الذىلم يعد يطيق الصبر عليهم مقابل أشياء لن يُعلن عنها لصالح حزب أو مجموعة أشخاص .
أما تداول أقاويل من نوع أن راتب عيسى الذى رفعه المالك الجديد دون طلب من رئيس تحرير" الدستور" كما أقر بذلك المالك نفسه ، ذلك الراتب يجب إلغاء وجود عيسى ليتسنى إنفاقه كمرتبات جديدة لعناصر أخرى( تعيينات على هوى المالك والسلطة معاً ) هذه أقاويل تدعو للضحك فأى مواطن مصرى يستغبون ؟
من ناحية طالما إبراهيم عيسى لم يطلب تلك الزيادة الفادحة فى راتبه فالافتراض المنطقى الوحيد لرفع الأجر على هذه الصورة التى تجاوزت الضعفين لا يمكن تفسيرها إلا كمحاولة رشوة . وإلا لو كان تقدير المالك لكفاءة العنصر الذى يرفع راتبه هكذا فكيف يعقبها إقالة فجائية محسومة بكل ذلك الإصرار والكراهية ؟ أم أن رفع الراتب حدث فقط ، وبالضبط لأن المالك كان يعلم ما ينوى فعله بحق رئيس التحرير ؟
نعود ونذكر بنفسية البلطجى الذى صار يتحرك فى مصرنا الحالية فى العلن . لا أذم أحداً.. فقط أحاول أن أفهم معكم هل الثلاثون عاماً الماضية فى حكم مصر كانت كافية لتطوير تلك النفسية التى طالت العديد من الضعاف ، فى الشرطة وفى الشارع وفى السياسة وفى الصحافة وحتى فى التعليم .. فى كل شئ؟
لا أنسى حادثتين ، مثلكم جميعاً : هشام طلعت مصطفى وخالد سعيد .
أكتُبهما فى جملة واحدة وأرى ذلك إثماً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.