إدارة اقتصادية جديدة    طلب إحاطة بشأن رفع بعض المدارس الخاصة للمصروفات بنسبة 100%    البنك المركزي الأوروبي يقرر خفض سعر الفائدة 0.25%    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    تراجع مبيعات التجزئة الإيطالية بنسبة 0.1% خلال أبريل الماضي    مصدر رفيع المستوى: حماس سترد على مقترح الهدنة خلال أيام، وتلقينا إشارات إيجابية    النمسا: إنقاذ 40 مواطنا بعد انحراف قطار عن مساره وخروجه عن القضبان    تصفيات كأس العالم، بوركينا فاسو لم يعرف طعم الفوز على منتخب مصر    محافظ أسوان يكرم أبطال نادي ذوي الاحتياجات الخاصة لحصدهم العديد من الميداليات الذهبية    تعليمات عاجلة من تعليم القاهرة لرؤساء مراكز توزيع أسئلة امتحانات الثانوية العامة    تجديد حبس طالب 15 يوما بتهمة قتل عاطل بسبب هاتف محمول فى المرج    تعذر رؤية الهلال.. مركز الفلك يعلن أول أيام الأضحى 2024    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    قبيل عرض الثالث.. تركي آل الشيخ يلمح لجزء رابع من فيلم ولاد رزق، ما القصة؟    أفضل دعاء يوم عرفة.. ردده لغفران ذنوبك وعتق رقبتك من النار    كم عدد أيام الذبح في عيد الأضحى؟.. اعرف التوقيت الأفضل    تفاصيل مناسك يوم التروية والمبيت في مني    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد المحاماة ومشروع تدريبي لنقابة المحامين للعدالة الإلكترونية بالوادي الجديد    تراجع أسعار الفول والزيت والدواجن واللحوم اليوم الخميس (موقع رسمي)    أول ظهور لوزيرة الثقافة بعد وفاة والدتها في افتتاح معرض "بديع صنع الله"    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    في احتفالات اليوم العالمي للبيئة.. لقاءات متنوعة لقصور الثقافة بالسويس    الأحد.. دار الأوبرا تنظم حفلا ضمن سلسلة كلثوميات لفرقة عبد الحليم نويرة    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    مقابل وديعة دولاية.. مبادرة لتسهيل دخول الطلاب المصريين بالخارج الجامعات المصرية    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    لحجاج بيت الله.. نصائح مهمة للحصول على وجبة غذائية صحية    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل تكتب: الذين يقفون بيننا وبين حب الوطن
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 11 - 2010

أحب مصر رغم كل ما يحدث لى ولغيرى فيها ممن يكرهونها ويكرهون الإنسانية . لكن حديثى اليوم عن البلطجة .
إن نفسية البلطجى هى التى تصر على فعل الشر ( بل تدفعه دفعاً ) وإذا حاول الضحية أو المعتدى عليه أن يرد دفاعاً عن النفس ( حق غريزى قبلما يفهم مايحدث حتى ) فإن البلطجى يستعر ويستشيط غضباً وإصراراً أكبر على تدميره كلياً وتنحيته من الوجود . والبلطجى لا يأبه لرد الفعل ما دام حدد هدفه لأن سيناريو الانتقام والبطش الماحق الذى يرسمه قبل البدء فى مشروع بلطجة ما لا يضع فى حسبانه أى معنى أو قيمة أخلاقية يمكنها إحراج ضميره وإلا ما صار بلطجياً بفطرته ونوازعه غير السوية وهو دائماً ما يبحث فى تحالفات الفساد عمن " يؤجر " فساده ورغبته فى ممارسة شره وبلطجته . هذا أوكسجينه ، والحق أن هذا المعدوم الضمير الإنسانى قادر على تخيل المدى الأخير لما يبدأه : مثلاً التخلص المادى أو المعنوى أو كليهما من غريم أو منافس ، ويكون هو الذى بدأ ( أى البلطجى الفاسد ) بكراهيته وعدوانيته لمجرد أن ذلك الغريم يمثل نقيض كل القيم التى يمثلها ويمارسها البلطجى فاستحق كراهيته بالتالى ، فضلاً عن أن المناقض للبلطجى يطالب بتجريده من " امتيازاته " التى تجعله فى مكانة لا يطالها القانون أو أى شكل من أشكال المحاسبة، وهو ما يحتم التخلص منه .
البلطجة السياسية ليست قدر المصريين إلا فى حالة واحدة : طالما ارتضوها هم لأنفسهم . وكلما قلنا عن النظام الفاسد الراهن أنه فقد قدرته على مفاجأتنا ، فإنه يخيب توقعاتنا ويأتى بجديد أفدح كثيراً من مجرد النشاز السياسى ويرقى فى كثير من القرارات الفوقية الرئاسية لمستوى إلغاء الإرادة الشعبية وفرض وتسييد المشيئة الأمريكية والإسرائيلية . الشواهد لا يمكن حصرها وأبرزها ارتضاء بيع الغاز المصرى لإسرائيل باستبعاد كامل لإرادة الشعب ، فأية حكومة تحكمنا؟ ... مصرية أم إسرائيلية ؟ . وهل من الأخلاقى أن نتعود هكذا أهوال ؟
توجسنا جميعاً منذ فوجئنا تليفزيونياً بقرار انتقال ملكية جريدة " الدستور" من ملياردير لآخر . لماذا؟ .. أى لماذا تنتقل ملكية جريدة مستقلة ناجحة بين يوم وليلة من شخص لآخر ، و يأتى هذا الآخر بحملة انتقامية تترية لإسقاطها فى فخ الخسارة التى طالت أكثر الجرائد التى على الساحة دون أن يبدو قلِقاً على ماله كأنما هناك من " سيعوضه " ؟. قراءة واقع الفساد المستشرى تجيب على أشياء عدة ، حتى قبل إقالة الزميل إبراهيم عيسى كنا قد بدأنا نرى فى جريدة "الدستور" آثار وعلامات تلك الحملة ، من قبيل صور فى المانشيت الرئيسى لرئيس الدولة وتصريحات للسيد صفوت الشريف ولاحظنا زيادة مساحة أعمدة بعض عناصرها الأصلية ممن يكتبون بعيداً عن السياسة إجمالاً مع تقليص وتحريك أماكن أعمدة وأبواب كُتّابها الهامين واحتملنا .. حتى خرجت بالشكل المزرى الأخير يوم إقالة عيسى ونزل عليها وعلينا شخصاً يبدو من كتبة الحزب الوطنى ، تشنج كثيراً وبعنف مفضوح فى برنامج " مانشيت " لجابر القرموطى بقناة" أون تى فى " على الزميلين عمرو بدر وجمال فهمى . كان عنوان مقال الوجه الجديد الذى استأثر بين يوم وليلة بمساحة مقال عيسى ثم مساحة جمال فهمى " التغيير سنة الحياة " . هذه كانت مقالة سليم عزوز الذى لم يفكر وهو يشمت هكذا بكراهية معلنة فجة ، وإلا لأدرك أنه وجه مقاله الوجهة الخطأ . " التغيير سنة الحياة " كانت ستكون بليغة لو وجهها لسيادة الرئيس الذى كَفَر إبراهيم عيسى فيما يبدو حين كتب متسائلاً حول صحته منذ أعوام قليلة ليصل الأمر إلى الحبس الذى لم تنقذه منه سوى العناية الرئاسية حين أصدر مبارك عفوه عنه فيما رآه الجميع – خاصة أنه حدث فى اللحظة الأخيرة – رشوة ينتظر النظام بعدها قياس رد فعل عيسى وتعبيره عن " الامتنان " نظير تغيير المصير المفاجئ .
يفرح كثيرون اليوم ممن كان ينتقدهم إبراهيم عيسى بحدة لاذعة .. يفرحون باختفائه إعلامياً ، لأن هؤلاء يملكون نفسية البلطجى الذى يعانى عادة من انفصام الشخصية إذ أن وجهها الآخر نفسية فئرانية أمام الكلىّ القدرة – وزير الداخلية أو رئيس الدولة – فى المجتمعات التوتاليتارية الشمولية مهما تجملت بإدعاء التعددية السياسية.
يتحدث الكثيرون فى أروقة الحياة الصحفية منذ الوقفة الاحتجاجية بنقابة الصحفيين يوم الخميس الموافق 7 أكتوبر الجارى عن صفقة حتمية بموجبها اشترت الحكومة ( المشترى غير المعلن )"الدستور" لتنتقم بها من أحد أبرز مضايقيها فى شخص عيسى وبعض من معه مثل إبراهيم منصور ووائل عبد الفتاح وطاقم التحقيقات المميز وكُتاب" الدستور" من الأطياف المعارضة شأن د. سكينة فؤاد ( صاحبة الدعوة الوطنية الشهيرة ومنذ سنوات للاكتتاب لزراعة القمح ) ود. أيمن نور ويوسف سيدهم ومختار نوح وبعض رموز حركة كفاية وحتى الناقد السينمائى طارق الشناوى أحببته أكثر وهو يكتب مساحته الجميلة كمعارض فى الجريدة التى اجتذبت للعمل والكتابة فيها العديد من الزملاء الصحفيين من ذوى الضمائر الحية فى الصحف القومية فكانت مركز تجمع مُعارض " شبابى " فى الأساس وغير فاسد .
بموجب الصفقة التى صرخ أبناء " الدستور" على سلم النقابة منددين برداءتها التى يُغلفها ما أُشيع عن دماثة د. السيد البدوى كملياردير فوق مستوى العامة ، يكون الأمر الحكومى/ الرئاسى قد صدر للمالك السابق للدستور د.عصام فهمى ليبيع وصدر أمر آخر للمالك الجديد والذى كان أول الأمر د. السيد البدوى ليشترى ، لإخراج رئيس التحرير المارق والمؤرق للسلطة بجماهيرية جريدته وشجاعتها التحريرية ، و" تنفيض " " الدستور" من الطاقم القديم إذ لم يقدم بيان مجلس النقابة يوم 7 أكتوبر ما يُلزم الجهة المالكة الجديدة ( مرة أخرى المالك المعلن وهو هنا رضا إدوارد ) بتنفيذ وتطبيق ما ورد فى البيان بشأن حقوق الصحفيين المطرودين بشكل غير مباشر .. طالمالم يمتثلوا للنتائج المترتبة على التغييرات الجديدة والتى اتضح إلى أى مدى قد طالت حريتهم السابقة فى الكتابة والتغطية الصحفية والمقصود شرط الضمير فى الكتابة بمهنية والالتزام بالكتابة عما هو حادث دون تزييف أو تجاهل أو حتى ترحيب لمجرد أن ما يحدث يصدر عن الجهات العليا . وهاهى نتيجة تسليمنا بقانون النقابات الذى جعلها كلها شبيهة بالجمعية العامة للأمم المتحدة . بل وفوجئنا بأن البيان يعلن تضامنه مع إبراهيم عيسى ومؤازرته إذا ما قرر أن يلجأ للقضاء مع إشارته إلى أن الزميل المُقال سوف يجد العديد من الأماكن التى ستدعوه وترحب به للكتابة وهو مالم يحدث حتى الآن، لأن من الواضح أن الصحف المستقلة تخاف أكثر الآن من عيسى فمجرد وجوده بين كُتابها يعنى احتمال إغلاقها هى أيضاً!
ودعونا نكون صرحاء .. ماذا فعلت النقابة من قبل حتى للمغضوب عليهم فى الصحف القومية ممن تعرضوا للرفت لأسباب سريالية ولا أقول شخصية وكل من يتم تبليغ رئيس التحرير به بأنه شارك فى وقفة احتجاجية ضد الخط الرسمى لسياسة الحزب الحاكم الداخلية والخارجية ، وبعض من كانوا قد عادوا لتوهم من أجازات بدون مرتب لغرض علمى مثل الحصول على منحة من المجلس البريطانى لاستكمال دراسته العليا فى بريطانيا وسمحت له صحيفته بترحاب وعاد ليجد نفسه قد رُفِت دون أن يتجاوز المدة الزمنية المسموحة وغيرها من أساطير تحدث فى بلادنا مازالت .. هل فعلت النقابة شيئاً فى السابق لأى من زملائى الذين لجأوا إليها ؟ ..أنا شخصياً لم ألجأ لنقابتى فى السابق رغم تعرضى مرتين لأزمات : للرفت أو للشروع فيه ولم أكتب أبداً عن ذلك فى السابق لأية جهة ولم أغير مواقفى التى أدت إلى رفتى . وأنا حالياً فى جريدتى أواجه ما أواجهه ويواجهه من هم مثلى من عدوان على حقوقى وانتقاص ظالم لها . لذا يجب أن نفكر كيف نعمل على تغيير الأوضاع التى تؤدى بالمصريين لاكتساب المزيد من حقوقهم المهدرة والملغاة حتى باتوا وكأنهم نسوها ، ولكى لا يصبح مجرد حصول المواطن على حقه كأنما هو " امتياز " يمن به أعضاء الحزب الوطنى فى مختلف المجالات على المصرى العادى فى أى موقع لدفعه للتذلل وتغيير ضميره أو للانضمام للحزب الحاكم وتأمين الحقوق الفردية والتى تشمل إدخال الأولاد المدارس الخاصة أو ضمان الترقى الوظيفى ..الخ مقابل السكوت الشيطانى عن كل ما يحدث فى مصر لمن يختار البقاء خارج الرحمة الحزبية للوطنى .
كيف ستتم حماية حقوق الصحفيين الأصليين فى " الدستور " مادياً ومعنوياً ؟ خاصة فى ضوء التغيير الجذرى فى سياسة التحرير حتى لتبدو كأنما تصدر عن الحزب الوطنى ومن ثم امتناع الصحفيين عن المشاركة فى التدليس والكذب على القارئ والتنكر لضمائرهم فى الكتابة ليتحولوا إلى مجرد كتبة يُنفذون إملاءات مزورة تنضم لجوقة الكذب الحكومى الزاعق ، ما داموا سيقبضون رواتبهم آخر كل شهر ، وإلا (عند كلمة "إلا"عادة تكون غدد البلطجية قد نشطت إفرازاتها ) لن يقبضوا رواتبهم والشارع ينتظرهم .
لم يتورع منفذو الانقلاب عن خطف وإنزال كل أجهزة الكمبيوتر من "الدستور" من المكاتب إلى ما وصف فى التليفزيون( القنوات غير الرسمية ) وقتها ب " مكان غير معلوم " . رأينا ذلك بأم أعيننا كأننا فى حملة يشنها الجيش الإسرائيلى على مكاتب منظمة الأونروا لإغاثة الشعب الفلسطينى أو مثلما يفعل ذلك الجيش حين يداهم منزلاً لمناضل فلسطينى ويصادر جهاز الكمبيوتر والأوراق .
" المكان غير المعلوم " يكاد يكون معلوماً لدى أى مواطن مصرى . هل أمن الدولة بعيد عن كل هذا ويتفرج ؟ إلى هذا الحد تتم الاستهانة بل والعدوان على حق القارئ والمواطن المصرى فى المعلومة الصحيحة من منبر محترم اختاره لأنه من أبرز المنابر المعادية للتوريث وتتم مصادرة الأخبار والموضوعات التى تُعرى البلطجية الغاشمين ليتم استبدالها بمواد صحفية عن أثر اللون الأحمر فى معالجة الضعف الجنسى أو استنساخ حوارات قُدمت لجرائد أخرى مثل الزميلة " نهضة مصر " ( ولو تمت الإشارة إلى ذلك ) لمجرد ملء صفحات الجريدة بقرصنة استفزازية أثناء "حكومتها المؤقتة " على غرارحكومة الفيشى وتقديم مادة صحفية ميتة ومهادنة يحررها من ارتضوا هذا التحالف مع البلطجية لقاء مكافآت معلومة ووعود وضمانات غير نزيهة ، فقط للإزاحة- إزاحة المعارضين الناصعين الذين يعملون وفق ضمائرهم المهنية والإنسانية والوطنية – والإراحة ، وأقصد إراحة سلطة سياسية تمارس البلطجة الخانقة المعلنة فى تحالف لا يقل بطشاَ وتشوهاً تطالعنا شواهده كل يوم ما بين السلطة( التى حولت البلد إلى ثكنة عسكرية ) ورأس المال والجهاز الأمنى ، فإذا أضفنا إلى هذا أن "دستور "عيسىكانت تؤرق أنظمة شقيقة وتتصدى لها بالنقد تتضح الصورة .
سيتفرق دم صحفيي" الدستور" بين الجرائد فى الأغلب وربما يبقون لسنوات ( خارج معادلة الحلول الفردية للبعض الذى قد يتمكن من الالتحاق بجريدة أخرى ) أقول سيبقون لسنوات لا يكتبون ، أو كما أسلفنا ، مدفوعين لعدم الكتابة كخيار شخصى أخلاقى ما دام لن يجدوا المكان الذى يتحمل جرعة الحرية التى تعودوها .
شدد النقيب على ضرورة عدم إغلاق" الدستور" بوصفها الهم الأول . الحقيقة أخالفه الرأى إذ كنا نتمنى ألا تصدر " الدستور " لو أنها ستستمر فى الصدور بمادة كالتى صدرت بها فى الأيام التالية على الانقلاب الغاشم الذى بلا ورقة توت واحدة !
لسنا بحاجة لمطالعة وجه السيد أحمد عز على صفحاتها . كفانا رؤية لوجهه هو وهشام طلعت مصطفى وجمال مبارك وصفوت الشريف والرئيس نفسه فى الجرائد الأخرى التى تزدحم بها مصر والتى طالها ولو من بعيد ،التلويح بالتهديد . حتى المكان الوحيد الذى كانت عيوننا ترتاح فيه جزئياً من هؤلاء المواطنبن أُغلِق .
حكى لى أحد الزملاء المصريين بقناة البى بى سى العربية كيف واجه هو وزملاؤه موقفاً تصادمت فيه إراداتهم مع رغبات الإدارة ولكن لأن فى بريطانيا يتم تنفيذ القوانين، والنقابات فاعلة لصالح أعضائها لكى لا يفترسهم رأس المال نجح العاملون والصحفيون فى فرض إراداتهم وشروطهم على أرباب العمل . حدث هذا لأن الدولة لا تتدخل بمؤامرات رخيصة لأهداف سياسية لصالح أوضاع تقمع الصحفيين وتجدع أنوفهم وتُفصّل القوانين لشل نقاباتهم أو تجميد أحكام القوانين التى يكسبها أعضاء النقابات والاستعداد لها ولهم بالأمن المركزى والقوات الخاصة كما نجد فى التعامل مع نقابة المهندسين على سبيل المثال .
البلطجية احتفلوا سراً بينما واجهنا أذنابهم بفرحهم العلنى . من ناحية كان إغلاق" الدستور " رسمياً سيكون مكسباً فهو سيوفر على دافعى الضرائب أى نحن معشر المصريين، ما ستأخذه الدولة منهم غصباً وبطريقة ملتوية– باستمرارها الشكلى – على جثث من شكلوا هويتها لأن الجميع يعرف أن الدولة تدفع لاستمرار بعض الصحف الحكومية الخاسرة منذ سنوات بوصفها أذرعاً لجريدة " مايو " الصادرة عن الحزب الوطنى .
طبيعى أن " الدستور " ستخسر لكن ذلك لا يهم المالك الجديد الذى تحدى حتى بيان مجلس النقابة الذى أكد على ضرورة استمرار رئيس التحرير التنفيذى الأصلى ( إبراهيم منصور ) ووضع المالك من يريد ومن قَبِلَ بذلك مكانه .. الخسارة لا تهم المالك لأن الدولة على الأرجح ستعوضه وتمول المسخ أو "الدستور " الجديد ما دام قد أسدى للنظام صنيعاً لن ينساه فى التخلص من أحد أعنف معارضى التوريث العلنيين . نحزن على خسارة " الدستور " لكن مصر كلها تخسر ، ومن زمن .
تشديد بيان النقابة على أهمية استمرار " الدستور " من نفس مكانها أراه تشاغلاً عن الأصل بالفرع . الأصل هو رفض مبدأ إقالة أحد لأسباب لم ولن يعلنها أحد ، ما يعنى أنها أسباب شخصية أو خصومة عميقة، السلطة هى الطرف الثانى فيها والمحرك الأول لكل ما نراه حولنا فى مصر . وإشارة الزميل جمال فهمى فى قناة " أون تى فى" إلى ما قاله البعض " لو اجتمع كل رؤساء العالم لن يعود إبراهيم عيسى" يدفعنا تماماً إلى تصديق التزام الوجوه الجديدة بتنفيذ بنود الصفقة الواضحة : تقديم رأس رئيس التحرير المعارض وتلاميذه على طبق إلى النظام الذىلم يعد يطيق الصبر عليهم مقابل أشياء لن يُعلن عنها لصالح حزب أو مجموعة أشخاص .
أما تداول أقاويل من نوع أن راتب عيسى الذى رفعه المالك الجديد دون طلب من رئيس تحرير" الدستور" كما أقر بذلك المالك نفسه ، ذلك الراتب يجب إلغاء وجود عيسى ليتسنى إنفاقه كمرتبات جديدة لعناصر أخرى( تعيينات على هوى المالك والسلطة معاً ) هذه أقاويل تدعو للضحك فأى مواطن مصرى يستغبون ؟
من ناحية طالما إبراهيم عيسى لم يطلب تلك الزيادة الفادحة فى راتبه فالافتراض المنطقى الوحيد لرفع الأجر على هذه الصورة التى تجاوزت الضعفين لا يمكن تفسيرها إلا كمحاولة رشوة . وإلا لو كان تقدير المالك لكفاءة العنصر الذى يرفع راتبه هكذا فكيف يعقبها إقالة فجائية محسومة بكل ذلك الإصرار والكراهية ؟ أم أن رفع الراتب حدث فقط ، وبالضبط لأن المالك كان يعلم ما ينوى فعله بحق رئيس التحرير ؟
نعود ونذكر بنفسية البلطجى الذى صار يتحرك فى مصرنا الحالية فى العلن . لا أذم أحداً.. فقط أحاول أن أفهم معكم هل الثلاثون عاماً الماضية فى حكم مصر كانت كافية لتطوير تلك النفسية التى طالت العديد من الضعاف ، فى الشرطة وفى الشارع وفى السياسة وفى الصحافة وحتى فى التعليم .. فى كل شئ؟
لا أنسى حادثتين ، مثلكم جميعاً : هشام طلعت مصطفى وخالد سعيد .
أكتُبهما فى جملة واحدة وأرى ذلك إثماً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.