لم أكن متابعا أحداث انقلاب الدستور ، ضغط العمل لدى الاسبوع الماضى صرفنى عن متابعة الفضائيات أو الاحاطة بما يجرى من حولى ، قرأت فى الدستور خبرا كتبه صديقى الصحفى المخضرم صبحى عبد السلام عن طلبى الترشح فى انتخابات مجلس الشعب القادمة فى دائرة بولاق الدكرور بطعم الغزل والرجاء للإخوان ليفسحوا لى المجال ، وهو إن حدث لا شئ فيه المهم أن يكون قد حدث ، أظن الخبر نُشر بعدد الإثنين الماضى ونقلته مواقع اليكترونية الزيات يغازل الاخوان كلاكيت ، كتبت ردا وارسلته عبر الفاكس يوم الثلاثاء ، أوضحت فيه أن الواقعة على هذا النحو لم تحدث مع احترامى العميق للاخوان ، بل لم يتولد لدى أى رغبة أو حماسة فى الترشح فى الانتخابات المقبلة لعدة أسباب أهمها غياب الضمانات اللازمة لنزاهة العملية الانتخابية ومرارة ما جرى فى الانتخابات الماضية ، لكنى التقيت أخى الاستاذ محمد طوسون على خلفية توسطه بينى وبين نقيب المحامين حمدى خليفة لتقريب وجهات النظر بيننا ، وأثناء اللقاء سألنى طوسون هل تنتوى الترشح مجددا فأجبت حاسما بالنفى وألمحت لما سلف بيانه من أسباب ، لكن طوسون استفاض فى شرح وجهة نظره فى ضرورة افساح المجال لبعض الشخصيات العامة فى بعض الدوائر لتخوض الانتخابات ومنهم شخصى المتواضع فى ذات الدائرة ، فكان اقتراحا منه لا منى ولا من الاخوان ، وقال طوسون إنه سيرجع للاخوان ثم يفيدنى بالموقف فلم أكترث ، حتى فوجئت بأخى صبحى عبد السلام الصحفى بالدستور يسألنى فأوضحت له ما حدث ، لكنى فوجئت بالنشر على النحو الذى نشر به ، فكتبت ردى وأرسلته للدستور الثلاثاء الاربعاء تحدثت مع عبد المنعم منيب استطلع الموقف من تقاضى الكُتاب مكافأتهم بعد "التوسعة" التى حدثت مع المُلاك الجدد ،كنت قد تحدثت مع ابراهيم عيسى عرضا منذ فترة وسألته ضاحكا "احنا حنقفش" والا ايه وضحك عيسى وضحكت وقال حلوة حنقفش دى ، لكن منيب فاجئنى انت مش عايش فى الدنيا والا ايه؟ ليه يابنى ايه اللى حصل ؟ قال حصل انقلاب البدوى أقال ابراهيم عيسى ، والصحفيين متجمعين فى الجورنال ومعاهم اربعة من مجلس نقابة الصحفيين أذهلنى الخبر .. فعلاقتى بابراهيم عيسى تمتد لاكثر من عشرين عاما ، استضافنى على صفحات الدستور الاولى فى معارك شتى عن العنف والتطرف والارهاب والصلح ووقف العنف والمبادرات ، وايضا عن كرة القدم والزمالك ، كان عيسى أول من قدمنى كاتبا رياضيا ، وعلاقتى بالسيد البدوى معلومة للكافة ، بين وبينه مودة ومحبة وثقة متبادلة ، استضافنى على قوائم الوفد فى الانتخابات الماضية وتحمس لى ، رغم كل الضربات التى وجهها له البعض بسببى متهمين إياه بترشيح "ارهابيين أو متطرفين" على قوائم الوفد!! الدستور ارتبطت عندى بابراهيم عيسى .. لا .. بل أظنها ارتبطت عند الكافة ، الرأى العام والصفوة والنخبة بعيسى وتجربته ، نشأ جيل من الصحفيين الشبان فيها وصاروا بعدها كبارا أصحاب تجربة ، قدم لبلاط صاحبة الجلالة أجيالا من الصحفيين والكُتاب تناوبوا عالم الصحافة جيلا وراء جيل استكتبنى عيسى فى الدستور القديمة ، واستكتبنى أيضا فى الدستور الثانية ، ويبقى المصير مجهولا فى الدستور الثالثة .. والثالثة تابتة كما يقولون ، لم نكن نحصل على مقابل لقاء ما نكتب ، لكننا كنا نشعر أننا أيضا جزء لا يتجزأ من التجربة ، كنا منها ومازلنا وأهلها ، يدعونا الابراهيمان عيسى ومنصور ومعهما السرجانى ودعاء وكساب وصبحى وشادى إلى لقاءات فى المناسبات المختلفة فنجتمع ونبحث ونقرر معا سياسة الدستور ، نواجه معا مشكلات الدستور نقترح سبل الحلول ، بالطبع كنا راضين بالمسيرة ، أحيانا أرسل مقالى فى موعده لأجد هاتفى يرن وأجد صديقى ابراهيم منصور ضاحكا "ماتغير الموضوع يا أستاذ" ، وأنا أفهمها وهى طايره ودون أن أناقشه أكتب غيره وأرسل الجديد ، كانت الثقة متوفرة جدا بيننا بعضنا البعض ، وكان الحرص أيضا باديا على بعضنا البعض لست أدرى على وجه التحديد سببا وجيها لما جرى؟ لست أفهم بعد ما حدث؟ وربما جزءا من ارتباكى سببه وجود الدكتور السيد البدوى فى الكادر وفى المشهد!! فأنا أيضا اثق به جدا وتجربتى معه تدفعنى لرفض أى اتهامات قد تعلق بالرجل وقد اراحنى كثيرا ترك البدوى موقعه كرئيس لمجلس الادارة ، لكنى مطالب أيضا وغيرى بتقصى ما جرى وأسبابه ومراميه قبل الولوج إلى نتيجة محددة ، هناك تفصيلات كثيرة نحتاج غلى فهمها ، ماذا عن حقيقة الموقف ، عن الاطاحة بصاحب التجربة ، كان اختيار المُلاك للدستور تعبيرا عن تقدير منبر للشعب وحرصا عليه وحمايته ، هكذا استمعنا من السيد البدوى ورضا إدوارد ، اشتروها ليحافظوا عليها بسياستها التحريرية برجالها والعاملين بها والكُتاب فيها ، لهذا أظن أننا فى حاجة لنسمع ونعرف ونرصد كل الأسباب والخلفيات وحتى الظنون والشكوك والهواجس ، كلها تودى بالتجربة . أظن أيضا لو كانت حاجة المُلاك الجدد لصحيفة جاهزة للإصدار ، فهناك صحف تترى جاهزة للبيع ، لماذا الدستور ؟ لانها جريدة وطنية تعبر عن هموم كل التيارات والمدارس الفكرية والسياسية والايدلوجية .. هنا ينبغى أن نقف طويلا لنعرف ونطمئن ، أنا على يقين أن الدستور ستتعافى قريبا اذا شاء الله وقدر لكنى ملزم بحكم العشرة والعيش والملح ، ملزم بحكم القناعات المشتركة ، ملزم بحكم حقى فى التعبير ، وحق الدستور فى احتمالى وأمثالى من المحرومين من منابر حقيقية أن يسع بعضنا بعضا ، ملزم بأن أبقى واحدا من كتيبة الدستور خلف ابراهيم عيسى أدور معها حيث دارت وبلاها "قفش" ياعم ابراهيم.