فأما أبو العز فهو المناضل الوطني البارز ونائب الشعب السابق أبو العز الحريري، و«الفكرية» التي اعتدي عليها فجأة كده وبدون سابق معرفة، هي نفسها الست «الملكية الفكرية للكتب المدرسية» التي تعتبر حاليا ضمن أجمل وأحلي ما ملكت أيمان الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم من جوارٍ وإماء و«أفكار» وخلافه. أراك تسأل مستعبطا : وكيف إن شاء الله اعتدي الأستاذ أبو العز علي «فكرية» معالي وزير التعليم ؟ وما مناسبة هذا العدوان وسببه؟! للإجابة عن هذه الأسئلة لامفر من رواية حكاية لطيفة ظريفة لن تندم إذا قرأتها، لكني لا أضمن لحضرتك السلامة التامة من مخاطر زيادة ضغط الدم.. ومع ذلك هيا بنا نحكي.. يقال والعهدة علي صديقي الناشط السياسي والمحامي السكندري اللامع الأستاذ عبد الرحمن الجوهري إن أبو العز الحريري تهور وبدأ ينسج علاقة سطحية تافهة مع الست «الفكرية» آنفة الذكر عندما لم يرتدع ولم يجبن وأخذ يصعد من وتيرة نشاطه السياسي المعارض لنظام الرئيس حسني مبارك، غير أن مخاطر علاقته بالست المذكورة لاحت وظهرت بقوة في سماوات المباحث لما شارك يوم الثلاثاء الماضي (هو وكل أسرته) في المظاهرة السلمية التي دعت إليها حركات وقوي وطنية عدة، لإعلان رفض شعب مصر خطة توريثه ونقل ملكيته من الرئيس الأب إلي الشريك النجل.. هنا تململت «الفكرية» هانم واشتعلت الغيرة في قلبها وراحت تشكو من عدوان أبو العز عليها وتحرشه بها وبالتوريث معا، وفي البداية وهذه شهادة لله لم تكترث مباحث أمن الدولة ولم تستجب لادعاءات «فكرية الملكية» فقد كان هم المباحث وتركيزها منصباً فقط علي حماية «فكرة التوريث» من تحرشات المصريين وعدوانهم عليها، لذلك نحت جانبا (ومؤقتا) بلاغ الست «الفكرية» وتحركت بسرعة لقمع وتكسير عظام المتظاهرين ضد النشاط الوراثي للأستاذ جمال مبارك، سواء هؤلاء الذين حاولوا التجمع في ميدان عابدين بالقاهرة أو زملائهم في مدينة الإسكندرية، حيث كان أبو العز أحد الفائزين هناك بنصيب وافر من القمع والبهدلة، إذ لم يتوقف الأمر عند حد اختطاف نجليه واعتقالهم وإشباعهما ضرباً وتلطيشاً، بل تعرضت زوجته لعدوان وحشي وهمجي سجلت وقائعه المشينة في بلاغ قدمته للنيابة العامة، وهذا غالبا ما جعل الست المباحث تتذكر شكوي الست «الفكرية» من اعتداء الحريري عليها في حانوت صغير عبارة عن مكتبة يملكها ويتخذ منها وسيلة للحصول علي رزق قليل وحلال بعدما تقاعس وتكاسل وتمترس في الشرف وامتنع عن الدخول في زمرة المنافقين والنشالين وبياعي الوطن. ويبدو أن جناب «الملكية الفكرية للكتب المدرسية» كانت معبأة ومملوءة بالغل الشديد ومتغاظة جدا من أبو العز الحريري بالذات لدرجة أنها تجاهلت عمدا هي وأختها المباحث، المكتبات العديدة التي تجاور مكتبته في شارع اكتسب صيته وشهرته في مدينة الإسكندرية باعتباره نموذجا مصغرا من شارع «الفجالة» في القاهرة حيث تعرض وتباع الكتب المدرسية الخارجية التي يحاربها معالي الدكتور اللواء وزيرالتربية والتعليم قبل أن يحارب أويعالج أسبابها.. وبالمرة، يوفر للحكومة ذريعة جديدة يستخدمها زملاء سيادته في وزارة الداخلية للتنكيل بالمعارضين المحترمين والتشهير بهم وتربيتهم وتعليمهم الأدب. والحال أن هذا الغل والغيظ ظهر جليا واضحا وضوح الشمس في كبد النهار عندما اصطحبت الست «الفكرية» بعد ظهر أمس الأول، جيشاً عرمرماً من المخبرين ورجال الشرطة الذين امتطوا ثلاث شاحنات و«بوكساً» واحداً، فلما وصلوا بالسلامة إلي الحانوت الصغير اتخذوا وضعية التشكيل القتالي وطوقوا المكتبة من كل جانب وضربوا حولها حصارا صارما قبل أن يقتحموها ويفرغوها من كل محتوياتها (تقريبا) ثم نزحوا البضاعة وحملوها وفوقها الأستاذ أبو العز الحريري نفسه ونقلوا الجميع إلي مكان أمين، بينما «الفكرية» هانم لاتكف لحظة واحدة عن رمي البلاء والولولة والرقع بالصوت الحياني قائلة للرائح والغادي : اشهدوا ياخلق الله.. الراجل المفتري ده واقف في طريق «توريث» مصر واعتدي علي ولية غلبانة بتجري علي كوم مخبرين!!