بعض الكُتاب يصنع بما يكتبه كهفا سحيقا يخفي به نفسه عن الناس، وقد تكون هذه الكتابات درعا مصمتا كظهر سلحفاة، أو خشنا كظهر قنفذ يصد به صاحبه عن نفسه، ويخفي منها أكثر مما يظهر .. .. علي النقيض هناك من يكتب وكأنه يصنع مائدة ممتدة بالمودة للناس جميعًا .. يفتح قلبه وعقله في غير تحفظ، أو تكلف، في محاولة جسورة لفض إطار النفس وكشف أنبل ما فيها من قيم ومشاعر راقية .. .. كل كاتب يتحرك بقلمه، داخل إطار، يعكس قسماته الشخصية وسلوكه وفلسفته، وقد يكون هذا الإطار جامدا عند إنسان، مرنًا عند آخر ومزدوج الطبيعة عند ثالث، وقد يكون شفافًا يكشف عما وراءه من نفس صاحبه، كما هو الحال في كتابات وأشعار الدكتورة عزة هيكل، أستاذ الأدب بكلية الألسن .. .. أعظم ما قرأت مجسدا لهذا الإطار الشفاف، كتاب «سجن العمر» لتوفيق الحكيم، وكذلك كتاب «سنة أولي سجن» لمصطفي أمين، وكتاب «دمعة فابتسامة» ليحيي حقي، «ومذكرات طالب بعثة» للويس عوض، «وقصة نفس» للدكتور زكي نجيب محمود، وآخر ما وقع تحت نظري ما تنشره بعض الصحف عن مذكرات الدكتور مصطفي محمود. .. وأرق ما قرأت - مؤخرًا - مجسدا لذات الإطار الشفاف، هو مجموعة من الكتابات والأشعار للدكتورة عزة هيكل، أبرزها ديوان «نعم إني امرأة» وديوان «رجل تاه» الذي استهلته بقصيدة رائعة بعنوان «خزائني» في إشاره لخزائن أسرارها، التي تشعر وأنت تنتهي من صفحات الديوان أنها لم تخف عنك أياً منها أو أنك تشاطرها بعض هذه الأسرار .. .. الإطار الشفاف لأشعار عزة هيكل، تجده أيضا في كتابها المهم «تحرير الرجل» الذي تحدث في معظم المسكوت عنه .. فتبقي متفقًا أو مختلفًا مع الكتاب، - لكنك دائما محترماً وضوح وشفافية صاحبته وكاتبته وإيمانها بقناعاتها. .. منذ أن كنت خلف القضبان في سجني الصغير، وأنا أبحث عن كتاب «تحرير الرجل» عقب مشاهدتي مناظرة ساخنة أدارها الصديق جمال الشاعر حول الكتاب بين عزة هيكل ويوسف البدري (الشيخ ) من خلال قناة «النيل» الثقافية. .. المناظرة بين الشيخ والشاعرة، كانت مقابلة بين العقل واللاعقل، بين الشفافية والضبابية، بين حق الاجتهاد والاجتهاد في إغماط الحقوق والحريات !! .. لم تدهشني طريقة الشيخ (الذي أعرفه ) ولا مهارة المحاور الذي أحترمه، بقدر ما أدهشني أنني لم يسبق لي معرفة الشاعرة أو بالأصح القراءة لها رغم أني من عشاق والدها الدكتور أحمد هيكل (رحمة الله عليه) حتي شاءت الأقدار وجمعني بها مؤخرا صالون الصديق المهندس شريف عمر، عضو الهيئة العليا لحزب الغد، حيث بادرت بطلب نسخة من الكتاب المثير للجدل .. .وكما استهل أستاذنا الراحل قاسم أمين مقدمة كتابه «المرأة الجديدة» منذ قرن من الزمن بتعريف رائع للمرأة الشرقية، ذات الشعر الطويل، والفكر القصير، إذ بعزة هيكل تستهل كتابها بمرافعة شاملة عن المرأة .. كان بإمكاني أن أنضم لها وأضيف إليها إذا كنت صادفت هذا الكتاب في سجني. .. بعد سجني لا أملك غير الإعجاب بشفافية عزة هيكل شاعرة وكاتبة، حتي وهي تحذر الرجال المقهورين من قهرها !! شاركوني موقعي الرسمي http://aymannoor.net صفحتي علي تويتر http://twitter.com/ayman_nour My English Blog http://aymanoormasr.blogspot.com صفحتي علي الفيس بوك http://www.facebook.com/pages/ymn-nwr/ 103831656317