مليار جنيه سنويا حجم الإنفاق علي الكتب الخارجية أزمة الكتب الخارجية مازالت مستمرة الأرقام لغة لا نحبها ولا نريد أن نتعلمها؛ لأننا نكره الحساب، وأغلبنا يرسب فيه!، بل يقوم أغلب طلاب الثانوية بالتحويل من المجموعة العلمية إلي المجموعة الأدبية من اجل الهروب من جحيم الرياضيات أو الحساب. نكره الحساب لأنه يكشفنا أمام أنفسنا ويظهر لنا ما نحب أن نخفيه، وعندما تقع أعيننا علي الأرقام نشعر وكأن مصيبة وقعت فوق رءوسنا..هذه هي الحقيقة التي لا نريد أن نعترف بها، فالأرقام لا تكذب حتي وإن تم التحايل عليها وحاول العابثون أن يلعبوا بها، فالأرقام تقول إن سوق الكتب الخارجية في مصر هو السوق الأكثر انتعاشا ورواجا وتزايدا عندما ذهبنا إلي بعض أصحاب المطابع الخاصة وجدنا أن تكلفة طباعة الكتاب الخارجي الواحد والمكون من 600 صفحة -مثل كتب اللغة العربية - تكون 9 جنيهات في حين أنه يتم بيعه ب27 جنيهاً علي الأقل، أما الكتاب المكون من 300 صفحة والذي لا تتجاوز تكلفته الخمسة جنيهات يباع في المكتبات ب 18جنيهاً ونصف الجنيه مثل كتاب الرياضيات و كتاب الكيمياء للصف الثاني الثانوي. لا تندهش فزيارة واحدة لأقرب مطبعة من بيتك «أو مجمع المطابع بدار السلام» ستعرف تكلفة الكتاب الخارجي وكتاب الوزارة «وأي كتاب تريده» لذلك ناشرو الكتب الخارجية ليسوا ملائكة لكن في الوقت نفسه لا يجوز تغيير القرارات في يوم وليلة ولا يجوز أن يقوم كل وزير للتعليم بإلغاء قرارات من سبقه واختراع «جباية» جديدة لفرضها علي الناس سواء كانوا طلابا أو أولياء أمور أو ناشرين، لكن علينا أيضا أن نلتفت إلي دلالة الأرقام التي يتم إنفاقها علي الكتب الخارجية سنويا وحتي يتحقق هذا علينا الذهاب إلي دراسة فريدة من نوعها حملت عنوان "كم ننفق علي التعليم في مصر؟" قام بها عبد الخالق فاروق خبير اقتصاديات التعليم، و في فصل كامل تحدث عن تكاليف الكتب الخارجية بقوله: بلغت مخصصات الإنفاق علي الكتاب المدرسي في العام الدراسي 2005- 2006 حوالي 1.2 مليار جنيه تنفق سنويا علي طباعة حوالي 170 مليون نسخة من الكتاب المدرسي في جميع الفروع العلمية وفي جميع المراحل التعليمية وتتنافس في طباعتها المطابع العامة والخاصة، ورغم ذلك فقد ظل سوق الكتاب الخارجي متزايدا بكل ما يمثله من عبء إضافي علي الأسر المصرية، بالإضافة إلي تأثيره السلبي في العملية التعليمية ذاتها وترسيخ مفهوم التلقين والحفظ من الذاكرة دون تعميق وسائل الفهم والنقد والتحليل. وتتضارب البيانات والإحصاءات الصادرة عن غرفة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية أو من غيرها من المصادر الإحصائية حول حجم توزيع هذا الكتاب وأسعاره ومن ثم حجم سوقه التجاري والمالي السنوية، فإذا كان لدينا حوالي 93 مقرراً تعليمياً في مراحل التعليم قبل الجامعية «بخلاف مواد التعليم الفنية التجارية والصناعية والزراعية» تتوزع علي حوالي عشر مواد علمية، فمن المقدر وجود ما لا يقل عن مائة وخمسين عنوانا لكتب خارجية تضمن مقررات تعليمية في تلك المواد العلمية. ويستكمل عبد القادر بقوله: ليس لدينا من وسيلة تقديرية سوي منهج وضع السيناريوهات كذلك في هذا الصدد أمامنا ثلاثة سيناريوهات: الأول: منخفض: 1- يمثل في اعتبار أن الطلاب الملتحقين بالشهادات العامة فقط هم الذين يستخدمون «الابتدائية- الإعدادية - الثانوية» 2- إن متوسط سعر الكتاب يتراوح بين عشرة جنيهات وعشرين جنيهاً. 3- إنهم يستعينون بكتاب واحد لكل مادة علمية مقرر. وفقا لهذا السيناريو فإن ما أنفقته الأسر المصرية علي الكتاب الخارجي يبلغ 208.8 مليون جنيه إذا كان سعر الكتاب عشرة جنيهات، أما إذا كان سعره عشرين جنيهاً فإن الرقم يصبح 417.4 «وهو حاصل ضرب عدد الطلاب في سعر الكتاب». السيناريو الثاني «متوسط»: 1- يتمثل في أن طلاب الشهادات العامة يستعينون بهذه الكتب يضاف إليهم سنوات الانتقال بالمرحلتين الإعدادية "أولي وثانية" والثانوية بمرحلتيها. 2- إن متوسط سعر الكتاب يتراوح بين عشرة جنيهات وعشرين جنيهاً. 3- إنهم يستعينون بكتاب واحد لكل مادة علمية مقررة. وفقا لهذا السيناريو فإن الأسر المصرية أنفقت حوالي 504.7 مليون جنيه علي الكتب الخارجية وإذا أصبح سعر الكتاب عشرين جنيها يتضاعف الرقم ويصبح 1009.4مليون جنيه السيناريو الثالث «مرتفع»: 1- يتمثل في أن جميع طلاب المدارس الحكومية الخاصة في جميع المراحل التعليمية يستعينون بهذه الكتب الخارجية «عدا الصفوف قبل الابتدائية والأول والثاني والثالث الابتدائي. 2- إن متوسط سعر الكتاب يتراوح بين عشرة جنيهات وعشرين جنيهاً. 3- إنهم يستعينون بكتاب واحد لكل مادة علمية مقررة. 4- إن 25% من طلاب التعليم الفني يستعينون بالكتاب الخارجي في نصف المواد العلمية المقررة عليهم. وفقا لهذا السيناريو يكون حجم الإنفاق علي الكتب الخارجية 520 مليون جنيه إذا كان سعر الكتاب عشرة جنيهات و 1040.8 مليون جنيه إذا كان سعره عشرين جنيهاً. الخلاصة -كما يراها عبد الخالق فاروق بعد البيانات والإحصاءات التي توافرت له - هو أن نفقات الأسر المصرية علي بند الكتب الخارجية عام 2004- 2005 تدور حول مبلغ 625 مليون جنيه في ذلك العام، هذا بجانب أن حجم الإنفاق علي الدروس الخصوصية في نفس العام بلغ ملياراً و200مليون جنيه. لكن بعد التحليل المهم لحجم الإنفاق علي الكتب الخارجية في مصر بقي أن نعلق عليه بطبيعة سوق الكتب الخارجية في عام 2010- 2011 بعد الأحداث الأخيرة والمعركة التي تدور بين وزارة التربية والتعليم وناشري هذه الكتب والتي دفعت بالناشرين لرفع أسعار الكتب - المرتفعة أساسا- ونضيف عليها أن الكاتب والباحث عبد الخالق فاروق قام بتحليل البيانات وفق الأرقام التي توافرت لديه، لذلك سنجد أنه قام بحساب النتائج علي اعتبار أن سعر الكتاب الخارجي يتراوح بين عشرة وعشرين جنيهاً. لكن عندما قمنا بجولة في شارع الفجالة وفي المكتبات التي تقوم ببيع الكتب الخارجية وسألنا البائعين وجدنا أن الكتاب الخارجي يتراوح سعره الآن بين عشرين و ثلاثين جنيهاً للمادة الواحدة «وعدد قليل من الكتب يقل عن هذا الرقم والبعض الآخر يعلوه» طبقا لأسعار العام الماضي، هذا بجانب أن كل طالب يقوم بشراء كتابين إن لم يكن ثلاثة كتب خارجية وبالتالي فإن حجم الإنفاق علي الكتب الخارجية بعد إضافة هذه المتغيرات يتجاوز المليار جنيه سنويا مثل الدروس الخصوصية، وهذا مؤشر مرعب يؤكد أن التعليم الرسمي الذي تدعمه الدولة انتهي في مصر، وحل محله التعليم غير الرسمي الذي يدعمه أولياء الأمور من «جيوبهم .. ومن دم قلبهم» المتمثل في الدروس الخصوصية والكتب الخارجية وينفقون عليه مبلغا يتجاوز الاثنين مليار جنيه سنويا. هذه الأرقام تؤكد أننا بحاجة إلي وقفة طويلة مع النفس فوزارة التربية والتعليم لديها حق في أن تقف أمام الكتب الخارجية وتمنع تداولها وتتعاون مع وزارة الداخلية للوقوف أمامها، ليس لأنها تريد تعليما أفضل ولكن لأنها تحارب من أجل دعم «منتجاتها» من الكتب المدرسية منتهية الصلاحية، وفي الوقت نفسه من حقها أن تقف أمام كارثة اسمها التعليم غير الرسمي الذي تم برعاية الدولة وأمام أعينها لكنها عندما غضبت علي صناع الكتب الخارجية ووجدت أنهم يحاولون تهميش ما تبقي لها من دور،قررت أن تعلن الحرب عليهم وتعاقبهم ..و طبعا كله بالقانون!