لا يستطيع أي عاقل في هذه الدنيا الواسعة أن يلوم الدكتور أحمد فتحي - رئيس مجلس شارع قصر العيني - الموقر (المجلس وليس الشارع) علي قراره الحكيم بالطرمخة وإغلاق التحقيق في واقعة قيام حفنة ممتازة من الموقرين نواب الست حكومة سيادته باستعارة سلوك أطفال الشوارع الغلابة وتحويل قاعات المجلس الفخمة إلي ساحات تنافس بجدارة أوكار الصياعة والخرابات المنتشرة في شوارع الوطن وتحت جسوره وكباريِه عندما واجهوا ببسالة وبقوة البلطجة الصافية زملاءهم نواب المعارضة وسبوا دين وملة أمهاتهم واللي خلفوهم أو من يتشددون لهم جميعًا، ومنعوهم من التمادي في توجيه النقد والتعريض بعار إهدار مئات الملايين من أموال الشعب المصري في بناء «سد عالي» فولاذي تحت أرض حدودنا مع قطاع غزة لمساعدة إسرائيل الشقيقة علي إحكام حلقات الحصار علي أهلنا هناك ومنع مرور رحمة ربنا إليهم. والحقيقة، لوكنت أنا أو حضرتك مكان الدكتور أحمد فتحي ونعاني المحنة التي يعانيها، وكنا كذلك نتمتع بمثل ما يتمتع به الرجل من حكمة ورجاحة عقل، فضلاً عن خفة الدم وبعد النظر، لكنا تلككنا كما تلكك سيادته وتعللنا بأي حاجة والسلام لكي نكفي «ماجورا» علي خبر انفجار ماسورة البذاءة وقلة القيمة التي فاض معينها وطفح مخزونها بقوة وغزارة من علي ألسنة موقريه المؤدبين المهذبين حتي كاد يغرق كل عابر سبيل في منطقة قصر العيني وجوارها حتي ميدان التحرير ذاته، فقد أعلن الرجل قبل أيام أنه أغلق ملف التحقيق في الواقعة المشينة؛ لأن أبطالها المتمتعين بالحصانة من النيابة والبوليس قدموا لسيادته اعتذارات مكتوبة برروا فيها فعلتهم بما سموه «التوتر وحرارة المناقشة» التي دارت بشأن جدار العار في لجنة الدفاع والأمن القومي البرلمانية الموقرة!! وكما تري، فالعذر الذي ساقه السادة الموقرون مشفوعًا باعتذارهم يبدو قويًا جدًا وليس بمقدور قاض عادل إلا أن يقبله ويعفيهم من الحكم بإيداعهم في إحدي دور تأهيل ورعاية الأحداث مدة فصل «تنجيد وتفصيل» تشريعي واحد علي الأقل، تأسيسًا علي أنه لم يكن أمام هؤلاء السادة من سبيل للهرب وتجنب القوة القاهرة الدافعة للبذاءة وقلة الأدب الكامنة في كل من «التوتر» و«الحرارة» خصوصًا أنهما كانا مجتمعين ومتحالفين علي نحو سافر في جلسة الأمن القومي البرلماني المذكورة، فلو أن «التوتر» داهم نواب الحكومة وحيدًا عاريًا من دعم «الحرارة» وتعضيدها لاستطاع نواب الحكومة بعون الله مقاومته ودحره وإظهار تهذيبهم وحسن أخلاقهم وتربيتهم الأمنية القومية الراقية بمنتهي السهولة ورغمًا عن أنفه وأنف أهله.. كذلك الأمر بالنسبة ل «الحرارة»، إذا كانت استرجلت شوية وتحلت بشيء من الجدعنة والشجاعة وأتت بمفردها إلي اللجنة الموقرة دون أي «توتر» ولا حاجة من دي لكان الموقرون الأشداء استعانوا بعقار «التاميفلو» فورًا وصرعوها وضربوها علي دماغ أبوها ضربة عزيز مقتدر وفرجوها وعرَّفوها كيف يكون «الأدب» الأمني القومي البرلماني اللي علي حق!!