يوم الأربعاء الماضي كرر مجلس شارع قصر العيني الموقر عملية البصم المعتادة علي مد العمل بذاك التشريع القانوني النادر المستورد من كوكب «بلوتو» الشقيق، والذي بمقتضاه يتنازل جناب الموقر المذكور وهو في كامل قواه العضلية عن سلطته واختصاصه الأصيل في إقرار عقود التسليح التي تبرمها الدولة مع الجهات الخارجية وتفويض هذه السلطة ونقلها بالسلامة إلي الرئيس حسني مبارك لمدة 3 سنوات جديدة تضاف للعشروميت سنة السابقة، رغم أن الرئيس مبارك نفسه تنتهي مدة ولايته الحالية بعد عام ونصف العام فقط !! وما لا تعرفه أغلبية الموقرين المنقرضين الذين جلبتهم الحكومة من المستنقعات المنتشرة وسط غابات الأمازون، أن كوكب «بلوتو» شخصياً الذي هو المصدر الأصلي لهذا القانون العجيب، ألغي كيانه من الأساس ولم يعد حالياً يتباهي بين الأجرام السماوية بأنه يحمل صفة ورتبة «الكوكب»، إذ جرده علماء الفلك من هذا المسمي وتلك الرتبة في مؤتمر شهير عقدوه صيف عام 2006، بعدما لاحظوا أن جسم «بلوتو» صغير جداً ويعاني أعراض أنيميا حادة تجعله يفتقر إلي الحدود الدنيا من الشروط والمواصفات الواجب توافرها في الكواكب. ولست أعرف لو كانت تعيش في غابات ومستنقعات الأمازون فصيلة من ضباط البوليس مؤهلة وتملك خاصية تمثيل الشعب الأمازوني في برلمان الغابة، لكني أدري بوجود ضباط أمن دولة عندنا يؤدون هذه المهمة بنجاح مثير للرعب، ومن هؤلاء نائب بوليسي موقر ومحترم أفحم نواب المعارضة الذين عبروا عن رفضهم تمديد قانون «تفويض الرئيس» وألقمهم حجراً بحجم عربة أمن مركزي، عندما زعق وشخط فيهم قائلا: «لابد أن نفوض الرئيس مبارك في كل شيء وليس في التسليح فقط لأنه صمام الأمان الذي سينقذ الشعب من أطماع البعض..» وربما من نفسه أيضا، ثم تابع حضرة الضابط الموقر ممعناً وموضحاً ومطالباً بأن« نقدم للرئيس مبارك رقابنا وأعناقنا ورقاب شعبنا (ولابد) أن نعطيه كل شيء في مصر ونحن مطمئنون، حتي لو أراد الديكتاتورية، لأنه ديكتاتور عادل وليس شخصاً عادياً نخشي منه..» !! وإيثاراً للسلامة، لا اعتراض عندي ولا أظن عند غيري علي كل ماقاله وطالب به معالي حضرة الضابط تحت قبة موقر شارع قصر العيني، لكني أتجاسر متوكئاً علي أصول وأعراف «الديكتاتورية العادلة»، وأستأذن جنابه في إدخال تعديل طفيف علي اقتراحه العبقري الداعي إلي تسليم «الرقاب» وترصيصها كلها في باحة القصر الرئاسي، فالعبد لله يري الاكتفاء بتسليم رقاب أمثاله الموقرين فحسب للرئيس أما الشعب فأقترح تسليم رقبته لأقرب «مجزر آلي» احتراماً للتخصص والخبرة، ودفعاً لعجلة الإنتاج، فضلا عن ضغط النفقات ومكافحة الإسراف بدون داعٍ، والحفاظ أيضاً علي جلال ورفعة شأن «الديكتاتورية العادلة» وعدم إضاعة وقتها الثمين في أمور ومهام تافهة يستطيع أهيف قصاب إنجازها علي خير وجه!! ملحوظة : القصاب هو اللحام أو الجزار، ذلك الذي لم يعد أحد يعرف سبيلا إليه الآن، غير أننا يبدو سنتشرف بلقياه قريباً.. ليس بصفة الزبائن وإنما بصفة بضاعة.