في رصيد السينما المصرية عدد غير قليل من الأفلام التي تستعرض مشاكل العائلة، في بعض الأحيان تبدو المعالجة الدرامية أميل للميلودراما التي تتصيد الأحزان والمواقف المثيرة للدموع، وفي أحيان أخري تميل المعالجة إلي الكوميديا الشكل الأكثر شهرة والأقرب إلي قلوب الجمهور، خاصة جمهور الأعياد، وفيلم «عائلة ميكي» ليس من نوعية كوميديا الأعياد التي تعتمد علي الإسفاف والرقص والغناء، وقد حاول مخرجه «أكرم فريد» أن يقدم من خلال اهتمامه بالشكل الفني للكادر وإيقاع الفيلم كوميديا خفيفة تحمل مضموناً هادفاً. يحكي الفيلم حكاية عائلة من الطبقة المتوسطة تبدو مثالية ونموذجية من الخارج، لكنها تعاني من الداخل كثيراً من المشاكل والشروخ في علاقات أفرادها ببعضهم البعض، اختار سيناريو الفيلم الذي كتبه «عمر جمال» الشكل النمطي في عرض الشخصيات بالترتيب، وحينما ينتهي من هذا يبدأ في العودة إليها مرة أخري لمزيد من المواقف التي تؤكد رؤيته لكل شخصية، ولكن في منتصف الفيلم تتشابك الشخصيات ويبدو الانسجام بين مشاكلها مفقوداً، والانغماس في المواقف الكوميدية جاء أحياناً علي حساب تطوير الشخصيات والدراما، وبدا هذا في المشهد الطويل للابنة مع صديقها في منزل الأسرة في نفس الوقت الذي يتصادف أن الأخ الأكبر جاء مع صديقته في المنزل سراً، وتكرار دخول شخصيات جديدة المنزل مما يعوق هروب صديق الابنة وصديقة الابن الأكبر. مشاكل الأسرة هي ليست مشاكل جذرية أو عميقة تماماً، هي أقرب لشقاوة أطفال ومراهقين وطيش الأخ الأكبر ملازم الشرطة، ولأن الفيلم ينتمي لنوعية الكوميديا التي تعتمد علي الكتابة والمخرج، فقد كانت الكاميرا والسيناريو هما الأدوات الأهم في عناصر الفيلم، ولهذا فإن إخراج الفيلم وإن حمل اجتهاداً من المخرج فإن السيناريو حمل كثيراً من الثغرات لعل أهمها فقدان التواصل مع الشخصيات، وافتقاد الفيلم الأزمة التي تجذب المتفرج للمتابعة، فالفيلم كما بدأ انتهي، والشخصيات كانت تلف في دائرة واحدة هي دائرة كذب الأبناء وتصرفاتهم التي يعاني منها الأهل. في بداية الفيلم نري الأسرة تستعد لتصفيات مسابقة العائلة المثالية، ويبدو الأم والأب متحمسين للغاية لأخلاق ونبوغ أبنائهما، يصف كل منهما ما يميز كل واحد من الأبناء من صفات مثالية، فهذا هو مقياس نجاحهما الشخصي، الأب ضابط الجيش وقدوته في الانتظام، وهو شخصية غائبة عن البيت دائماً ولا يتدخل في مشاكله غالباً، والأم موظفة حكومية تقوم بالتحقيق مع الموظفين المخالفين وتتباهي دائماً بأنها تشم رائحة الكذب عن بعد. ولكن في يوم واحد يستعرض الفيلم حقيقة كل شخصية، الابن الأكبر ضابط الشرطة الذي تسلم لتوه عمله يظهر ضيقه بمهنته التي أكره عليها، ويتمني فعلياً الاستقالة من عمله، والابن الثاني الشاب الجامعي الذي يظن والداه إنه في السنة الأخيرة يتضح أنه لا يحضر في الجامعة منذ عامين، والابن الثالث شاب الثانوي المشاكس الذي يصاحب البلطجية ويدخل في مشاجرات دائمة مع زملائه، والابنة المراهقة التي تقضي وقتها علي الشات وتبحث عن علاقة مع شاب لتتباهي بها وسط صديقاتها، وحتي الابن الصغير مختار أو ميكي كما يدلل فهو طفل شقي لا يسلم أحد من مقالبه في المدرسة، ويستمتع بإلقاء البيض علي المارة من البلكونة. يستغرق الفيلم أكثر من نصف زمنه في تصوير مشاكل شخصيات الأبناء دون أن يرصدها بعمق أو يربط بينها وبين حدوتة الفيلم، ويمر باقي الفيلم إلي أن نكتشف أن الفيلم يصور بشكل كوميدي أزمة الكذب في هذه العائلة، لا توجد قصة جذابة بالمعني الحقيقي تجمع هذه الشخصيات، وهي شخصيات لا تتطور دراميا ولا تتطهر من ذنوبها في النهاية، ولا تدخل في صراع حقيقي مع نفسها، فالمفاجأة الدرامية الوحيدة هي اكتشاف الأم أن أحد أبنائها غير منتظم في دراسته، وابنها الأكبر يأتي بصديقته في المنزل أثناء غياب الجميع، وابن آخر لا يحضر في مدرسته ويخالط الأشقياء، والابن الأصغر يقذف المارة بالبيض، والابنة تزوغ أيضاً من مدرستها (اختار السيناريو ألا يكتشف أحد أن الفتاة أحضرت صديقها للمنزل فعلياً وهروب بصعوبة)، هذا الكشف الذي يصل بها في النهاية إلي هز ثقتها وحماسها لعائلتها المثالية، وهذه النهاية الفاترة والحالة الكوميدية الأكثر فتوراً لم تساهم في صنع فيلم كوميدي قوي. الفيلم يبدو كمعالجة معاصرة لفيلم «عائلة زيزي» الذي أخرجه «فطين عبد الوهاب» عام 1963عن قصة «سيد بدير» وسيناريو «لوسيان لوميير» وقد تناول أيضاً مشاكل أفراد عائلة طفلة صغيرة تدعي «زيزي»، وكانت رسالة الفيلم في النهاية هي نفسها رسالة فيلم «عائلة ميكي» وهي أن الأبناء مهما كانت مشاكلهم سيظل الآباء يحبونهم، والشخصية الرئيسية في الفيلمين هي الأم، و«لبلبة» تعيد تقديم دور «عقيلة راتب» في الفيلم القديم، ولكن هناك فروق كبيرة بين الفيلمين، أهمها خلو الفيلم الجديد من الجاذبية الكوميدية التي تميز الفيلم القديم.