النجومية لا تكتمل إلا بالالتزام في كل شيء.. في اللعب والسلوكيات وحتي طريقة المطالبة بالحقوق، فالمهارات الفردية والأداء الجيد لا تكفي لأن يصبح اللاعب نجماً، ولابد أن تكون تصرفاته مثالية والأدلة كثيرة، فالخطيب وحسن شحاتة وطة بصري ومحمد أبوتريكة لم يصبحوا نجوماً أصحاب شعبية طاغية بفضل إمكاناتهم الفنية فقط، ولكن بأخلاقياتهم الحميدة وسلوكياتهم المثالية أيضاً، وبعد مرور سنوات طويلة علي اعتزال الخطيب وحسن شحاتة وزيزو وعلي خليل وطة بصري مازالت شعبيتهم كبيرة رغم اختلاف الأجيال، فحتي من لم يشاهدهم داخل المستطيل الأخضر يسمع الكثير عن سلوكهم المثالي وأنهم طوال الفترة التي قضوها في الملاعب لم يثيروا مشكلة واحدة، لكن كل شيء تبدل في ظل نظام الاحتراف الموجود حالياً، فلاعب مثل حسين ياسر المحمدي يتمرد علي الزمالك ويطالب بتعديل عقده بطرق تثير غضب جماهير الزمالك رغم أنه لم يقدم شيئاً للفريق حتي الآن ولم يحقق بطولة حتي يجد الجرأة للمطالبة بتعديل عقده حتي إنه قال بالفم المليان «أنا مش أقل من شيكابالا». قصة حسين ياسر مع الزمالك تدعو للعجب، فاللاعب الذي قضي موسماً ونصف الموسم في الأهلي أسير دكة البدلاء يشارك علي فترات متقطعة ولدقائق محدودة، منحه مسئولو الزمالك وحسام وإبراهيم فرصة عمره عندما ضموه للفريق الأبيض في يناير الماضي، وأجاد حسين ياسر في الدور الثاني الموسم الماضي وأعاد اكتشاف نفسه وعاد لمنتخب قطر.. أي أنه كان المستفيد الأول من ارتداء الفانلة البيضاء وبدلاً من محاولة رد الجميل تمرد اللاعب علي ناديه وطالب بزيادة قيمة عقده إلي 2 مليون و500 ألف جنيه في الموسم الواحد. مسئولو الزمالك عندما قاموا بتوقيع العقد مع حسين ياسر يناير الماضي وعدوه بتعديل عقده هذا الموسم إذا ظهر بمستوي طيب، وعندما حدث ذلك لم يرفض مسئولو النادي الوفاء بوعدهم ووافقوا علي تعديل عقد اللاعب، لكن المشكلة أن حسين ياسر لم يترك لمجلس الإدارة تحديد نسبة الزيادة في قيمة عقده، وطلب في البداية مليونًا و800 ألف جنيه في الموسم، وبعد تجديد عقد شيكابالا قال حسين ياسر «اشمعني» وطالب برفع قيمة عقده إلي 2 مليون و500 ألف جنيه، وبدلا من المطالبة بذلك بالطرق الشرعية مع مجلس الإدارة والجهاز الفني لجأ اللاعب إلي سياسة لي الذراع وأعلن التمرد وتكرر غيابه عن التدريبات، حتي إنه يرفض العقوبة المالية التي فرضها عليه الجهاز الفني، ورغم تصريحات اللاعب الوردية التي أطلقها مؤخراً فإنه مصمم علي طلبه بتعديل عقده ليصبح قيمته 2 مليون و500 ألف جنيه في الموسم الواحد «يا بلاش». تصرف حسين ياسر يعكس عقلية اللاعب المصري الذي لا يحترم التزاماته مع ناديه ولا يعرف أن العقد شريعة المتعاقدين، فاللاعب عندما ينضم لأي ناد يقوم بالتوقيع بإرادته مقابل مبلغ معين، وعندما ينضم لاعب آخر بسعر أعلي يطلب اللاعب الأول مساواته باللاعب الجديد، وهذه العقلية «الفاسدة» أرهقت خزائن الأندية، فاللاعب يريد أن يحصل علي كل شيء.. عقد محترم وإعلانات وشهرة رغم أن عطاءه لا يتناسب مع ما يحصل عليه ولو كان كل لاعب يعطي بقدر ما يأخذ لما اكتفي ناد كبير مثل الزمالك ببطولة واحدة في السنوات الست الأخيرة. العقلية الفاسدة للاعبين تحتاج للضرب بيد من حديد، ومسئولو الأندية لا يمكن أن يفعلوا شيئاً إذا لم تكن هناك لوائح تنظم الأمور، فنظام الاحتراف مطبق منذ عام 1990 وبعد عشرين سنة لم يفكر أحد في إعادة دراسته ووضع قواعد تنظم عملية الانتقال والمقابل الذي يحصل عليه اللاعبون، لأن المجلس القومي للرياضة مشغول بإعلان الحرب ضد عمرو السعيد رئيس اتحاد الجمباز، ومسئولو اتحاد الكرة يديرون اللعبة الشعبية الأولي بطريقة سمك.. لبن.. تمر هندي، وإذا كان دوري المحترفين سيتم تنفيذه قريباً فيجب قبل تنظيمه أن يفكر مسئولو الاتحاد في دراسة أوضاع الأندية التي تعاني الأمرين نتيجة جشع اللاعبين. لاعب مثل حسين ياسر لعب للزمالك ستة شهور فقط يطلب 2 مليون و500 ألف جنيه في الموسم، ولا نعرف كم سيطلب إذا فاز الزمالك بالدوري هذا الموسم. الأمر يحتاج إلي وقفة جادة من المسئولين عن الرياضة المصرية وأن يكونوا فعلاً مسئولين وليس مجرد أشخاص يحرصون علي الكراسي ويتباهون بها ويسعون للتخلص من خصومهم أو الذين يخالفونهم في الرأي.. لو كان محمود الجوهري - صاحب فكرة نظام الاحتراف - يعرف أن الأمور ستصل إلي ما أصبحت عليه الآن لفكر ألف مرة في تطبيق هذا النظام أو حتي الدعوة إليه.. واللي يعيش يا ما يشوف.