يندرج مسلسل «القطة العميا» تحت نوعية الأعمال الدرامية البوليسية التي تضع البطل البريء في أزمة بعد أن يتهم بجريمة لم يرتكبها، وهي تيمة درامية تصنع قدرا كبيرا من الإثارة والترقب والتعاطف مع البطل الذي يعرف المشاهد منذ البداية أنه بريء، وهو عادة يكون شخصا طيبا مثاليا يحب الخير ويحارب الظلم، وهذه الصفات تزيد من تعاطف المشاهد مع البطل.. هذه هي شخصية المحامية الشابة فاطمة التي تؤديها «حنان ترك» في المسلسل.. شخصية مثالية تحارب الفساد فتجد نفسها متهمة بالتورط فيه.. تحارب الجريمة فتجد نفسها متهمة بجريمة قتل، وبعد أن يحدث هذا التحول الميلودرامي في حياة فاطمة تجد الفتاة نفسها هاربة من الشرطة من محافظةإلي محافظة، ويتغير شكل المسلسل من دراما عن محامية تحارب الفساد إلي عمل مطاردات بوليسية. البطلة تبحث عن دليل براءتها بمساعدة بعض أقاربها وبعض الأصدقاء، وهذه الرحلة بكل ما بها من مشاكل ومخاوف ومغامرات تتحول تدريجياً في المسلسل بصورة ما إلي شكل كوميدي.. بعض الشخصيات التي تساعد فاطمة مثل أولاد عمها أو شخصية البلطجي خفيف الظل شابالو «محمد عبد العزيز» الذي يرتجل كثيراً، حولت المسلسل إلي عمل كوميدي حتي إن مشكلة المسلسل الأصلية كانت تتراجع لصالح الأداء الكوميدي الذي كان يتنافس فيه الممثلون «محمد عبد العزيز«» و«إيهاب فهمي» و«علاء مرسي» و«محمد جمعة» و«أميرة هاني»، وحتي شخصية فاطمة الرئيسية التي تؤديها «حنان ترك» أصبحت تختفي فترات طويلة، وفي بعض الحلقات تظهر في مشاهد قليلة للغاية، وهي تشارك بشكل أو بآخر في تكريس هذه الحالة الكوميدية من خلال الجدل المضحك مع هذه الشخصيات. استغلال الكوميديا لتخفيف الأجواء المتوترة في الأعمال البوليسية أمر وارد ومشروع تماما، وأسطورة أفلام الإثارة والجريمة المخرج الشهير «هيتشكوك» كان يتعمد إضافة لمحات كوميدية في أفلامه دون أن تبدو مقحمة، ودون أن يخل ذلك بمضمون العمل، وفي «القطة العميا» أخلت الجرعة الكوميدية الزائدة بمود الحلقات، وأصبح المشاهد مشتتا بين جدية قضية فاطمة وتداعياتها وبين مطاردة الشرطة لها، وبين حلقة المطاردات الجادة رقم 22 وحلقة المطاردات الكوميدية التي تسبقها مباشرة، والتي احتوت كثيرا من اسكتشات شخصية شابالو ورفقائه الهزلية، خاصة أن سرد مغامرات فاطمة أثناء هروبها تأتي كلها في إطار الفلاش باك، وهي أمور انعكست أحياناً علي تنفيذ وإخراج بعض المشاهد. من بين المشاهد التي كان يفترض أنها جادة للغاية وخرجت بشكل كوميدي المشهد الذي يدخل فيه ضابط الشرطة إلي الحارة حيث الشارع الذي يوجد به المنزل الذي تختفي فيه فاطمة.. يقف الضابط الشاب وحده وقد فتح أزرار قميصه ومسدسه ظاهر في جرابه علي كتفه بشكل واضح.. يصرخ الضابط في الناس في الشارع كالمجنون بحثاً عن فاطمة، وبعد أن يلمح الضابط المتهمة في نافذة بالدور الثاني لأحد المنازل يسرع بالصعود للقبض عليها، ولما يصل إلي الدور الثاني تكون قد هربت بصحبة من معها من خلال السطوح إلي منزل مجاور ثم تهرب في سيارة تنتظرها في الشارع، ويسارع الضابط المندفع علي طريقة الأفلام الهندي بالقفز من بلكونة في الدور الثاني، ثم يجري وراء السيارة، لكنه يفشل في اللحاق بها، ونتوقف أمام هذا الشكل الغريب والمتهور لقفز الضابط من المكان المرتفع معرضاً نفسه لإصابة مؤكدة، فلم يكن الأمر يستحق هذه الحركة المبالغ فيها. في الحلقة التالية يصل نفس الضابط إلي كباريه تختبيء فيه فاطمة ويلمحها في الصالة فيقوم فجأة بالقفز فوق الموائد والكراسي للإمساك بها رغم أن الأرض أمامه ويمكنه الجري عليها براحته!